النصرة المعدّلة تقود المعارضة في جبهات حلب… ونائب دي ميستورا في دمشق بري والحريري لإبقاء الأمل في اجتماعات الحوار… وحردان لا للقوانين المركّبة

كتب المحرّر السياسي

حسمت الجماعات المعارضة التي تحمل السلاح وتشترك في العملية السياسية في جنيف، وتموضعت خلف جبهة النصرة التي تعدّل اسمها بترخيص وإجازة من زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وصار جبهة فتح الشام. فقد حملت أنباء جبهات حلب وريفها ما يشير إلى تسلم جبهة النصرة قيادة الجماعات المسلحة، وتولي الإمرة على جميع المحاور، بعد سقوط حي بني زيد بيد الجيش السوري وحلفائه، وخضوع المسلحين في الأحياء الشرقية للمدينة في قلب قبضة الحصار الذي يفتح لهم باب التسويات القائمة على الخروج من لعبة الحرب، أو مواجهة الموت الآتي حكماً.

أعلن قادة جبهة النصرة أنهم بدأوا هجوماً معاكساً لاستعادة المواقع التي تقدّم فيها الجيش السوري والحلفاء، فاشتعلت كلّ محاور حلب، وانطلق القصف العشوائي على الأحياء السكنية التي يسيطر عليها الجيش السوري، ليسقط في حي الحمدانية وحده أحد عشر شهيداً من المدنيين قبيل منتصف ليل أمس، وأشاعت مواقع النصرة والجماعات المسلحة أنباء عن تحقيق مجموعة من عمليات التقدّم التي ثبت أنها مجرد جزء من الحرب النفسية، بعدما أكدت لـ «البناء» مصادر عسكرية متابعة للوضع في حلب أنّ خطوط السيطرة على حالها، وأنّ التسلل الذي تمكنت جبهة النصرة من القيام به نحو مدرسة الحكمة تجري معالجته بعد مقتل عشرات المسلحين وتدمير الآليات التي رافقتهم، وتفجير ناقلة جند يقودها انتحاري كانت ترافقهم للتقدّم نحو مواقع عسكرية، وأنّ الأمر يُعتبر بحكم المنتهي، أما باقي المحاور وخصوصاً في بني زيد والكاستيلو والليرمون فهي على حالها، تحت السيطرة المحكمة للجيش السوري وحلفائه. بينما تقدّمت مجموعات من الجيش والحلفاء على محاور موقعي كنسبّا وخلصة في ريف اللاذقية الشمالي وريف حلب الجنوبي التي استغلت جماعات جبهة النصرة فرصة الهدنة وتقدّمت إليها، وتدور معارك عنيفة في الموقعين.

على إيقاع تحوّلات حلب وصل رمزي رمزي نائب المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى دمشق، وبدأ سلسلة من اللقاءات التحضيرية للدعوة إلى جولة محادثات في جنيف نهاية الشهر الحالي، ناقلاً موافقة الحكومة السورية بعد لقاءاته، بينما قالت مصادر متابعة إنّ رمزي تبلّغ من المسؤولين السوريين استعدادهم لمناقشة أيّ أوراق يضعها المبعوث الأممي على طاولة المحادثات، وإنهم مستعدون لمناقشة أيّ مقترحات إيجابية تهدف للفصل بين طرق حماية وإغاثة المدنيين وتأمين الإمداد للجماعات المسلحة، كما سبق وتضمّنت الكثير من المقترحات التي حملها موفدو منظمات أممية يفترض أنّ اهتمامها ينحصر بالشأن الإنساني.

بالتزامن مع المشهد السوري العسكري المتصاعد في سورية لصالح الدولة وحلفائها، وارتباك المبعوث الأممي دي ميستورا العاجز عن حماية الجماعات المسلحة التي دأب على تأمين المبادرات لإنقاذها من كلّ مأزق تواجهه، تراجعت حكومة منصور هادي في اليمن عن قرار الانسحاب من المحادثات اليمنية في الكويت، وقبلت التمديد لأسبوع إضافي يفترض أن يكون حاسماً تفاوضياً، قدّم المبعوث الأممي إسماعيل شيخ أحمد ورقة للمناقشة خلاله، بينما سجلت القوى الوطنية اليمنية ملاحظاتها على تحيّز ورقة المبعوث الأممي لحساب السعودية، وردّت على التصعيد العسكري السعودي بقصف مستودعات شركة «آرامكو» النفطية في مدينة نجران السعودية، بعدما نجحت باستهداف مراكز عسكرية حدودية سقط فيها ضباط وجنود سعوديون قتلى وجرحى، ليترسّم مطلع أسبوع سيكون حاراً سياسياً وعسكرياً بين اليمن والسعودية.

لبنانياً استعداد لملاقاة اجتماع هيئة الحوار الوطني غداً، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وسط تشاؤم من إحراز تقدّم عبر جلسات الحوار، الرئيس سعد الحريري، في محاولة لعدم نعي الحوار وإعلان الفشل، وإبقاء بصيص أمل يمثله التلاقي عبر هيئة الحوار، والحاجة لهذا الغرض للبحث الجدي عن إمكانية إحداث اختراق سياسي، إنْ لم يكن في الملفين الصعبين، الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخابات النيابية، فليكن في إنعاش العمل الحكومي ومنحه شحنة دفع تتمثل بالتفاهم على إقرار الموازنة بينما دعا رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان إلى بذل الجهود للخروج باختراق جدي من اجتماعات الحوار، خصوصاً على جبهة قانون الانتخابات النيابية، محذراً من القوانين المركبة، التي تجهض فرص التغيير وتزوّر صحة التمثيل، داعياً إلى امتلاك شجاعة الذهاب إلى النسبية والداوئر الواسعة لتوفير فرص جدية لنقل لبنان خطوة إلى الأمام في تحديث نظامه السياسي.

الحريري زار بري عشية الحوار

عشية انعقاد خلوة آب الحوارية التي تستمر ثلاثة أيام وستطغى على الحركة السياسية الداخلية، وبعد زيارة رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية لعين التينة، زار الرئيس سعد الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري رئيس المجلس النيابي نبيه بري مساء أمس، بحضور وزير المالية علي حسن خليل، واستبقاهم بري إلى مائدة العشاء.

ودار الحديث حول التطورات الراهنة في لبنان والمنطقة، والأجواء المتصلة بخلوة الحوار الوطني.

مصادر مستقبلية لـ «البناء»: الوضع على حاله

وقالت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» إن «لا جديد على صعيد الملفات الخلافية والوضع لا يزال على حاله، ونفت المصادر علمها بما يتم تداوله من معلومات عن انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية الشهر الحالي، مؤكدة أنه لم يطرح على تيار المستقبل ولا على الرئيس الحريري شيء من هذا القبيل».

وحول مدى رهان المستقبل على طاولة آب الحوارية، لفتت المصادر إلى أن المستقبل منفتح إلى أقصى الحدود على الحوار، لكن على الآخرين أن يتجاوبوا مع الحلول ويسهلوا الاتفاق على انتخاب رئيس»، مشدّدة على أن «خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخير التصعيدي في وجه السعودية أثر سلباً على الملف الرئاسي وعلى غيره من الملفات». ونفت المصادر حضور الحريري جلسات الحوار مؤكدة أن الرئيس فؤاد السنيورة هو مَن سيمثل المستقبل على الطاولة، مشيرة الى أن اللقاءات المستمرة بين بري والحريري إيجابية وضرورية».

بري: الباب مازال مغلقاً

ونقل زوار رئيس المجلس نبيه بري عنه لـ «البناء» أن «باب الحلول لا يزال مغلقاً لا سيما في الملف الرئاسي ويحاول بري قبل انعقاد الطاولة إجراء اتصالات مكثفة مع الأطراف كافة لمحاولة تقريب وجهات النظر وإحداث خرق ما للخروج بحل في الحوار».

وأبدى بري استغرابه حيال ما يُشاع عن تراجع الوزير فرنجية عن ترشحه أو الطلب منه سحب ترشيحه، مؤكداً أن «هذا الأمر ليس صحيحاً»، وكما نقل عنه تأكيده أن لا جديد في الموضوع الرئاسي لا على صعيد المعطيات الداخلية ولا الخارجية».

حردان: نرفض القوانين الانتخابية المُركَّبة

واعتبر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أنّ العراقيل التي تُوضع أمام إقرار قانون جديد للانتخابات يقوم على الدائرة الواسعة والنسبية، تمنع الارتقاء بالحياة السياسية والديمقراطية في لبنان، وتُكرِّس وضعية العطالة السياسية، لافتاً إلى أنّ الذين يعرقلون الوصول إلى قانون انتخابي يحقق صحة التمثيل، هم أنفسهم يتحملون مسؤولية الفراغ في رئاسة الجمهورية وفي المؤسسات، وهم من يدفع باتجاه تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية.

وخلال استقباله وفداً كبيراً من فاعليات ومشايخ بلدة شارون ـ الجبل، حذّر حردان من محاولات تقويض الديمقراطية، بالشعارات الفضفاضة والخطب الرنانة والهواجس المفتعلة، مشدِّداً على أنّ الالتزام بقواعد الديمقراطية وثقافتها، يُحتِّم السير في اتجاه تعزيز الديمقراطية من خلال تحقيق صحة التمثيل، عبر قانون عصري للانتخابات.

وأكد حردان أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي يرفض القوانين الانتخابية المُركَّبة والمختلطة لأنها تقوم على فلسفة إقصائية وإلغائية، وتتعارض مع مبادئ الديمقراطية الصحيحة وتتعارض ايضاً مع مبادئ الحرية وحقوق الإنسان التي تكفل حقوقاً متساوية للأفراد.

وتساءل: كيف يمكن التصدّي للتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه لبنان وتثقل كاهل اللبنانيين، وكيف يمكن تحصين لبنان في مواجهة الاحتلال «الإسرائيلي» ومواجهة الإرهاب، وبعض القوى السياسية غير جادة في الوصول إلى تفاهمات وتوافقات على تحقيق الأولويات الوطنية، وفي مقدمها قانون الانتخابات وانتخاب رئيس للجمهورية؟

غربلة ديمقراطية داخل «التيار»

وأنجز التيار الوطني الحر أمس، الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشحين المحتملين الى الانتخابات النيابية المقبلة في بيروت وجبل لبنان والشمال وعكار والبقاع وبعلبك – الهرمل والجنوب. وقد بلغت نسبة الاقتراع الإجمالية، بحسب بيان التيار 70.65 في كل المناطق.

وقالت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ «البناء» إن «ما حصل اليوم أمس هو عملية غربلة ديمقراطية داخل التيار للمرشحين للانتخابات النيابية»، معتبرة أن «عملية تأهيل مرشحي التيار للانتخابات المقبلة قد انطلقت بمرحلتها الأولى ومنهم سيتم اختيار المرشحين الفعليين».

وأوضحت المصادر أن «هذه العملية تتألف من 3 مراحل: الأولى أنجزت اليوم أمس وهي استطلاع القاعدة الناخبة داخل التيار، الثانية استطلاع الرأي العام على مستوى القضاء الدائرة الانتخابية للمرشح وتقسم الى جزءين: الاول استطلاع للرأي سيجرى في تشرين الثاني المقبل والثاني استطلاع في كانون الاول المقبل. أما المرحلة الثالثة فهي التصفية النهائية للمرشحين الذين سيخوضون الانتخابات النيابية المقبلة».

وشددت المصادر على أن «التيار ماضٍ في الخيار الديمقراطي والتخلص من المرحلة الاستنسابية التي استمرت مدة طويلة في عدد من الداوئر والانتقال الى المأسسة، حيث يعمل بعض النواب على نسج شبكة علاقات ومصالح خاصة وليس العمل لمصلحة التيار الذين ينتمون اليه ولا للمصلحة الوطنية». وأكدت أن «التيار سبّاق في الديمقراطية ومن داخل التيار أولاً. وخطوة اليوم تساهم في تماسك التيار وتشد عزيمته على تطهير المنتهزين من داخله وتحصينه في وجه العوامل الخارجية التي تحاول خرقه من الداخل وإسكات صوته».

بروجردي في بيروت

وعلى وقع التطورات في المنطقة وخصوصاً الميدانية على جبهة حلب، يزور رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علاء الدين بروجردي لبنان مطلع الأسبوع المقبل.

ملف العسكريين إلى الواجهة

على صعيد آخر، يعود ملف العسكريين المخطوفين التسعة لدى تنظيم «داعش» الى الواجهة بعد مرور عامين على اختطافهم، حيث نفذ أهالي العسكريين أمس، اعتصاماً في ساحة رياض الصلح احتجاجاً على عدم «تحريك الملف»، الذي بحسب تعبيرهم «أصبح منسياً من قبل المعنيين». وسأل نظام مغيط شقيق المخطوف ابراهيم باسم الأهالي: «أين خلية الأزمة يا دولة الرئيس سلام؟، ولماذا لم تعد تجتمع؟»، ملوحاً بالتصعيد، قائلاً «إذا اضطررنا فسنعود الى قطع الطرقات، وسنحرمكم نومة هانئة، كما حرمتمونا إياها منذ سنتين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى