جزء هام من الحرب الكونية

عبد الحكيم مرزوق

في التقارير التي تنشر في الغرب، وفي تقارير تصدر عن جهات مهمة في بعض الدول العظمى وبعد ست سنوات من الحرب على سورية نصاب بالدهشة للنتائج التي يصلون إليها! وذلك ليس لأنّ تلك النتائج كانت بديهية ومعروفة منذ سنوات لم تكن بالقليلة، ولكن لأنها ربما تعكس مدى التآمر الكبير على سورية بالدرجة الأولى قيادة وشعباً، وعدم الاعتراف بتلك البديهيات يعبّر عن شيء مهمّ أيضاً هو أن لا شيء يمكن أن يحجب بغربال… أو ربما لأنّ بعض دول الغرب العظمى لم تعد قادرة على أن تكذب على مواطنيها أكثر من ذلك لافتضاح أمرها وانكشاف دورها المحوري في الإرهاب الذي ربما تمّ رفع الغطاء عنه أو ربما في الطريق لكشف هذا الغطاء…

كيف هذا…؟

على مدى سنوات الحرب الكونية على سورية كان القاصي والداني يدرك الدور الخليجي القذر في تمويل الحرب على سورية سواء بالسلاح والعتاد والأموال، وهذا ما عكسته الوقائع على الأرض حيث تكشّف ذلك الدور الوضيع لدول الخليج في شراء الذمم وتجنيد المرتزقة في العالم وإرسالهم إلى سورية عبر المال السعودي، وهذا الأمر لم يكن خافياً على أحد، وسبق أن تمّ الإعلان عنه من قبل القيادة السورية أكثر من مرة عبر الرسائل المرسلة إلى الأمم المتحدة، ولكن تجاهل العالم لتلك الوقائع وتغاضيه عما جرى ويجري من تآمر داخل وخارج الأراضي السورية كان يعكس أنّ الجميع كان يسير ضمن جوقة لا يريدون الخير لسورية بأيّ شكل من الأشكال، لأنّ سورية كانت على الدوام شوكة في حلوقهم وأفشلت مؤامراتهم ومخططاتهم في المنطقة العربية منذ عشرات السنين، ولم تهادن أبداً أياً من تلك الدول الاستعمارية التي كانت تنظر بعين الحقد واللؤم على سورية البلد الآمن والمستقرّ والذي أصبح في موقع متقدّم بالنموّ والأمن والاستقرار.

ما الذي تغيّر حتى نرى أن تقريراً للبرلمان البريطاني يخلص إلى أن اكتشف أدلة دامغة تثبت تلقي تنظيم داعش الإرهابي أموالاً طائلة من دول خليجية كالسعودية وقطر كعنصر أساسي لعملياته الإرهابية، وبالتالي كيف يمكن أن تتحقق من مصداقية تلك التقارير التي تؤكد أشياء بديهية، وألا يمكن لنا أن نشكك في الأهداف والنوايا وراء تلك التقارير البريطانية التي هي بالأساس غارقة بالإرهاب والتآمر، فهل يعني ذلك أنّ بريطانيا في الطريق إلى فك الارتباط مع تلك الدول المتآمرة والغارقة في الإرهاب وفي مستنقع الحرب السورية التي أوجدتها مع حليفاتها ورأسها المدبّر الولايات المتحدة الأميركية، أم أنها مجرد ورقة يمكن أن تلوّح بها عبر التقارير لابتزاز مملكة الرمال وقبض الثمن في وقت لاحق عبر صفقات خفية لا يعرف بها أحد…

المضحك في الأمر أنّ تلك التقارير تصدر الآن وهي تؤكد وجود أدلة من لجنة الشؤون الخارجية البريطانية قالت إنّ لديها أدلة تاريخية تظهر أنّ التبرّعات العالمية التي تجمعها دول الخليج تحت مسمّى إنساني تذهب جميعها إلى إرهابيّي داعش، حيث يتمّ تحويل الأموال عبر نظام «أي في تي س» العالمي الذي يتميّز بإخفاء معلومات عن الأفراد المتورّطين في الصفقة، وذكر تقرير نشر على موقع «غلوبال ريسيرش» أنّ حادثة وقعت في أيلول عام 2014 كدليل وهي محاكمة رجل ينتمي لتنظيم داعش الإرهابي لتلقيه مبلغ مليوني دولار من دول خليجية وتلك التبرّعات التي يتمّ جمعها لمصلحة تنظيم داعش ما هي إلا الحدّ الأدنى مقارنة بمصادر الدخل الأخرى كالنفط وجمع الضرائب، وطالبت اللجنة بمساءلة كبار المسؤولين البريطانيين لأصدقائهم المقرّبين من دول الخليج عن كيفية وصول هذه التبرّعات الخاصة لداعش في سورية والعراق وهذا يعني بكلّ وضوح تآمر كبار المسؤولين في الحرب الكونية على سورية، وهذا برأيي ليس بجديد إذ أنّ حجم التآمر كان واضحاً منذ البداية، وما زال وذلك لأن لا أحد من تلك الدول الاستعمارية قادر على أن يسهم علانية في الحلّ بل إنهم يريدون زيادة أمد الحرب أكثر من ذلك لأنهم باختصار لم يكونوا في يوم من الأيام جزءاً من الحلّ بل هم أساس في الحرب والأزمة.

كاتب وصحافي سوري

Marzok.ab gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى