كيري: الهجوم يؤكد الحاجة لتسريع وتيرة جهود التصدّي للإرهاب لافروف: حوارنا مع واشنطن يزداد أهمية بعد هجوم فرنسا

أعلنت فرنسا،أمس، حداداً وطنياً لمدة 3 أيام ابتداءاً من اليوم السبت على أرواح ضحايا هجوم نيس الإرهابي الذي أودى بحياة 84 شخصاً ومئات الجرحى.

و أكد رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس بعد خروجه من اجتماع مجلس الدفاع الذي عقد في الإليزيه، بأنّ بلاده تواجه حرباً بعد هجوم نيس، مشيراً إلى أنّ الإرهابيين يعملون على نشر الرعب فى فرنسا.

هذا وترأس الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، خلية أزمة بوزارة الداخلية إثر الاعتداء الذي شهدته مدينة نيس مساء الخميس وقتل فيه 84 شخصاً.

يشار إلى أنّ هذا الهجوم جاء بعد ساعات قليلة من إعلان هولاند رفع حالة الطوارئ المعمول بها منذ اعتداءات باريس 13 تشرين الثاني 2015 في الـ26 تموز الجاري، إلا أنّ الهجوم على نيس قد غير الحسابات الفرنسية، ومددت حالة الطوارئ في البلاد إلى 3 أشهر أخرى.

جاء ذلك في وقت، أفادت وسائل إعلام فرنسية، بأنّ السلطات المحلية في مدينة نيس عثرت على هويّة منفذ الهجوم داخل الشاحنة، وتبين أنّه مواطن فرنسي من أصل تونسي.

وفي التفاصيل، ذكر موقع «bmtv» أنّ سائق الشاحنة من مواليد عام 1985 ويحمل الجنسيتين الفرنسية والتونسية، و هو «محمد الحويج بو هلال»، وأنّه استأجر الشاحنة، التي استخدمها في الهجوم الإرهابي، من منطقة بروفنس ألب كوت دازور، قبل أيام قليلة من الهجوم.

وذكر مصدر أمني فرنسي أن منفذ هجوم نيس هو فرنسي ولد في تونس، مضيفاً أنّه لم يكن على قائمة المراقبة لأجهزة المخابرات الفرنسية، لكنه كان معروفاً لدى الشرطة فيما يتصل بالجرائم الواقعة تحت القانون العام، مثل السرقة والعنف.

من جانبها، كشفت صحيفة «نيس ماتان» المحلية أنّ منفذ العملية يدعى محمد لحويج بوهلال أصيل مدينة مساكن التابعة لولاية سوسة الساحلية، فيما تستمر عمليات التحقيق والاستجواب مع مقربين منه.

وفي نفس السياق، عثرت السلطات الأمنية على بطاقة بنكية وهاتف جوال داخل الشاحنة، مؤكدةً تعرفها بشكل رسمي على هوية السائق الذي نفذ الهجوم، من دون أن تكشف عن اسمه حتى الآن.

وكان شهود عيان قد صرّحوا بأنّ مسلحين كانوا على متن الشاحنة، وأطلقوا الرصاص باتجاه الحشد، فيما أوضح صحفي في وكالة «فرانس برس» كان في المكان أنّ شاحنة تبريد بيضاء اتجهت بأقصى سرعتها صوب الحشد ودهست أشخاصاً كثيرين ما تسبب بحالة هلع وفوضى عارمة، قبل أن تقوم عناصر الأمن بقتل سائقها بعدة عيارات نارية.

في غضون ذلك، تمكنت وحدات القوات الخاصة الفرنسية من إيقاف شاحنة أخرى مفخخة، كانت متوقفة على الطريق السريع، على بعد 100 متر فقط من الشقة التي أقام فيها منفذ الهجوم في نيس.

هذا و كان الهجوم المباغت في الشاحنة الذي استهدف حشداً من المحتفلين بالعيد الوطني الفرنسي يوم الباستيل في شارع بروميناد ديز أنغليه، طغت عليه بصمات «داعش»، وفقاً لصحيفة «لو باريسيان» الفرنسية.

و أشارت الصحيفة إلى أنّ الهجوم هو تطبيق لاستراتيجية «أبو محمد العدناني»، المعروف لدى أجهزة الاستخبارات الغربية بـ«وزير الهجمات» لدى تنظيم «داعش»، حيث أوصى «جنود الخلافة» منذ عام 2014 بتنفيذ هجمات إرهابية بجميع الوسائل المتاحة.

ونقلت «لو باريسيان» وصية العدناني لأنصار التنظيم بقوله «إذا لم تنجح في إلقاء قنبلة، أو فشلت في فتح النار على «مشرك» من الفرنسيين أو الأمريكيين، يمكنك طعنه بسكين أو ضربه بالحجر أو دهسه بسيارة».

وفي سياق متصل، أفادت وسائل إعلام بأنّ قوات الأمن الفرنسية قامت بإخلاء منطقة استلام الأمتعة بمطار نيس جنوب فرنسا، وذلك على خلفية الهجوم الإرهابي الذي ضرب المدينة.

وأوضحت الوسائل استناداً إلى شهود عيان أنّ عملية الإخلاء جاءت بسبب الاشتباه بحقيبة كانت موجودة في منطقة استلام الأمتعة، وظن أنها تحتوي متفجرات.

هذا و دان مسجد باريس الكبير في بيان له، بشدة هجوم نيس، واصفا هذا الاعتداء بـ«الرهيب والحقود».

وقال مدير المسجد دليل أبو بكر «مسجد باريس يعبر عن حزنه الشديد بما حدث أمس، ويدين بأشد العبارات هذه الجريمة البشعة والحقودة، التي استهدفت جموع الناس»، ودعا «إلى وحدة المواطنين خلال هذه المحنة الرهيبة التي تستدعي من جميع العالم إعلان الحداد».

إلى ذلك، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تعازيه لنظيره الفرنسي بشأن سقوط العديد من الضحايا نتيجة هجوم نيس الإرهابي، داعياً إلى توحيد الجهود الدولية من أجل مكافحة الإرهاب.

وجاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي للرئاسة الروسية،أمس، «أكد رئيس الدولة الروسية أن الانتصار على هذا الشر البشع يتطلب توحيد جهود البشرية المتحضرة ومكافحة كافة مظاهر وأشكال الإرهاب بحزم، وتصفية أو تحييد المسلحين والعقول المدبرة لهم أينما وجدوا، وتدمير البنى التحتية للإرهاب بشكل منتظم ووقف تمويله».

هذا و أشار بوتين إلى استعداد موسكو للتعاون الوثيق مع باريس وغيرها من الشركاء الدوليين في كافة مجالات مكافحة الإرهاب، معرباً عن صدمته لشراسة هذه الجريمة وسخريتها البالغة بسبب ارتكابها في العيد الوطني الفرنسي، مضيفاً أنّ هذا العمل يؤكد من جديد أنّ الإرهاب لا أخلاق إنسانية له.

وأوضح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أنّ الرئيس بوتين علم بوقوع هجوم نيس في أثناء مباحثاته مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري التي انتهت بعد منتصف الليلة الماضية.

بدوره، أكد وزير الخارجية الأميركي،أمس، لنظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو إنّ هجوم نيس يظهر الحاجة إلى تسريع الجهود الدولية للتصدي للإرهاب خاصة في سورية.

وفي إشارة إلى ما وصفه «بمذبحة لا تصدق» في نيس ذكر كيري أنه لا توجد بؤرة للإرهابيين أكبر من سورية، و أضاف «أعتقد أنّ الناس في مختلف أنحاء العالم يتطلعون إلينا، وينتظرون منا أن نجد وسيلة أسرع وأكثر واقعية كي يشعروا أنه تم فعل كل شيء ممكن للقضاء على آفة الإرهاب تلك».

من جهتها، أدانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، هجوم نيس، وقالت على هامش قمة لزعماء آسيا وأوروبا في منغوليا «جميع من شاركوا في القمة الآسيوية الأوروبية يشعرون بنفس الصدمة بسبب القتل الجماعي في نيس».

وتابعت قولها «ألمانيا تقف بجانب فرنسا في المعركة ضد الإرهاب وتتكاتف مع دول كثيرة أخرى. أنا على قناعة بأنه على الرغم من كل الصعوبات سنفوز في تلك المعركة».

أما الرئيس الأميركي باراك أوباما، فندد بالهجوم الدموي وعرض تقديم أي مساعدة تحتاجها فرنسا خلال التحقيقات، وأضاف «بالنيابة عن الشعب الأمريكي أندد بأقوى العبارات ما يبدو أنه هجوم إرهابي مروع في نيس بفرنسا، والذي قتل وأصاب عشرات المدنيين الأبرياء».

وفي السياق، أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وقوف بلادها كتفاً بكتف مع فرنسا بعد هجوم نيس وستدرس ما إذا كانت بلادها بحاجة لبذل المزيد من الجهد لتعزيز أمنها، و أضافت أن «مستوى التهديد هنا في بريطانيا عند خطير هذا يعني أن احتمال وقوع هجوم إرهابي كبير جدا».

ماي أكدت أنّ «مسؤولون كبار سيراجعون ما الذي يمكن أن نفعله للتأكد مما إذا كنا بحاجة لاتخاذ المزيد من الإجراءات في الخطط الأمنية للمناسبات العامة الكبرى»، وأضافت «تبحث الشرطة الموقف الأمني وتراجع إجراءات الأمن المتعلقة بمناسبات عامة كبرى تقام في بريطانيا على مدار الأيام السبعة القادمة».

إلى ذلك، أكدت الشرطة الالمانية إنّ السلطات ستعزز الإجراءات الحدودية في المطارات والطرق البريّة والسكك الحديدية المؤدية لفرنسا.

بدوره، أشار وزير الداخلية الإيطالي أنجلينو ألفانو، إنّ بلاده ستعزز الإجراءات عند معابرها البريّة الثلاثة إلى فرنسا، وقال على حسابه على تويتر «جهازنا الأمني لا يألو جهدا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى