روحانا: قدرنا مواصلة النضال في مواقع العزّ القومي للقضاء على كلّ احتلال وإرهاب
أقامت مؤسسة رعاية أُسَر الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة في الحزب السوري القومي الاجتماعي، حفل عشاء حاشداً في مطعم «برج الحمام» في برمانا ـ المتن الشمالي، حضره رئيس الحزب النائب أسعد حردان، وعدد من المسؤولين المركزيين وشخصيات وفاعليات سياسية وحزبية واجتماعية.
استُهلّ الحفل بكلمة تعريف ألقتها مي الأعور، وأكدت فيها أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي حزب صراع ومقاومة، ومن الطبيعي أن يقدّم الشهداء والتضحيات في سبيل الدفاع عن الأمة ووحدتها. مشدّدة على أنّ رعاية أُسَر الشهداء والاهتمام بالجرحى، مسؤولية وأمانة في أعناقنا جيلاً بعد جيل.
وألقى القسّ معن بيطار كلمة ثمّن فيها عالياً تضحيات الشهداء، وأثنى على دور الحزب السوري القومي الاجتماعي في مختلف الميادين.
كلمة أُسَر الشهداء
ثم ألقت والدة الشهيد طارق العيد، إلهام العيد، كلمة أُسَر الشهداء فقالت: «أنا أمّ الشهيد… كأيّ أمّ شهيد في هذا الوطن، جعل منها استشهاد ابنها أمّاً لجميع الشهداء.
الشهيد… تضحية تقدّم في ساحات الصراع من أجل حرّية الأمة وكرامتها. والشهادة ليست موتاً، إنّها حياة حقيقية، إنها فعلٌ منتج وحركةٌ حيّة، تجعل من موت الفرد حياةً للمجتمع».
وتابعت: «ما تعلمناه من شهداء أمّتنا وفي طليعتهم الزعيم أنطون سعاده القدوة والمثال، مؤسّس النهضة السورية القومية الاجتماعية وباعثها الذي اعتبر أنّ الشهداء هم طليعة انتصاراتنا الكبرى. فقرن القول بالفعل، وروى بدمه الطاهر أرض الوطن، شهيداً مبشّراً بانتصار الأمة، كاتباً بذلك الفصل الأول في ملحمة الشهادة والبطولة، لتتوالى بعده فصولها، فصلاً بعد آخر، يكتبها شهداء أحبّوا الموت لأنه طريق الحياة. إنها ثقافة متأصّلة في وجدان شعبنا، عمقها عمق التاريخ».
وأكّدت العيد أنّ الاعتزاز بالشهادة لا يضاهيه إلّا الاعتزاز بالنصر، لأنّ من لا يعرف معنى الشهادة لا يعرف معنى الحياة ولا يعرف معنى النصر. «هكذا نحن وهكذا سنبقى أعزّاء بشهدائنا وأعزّاء بنصرنا. فالشهداء آمنوا بأنّ الحياة وقفة عزّ، فوقفوها ورحلوا».
وقالت: «السوريون القوميون الاجتماعيون، هم الصادقون الصالحون المؤمنون بصحة العقيدة، لم يطلبوا أيّ مقابل، فلا مقابل في العطاء والوفاء، وشهداؤنا قد وقعوا في حبّ أرض تدعى سوريا، لم يفكّروا بمقدار النصر أو بجدوى المعركة، بل قاموا بواجبهم لأنّهم أصحاب قضية.
شهداؤنا لا يعرفون الحدود، لذلك لا يعرفون حدود التضحية ولا حدود العطاء، ولنقم نحن كأمّهات لنخبر أبناءنا وكجدّات لنخبر أحفادنا، إنّ هذه الحدود التي يدرّسونها في الكتب لا تعنينا، ونحن بدم الشهداء وإرادتنا ووحدتنا نخطّها. وراء كلّ شهيد من الشهداء أهل يفتخرون به كلّ دقيقة، وزوجات يفتخرن بأزواجهن، وشقيقات بأشقائهن، لأنهم ـ الأهل والزوجات والشقيقات، يعرفون أنه لولا الشهيد لما استمرّينا نحن في هذه الحياة».
وختمت بالقول: «منّي ومن أهالي جميع الشهداء لجمعية أُسَر الشهداء تحية من قلب كلّ أمّ شهيد، لمواساتكم لنا وبلسمة جراحنا. فأنتم دعامتنا بعد فقدان غوالينا. فلنضع الكتف إلى الكتف، ولنذهب إلى قلب أمّ كلّ شهيد، ولنكن عصبة واحدة تحتمي ببعضها وبعقيدتها لمواجهة كلّ آلامها، وكما قال الزعيم: «… نحن نرى في الحياة مصاعب ومتاعب… ونرى أننا قادرون على الاضطلاع بها والسير نحو الأمام».
كلمة المؤسّسة
وألقت رئيسة مؤسّسة رعاية أُسَر الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة نهلا رياشي كلمة المؤسّسة، استهلتها مرحّبة بالحاضرين، وقالت: «كلما ادلهمَّ الخطب، واسودّ الأفق، وازداد القلق، وعمّ الخوف، يحضرنا قول زعيمنا الخالد: إنّ أزمنةً مليئةً بالمحن والصعاب، تأتي على الأمم الحيّة، فلا يكون لها إنقاذ منها، إلّا بالبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة.
فها هي الأخطار تحدق من كلّ جانب، وها هي أرياح السموم، تهبّ من جميع الجهات، وها هم أبطال الفداءِ القوميّ وأبطال الحزب الميامين، يُستشهدون على بطاح فلسطين السليب وفيافي العراق الحبيب وتراب الشام الخصيب.
استشهدوا سابقاً ومستعدّون لاحقاً ودائماً للاستشهاد دفاعاً وذوداً عن ربوع الأمة، مقدّمين دماءهم الزكيّة فداءً عن لبنان والأمّة كلّها. ولهؤلاء الميامين دَيْنٌ مستحقّ علينا، لنرعى أُسَرهم ونحضن أولادهم، فلا يعوزهم شيء، ولا تنقصهم حاجة، أيّ حاجة. هذا أضعف الإيمان منّا وأقلّه نحو مَن قدّم دمه، وديعة الأمة فيه عندما طلبَتْها فلبّى نداء الواجب القوميّ لإنقاذ شرف أمتنا والحفاظ على حقّ شعبنا في الحريّة والسيادة والحياة الكريمة العزيزة».
وتوجّهت رياشي إلى الحاضرين قائلة: «ليس إلّاكم مساعداً ومعيناً للمؤسسة، وليس إلا إمكانياتنا الحزبية المتواضعة، رديفاً أوحد، حتى تكتب لنا قدرةٌ على الاستمرار، وإمكانية على مجابهة الضروريات المتضاعفة، بعد البركان الهائج الذي هبّ يزلزل بُنانا ومستقبلنا ومصيرنا، والذي وقف رفقاؤنا الأبطال إزاءه، يصدّون أذاه عنّا، ويُبعدون خطره الداهم عن بيوتنا وقرانا وأهلنا وعائلاتنا، حتى يبقى لأمتنا وشعبنا وجههما الحضاري الثقافي الراقي.
وتابعت: «نحن من عرقنا نجمع، ومن تعبنا نجمع، ومن توفير عائلاتنا نجمع، كي نبقي على الأمل والثقة لدى تلك الأُسَر التي فقدت معيلها ومدبّرها، فكان الحزب، وأنتم أيها الشرفاء، مرجعها ومعيلها ومدبّرها، وكنتم العون لنا لكفالة عددٍ من الأطفال ومساعدتنا على مواجهة الأعباء المتزايدة في شامنا الحبيبة».
وإذ شكرت رياشي كلّ المعطائين وكلّ العطاءات مهما كانت، اعتبرت أنّ قطرات الماء على تعدادها، تشكّل سيلاً جارفاً، ينمو ويكبر بقدر ما يصبّ فيه من روافد عطاء نفوسكم الكريمة وجود أياديكم السمحة البيضاء.
كما شكرت المسؤولات اللواتي تحمّلن أعباء المؤسّسة منذ تأسيسها، واللواتي سهرن وتعبن وضحّين وحافظن على المؤسّسة، ولا زلن، على رغم الصّعاب والأزمات، كي تتمكّن من القيام بواجباتها إزاء أُسَر الشهداء وذوي الحاجات الخاصة، وهنّ كثيرات، ويزداد عددهن وتتنامى عطاءاتهن.
كلمة مركز الحزب
وألقى عميد العمل والشؤون الاجتماعية نزيه روحانا كلمة مركز الحزب وقال فيها: «شهداؤنا، هم طليعة انتصاراتنا الكبرى، هكذا قال زعيمنا أنطون سعاده، وهكذا افتتح بنفسه عهد البطولات والشهادات، ليكون لنا الأمثولة والقدوة في البطولة والشهادة. فالمعادلة التي وضعها الزعيم تُختصر بكلمتين: نناضل، فننتصر. وعدا ذلك كلّ النظريات والاجتهادات، تبقى في هامش الأوهام، حبراً على ورق، تتآكلها رياح الاستعمار والتهويد وتسقط عند أبواب الطائفية والمذهبية والرجعية والظلامية.
وحده النضال، الأسلوب لاستعادة الوحدة والحرية ولاستعادة المبادرة لصوغ تاريخ مجيد يليق بأمّتنا السورية. وحده النضال، وما يترتب عليه من متاعب ومآسٍ وتشرّد وضياع، وسجون وعذاب وجروح، حتى يبلغ ذروته في الارتقاء إلى مرتبة الاستشهاد. هذا النضال، هو الدرب الحقيقي الوحيد، الذي يجب على أبناء شعبنا سلوكه للترقّي إلى مصاف الأمم الحية، التي يعتّز أبناؤها بالانتماء إليها، ويفخرون بحياة حرّة كريمة ملؤها الحق والخير والجمال».
وأضاف: «قدرنا، نحن القوميين الاجتماعيين، وقد أدركنا معنى حقيقة وجودنا، وحقيقة أمتنا السورية، قدرنا أن نناضل لكي نحقّق أهداف النهضة السورية القومية الاجتماعية، وقدرنا أن نصنع التاريخ بكفاحنا اليومي، في المدارس والجامعات نناضل، وعلى تخوم فلسطين والجنوب نقاوم، ونكون حيث تتعرّض أمتنا للتمزّق أو الاحتلال، أو لهجمات التتار الجدد والإرهاب السافر، الذي يعبث بأمن أمتنا في الشام والعراق ولبنان، وقد استحضر أدوات الاجرام وعصر الانحطاط، وها هو يبيد كلّ مظهر حضاري، إنسانياً كان أم عمرانياً، ليطمس معالم أمّة كانت لفترة طويلة من أعظم أمم الأرض.
قدرنا، أن ندافع ونواجه، وأن نستشهد في سبيل مبادئنا. وشهداؤنا الذين يسقطون، إنما يكتبون تاريخ الأمة بدمائهم الزكية، ويسقون شجرة العزّ القومي التي تنمو في وجداننا، وكلما استشهد لنا رفيق يزداد العزّ رسوخاً في أعماق نفوسنا ويحفزّنا إلى مضاعفة النضال والجهاد.
هؤلاء الشهداء، هم النبراس الذي به نهتدي، وهم القدوة في صفحة البطولة والمقاومة، وهم النهر الذي لا ينضب، ونحن فخورون بشهدائنا، بكلّ شهدائنا، الذين رفدوا الحزب وسقطوا دفاعاً عن قيم الأمة والحزب.
هؤلاء الشهداء، هم الذين تصدّوا لمشروع الشرق الأوسط الجديد، هذا المشروع الجهنّمي، الذي زاد تفتيتاً في أوصال أمتنا، في العراق، وأذكى نار المذهبية والاقتتال الطائفي بين أبناء الوطن.
هذا المشروع الذي استحضر كلّ إرهابيّي العالم إلى شامنا الحبيبة، في مؤامرة سافرة للقضاء على معالم التقدّم والحضارة والدولة المدنية الواعدة، ومحاولة استبدالها بقوى الإرهاب والإجرام والعودة إلى عصور الجاهلية وشرائع الغاب.
هذا المشروع الذي رسمته أميركا وحلفاؤها الصهاينة ويُنفّذ على أيدي العصابات والمرتزقة».
وختم: «عهداً علينا يا شهداؤنا، أننا سنواجهه، لأننا سنبقى أوفياء للقضية وللأمة، وسنبقى أوفياء لدمائكم الزكية. ونؤكّد أننا سنبقى غيارى وحاضنين لأًسَركم بكلّ ما أوتينا من عزم وقوّة، سنبقى قوميين اجتماعيين، مقاومين، ولن نتخلى عن واجبنا القومي مهما بلغت الصعوبات».
ثمّ وجّه روحانا التحية إلى رفقائنا المقاومين في غزّة وفي كلّ فلسطين التي تُذبح يومياً على يد الإجرام الصهيوني، على مرأى العالم أجمع ومسمعه، وإلى أبطالنا المقاومين المقاتلين في الشام، في حمص وصدد وإدلب واللاذقية وكسب وفي دمشق والسويداء وفي كل مكانٍ من تراب أمتنا الغالي، وإلى أبطال الجيش اللبناني والجيش السوري على تصدّيهما وتضحياتهما في مواجهة الهجمة الإرهابية الظلامية.
تصوير: جهاد وهبة