ساركوزي دعم الإرهاب والشعب الفرنسي يكتوي بناره
جاك خزمو
دان العالم كله واستنكر الاعتداء الإرهابي البشع على المحتفلين بالعيد الوطني الفرنسي في مدينة نيس، يوم 14 تموز 2016، والذي أودى بحياة حوالي تسعين شخصاً وإصابة حوالي مئتي انسان بريء من مختلف الجنسيات، ولكن الاستنكار لا يكفي، كما انّ بيانات الشجب لا تقدّم ولا تضع حداً للإرهاب الذي تتسع دائرته في العالم ليصل الى كلّ مكان متجاوزاً كلّ الإجراءات والقيود والحواجز الأمنية، مع أنّ هذه البيانات تخفّف الألم معنوياً، ولكنها لا تضع حداً للإرهاب.
ومن أجل مواجهة الإرهاب لا بدّ من معرفة أسبابه، ومن صَنَعه ويصنعه ويدعمه؟ والعمل على تخفيف منابع دعمه وتغذيته وتقويته، وكذلك لا بدّ من معاقبة كلّ مَن صنعه أو أسسه وحمل لواءه سواء أكان كبيراً أم صغيراً.
إنّ الإرهاب الذي يعمّ الشرق الأوسط انطلق وأسّس وشكّل مع احتلال أميركا للعراق، وهذا الاحتلال جلب معه هذا الإرهاب.. وكان الى حدّ مُعيّن محاصراً، ومركزاً داخل الحدود العراقية… الى أن ظهر ما يسمّى «الربيع العربي» الذي هو بالفعل شتاء حالك غربي في أوائل عام 2011 إذ إنّ «دول العالم» أيّدت هذا «الربيع» المزيّف بكلّ ما أوتيت من قوة، وخاصة في ليبيا.. تصوّروا أنّ الرئيس الليبي معمّر القذافي انحرف في مواقفه نحو الغرب، وسلّم كلّ ما لديه من أسلحة تقليدية وغير تقليدية وسار في الركب الغربي.. وزار باريس وحلّ ضيفاً على الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي في العام 2010، ودعم ساركوزي في حملته الانتخابية.. وكذلك زار ليبيا رئيس وزراء إيطاليا برلسكوني الذي قبّل يد القذافي معتذراً عن احتلال إيطاليا لليبيا.. هذا الرئيس الليبي كانت له مكافأة كبيرة بأن قامت الطائرات المقاتلة الفرنسية والإيطالية بقصف ليبيا دعماً للربيع أو للثورة أو بالأحرى للفوضى وللإرهابيين، فقتل القذافي وتحوّلت ليبيا قاعدة للإرهاب، ومنها انطلق الإرهابيون الى سورية عبر تركيا.. ولم تتردّد فرنسا ودول «المجتمع الدولي» بقيادة اميركا في دعم الإرهاب لتدمير سورية، لكن هذه المؤامرة فشلت، وما زالت مواجهتها مستمرة. والأسوأ أنّ فرنسا ودولاً أوروبية عديدة صدّرت إرهابيين الى سورية، لأنها كانت تريد تحقيق غاية ولو كانت الوسيلة قذرة ورخيصة ودنيئة.. وها هو الإرهاب يرتدّ على أوروبا وخاصة فرنسا اذ تعرّضت لعمليات إرهابية عدة..
من هنا يمكن القول إنّ الرئيس السابق نيقولا ساركوزي يتحمّل مسؤولية صناعة الإرهاب في ليبيا، ومسؤولية انطلاقه وانتشاره في الشرق الأوسط والعالم. وهذا يعني أنه يجب أن يقدّم للمحاكمة داخل فرنسا، وأمام الشعب الفرنسي لأنه يتحمّل مسؤولية سفك دماء أبناء الشعب الفرنسي من خلال دعمه للإرهاب الذي ارتدّ عليه وبدأ يكوي فرنسا بناره.
لا بدّ من قول الحقيقة، وهي أن على العالم معاقبة مَن دعم ويدعم الإرهاب من خلال تقديمه للمحاكمة، وتجب أيضاً معرفة أسباب وجود هذا الإرهاب والعمل على إزالتها.
التعامل مع الإرهاب من خلال بيانات لا ينفع، فالمطلوب مواجهته من خلال إزالة الأرض الخصبة من تحت أقدامه، وكذلك معالجة أسباب اللجوء إليه، وكذلك معاقبة ومحاكمة كلّ من يدعمه.. واذا لم يتمّ فعل ذلك، فإنّ دول اوروبا والعالم كله ستشهد المزيد من العمليات الإرهابية البشعة، وعندها لن ينفع البكاء ولا الانفعال ولا البيانات المستنكرة!
ناشر ورئيس تحرير
مجلة «البيادر» ـ القدس