السعودية بعد قطر
بعد طول دعم، كمّاً ونوعاً وتسهيلات، وضغط على الحلفاء والأصدقاء والأدوات ضمن سياق المشروع الأميركي التدميري للمنطقة العربية خصوصاً، والعالم الإسلامي بشكل عام، ضرب نوع من صحوة ما قبل الموت الإدارة الاميركية، بأنّ تنظيم «داعش» سرطانٌ إذا لم يُستأصل سوف يتفشّى، وطبعاً لن ينجو منه «العالم الحر»، الواهم بأنه كان أو سيكون بمنأى عن «الجراثيم» المصنّعة في فبارك الأجهزة الاستخبارية الأميركية، والتي كانت لأشهر خلت تعتبر مشغولاتها أبطالاً للحرية والديمقراطية في مواجهة نظم «الاستبداد».
أما فرنسا التي تحوّلت إداراتها موئلاً للحركة الصهيونية، وللدفاع عن العدوان على غزة والشعب الفلسطيني ومواجهة كلّ التوّاقين الى ترميم بلادهم من موروثات استعمارها، وتعقيمها من جراثيم تركاتها، فها هي تستصرخ وتنادي اليوم بمؤتمر دولي لمكافحة «داعش» تشارك فيه دول المنطقة، ولا سيما ايران وكذلك الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، انطلاقاً من فهم جديد جوهره انّ الإرهاب بدأ يطرق أبواب القارة الشقراء المهجنة من كلّ الانواع.
اما الشقيقة الأوروبية الأقوى اقتصادياً، المانيا، فأخذت على نفسها ان تتلو على العالم مضبطة اتهام بحق مشيخة قطر باعتبارها المموّل لـ»داعش»، وكأنّ الهدف هو تبرئة كلّ الذين تورّطوا بأنهار الدم في المنطقة من دول الخليج الى أوروبا الكسيحة الى الولايات المتحدة المتجبّرة والخبيثة بإنتاج السرطانات من كلّ الأنواع، وتقديم المشيخة الغنية «قطر» وليس كبش فداء، بعد ان انبت المشروع الغربي تلك المخالب السامة لقطر.
لم يحدثنا احد من الدول «المولولة» من «داعش» اليوم عن تركيا ودعمها لـ»داعش» وتقديم الخدمات في سبيل تمويل التنظيم الأكثر إرهابية في العالم، ولم يحدثنا المستفيقون على تشخيص الإرهاب بنسخته الجديدة عن الدور «الإسرائيلي» في تدريب ورعاية وتسهيل انتقال الإرهابيين، ومداواة جرحاهم في مستشفيات الكيان الغاصب.
يبدو انّ الورقة القطرية استنفذت أغراضها، بعد ان كانت الورقة الأعتى في حروب إشعال المنطقة تمهيداً للورقة الثانية التي يحاول القيّمون عليها أن ينجو بما هم عليه الآن، والمقصود دويلات آل سعود، فيما الغرب يغري اولئك المستبدّين بالبشر والثروات في نجد والحجاز، بأنّ خلاصهم من إخوان قطر سيكون على يد «المنقذ» الهوليودي وما عليكم إلا التمويل، بينما يجري تحضير المقصلة لرقاب يشهد العالم على اقتراب موسم قطافها.
قبل أشهر قال السيد حسن نصرالله في خطاب محوري أنّ الغرب سوف يضطر الى طلب مساعدة إيران ومحور المقاومة للخلاص من الإرهاب، وما قاله لم يكن كلاماً لشحذ الهمم، وانما قراءة لواقع ليس بمقدور ايّ قائد او زعيم ان يكون بتلك الدقة.
التحليل السياسي للتجمّع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة