الموصل ـ حلب.. مَشيَمة أمة بمدينتين!
نظام مارديني
من نقطة ما في هذا القاع، في هذا «الجحيم» الذي يضرب سورية والعراق سوراقيا ، قد تكون هناك فرصة ما لخلاص ما!
نعم هناك نقطة ضوء وإن بدت بعيدة وهي تقترب رويداً رويداً.. ففي العراق تصميم على استعادة نينوى ومدينتها الموصل، وآخر سوري في دفع الإرهاب عن حلب ووضعها في دائرة الأمان.. ولن نتساءل مع الانكليزي ديزموند ستيوارت ما إذا كان «السوراقيون» يكنّون كل ذلك العشق للدم ليغسلوا به خطيئتهم الأصلية أي الرغبة في الخلود، مثلما ساورت جلجامش.
التاريخ سجل حياة المجتمعات والأمم، وقد ذكرنا هذا التاريخ بأن نينوى أو الموصل تعود جذورها إلى عام 1080 قبل الميلاد كانت صلة وصل بين مدن «سوراقيا».. أي بين العراق وسورية عبر حلب يعود تأسيسها إلى عشرة آلاف سنة ق.م وصولاً إلى لواء الاسكندرون السوري الذي يُطلُ على البحر المتوسط.
تتشابه مشاعر الجزع والحزن العميق الذي صنعه الإرهاب في كل من الموصل وحلب، ففاجعة كل من المدينتين، أشبه ما تكون بالمرآة العاكسة لسكان بغداد ودمشق بل وعموم «سوراقيا».
لم يفرّق العقل الجهنمي للإرهاب بين المدنيين والعسكريين ـ إنما بين كفرة ومؤمنين. الإيمان الأعمى يتطلب أعداء مخيفين يلصق بهم التكفيري كل الشرور الكامنة فيه حتى يتماهى مع الخير ويصبح القتل ديناً. الصفات العقائدية تلغي إنسانية الآخر، ومعها تلغي إنسانية المنفّذ حين يتلبس الفكرة.. يخدر بالوعود والأوهام ويلفّ بالمتفجّرات ثم يرسل للموت أعمى الضمير والبصيرة والإنسانية والعاطفة. لا يرى أمامه غير الدم والموت. لا تهمه هوية الضحايا ولا مذاهبهم.. هو يقتل عدداً لا كائنات.
لطالما تسابقت مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام ومصادر سياسية وجهات رسمية في الكلام عن سيناريوهات إسقاط العاصمتين الاقتصاديتين، حلب والموصل، لكن الوقائع الميدانية المتبدّلة أعادت رسم الخرائط ومناطق النفوذ والحدود الحمراء.
شاء «المدبرون» لنكسة الموصل التي تمّ تنفيذها صيف العام الحالي 2014 محاولة تنفيذها أيضاً في حلب في توقيت، يهدف إلى تغيير المعادلات الإقليمية في سورية والعراق وصولاً إلى عزل الدولتين عن روسيا وإيران وحركات المقاومة.
إن فشل «غزوة حلب» بعد فشل «غزوة دمشق»، رغم مرارة الإجرام الإرهابي الوهابي ضد المدنيين، سرّع القرار لدى الدوائر الأمنية الغربية الى فتح قنوات اتصال مع القيادة السورية، وهو ما حصل من خلال زيارات الوفود الأوروبية، استعداداً إلى فتح السفارات، وقد استكملها رئيس الحكومة التركية من خلال دعوته إلى علاقات طبيعية مع سورية والعراق، معتبراً أن البلدين بحاجة إلى الاستقرار حتى تنجح جهود مكافحة الإرهاب فيهما!
قبل ذلك كان الطريق إلى التقسيم يُراد له أن يمرّ من الموصل وحلب، ولكن ها هي الأولى تستعدّ لطرد دواعشها مع عناصر «بلاك ووتر» ماذا تفعل بلاك ووتر في الموصل؟ . والثانية تتهيّأ لتنظيف ريفها نهائياً من «نصرة القاعدة».
الجيشان السوري والعراقي انتزعا الموصل وحلب من أسنان السلطان العثماني أردوغان، وهو سيصبح قريباً من دون أسنان، ومن دون أوراق، فهل نترجّل عن أحصنة النار لتبقى لدينا البقية الباقية من الزمن «السوراقي» حتى لا نرى ذلك القطيع من الذئاب من واديه الجحيمي يطرق أبوابنا من جديد!
أردوغان يدرك جيداً ما هي استراتيجية سورية والعراق، وما هي قدراتهما الآن.. لا نظنّ أنه سيلعب أكثر إذا ما أراد أن يبقى رأسه بين كتفيه!؟