كييف تحتفي بعيد استقلالها على وقع مجازر الشرق
نشر مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أمس تقريراً خاصاً أكدوا فيه مقتل عدد من المدنيين وإلحاق أضرار في حي كالينينسكي شمال مدينة دونيتسك شرق أوكرانيا، جراء القصف المدفعي الذي طاول الحي أول من أمس
وجاء في التقرير أن «بعثة المتابعة رأت مبنى سكنياً مكوناً من 5 طوابق انتشرت أنقاضه في المنطقة، وإلى جانبه وقف نحو 60 شخصاً معظمهم من المسنين صدمهم هذا الواقع. وشاهدت البعثة قرب الطريق المؤدية إلى المبنى 3 جثث مغطاة بالبطانيات إحداها لطفل.
وقال السكان للمراقبين إن الجثث لوالدين وطفلهما، مضيفين أن طفلاً آخر في الـ 5 من العمر من الأسرة نفسها لقي مصرعه في الطريق إلى المستشفى متأثراً بإصابة في الرأس.
وأضاف المراقبون أن المنزل تضرر جراء القصف بشكل كبير منوهين بتدمير شقة في الطابق الثالث بالكامل.
وكدت البعثة لحاق أضرار كبيرة بمرأب وروضة أطفال قرب المبنى السكني، مشيرة إلى أن «السكان المدنيين قدموا للمراقبين ما يعتبرونه شظايا لقذائف مدفعية».
ويأتي هذا التقرير بعد يوم على تصريحات لفاليري آموس نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أعربت فيها عن أسفها من التسييس المفرط للوضع حول قافلة الإغاثة الروسية إلى مناطق شرق أوكرانيا.
وقالت: «أنا في غاية الأسف كون الوضع حول قافلة المساعدات الإنسانية الروسية قد سيس بشكل كبير. وآمل بألاّ يتكرر ذلك لاحقاً».
وأضافت آموس أن الأمم المتحدة تعترف بصعوبة الوضع الذي يعيشه سكان أوكرانيا، مشددة على ضرورة ألا تتعرض المسائل الإنسانية للتسييس. وأوضحت: «أعتقد أن هناك قضايا سياسية بين أوكرانيا وروسيا يجب الاهتمام بها. أما ما يتعلق بالناحية الإنسانية للمسألة فمن المهم عدم تسييسها»، وأشارت إلى أنه «من المهم في العمل الإنساني أنه مستقل ومحايد ويكمن في مساعدة الناس».
جاء ذلك في وقت أعلنت المستشارة الالمانية آنجيلا ميركل في كييف استعداد البلدان الغربية تقديم قروض بملايين كثيرة إلى أوكرانيا، مؤكدة أن لا حديث حول عقوبات جديدة ضد روسيا.
من جهة أخرى، أشار الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ميركل إلى أن الجانبين ناقشا «إمكان العملية السلمية، وإمكان إعادة بناء البنية التحتية في دونيتسك ولوغانسك».
وأفاد بوروشينكو بأنه سيُعلن في مؤتمر الدول المانحة في شهر أيلول المقبل تأسيس صندوق تمويل خاص لأوكرانيا بمبلغ 500 مليون يورو، للنهوض باقتصاد الأقاليم الشرقية في البلاد ولتقديم المعونات لسكانها، وأطلق بوروشينكو على ذلك اسم «خطة ميركل» كما وصف المستشارة الألمانية بأنها «أهم محام أوروبي لأوكرانيا».
وأعلنت ميركل عقب لقائها بوروشينكو عن «ضمانة قرض يزيد عن 500 مليون يورو لحاجات الطاقة وإمدادات المياه، وأيضاً 25 مليون يورو لمساعدة النازحين».
ووفقاً لميركل، فإن أوكرانيا بحاجة إلى مساعدة إنسانية وفنية والحديث لا يدور حول فرض عقوبات جديدة ضد روسيا، كما طالبت المستشارة بـ»وقف إطلاق النار من الطرفين»، معربة عن أملها أن يسفر لقاء مينسك المقرر الثلاثاء عن إحلال السلام في أوكرانيا.
إلى ذلك، نفى مجلس الأمن والدفاع الوطني الأوكراني صحة المعلومات التي تحدثت عن محاصرة قوات الدفاع الشعبي نحو سبعة آلاف من الجنود الأوكرانيين شرق البلاد.
وقال المتحدث باسم المركز الإعلامي للمجلس أندريه ليسينكو في مؤتمر صحافي عقده أمس: «لم يحاصر أحد من الجنود الأوكرانيين خلال الأيام الثلاثة الأخيرة. العسكريون الأوكرانيون يحافظون على مواقعهم ويواصلون هجوماً تدريجياً على الأراضي التي لا تزال تحت سيطرة الإرهابيين حتى الآن»، بحسب قوله.
وكانت قيادة أركان جيش «جمهورية دونيتسك الشعبية» قد أفادت في وقت سابق من أمس أن الهجوم المضاد الذي تقوم به منذ يومين أسفر عن مقتل أكثر من 150 جندياً أوكرانياً وتدمير 4 منظومات «سميرتش» و12 منظومة «غراد» و17 دبابة.
وأكدت الهيئة سيطرة قوات الدفاع الشعبي على التجمعات السكنية في نوفودفورنويه وأوسيكوفو وكلينوفكا وسترويتيل ولينينسكويه ونوفوكاتيرينوفكا، مضيفة أنها قامت بمحاصرة عدد كبير من الجنود الأوكرانيين في منطقة التجمعات السكنية في هذه المناطق.
وأضافت أن «قواتنا تحاصر حالياً نحو 5 آلاف شخص و50 دبابة وأكثر من 200 مدرعة ونحو 50 منظومة صاروخية من طراز «غراد» و»أوراغان» وأكثر من 100 هاون تابعة للجيش الأوكراني».
وأعلن المصدر أن قوات الدفاع الشعبي تحاصر في منطقة بلدة أوليونوفسكويه حوالى ألفي جندي من كتيبتي «آزوف» و»دنيبر» المسلحة بنحو 30 دبابة وأكثر من 80 مدرعة وأكثر من 60 هاون.
جاء ذلك بالتزامن مع احتفالات شهدتها العاصمة كييف تخللها عرض عسكري لمناسبة الذكرى السنوية الـ23 لاستقلال البلاد.
وقال الرئيس بوروشينكو في خطاب ألقاه لمناسبة العيد إن إحلال السلام في منطقة إجراء العملية العسكرية في شرق أوكرانيا لن يتحقق على حساب سيادة ووحدة الأراضي الأوكرانية، مضيفاً أن «الخطوات نحو السلام لا يمكن أن تكون أحادية الجانب. ولا يجب اتخاذها على حساب سيادة ووحدة أراضي واستقلال أوكرانيا».
وتابع بوروشينكو أن الدبلوماسيين الأوكرانيين يعملون ما بوسعهم لإيجاد أسلوب سياسي لتسوية الأوضاع في شرق البلاد، مشيراً إلى أن النزاع تجاوز أطر العلاقات الثنائية ويعرض للخطر الأمن الأوروبي والعالمي».
وفي السياق، هنأ بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل الرئيس الأوكراني بعيد الاستقلال داعياً إياه إلى «عمل ما بوسعه لوقف سفك الدماء» في البلاد بأسرع وقت ممكن.
وجاء في رسالة التهنئة التي صدرت عن البطريرك ونشرت على موقعه الإلكتروني أمس: «أدعوكم من جديد لما فيه مصلحة سكان أوكرانيا كلها إلى عمل ما بوسعكم لوقف سفك الدماء بأسرع ما يمكن. أعتقد أن البلاد تحتاج اليوم إلى السلام والوفاق المدني والتوحد حول القيم المسيحية والحوار الوطني الشامل الذي سيسمح لذوي الآراء المختلفة والمنقسمين حالياً بالمشاركة بالفعل في تحديد مصير وطنهم». وأضاف أن «الشعب الأوكراني يعيش اليوم على الأرجح إحدى أصعب المراحل في تاريخه».