الحبيب الصيد يبحث عن ثقة البرلمان

جدد رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد رفضه الاستقالة من منصبه، استجابة لمبادرة تقدم بها رئيس الدولة باجي قايد السبسي لتشكيل حكومة جديدة.

وقال الصيد إنه لن يرضخ للضغوط، التي يتعرض لها من قبل بعض الأطراف السياسية في الائتلاف الحاكم، حرصاً منه على احترام القانون الذي جاء بموجبه إلى رئاسة الحكومة.

وأمام تصعيد بعض الأطراف السياسية اتجاه رئيس الحكومة لدفعه نحو الاستقالة، واعتبار حكومته مجرد حكومة تصريف أعمال بانتظار تسمية خليفة له قرر الحبيب الصيد التوجه إلى البرلمان للتصويت على منحه الثقة لمواصلة عمله وهو إجراء ينص عليه الدستور التونسي.

ومن شأن إصرار رئيس الحكومة على عدم الاستقالة استجابة لمبادرة رئيس الدولة التي تقضي باستبداله، إعاقة المبادرة الرئاسية. وقد يضع البلاد أمام مأزق سياسي جديد، وخاصة في ظل إلحاح بعض الأحزاب المكونة لحكومة الصيد على ضرورة تقديم استقالته.

وقد أبدى رئيس الحكومة الحبيب الصيد امتعاضه الشديد من الطريقة، التي أعلن بها الرئيس قرار تغييره حيث لم يتم إبلاغه بالقرار بشكل مباشر، بل «علم بالأمر من مصادره الخاصة» وهو ما «كسر التناغم» الذي كان بين الرجلين، حسب تعبير الصيد، الذي يريد البقاء في منصبه حتى نهائية مأموريته النيابية.

والسبب الآخر لرفض الصيد الاستقالة هو توقيت المبادرة، التي «جاءت في وقت حساس من الناحيتين الأمنية والاجتماعية» حيث بدأت «مؤشرات إيجابية تظهر فيما يتعلق بإحراز تقدم في تجاوز الأزمة الاقتصادية»، وفقاً للحبيب الصيد.

وفي ظل تمسك كل منهما بموقفه، سيتوجه الطرفان إلى قبة البرلمان لحسم الأمر. وهو إجراء اتفق عليه رئيس الدولة ورئيس الحكومة خلال لقاء جمعهما الأسبوع الماضي. كما أنّ هذا الإجراء منصوص عليه في الفصل 98 من الدستور التونسي.

وسيطلب الحبيب الصيد من البرلمان عقد جلسة للتصويت على منح الثقة لحكومته. وهو ما لم يقم به حتى الآن. وفي حال تصويت البرلمان لمصلحة بقاء الحكومة، فإنّ ذلك سيزيد تعقيد الوضع حيث لم تعد أحزاب الائتلاف الحاكم ترغب في بقائه، وتتهمه بأنه فشل في إدارة البلاد، وتصر على ذهابه.

وتبدو الخيارات القانونية محدودة أمام رئيس الدولة. فهناك إجراء قانوني آخر لعزل رئيس الحكومة وهو تقديم لائحة لوم ضد الحكومة. لكن حالة الطوارئ، التي تم تمديدها اعتباراً من 21 تموز الجاري، تمنع ذلك بمقتضى الفصل 80 من الدستور التونسي، وخاصة أنّ رئيس الحكومة رفض تقديم استقالته.

ويمنح الدستور التونسي رئيس الدولة الحق في دعوة البرلمان إلى التصويت من أجل حجب الثقة عن الحكومة مرتين فقط طيلة مأموريته وفي حال تصويت النواب لحجب الثقة، تعدُّ الحكومة مستقيلة. أما في حال تصويت البرلمان مرتين لمنح الثقة للحكومة في المرتين، فيعدُّ رئيس الدولة مستقيلاً.

وبعد إقرار وثيقة المرحلة المقبلة التي قدمها الرئيس إلى الأحزاب السياسية والنقابات العمالية، دخلت تونس في المرحلة الثانية من المبادرة، التي تقدم بها السبسي. وهي مرحلة اختيار شخصية جديدة لقيادة الحكومة المقبلة، التي يراد منها أن تخرج البلاد من أزمتها الاقتصادية.

وما يعرقل هذه المرحلة إلى حد الآن، هو امتناع رئيس الحكومة الحالي عن تقديم الاستقالة. لكن ذلك لا يمنع من القول إن نهاية حكومة الصيد باتت قريبة، خاصة بعد أن التحق «حزب النهضة» بالأحزاب، التي رفعت الغطاء السياسي عن الحكومة وهو الحزب الذي توقع مراقبون أن يتمسك بالصيد بعد أن رفض الإفصاح عن موقفه منه حتى اللحظة الأخيرة.

ويُدرك الحبيب الصيد جيداً أن اللجوء إلى البرلمان لن يكون في مصلحته. بيد أنه يريد إحراج أحزاب الائتلاف، وإيقاعها في فخ التناقض عندما ستجد نفسها مضطرة إلى التصويت لحجب الثقة عن رئيس الحكومة، الذي جاءت به وكانت تدافع عنه. كما أنه يرفض فكرة إقالته من قبل رئاسة الجمهورية تحت ضغوط سياسية من «حزب نداء تونس».

ويريد الصيد كذلك بهذه الخطوة تمرير رسائل إلى التونسيين، أهمها: تحسين صورته وحكومته أمام الشعب والدفاع عما يصفه بمنجزات يقول إن حكومته حققتها من جهة ومن جهة أخرى تحميل مسؤولية الأزمة جهات تتدخل لعرقلة سير شؤون البلاد، وكانت تمنع حكومته من إنجاز مهماتها.

ومهما يكن من أمر فإن تونس ليست بحاجة إلى المزيد من الأزمات، وهي التي تمر بمرحلة حساسة، تواجه خلالها تحديات أمنية واقتصادية كبرى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى