رغم عملية «شد الحبال» حول التشريع ومن يسبق الانتخابات الرئاسية أو النيابية: مسار التمديد لمجلس النواب يسلك طريقه على نار خفيفة وترجيحات بتقصير الفترة
حسن سلامة
قبل أقل من ثلاثة أشهر من انتهاء الولاية الممددة للمجلس النيابي الحالي تُطرح ثلاثة احتمالات بما يتعلق بمستقبل هذه الهيئة على رغم التفاوت بين نسبة كل من هذه الاحتمالات وهي:
أولاً: أن يشتد الخلاف بين من يريد التمديد وبين من يريد الانتخابات على وقع عملية الكباش القائمة حول عدد من الاستحقاقات الكبيرة، ما سيقود إلى عجز الطبقة السياسية عن السير بأحد الاحتمالين المذكورين، بالتالي حصول فراغ في المؤسسة التشريعية مع ما يمكن أن ينتج من ذلك من مضاعفات خطيرة على مستوى البلاد بكل المعايير. إلا أن مصادر سياسية تبدو على يقين أن هذا الاحتمال غير وارد تماماً حتى لو عجزت الطبقة السياسية على التوافق لأن المظلة الخارجية ستمارس دورها في دفع الأطراف الداخلية على منع حصول الفراغ.
ثانياً: أن تذهب الأمور نحو إجراء الانتخابات ولو على أساس قانون الستين لاعتبارات عديدة بغضّ النظر عن التبريرات التي يضعها فريق 14 آذار لطلب التمديد للمجلس، بدءاً من الأوضاع الأمنية إلى رفض الانتجابات النيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
استكمال السيناريو الذي يسعى اليه حالياً فريق الرابع عشر من آذار وهو التمديد للمجلس بحجج وتبريرات مختلفة، إنما المقصود واضح وهو أن يحتفظ هذا الفريق بأكثرية نيابية تحول دون تمكن فريق الثامن من آذار تحسين حصته في المجلس النيابي.
لذلك فطالما الخيار الأول غير وارد فأي من الخيارين الثاني والثالث الأكثر ترجيحاً في ظل ما هو مطروح اليوم داخلياً وخارجياً، وبخاصة في ظل ما هو سائد بين الكتل النيابية؟
من حيث المسارات القانونية فكل من الخيارين المذكورين لم تكتمل عناصره حتى الآن، فإجراء الانتخابات بات يحتاج اليوم إلى قانون لمطابقة المهل المتعلقة بدعوة الهيئات الناخبة بعد تأخر الحكومة عن إصدار المرسوم المعني بدعوة الهيئات الناخبة، إضافة إلى تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات. أما التمديد فيحتاج إلى انعقاد جلسة تشريعية للمجلس، بالتالي فانعقاد مثل هذه الجلسة ينتظر قبول المستقبل وحلفائه حضور الجلسة.
لكن بحسب سياسي مخضرم، فما يحدد أرجحية أحد هذين الخيارين هو الاعتبارات السياسية وليست القانونية في بلد يقوم على التسويات والصفقات، ولهذا يلاحظ هذا السياسي أن خيار التمديد هو الأكثر ترجيحاً، بل هو شبه مؤكد، على رغم رفض بعض المرجعيات والكتل للتمديد بدءاً من رئيس مجلس النواب إلى تكتل التغيير والإصلاح، ويشير إلى أن الساعين للتمديد يشكلون أكثرية في مجلس النواب، أي أنهم يزيدون عن النصف زائداً واحداً.
فالكتل النيابية لفريق الرابع عشر من آذار مع التمديد، إذ إن تيار المستقبل أعلن صراحةً رغبته بذلك، بينما كتلتا الكتائب والقوات لا تعارضان ما يعتبرونه تمديداً تقنياً للمجلس إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية. كما أن جنبلاط الذي يرأس كتلة وازنة أعلن صراحة تأييده للتمديد. كذلك يتحدث السياسي المذكور عن أن نواب طرابلس المستقلين ـ أي ميقاتي والصفدي وأحمد كرامي ليسوا بعيدين من هذا الخيار.
ولذلك يشير السياسي المخضرم إلى أن هؤلاء يربطون حضور جلسة التشريع للمجلس بالاتفاق المسبق على التمديد خصوصاً المستقبل وحلفاءه، إضافة إلى الاتفاق على موضوع سلسلة الرتب والرواتب على اعتبار أن الرئيس بري يضعها كبند أول في أي جلسة تشريعية وإنجاز مثل هذه الصفقة موضوع على نار خفيفة، لأن ذلك يتطلب أيضاً إقرار فريق 14 آذار بإعادة الحياة للعمل التشريعي في المجلس.
وحتى في حال عدم الاتفاق على صفقة كاملة، فالسياسي المذكور يلاحظ أنه في حال انعقاد جلسة تشريعية فخيار التمديد يؤيده ما يزيد على نصف أعضاء المجلس، بالتالي عندما يطرح اقتراح النائب نقولا فتوش أو أي اقتراح آخر بهذا الخصوص فسيقر بالأكثرية.
ويؤكد السياسي المعني أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري الرافض للتمديد لن يقبل بانسحاب الفراغ إلى مجلس النواب، لما لذلك من تداعيات خطيرة على الوضع الداخلي ومسار عمل المؤسسات، ولذلك لن يحول دون التمديد إذا وضع بين خيارين أحلاهما مرّ، إضافةً إلى كل الأطراف التي لا تقبل بامتداد الفراغ إلى المجلس.
وما يؤكد خيار التمديد أيضاً أن تيار المستقبل بات موقفه أكثر ليونة من حضور جلسات التشريع، وكذلك بما يتعلق بإقرار سلسلة الرتب والرواتب وهو ما تشير إليه أوساط الحريري، وإن كانت لا تزال تتحدث عن الحاجة الى مزيد من المشاورات لحلحلة بعض التعقيدات المتصلة بالتكلفة والتمويل.
انطلاقاً من هذه المعطيات يبدو السياسي المذكور على يقين بأن التمديد ينتظر التوافق بين الكتل النيابية، وإن كانت الترجيحات تتحدث عن احتمال تقصير فترة التمديد المقترحة من قبل النائب فتوش إلى فترة لا تتجاوز السنة إرضاءً للمعارضين لهذا الخيار.