بشّور لـ«الثبات»: لا يجوز تشبيه مشروع يحتلّ أرضنا ويقتل شعبنا بآخر يساند مقاومتنا ويدعم قضيتنا
رأى الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي معن بشّور أن الخروج من الواقع المؤلم والمتفجر في العالم العربي يحتاج إلى مواجهة فكرية وثقافية وسياسية مثلما يحتاج إلى مواجهة أمنية وعسكرية، لا بل أن المواجهة الفكرية والثقافية والسياسية هي الاقدر على المعالجة على المديَيْن المتوسط والبعيد.
ودعا بشور العروبيين بكلّ تياراتهم القومية والدينية واليسارية والليبرالية، كما الإسلاميين، بكلّ فئاتهم وتياراتهم المهتمة بوحدة الأمة ونهضتها وتحرّرها وتجدّدها الحضاري، أن يجروا مراجعة نقدية جريئة تكون أساساً لمصالحة مجتمعية عميقة، ومشاركة تعدّدية واسعة في إدارة شؤون المجتمع والبلاد والعباد، إذ لا انفراج ولا إقصاء ولا اجتثاث، بل توفّر هذه المراجعة والمصالحة والمشاركة القاعدة الأمتن لمقاومة عربية وإسلامية شاملة تستطيع وحدها أن تحرّر الأرض والإرادة العربية معاً.
ودعا بشّور إلى التأمل عميقاً في ما يجري في فلسطين ولبنان وسورية والعراق ومصر وليبيا واليمن والسودان والبحرين، «فتأمل كهذا كفيل بأن يدفعنا جميعاً إلى الإقلاع عن عددٍ من الأفكار المسبقة والتحليلات الجاهزة، وأن نقرّ جميعاً بأخطاء ارتكبناها حين اندفعنا في تصنيفات غير علميّة وغير موضوعية لهذا الطرف أو ذاك النظام، تحت ضغط اعتبارات وحساسيات وصراعات موروثة، فوجدنا أقطاراً ومجتمعات تدفع الثمن باهظاً من أرواح أبنائها ومن موارد أوطانها ومن مستقبل أجيالها بذريعة المواجهة مع أنظمة وحكومات.
وأكّد أنّه كقومي عربي لا يمكن أن يوافق على أي تدخل أجنبي في أيّ قطر، خصوصاً إذا كان هذا التدخل أميركياً أو غربياً، ولأيّ سبب أو غاية. «فالتجارب علمتنا أنه مهما كان الوضع سيئاً، التدخل الأجنبي يجعله أسوأ، وإذا كانت الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون وغيرهم من الغربيين جادين في كبح جماح التطرّف الطائفي والتكفيري والغلو الدموي والتدميري، فإن لديهم ألف وسيلة ووسيلة لفعل ذلك غير التدخل العسكري، خصوصاً أن هذه الظواهر والمنظمات تستمدّ قوّتها ومددها واستمراريتها وما تزال، من حكومات وأجهزة وجهات غير بعيدة عن النفوذين الأميركي والغربي، ويمكن الضغط عليها لإغلاق حدودها أمام تسلّل المسلحين وتمرير السلاح، وتمويل المقاتلين، والتحريض الإعلامي».
وحول الاوضاع في غزّة، كشف بشّور أن من يتابع الأداء الحكومي والتصريحات والتعليقات في الكيان الصهيوني، يكتشف من دون صعوبة، حجم الهلع والارتباك والإحساس بالفشل على مختلف المستويات، ما يفسّر لجوء هذا العدوّ إلى تصعيد جرائمه ومجازره لتغطية عجزه وفشله. لافتاً إلى أن العدو، وعلى مدى 50 يوماً، انكسر أمام قطاع محدود المساحة والسكان، ومحاصَر منذ سبع سنوات، فكيف إذا واجه جبهات قتال أخرى بدأ العدو يحسب ألف حساب لاحتمال اشتعالها إذا استمر في عدوانه الوحشي على قطاع غزّة؟
وحول وجود مشاريع إقليمية ثلاثة في المنطقة وهي: المشروع «الإسرائيلي»، والإيراني والتركي، وغياب المشروع العربي، قال بشور: «من غير الجائز تشبيه مشروع يحتلّ أرضنا ويقتل شعبنا كالمشروع «الإسرائيلي»، بمشروع يساند مقاومتنا ويدعم قضيتنا كالمشروع الإيراني. ومن الظلم اختصار علاقتنا بالشعب التركي الذي تربطنا به وشائج حضارية ومصيرية ومصالح مشتركة بسياسات حكومات لا بدّ أن تفرض الوقائع تغييرها.
لكن التمييز بين هذه المشاريع لا يلغي أبداً ضرورة قيام مشروع عربي يتكامل مع المشاريع الإيرانية والتركية والإثيوبية لنشكل معاً حقيقة إقليمية كبرى تصون استقلال أمتنا وتنمي مواردها وتعزّز من قدراتنا. والمشروع العربي المنشود يبدأ بدول رئيسية أربع، أيّاً كانت ظروفها الراهنة، والخلافات القائمة بين حكامها، وهي مصر وسورية والعراق والسعودية مع الامتداد غرباً نحو دول المغرب العربي وجنوباً نحو السودان واليمن. كما أن هذا المشروع يرتكز إلى حركة شعبية عربية متحرّرة ومستقلة نسعى إلى تشكيل أطر تلاقٍ لها، وتفاعل بينها، على صعيد مؤتمرات واتحادات وملتقيات ومنتديات ومخيمات شبابية مهتمها كلّها أن تلمّ شمل الأمة وأن تساعدها في تجاوز عصبيات ضيقة ومصالح ذاتية ما زال البعض غارقاً فيها.
وأشار بشّور في هذا الصدد إلى المؤتمرات العربية الثلاثة التي صمدت على رغم كل ما أحاط بها من أعاصير وزلازل، وإلى منتديات وملتقيات عربية ودولية، شبابية وتضامنية، كما إلى مخيم الشباب القومي العربي الذي تنعقد دورته الرابعة والعشرون هذه الأيام في مدينة نابل التونسية، وهي دوره تضمّ حوالى 140 شاباً وشابة من 12 قطراً عربياً، وولد معظمهم بعد انطلاق هذا المخيم عام 1990، كما جاء في كلمة مساعدة أمين عام المؤتمر القومي العربي رحاب مكحل في جلسة الافتتاح.
ودعا بشّور كلّ القوى والمنابر الإعلامية والثقافية إلى تسليط الأضواء على معركة بيروت عام 1982، التي شهد العدو في شوارعها إحدى أبشع هزائمه حين اندحرت قواته مذعورة منها. وقال إن المقاومة اللبنانية المعاصرة إنما انطلقت من العاصمة لتحرّرها، وبعدها لتحرّر الجنوب والجبل والبقاع الغربي، على يد رجال حزب الله المقاومين الذين رفعوا رأس أمّتهم عالياً.
بشور قال إن ذكرى حصار بيروت ومعركتها وانطلاقة المقاومة من شوارعها، لا سيما من الرصاصات الأولى في الطريق الجديدة، وأوّل الشهداء عصام اليسير ومحمد الصيداني، هي مسؤولية في عنق كل لبنان وعربي، لا بل في عنق أبناء بيروت العروبة والمقاومة والحرية، بيروت العصية على التشطير وعلى التمذهب والتعصّب وعلى الاحتلال، لكي تبقى هذه العاصمة منارة للمقاومة ومشعلاً للحرّية في لبنان وعلى مستوى الأمّة.