الحبّ أمل الخائبين

أبصرت نفسي في عينيكِ وارتعبت. كنتُ أجرّ ذيول خيبتي بالحبيب. كنت أتعكز على الرعد فأمشي ارتجافاً. ازداد شكّي في الحبّ، والشكّ طريق الوصول إلى الحقيقة، لكن الحقيقة مؤلمة بقدر تصوّري مأساتي الجديدة معك.

هي. حدثتك عنها، لم أكن أريد أن تعرفي كم أحببتها وأن قلبي انزلق في علاقة غرامية، لن أسمّيها حبّاً، أردت بصمت خائف أن أعترف لكِ بأن كل ما بدا لي حبّاً كان ولم يكن. وكلّ ما بدا لي حبّاً لا يشبه نبضة القلب التي تحتجزينها الآن بين ذراعيكِ. أردتك وأنا على يقين بأني لن أنزلق هذه المرّة، ولكنني سأسقط كلّي، سأهوي مندفعة إلى قعر المأساة. سأرتطم في نارك التي تشتهيها، سأحترق في جلدك الذي كلّما انبرى خشيتِ من فقدان لمسة قد طبعتها عليه قبل أن ترحل.

الحبّ؟ وهل يمكن أن أعرف الحبّ بلقاء مختصر؟ وهل سأعود إلى عبثية الزمن الذي تُحدّد قيمة الحبّ بطوله؟ هل ينمو الحبّ بالتدرّج ملتحياً بالوقت؟

الحبّ موت مفاجئ وولادة غير متوقعة. كلاهما يغيّران معالم الحياة بشكل جذريّ. الحبّ مرض. تذكرين عندما أخبرتك ذلك وجعلت ضحكتي المعتوهة تنجي عاطفتي من احتضارها المعلن؟ الحبّ مرض مزمن لا يقتل بوحشية، يقتلنا بطراوة داكنة، لكننا نتأقلم مع وجوده الغائب، مع حضوره الشرس، ومع عودته التي غدت لقاءً محرّماً. الحبّ أصعب من الموت والولادة. فالموت قدر والحبّ مصير. القدر يختارك أما المصير فأنت الذي تختاره، عليك أن ترضى بالقدر فقد أعدّ مسبقاً لأجلك، أما المصير فهو الذي أعددت نفسك لأجله، لأجله كنت ليكون.

الحبّ مصيريّ الذي انتظرته، ومع الانتظار غدا لي مصائر. في الأول تألمت، في الثاني تألّمت وهكذا. في طريقي إلى الحبّ عبرت أسوار الموت فلم أمت دفعة واحدة، إنما ارتقيت بالألم لأموت تجزئة أملاً بالحبّ.

نور صفيّ الدين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى