التعريف بابراهيم البدوي
يكتبها الياس عشّي
يبدو أنّ «الزعماء» العرب الذين اجتمعوا في موريتانيا بحاجة إلى دروس في التاريخ وفي الدين لكي يفهموا المسألة الفلسطينية على حقيقتها، ولم أرَ أفضل من الكاهن الماروني ابن قضاء البترون الأب ميشال الحايك الذي كان صوته عالياً، وجريئاً، في الخطب التي كان يلقيها من على منبر كنيسة القديس جرجس في بيروت أيام الجمع العظيمة في نهاية الستينات من القرن الماضي.
وفي ما يلي نموذج مما قاله هذا الكاهن 1969 :
«عاش ابراهيم البدوي ضيفاً في أرض كنعان، نزيلاً في أهلها، غريباً على ذات الأرض التي وعده الله بامتلاكها. ثم كان، كدت أقول، أوّلُ فعل رشوة في هذه الأرض استمرّت عواقبها حتى يومنا القائم. كان ذاك يوم اشترى ابراهيم من أفرون الحثّي حقل «المكفيلة» تجاه بلّوطات «ممرا» وهي «حربون» من أرض كنعان. عبثاً أراد «أفرون» أن يهب الحقل عطيّةً ليدفن فيه ابراهيم ميّتَه «سارة» ، فلم يقبل الشيخ أبو الإباء، إلا ودفع الثمن «أربع مئة مثقال فضة مما هو رائج بين التجار» على ما جاء نصّه في الكتاب سفر التكوين الفصل 23 عدد 17 .
وكانت تلك أول صفقة شراء في فلسطين، تمّت على حساب الفلسطينيين من كنعان، وكم أعاد التاريخ نفسه من بعد ذلك، والناس شاهدون».
رحل الأب ميشال حايك، وسيبقى صوته عالياً طالما أنّ ثمّة يهوذا آخر ينتظر في غرفة سرية ليقبض ثلاثين من الفضة، ويسلّم فلسطين.