مقبل: محاولات المتربّصين بلبنان شرّاً لن تنجح زعيتر: سيبقى البوابة للمشاريع الإنمائيّة والاقتصاديّة في المنطقة

شدّد نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل أنّ محاولات المتربّصين بلبنان شرّاً لن تنجح بفضل صمود جيشه، ووعي اللبنانيّين لمخاطر إشعال الفتن والفوضى، فيما أكّد وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، أنّ الاعتدال سينتصر في لبنان الذي سيبقى المفتاح بين الشرق والغرب، والبوّابة المستقبليّة للمشاريع الإنمائيّة والاقتصاديّة التي ستنطلق بعد استتباب الأوضاع في المنطقة.

برعاية رئيس الحكومة تمام سلام ممثَّلاً بالوزير مقبل، استكمل المؤتمر الإقليمي السادس بعنوان: «الشرق الأوسط في ظلّ النظام العالمي الجديد وتداعيات الصراع العالمي على المنطقة»، والذي ينظّمه مركز البحوث والدراسات الاستراتيجيّة في الجيش وبدعوة من قائد الجيش العماد جان قهوجي، جلساته أمس في فندق «مونرو» في حضور عضو المجلس العسكري اللواء الركن جورج شريم ممثّلاً قائد الجيش، وعضو مجلس أمناء «ملتقى التأثير المدني» نعمة أفرام إلى جانب فاعليّات المؤتمر وحشد من المدعوّين.

وألقى مقبل كلمة، قال فيها: «إنّ المواضيع التي تعالجونها في مُحاضراتكم ومُناقشاتكم تُشغِلُ بالَ العالم بأجمعه في الأيام الراهنة، ويزداد اهتمام العالم بتطوّرات هذه المنطقة، لأنّها تحملُ في وقائِعها إنعكاسات أمنيّة، وسياسيّة دراماتيكية، على حياة مجتمعات لَطالما اعتبرت نفسها، خلال فترات طويلة من الزمن، بمنأى عن الإشكاليّات السياسيّة العالميّة، معتبرةً نفسها مُحصَّنة بقوانينها وبالمستوى المُرتفع لتطوّرها الاقتصادي والاجتماعي. وفجأةً جاء الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط لينتشر ويُصبح صراعاً عالمياً ليس فقط على مستوى الدبلوماسية، بل خاصةً على مستوى القيَم ونظرة دول العالم إلى التطرّف وحصولِ ما يحصل من حوادث أمنيّة».

اضاف: «أنّ نسيان أو تجاهل أوضاع الشرق الأوسط خلال فترات طويلة من الزمن، وخصوصاً عدم إيجاد الحلول الجديّة للصراع «الإسرائيلي» – الفلسطيني، إضافةً إلى عدم تلبية حاجات الإنماء الاقتصادي والاجتماعي في بعض الدول، أدّت مع انفجار الصراع السياسي والأمني في قلب الدول، وتداخلِ المصالح الإقليميّة والدوليّة، إلى تأجيج الصِراعات والدُخول في مظالمِ السياسة العالميّة التي سبق لهذه المنطقة أن عانت من ضَراوتِها خلال القرنين الماضيين، حيث إذا تمكنّا من تحديد بِدء الصراعات فيها نَجهلُ تاريخَ وطريقةَ حلّها، ممّا يعني أنّ أجيالاً من المواطنين في الشرق الأوسط مُهدّدين بأن يعيشوا أياماً صعبة قبل حلول فجر الأمل. وإذا كانت المصالح الاقتصادية هي التي تَحكمُ العلاقات بين الدول، بَرَزَ عاملٌ جديدُ يَتمثلُ بالإرهاب الذي بات هَمّاً عالمياً، وهاجِساً أمنيّاً تحتاطُ له معظم الدول المُستهدفة وتعملُ لدرء مخاطره».

وبالنسبة إلى لبنان، رأى مقبل أنّه «رُغمَ تَكرار المُحاولات من قِبل المُتَربّصين شرّاً به، سَواء على الحدود اللبنانيّة السوريّة أو في الداخل، لجرِّه إلى أتون الفتنة والفوضى، كُلُها باءت بالفشل بفضل صُمود وتَصدّي جيشِه الباسل لهذه المحاولات، بالتنسيق مع بقيّة الأجهزة الأمنيّة وبفضل وَعي اللبنانيّين لمخاطر إشعال الفتن والفوضى».

وقال: «أمام التحدّيات التي تُواجهها المنطقة، يبقى لبنان نموذجاً حيّاً ومميّزاً بين دول حوض المتوسط، للتعايُش الحضاري والإنساني بين الأديان، نتيجة التزام المُجتمع اللبناني والجيش خصوصاً، بكل ما يملكُ من طاقات وعزم لمُجابهة التطرُّف ومُكافحة الإرهاب بشجاعة وحكمة».

وختم قائلاً: «ثِقوا بأنّ لبنان لن يَستسلِم ولن يَرضَخ أو يَستَكين مهما كبُرَت التحديات وغَلَت التضحيات والتاريخُ خيرُ شاهِدٍ».

من جهته، طالب نعمة أفرام بإعلان «حالة طوارئ اقتصادية اجتماعية، وإنشاء حرس وطني».

وأطلق في الكلمة التي ألقاها باسم «ملتقى التأثير المدني» سلسلة من النداءات، تتعلّق بانتخاب رئيس للجمهورية، و«بالنقل المباشر الحيّ لدقائق كل بحث يجري حول قانون الانتخابات، وبعقد جلسات مفتوحة لمجلس النواب مخصّصة للقانون الانتخابي مع مهلة محدّدة في الزمن لا ترفع خلالها إلّا مع دخان أبيض يبشّر بمولود جديد. وفي حال انقضاء المهلة الزمنيّة المحدّدة، يكون للشعب حقّه الطبيعي في اختيار القانون الأفضل من خلال استفتاء عام».

أبي فراج

ثمّ ألقى مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش العميد الركن فادي أبي فراج كلمة، استهلّها مرحّباً بالحاضرين، وقال: «يُعتبر التردّي الاقتصادي وصعود الحركات الأصوليّة من أبرز العوامل التي ساهمت وتساهم في التغيّرات الجارية في العالم العربي ومحيطه، ولم يعدْ استقرار المجتمعات مقتصراً على أمن الحدود أو الأمن الداخلي فحسب، بل تعدّى ذلك إلى الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، والحفاظ على الخصوصيّات الثقافيّة والدينيّة والإثنية. إنّ رؤى دول منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً العربيّة منها، للمخاطر والتهديدات التي تمسّ أمنها، هي رؤى متفاوتة إلى حدّ كبير، تشير إلى عدم اتفاق على استراتيجيّة للمواجهة، ونقص في توفير المتطلّبات والأدوات اللازمة لتحقيق هذا الأمن، وبالتالي هي بحاجة إلى حوارات ونقاشات، تشكّل قاعدة الانطلاق لوضع استراتيجيّة موحّدة في مواجهة جميع المخاطر».

أضاف: «لقد اعتاد مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني على أخذ المبادرة في كل عام، بتنظيم مؤتمر إقليمي يضمّ نخباً فكريّة وثقافيّة على مستوى عال، بُغية إطلاق نقاشات وحوارات حرّة ومنتجة، وذلك لقناعتنا وإيماننا بأنّ هذه النقاشات والحوارات، ومقارباتها الموضوعيّة لمختلف القضايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والأمنيّة، هي الحجر الأساس في الانتقال من موقع المتلقّي إلى موقع المدرك للحدث، وبالتالي اقتراح المناسب لمواجهة مختلف التحدّيات والأحداث ومعالجتها».

وتابع: «أنّه لقاء جديد في كنف الجيش اللبناني، نناقش ونتداول فيه سويّاً الأفكار والرؤى حول موضوع المؤتمر الإقليمي السادس وعنوانه: «الشرق الأوسط في ظل النظام العالمي الجديد، وتداعيات الصراع العالمي على المنطقة»، وتوجّه بالشكر إلى «كل من شجّع على انعقاد هذا المؤتمر وأسهم في تحضيره، وخصوصاً العماد جان قهوجي قائد الجيش على توجيهاته الرشيدة، وسهره على إنجاح نشاطات مركز البحوث والدراسات الاستراتيجيّة في الجيش، كما شكر الراعين الماليّين الذين ساهموا في توفير الدعم المعنوي والمادي للمؤتمر».

الافتتاح

وكان الموتمر الذي سيستمر حتى 15 الحالي، افتتح أول من أمس أعماله في حضور وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، ممثّلاً راعي الاحتفال رئيس الحكومة وفي حضور وزير الصناعة حسين الحاج حسن، النائبين أحمد فتفت وجان أوغاسابيان، قائد الجيش العماد جان قهوجي، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، مدير المخابرات العميد كميل ضاهر، المساعد الأول لمدير المخابرات العميد مالك شمص ورئيس فرع مكافحة الإرهاب والتجسّس العميد عبد المنعم مكة، وحشد من الشخصيّات العسكريّة والأمنيّة والإعلاميّة.

زعيتر

استُهلّ المؤتمر بدايةً بالنشيد الوطني، ثمّ ألقى زعيتر كلمة سلام، ناقلاً تحيات رئيس الحكومة ومتوجّها بالشكر والتقدير إلى «جميع الذين شاركوا في تنظيم هذا المؤتمر، والمحاضرين من نخب فكريّة واقتصاديّة وأكاديميّة محلّية ودوليّة مختلفة».

وقال: «إنّ الأعباء الأمنيّة والدفاعيّة الكبيرة المُلقاة على عاتق الجيش لم ولن تثنيه في يوم من الأيام عن القيام بواجبه الإنمائي ونشاطاته الثقافية والفكرية، فالجندي اللبناني يعتبر الوطن بيته الكبير والمواطنين أهله وإخوته، وهذا ما يجعله أكثر استبسالاً في الدفاع عن وطن شارك في نهوضه وإنمائه وتطويره».

وقال: «إنّنا في لبنان، في هذه المنطقة الواقعة حالياً على صفيح ساخن في هذا البلد المميّز، الفريد الذي يمتلك دستوراً ديمقراطيّاً يدافع عن الحريات، فهو الذي يؤمن أنّ الاعتدال هو ما سينتصر في بلادنا، وهذا الدستور الذي حورب خلال عقود وعقود أثبت أنّه وبتطبيقه واحترامه والمحافظة عليه، سيبقى بلد الاعتدال والمحبّة والتسامح واللقاء وملتقى الحضارات، والمفتاح بين الشرق والغرب، والبوابة المستقبليّة للمشاريع الإنمائيّة والاقتصاديّة التي ستنطلق بعد استتباب الأوضاع في المنطقة، لأنّ ما تعانيه باختصار تفرض علينا كلبنانيّين لعب دور المنقذ في خلاص هذه المنطقة، وعلينا أن نستعيد دورنا كعنصر خلاصيّ وإنقاذ».

قهوجي

وختاماً، تحدّث العماد قهوجي فقال: «يأتي انعقاد هذا المؤتمر في لبنان وللمرة السادسة على التوالي بتنظيم من الجيش اللبناني، ليعبّر مجدّداً عن إرادة مؤسّستنا العسكريّة في التفاعل مع الطاقات العلميّة والفكريّة، الوطنيّة منها والخارجيّة، وتبادل الخبرات والأفكار والطروحات، بما يسلّط الضوء على واقعنا العربي والشرق أوسطي عموماً، وذلك إدراكاً منّا أنّه ليس بالبندقية وحدها تُحمى الأوطان، بل أيضاً بالمعرفة التي تحدّد وجهة تلك البندقية وتنير الطريق إلى الحقيقة، كما أنّه ليس بالقوة وحدها يُصان الأمن وتُحلّ المشكلات والمعضلات، بل أيضاً بالرؤية الصائبة والتخطيط الجيد القائم على أُسُس علميّة وواقعيّة».

وأضاف: «أنّه لمن المؤسف حقاً، بعد مرور نحو خمس سنوات، والعالم العربي لا يزال ينزف دماً وخراباً وتهجيراً، في ظل رؤية ضبابيّة لما يمكن أن تؤول إليه الأحداث والتطوّرات المتسارعة، فمشهد النزاعات العسكريّة لا يزال غير واضح، وصورة الحلول السياسيّة المنشودة لم تكتمل بعد، فيما يستمرّ الإرهاب في ممارسة جرائمه الوحشيّة داخل المنطقة وخارجها، على الرغم من الضربات القاسية التي تلقّاها خلال الأشهر الأخيرة على يدِ أكثر من جهة.

إنّ هذا الواقع المأساوي الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط، يدفعنا إلى البحث بالعمق عن الأسباب الحقيقية التي تقف خلفه، ومن بين هذه الأسباب بالتأكيد، ما يرتبط بموضوع مؤتمرنا اليوم، الذي يتناول مسألة الشرق الأوسط في ظل النظام العالمي الجديد، وتداعيات الصراع العالمي على المنطقة».

وتابع: «لا شكّ في أنّ الإرهاب يشكّل الخطر الأول على بلدان المنطقة، كونه يسعى بفكره الإلغائي الهدّام إلى تفكيك النسيج الاجتماعي للشعوب، وضرب بُنية الدول ومؤسّساتها، تمهيداً لتقويض استقرارها وإخضاع إرادتها، وبنتيجة انتشاره الواسع في المنطقة والعالم في عصرنا الحاضر، باتَ من الضرورة وضع استراتيجيّة شاملة لمواجهته، تشمل بالإضافة إلى الجانب العسكري والأمني الجانب الثقافي والتربوي، وهذه مسؤولية مشتركة بين الدول والمؤسّسات التعليميّة والاجتماعيّة والدينيّة على اختلافها، تقضي في نهاية المطاف إلى تنشئة الأجيال تنشئة صحيحة، ترتكز على المبادئ الإنسانيّة والوطنيّة، والقِيَم الدينيّة التي تدعو إلى التسامح وقبول الآخر، والحوار البنّاء بين مختلف أبناء الديانات السماويّة».

وقال: «لقد كنّا في الجيش اللبناني سبّاقين في إدراك حجم هذا الخطر، فواجهناه بكل ما أوتينا من إمكانات وقدرات، وقدّمنا للعالم نماذج حيّة حول كيفيّة الانتصار عليه وإحباط مخطّطاته، بدءاً من معركة الضنيّة في مطلع العام 2000، إلى معارك الحدود الشرقيّة اعتبارا من العام 2014، وصولاً إلى الأمس القريب، إذ حالت يقظة قوى الجيش وأهالي بلدة القاع دون تمكين الانتحاريّين من تنفيذ مخطّطاتهم، وجعلتهم يتساقطون الواحد تلو الآخر داخل البلدة، كما قامت مديريّة المخابرات بتفكيك عشرات الشبكات الإرهابيّة، بعضها على درجة عالية من الخطورة، كان بصدد ضرب مرافق حيويّة وتجمّعات شعبيّة في أكثر من منطقة لبنانية».

وأشار إلى أنّ «جسامة المهمّات الدفاعيّة والأمنيّة الملقاة على عاتق الجيش لم تحل لحظة دون قيامنا بواجباتنا الوطنية الأخرى، ومنها على وجه الخصوص قيام الجيش مؤخّراً بتوفير الشروط الأمنيّة الصحيحة للانتخابات البلديّة والإختياريّة، ما أدّى إلى إنجازها في مناخ من الحرية والديمقراطية، ومن دون تسجيل أيّ حادث يُذكر».

وجدّد التأكيد «أنّ لدينا كامل القدرة والإرادة على مواصلة الحرب ضدّ الإرهاب، وأنّ أيّ عمل إرهابي قد يحصل هنا أو هناك، ومهما كانت طبيعته ونتائجه، لن ينال قيد أنملة من عزيمتنا وإصرارنا على حماية لبنان، والحفاظ على وحدته وسيادته واستقلاله. هذا ما أثبتناه في أصعب الظروف، بتماسك الجيش وكفاءته القتاليّة، واستعداده اللامحدود للتضحيّة، وهذا ما نعاهدكم على إثباته مستقبلاً مهما كلّفنا ذلك من جهود وتضحيات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى