داعش تحتضر في سورية…
د. خيام الزعبي
فرض الجيش العربي السوري وحلفاؤه إيقاعهم على الأرض من خلال التقدّم الذي يحرزونه في حلب واللاذقية وريف دمشق لتتأكد نظرية أنّ الجيش السوري هو القوة الوحيدة القادرة على إلحاق الهزيمة بـ»داعش» وتوابعها، خاصة بعد الفخ الذي نُصب لها في حلب مما أجبرها على التسليم للقوات السورية، أما العناصر الأخرى يقاتلون حتى النهاية بتفجير أحزمتهم الناسفة أو ينتحرون خوفاً من الجيش السوري.
بعد أن عزم الجيش السوري على اقتلاع تنظيم داعش من سورية، فقد خاض أسابيع من الاشتباكات العنيفة التي خسر فيها داعش عدداً كبيراً من أشرس مقاتليه، واستقدم أفضل ما عنده من آليات ومدرّعات لوقف تقدّم الجيش السوري، إلا أنّ الجيش منعه من تحقيق حلمه وقلب الطاولة عليه من خلال نقله من حالة الهجوم إلى حالة الدفاع، وأصبح يدافع عن مربعه الأخير في مدينة حلب، حيث استعاد الجيش السوري السيطرة على طريق الكاستيلو الإستراتيجي الذي يتصل بريف حلب وصولاً الى الحدود التركية، ويعتبر آخر طرق إمداد المسلحين في مناطق سيطرتهم على الأحياء الشرقية في المدينة، وسبق هذا الإنجاز النوعي سيطرة الجيش على مخيم حندرات ومنطقتي الملاح والبريج شمال غرب حلب، وعليه فإنّ السيطرة على الكاستيلو تتيح للجيش الالتفاف على مناطق سيطرة المسلحين في أحياء بني زيد والليرمون، ما يتيح له التقدّم أيضاً للسيطرة على الشقيف والمنطقة الصناعية شمال حي الشيخ مقصود، وفي هذا الإطار أصبح الطوق كاملاً حول حلب وأصبح المسلحون بين فكي كماشة لتكون بذلك أجزاء واسعة من حلب بقبضته مجبراً عناصر التنظيم على التراجع أو الفرار.
والى اللاذقية شمال غرب سورية، تمكن الجيش من استعادة بلدة كنسبّا الاستراتيجية كما استطاع تحرير شير القبوع والحمرات، وفي الغوطة الغربية لدمشق، أحرز الجيش تقدّماً من الجهة الجنوبية لمدينة داريا، وكمحاولة فاشلة ويائسة لتخفيف الضغط عن المسلحين في داريا قام الإرهابيون جنوب سورية بمهاجمة مواقع الجيش في أرياف درعا والقنيطرة والسويداء إلا أنّ الجيش استطاع طردهم ودحرهم
وإزاء هذه النكسات في صفوف الإرهابيين والتخبّط الذي تعيشه تلك الجماعات وداعميها من دول في الاقليم، أصبحت داعش على وشك الانهيار، وأصبح حلم أعداء سورية في كلّ مكان يتهاوى ويسقط في وحل الهزيمة والإنكسار في سورية، وبذلك انكمشت داعش وبدأت تفقد مواقعها بشكل كبير جداً، وانفرط عقد هذه التنظيمات والمجموعات المسلحة، وفقدت الكثير من أسلحتها وذخائرها، وتقدّم مقاتلو الجيش السوري ليحتلوا مواقع داعش وينظموا مراكزهم بثقة عالية ومعنويات كبيرة.
في سياق متصل إنّ الإحتضار الذي يحصل لداعش في المواقع القتالية، له شواهد كثيرة، أهمّها، أنّ أغلبية الإرهابيين لاذوا بالفرار وهناك من سلّم نفسه للجيش السوري وخاصة في حلب المحاصرة حصاراً شديداً من أربعة محاور، مما جعل الخناق يضيق تماماً على رقبة داعش، كما أنّ الضربات التي يتلقاها التنظيم في جبهات سورية، قد أصابت معنويات عناصره بالإحباط الشديد، مما يجعلنا نؤكد انّ داعش فقدت بريقها ولم تعد لها ايّ قدرات قتالية وهي تنهار في جبهات القتال كافة.
وفي سياق آخر فقد اعتبر مركز «ستراتفور» الأميركي للدراسات الاستراتيجية والأمنية أنّ داعش يعاني من أزمة تهدّد وجوده، وذلك بعد سلسلة الهزائم التي مني بها التنظيم المتشدّد في مناطق نفوذه، ونشر هذا المركز خريطة تبيّن الأراضي التي خسرها التنظيم الإرهابي في سورية، وأكد أحد الخبراء العسكريين أنّ «سياسة التخبّط والعشوائية في اتخاذ القرارات بشارة بنهاية داعش في الأجل القريب، رغم قيام الداعمين لتلك المجاميع بمساندتها بالعدّة والعدد، إلا إنها لن تدوم طويلا»، ويرى الخبراء أنّ مجاميع داعش تحتضر حالياً، وانّ الدعم المالي والاستخباراتي من قبل داعميها لن يفيدهم، وما هي إلا سياسية الرمق الأخير الذي لن تستطيع داعش ان تتنفس الصعداء من خلاله لوعي السوريين الذين أفشلوا المخططات الإستعمارية.
مجملاً… إنّ داعش لم تحتمل الضربات التي وجهها لها الجيش السوري في الأيام الأخيرة ولكنها كابرت وحاولت تخفيف وقع هزيمتها من خلال استهدافها للمدنيين الأبرياء وقتل أكبرعدد ممكن لإجبار الجيش على الرضوخ لشروطها، لكن سياسة داعش تبدو فاشلة ويائسة ولم تعد المسالك القديمة تساعدها وأخذت تفقد مواقعها بالتدريج في المواجهات مع الجيش السوري، فسورية انتصرت وهذا الانتصار يبرهن على أنّ اللغة الوحيدة التي تفهمها داعش وأعوانها وتحفظ للشعب السوري كرامته ودماءه هي لغة القوة، وباختصار شديد يمكن القول إنّ داعش ستزول من سورية لكونها آداة مأجوره للضغط والترهيب لتحقيق مكاسب سياسية إنتهى مفعولها بعد تثبيت أساس وحدة سورية عن طريق الحوارات واللقاءات الوطنية بين أبناء شعبها، كما أثبت لجيش السوري للعالم أجمع بأنه الأقدرعلى لجمها ومن يلتفّ معها خلف الكواليس.
Khaym1979 yahoo.com