بندر يردّ على شامخاني بمجزرة ديالى لإسقاط التفاهمات مشروع أوروبي في مجلس الأمن لـ 1701 فلسطيني
كتب المحرر السياسي
من ديالى قرب الحدود العراقية – الإيرانية، حيث العشائر التي راهن مشروع «داعش» على كسبها تشارك في القتال ضدها وليس معها، اختارت الأيدي المبرمجة لتفجير التفاهمات التي بدأت تسلك طريقها في العراق وعبره إلى المنطقة، أن تضرب ضربتها، فاستخدمت ما روجت له وسائل الإعلام المحسوبة على السعودية وقطر، أنها ميليشيات شيعية، واختارت العنوان المطلوب تشويهه، هو عصائب أهل الحق التي كانت أبرز فصائل المقاومة في فترة الاحتلال الأميركي، والتي كانت من قام بحماية بغداد وسامراء من تقدم «داعش»، والأكثر انضباطاً بين المجموعات المسلحة غير الحكومية، وقوع الجريمة وتداعياتها يذكر باستخدام السلاح الكيماوي في غوطة دمشق وإلصاق التهمة فوراً بالدولة السورية، وبإسقاط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا، والمسارعة لحملة تصاعدية لحصار روسيا بالتهمة، وهذا ما سبق وعاش اللبنانيون فصوله مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولا تبدو الأيادي التي ترعى هذا النوع من الأعمال الدموية العاصفة، ولو بمنفذين مختلفين، إلا ترجمة لفعل عقل واحد فاعل على المستوى الإقليمي والدولي، ويملك أنواعاً متعددة الألوان والأشكال والعقائد والهويات، من الجماعات القادرة على تنفيذ هذا المستوى من الأعمال المخططة بدقة والمبرمجة، بما يتكامل مع ما يديره المدبر بالتنسيق مع إمتلاك تأثير واسع النطاق سياسياً بتصريحات تواكب الحدث الدموي الكبير، وإعلام يبدأ بالتساؤل وينتقل لرسم هوية افتراضية للفاعل تنطبق مواصفاتها على المراد إلصاق التهمة به وشيطنته، وإخراجه من اللعبة الكبرى وإضعافه، ونقله إلى موقع الدفاع، ليجري نطق اسمه لاحقاً وتتتالى التصريحات التي تدين وتستنكر وتسمي المتهم المبرمج استهدافه، كأن التحقيق قد أنجز ولم يبق إلا نطق الحكم.
من تابع قناتي «العربية» و»الجزيرة» يوم أمس، وتتابع وتسلسل تعاملهما مع الجريمة تذكّر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كما تذكّر مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق وإسقاط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا.
بندر بن سلطان الغاضب من فاتورة التسويات الكبرى، وما ستحمله من دور لإيران من جهة ومصالحات مع سورية من جهة أخرى، هو المتهم الأول بالعملية وتدبيرها، كما كان وراء ما سبقها من عمليات كبرى مشابهة، وحجم الرضا الأميركي على رسم وظيفة تكتيكية للعملية سيظهر تباعاً، خصوصاً مع حملة التصريحات التي استصدرت من مواقع عراقية يفترض أن ترد بالتمسك بالتفاهمات وتقول إن الهدف هو تخريب الوحدة ولذلك لن نسمح بالفتنة، فرئيس المجلس النيابي العراقي سليم الجبوري أعلن وقف المشاركة في مشاورات تشكيل الحكومة، كما فعل تماماً يوم اغتيال الرئيس رفيق الحريري من صاروا جماعة الرابع عشر من آذار بالمطالبة باستقالة حكومة الرئيس عمر كرامي.
بندر يرد على الأدميرال علي شامخاني صانع التسويات، الذي حل على بغداد ضيفاً قبل شهر وأسس لانطلاق قطار التفاهمات التي يبدو أنها تمت أميركياً وإيرانياً، وكانت السعودية وسورية في الصورة بداية وتركيا وقطر لاحقاً.
الأدميرال شامخاني هو الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، المنصب الذي شغله الإمام علي الخامنئي يوم كان شامخاني بين قادة الحرس الثوري الإيراني، والمنصب الذي شغله الرئيس حسن روحاني يوم كان الإمام الخامنئي رئيساً للجمهورية، وتالياً يوم صار الخامنئي مرشداً وكان السيد محمد خاتمي رئيساً وشامخاني وزيراً للدفاع، وشامخاني صانع ثلاث اتفاقيات، واحدة للدفاع مع سورية قبل عشر سنوات نال عليها من الرئيس بشار الأسد أعلى الأوسمة السورية، والثانية للتعاون الأمني مع السعودية نال عليها أعلى الأوسمة السعودية من الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان ولياً للعهد يومها، والثالثة للتعاون مع العراق والتي يترجم وسامها إنجازه للتفاهم على تسمية الدكتور حيدر العبادي لرئاسة الحكومة، وهو المكلف من الخامنئي كرئيس للجمهورية عام 1989 بالإشراف على تطبيق القرار 598 الذي أنهى الحرب مع العراق، وما رتبه التطبيق وموقعه في إدارة المف النووي من تواصل مع الغرب.
بندر يضرب لتخريب التفاهمات، وعلى حجم القرار الأميركي بالسير فيها سيتقرر حجم ردود الأفعال واتجاه توظيف الدماء، لترسيخ الوحدة العراقية أم لتفكيك عناصرها مرة أخرى، بوهم المكاسب الصغيرة على حساب الحلول الكبرى.
في مقابل هذا التطور العراقي الخطير، تطور في ملف غزة يحاول تصنيع معادلة حل تربط وقف النار بفك الحصار، ضمن حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية تنطلق من قرارات مجلس الأمن الدولي، والمفاوضات الشاملة للحل لقيام دولة فلسطينية، تمثل التطور بتقدم الدول الأوروبية بمقترح للنقاش حول قرار لمجلس الأمن يمكن تسميته بالـ1701 الفلسطيني، لكونه يستلهم في الكثير من عناوينه القرار الذي أنهى حرب تموز في لبنان عام 2006، وعلى رغم ان الرد «الإسرائيلي» الأولي كان الرفض لتضمنه بنداً ينص على إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، إلا ان التعليق الأوروبي على الرفض «الإسرائيلي» كان أن المناقشات للمشروع لا تزال في بداياتها، والنقاش والتفاوض يجريان على إيقاع الحرب المستمرة بقساوة، حيث «إسرائيل» تمعن في وحشية نيرانها التي تلتهم لحم المدنيين وخصوصاً الأسر والأطفال والنساء، والمقاومة تفتح ملف المتعاملين مع الإحتلال وتبدأ مسلسل الإعدامات رداً على اغتيال قادتها والمفاوضات في القاهرة في توقف تام.
تطور بارز حملته ساعات النهار وكرسته أحداث ليل أمس، كان بتقدم نوعي للجيش السوري في أحياء حلب، انطلاقاً من سيطرته على مستشفى الكندي، وتقدم المصالحات في ريف دمشق وأحيائها، بصورة بنى عليها المتابعون، تقديراً يشير لوضوح المشهد الإقليمي والدولي الجديد أمام غرفة العمليات السورية، بصورة أطلقت مجدداً الخطط العسكرية التي تجمدت جزئياً على ضوء التطورات العراقية ما بعد ظهور إندفاعة داعش الجديدة.
في مقابل الإنجاز النوعي في سورية تغييرات دراماتيكية في اليمن، حيث المدى الحيوي للأمن السعودي، وحيث يمكن ان تكون مشاريع المقايضة التي يتحرك نحوها بندر، بعدما تمكن الحوثيون من تحشيد مناصريهم بكثافة أذهلت المراقبين، لسلمية التحرك، وتنظيمه الدقيق، وانضباطيته، ومحاصرته كل الوزارات والإدارات المركزية في العاصمة اليمنية.
لبنان الذي لم ينتبه كثيراً لما يجري حوله من رسم خرائط جديدة، منشغل بقضية التفاوض لفك أسر عسكرييه المخطوفين، ونجا من كارثة تبادل عنوانها الإفراج عن قادة القاعدة الموقوفين في سجن رومية، بينما الملفات السياسية تراوح مكانها.
تعليق الوساطة
فكما كان متوقعاً، أعلنت «هيئة العلماء المسلمين» بعد اجتماع وفد منها مع رئيس الحكومة تمام سلام امس تعليق الوساطة التي تقوم بها في ملف قضية العسكريين المحتجزين لدى المجموعات الارهابية وذلك «لحين إنضاج ظروف أفضل وإفساحاً في المجال لأطراف أخرى قد يكون لها قدرة أكبر على تسوية هذا الملف». تعليق الوساطة لم يكن مفاجئاً وفق مصادر عليمة، معتبرة أن ما بلغته الوساطات جاء نتيجة تراخي بعض السلطة مع الإرهابيين منذ الاعتداء على الجيش وعرسال.
من جهة أخرى، نفى وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«البناء المعلومات التي ترددت عن ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم سيتولى التفاوض في ملف العسكريين والأمنيين المخطوفين، مؤكداً ان مجلس الوزراء لم يكلفه بهذا الملف.
انتخاب الرئيس من الشعب
على الصعيد السياسي، كان البارز أمس استكمال تكتل التغيير والإصلاح للاقتراح الذي كان تقدّم به أول من أمس، والرامي إلى إجراء تعديل دستوري لانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب بهدف حل عقدة الاستحقاق التي تسبب بها فريق 14 آذار بإصراره على تعطيل هذه الانتخابات أو إيصال رئيس ضعيف لا يمثل قاعدته المسيحية.
ولهذه الغاية أكد أمين سر التكتل النائب ابراهيم كنعان في مؤتمر صحافي باسم التكتل «أن الاقتراح ديمقراطي ووطني وليس اقتراحاً سياسياً أو فئوياً وليتحمل المجلس النيابي مسؤولياته». ورأى «أن الحل الدائم هو انتخاب رئيس من الشعب وعلى مرحلتين»، لافتاً إلى أن «انتخاب رئيس من الشعب لا يؤدي إلى تحويل النظام البرلماني إلى نظام رئاسي لأن هذا الأمر يتطلب تعديلات دستورية». مشيراً إلى «أن العلّة بعدم انتخاب الرئيس ليست في تأمين النصاب، بل في الممارسة السياسية المخالفة للدستور».
تريث 8 آذار وهجوم 14 آذار
وفيما تريث حلفاء العماد ميشال عون في 8 آذار في اعلان موقفهم من الاقتراح بانتظار درسه، سارعت قوى 14 آذار إلى الهجوم عليه، واصفة إياه بـ «المدمر» ويمهد لـ«مؤتمر تأسيسي»، مشيرة لـ«البناء» إلى انه مشوب بـ «التناقض» أيضاَ، إذ يدعو إلى انتخاب المجلس النيابي على أساس مشروع اللقاء الارثوذكسي، فيما يدعو الى انتخاب رئيس الجمهورية من المسيحيين والمسلمين. لكنها رأت في الوقت نفسه، أن الاقتراح «قد يكون جيداً لو كان هناك رئيس للجمهورية يدعو إلى حوار لتطوير النظام من خلال استراتيجية إصلاحية، ولكن لا يمكن تعديل الدستور في غياب حامي الدستور». في حين أشارت أوساط مطلعة في هذا الفريق إلى أن بعض قياداته لا يمانع كلياً في هذا التوجه، مشيرة إلى أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع كان أعلن في وقت سابق أنه قد يدرس هذا التوجه. كما أوضحت أن هناك تباينات داخل هذا الفريق في ما يتعلّق ببعض المقاربات من الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً من جانب حزب الكتائب الذي يعتبر أن التوقيت قد تجاوز مرحلة البحث عن بديل لجعجع، إضافة إلى تباينات حول فترة التمديد للمجلس النيابي إذا كان لا بدّ منه.