امتداد الحرب: هل هي حرب السلام؟
روزانا رمّال
تعثر المفاوضات والوساطات المصرية وغيرها من الاتصالات التي سعت وتسعى للتوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية و «إسرائيل» وإلى وضع حد للإعتداء «الإسرائيلي» على القطاع بعد أكثر من هدنة إنسانية متتالية كان فيها الأمل والمخرج لبحث سبل الحل وفي انتهائها تحكي وتؤكد أن التوصل إلى حل يرضي طرفي الصراع هو معضلة كبيرة.
الجانبان الفلسطيني و«الإسرائيلي» يجدان في أي وقف لإطلاق النار من دون حفظ أو ضمان «أمنهما» هزيمة للآخر.
الغزيون بعد هذه المواجهة هم شعب لا يملك ما يخسره وهم لن يقبلوا بالتأكيد بحل لا يضمن فك الحصار عن غزة كاملاً بعد كل ما وقع من شهداء وجرحى، وما قدم من دماء وتضحيات مادية ومعنوية وما لحق بالقطاع من دمار وخراب وبعد ما قدمته المقاومة الفلسطينية بشكل خاص من نخبة قادتها شهداء.
«إسرائيل» العالقة بين حاجتها لنهاية سريعة للحرب بعد ما ألحقته من شلل في كيانها اقتصادياً وسياحياً ومعنوياً، وما عكسته على الجبهة الداخلية وعلى المستوطنين من ملل وتعب نفسي وخيبة أمل ستنعكس أولى تداعياتها على نتنياهو وحكومته انتخابياً هي عالقة أيضاً بين استحالة قبولها بفك حصار يجلب لقطاع غزة الراحة وسهولة التحرك ما يعني سهولة وصول السلاح وإعادة ترميم ما تصدع من القدرة العسكرية للمقاومة الفلسطينية. هذا ما لم يكن مقبولاً قبل الحرب فكيف بالحال بعدما رأت «إسرائيل» وأدركت ما تملك المقاومة من مفاجآت وسلاح وعتاد أذهلها؟
«إسرائيل» أيضاً العالقة بين فكي كماشة تخشى أن تطول الحرب على غزة أكثر فتتصاعد معها مخاطر اندلاع مواجهات بين فلسطينيي الـ48 وعرب «إسرائيل» في جوار عربي منهار ومتصدع وثورات وأجواء تشكل أرضية حقيقية لانتفاضة ثالثة على الكيان «الإسرائيلي» نجدة لأهل غزة.
الوساطات فشلت أبرزها وساطات الجارة مصر والتي لا يمكن أن تمر الحلول من دونها لما لها من دور أساس ولما تلعبه الحدود والجغرافيا في علاقتها مع غزة و«إسرائيل» من دور أساس في اقتسام الأمن بالتراضي لمصلحة كل طرف… ومع هذا لم تتوصل حتى الساعة المحادثات إلى نتيجة.
السؤال ما هو الحل وكيف يمكن الخروج من مأزق حرب تعتبر حرب وجود لكلا الطرفين؟
إن استحالة تراجع أي طرف عن مطالبه أو تنزيل سقفها أي استحالة تراجع حماس عن التمسك بحق فك الحصار واستحالة القبول بالهزيمة «إسرائيلياً» تجعل من سيناريو امتداد الحرب إلى الجوار حاجة لكلا الطرفين لأنها الحرب القادرة على أن تجلب قراراً دولياً يضطر كل طرف من أطراف النزاع إلى تطبيقه «معذوراً»
امتداد الحرب يعني إما إلى لبنان أو سورية وإما إلى لبنان وحده أو سورية وحدها وغير بعيد عن هذا الجو تحميل «إسرائيل» الدولة السورية مسؤولية إطلاق 5 صواريخ أو قذائف إلى الجولان سبقها صاروخ أطلق من جنوب لبنان إلى عكا إضافة إلى حدث لافت بتحليق طائرة تجسس «إسرائيلية» فوق منطقة محظورة في منشان نطنز حسب التأكيدات الإيرانية الرسمية… وبين تحميل المسؤوليات وإمكانية أن تكون هذه الصواريخ مدروسة من أي طرف يود توسيع دائرة الحرب فإن سيناريو الحرب الأكبر هو سيناريو شديد الوقوع لأن الوقوع فيها أو خطر الإنزلاق إليها بعد التصعيد الأخير من كلا الطرفين في بنك الأهداف وما يخلقه من تفاعل دولي هو المخرج الوحيد للخروج من عنق الزجاجة وهروب «إسرائيل» من المازق بلجوئها إلى التصعيد وافتعال أزمات دلالة أوضح على تخبطها.
وعليه فإن الوقوع في أي حرب أكبر تجعل من الحرب على غزة تفصيلاً ضمن سلة إقليمية تتضمن حزب الله وسورية والمقاومة الفلسطينية وحلفاءهم مقابل «إسرائيل» وحلفائها ينتهي بوقف إطلاق نار شامل على جميع الجبهات ومن جميع الأطراف يتم على أثرها تدويل خطوط المواجهة بقرار أممي أي «يونيفيل» من دون اللجوء إلى فصل سابع حيث لا يوجد فصل سابع إقليمي.
وعليه قد تصبح الحرب الإقليمية مكسباً وحاجة لحل أزمات وملفات عالقة قد تبدأ بغزة وتنتهي بمزارع شبعا والجولان… الأكيد أن المقاومة جاهزة في لبنان وفلسطين ومعها الجيش السوري الجاهز للتصدي إلى كل ما يمكن أن تتعرض له سورية، خصوصاً أن المعركة مع «إسرائيل» كانت معركة الهروب إلى الأمام التي اتهم خصوم الأسد الأسد فيها في أوائل الأزمة، أما اليوم وبعد ثبات النظام السوري وارتياحه فإن حتمية الانتصار على «إسرائيل» سورياً أصبحت أكثر سهولة… فهل تصبح الحرب الكبرى حرب السلام في الشرق الاوسط؟