قراءة في نتائج الاجتماع الخماسي في جدة حول سورية
حميدي العبدالله
المعلومات التي نشرتها وكالة الأنباء السعودية عن نتائج الاجتماع الخماسي الذي ضمّ وزراء خارجية مصر والمملكة العربية السعودية وقطر والأردن والإمارات العربية، معطوفة على بيان الخارجية المصرية الذي سبق عقد الاجتماع، يلقي الضوء على الأهداف الحقيقية لهذا الاجتماع والأسباب التي دعت إلى عقده، والمنعطف الذي قد تمثله في مقاربة الحكومات الغربية ودول المنطقة التي انخرطت في الحرب على سورية.
المعلومات تؤكد أنّ المجتمعين اتفقوا على «التنسيق الكامل بين الأجهزة الأمنية الداخلية لمواجهة نمو تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية»، وبحثوا في «الحلول الكفيلة لمواجهة التطرف في المنطقة، وإيقاف العنف الذي يجري في عدد من الدول العربية».
وأشارت وكالة الأنباء السعودية إلى أنّ الاجتماع الوزاري للدول الخمس بحث في «مستجدات الأوضاع في سورية، وتطوّرات الأزمة على الساحتين الإقليمية والدولية»، مضيفة أنّ الاجتماع «اتسم بالتطابق في وجهات النظر حول القضايا المطروحة، وضرورة العمل الجادّ على التعامل مع هذه الأزمات والتحديات على نحو يحفظ للدول العربية أمنها واستقرارها».
بديهي القول إنّ هذا هو أول اجتماع يترأسه وزير خارجية المملكة العربية السعودية سعود الفيصل منذ اندلاع الأزمة في سورية لا يتضمّن، لا في بيانه الختامي ولا في التصريحات على هامشه، دعوة لتسليح المعارضة والعمل على إسقاط النظام في سورية.
وبديهي أيضاً الاستنتاج بأنّ هذا الاجتماع ليس مكرّساً من أجل «التنسيق الكامل بين الأجهزة الأمنية الداخلية لمواجهة تهديدات الدولة الإسلامية في العراق وسورية»، وإلا كان من المفروض أن يضمّ الاجتماع وزراء الداخلية وليس وزراء الخارجية في الدول الخمس. إنّ هذا الاجتماع مكرّس لاتخاذ قرار سياسي بمحاربة هذا التنظيم التكفيري بعد أن تعاظم خطره، ويمكن القول بصراحة إنّ نتائج اجتماع جدة الخماسي هو ثمرة لمناخ عام عبّرت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» في مقال نشرته بتاريخ 20-8-2014 جاء فيه حرفياً: «يتوجب على جميع البلدان ذات الأغلبية المسلمة أن تدرك خطر تنظيم داعش، التابع سابقاً لتنظيم القاعدة، باعتباره يشكل تهديداً لمواطنيها، ويجب عليها القيام بعمل ما إزاء ذلك، ولكنها غارقة في المنافسات التافهة الخاصة والمناقشات الدينية بين الشيعة والسنة، بالإضافة إلى العديد من العلاقات الدنيئة الخاصة بهم والتي تربطهم مع المتطرّفين، على سبيل المثال، يحصل تنظيم داعش على تمويل المانحين في الكويت وقطر، ومن أماكن أخرى، وبدورها قامت السعودية بإرسال أسلحة إلى المتمرّدين السوريين، ولا يهمّهم إنْ وصلت تلك الأسلحة إلى داعش أو لا، وكذلك سمحت تركيا للأسلحة ولمقاتلي داعش بالتدفق عبر الحدود التي يسهل اختراقها».
هذا المناخ السائد في واشنطن وفي دول غربية أخرى، هو الذي حمل حكومات عربية تتصارع بقوة في ما بينها على تناسي خلافاتها وعقد مثل هذا الاجتماع الذي يمثل منعطفاً في التعامل مع الفوضى التي سادت المنطقة ابتداءً من عام 2011 وحتى الآن، ولا سيما في سورية، وبالتالي فإنّ وضع المنطقة وأزماتها بعد هذا الاجتماع سيكون غير ما كان عليه قبله.