في اليوم الـ51… غزة تنتصر على العدوان
حققت المقاومة الفلسطينية نصراً سياسياً جديداً بالتوازي مع انتصاراتها الميدانية في العدوان الصهيوني على قطاع غزة، فبعد 50 يوماً من العدوان البربري الصهيوني على القطاع الذي سقط خلاله أكثر من 2130 شهيداً ونحو 11100 جريح، دخل وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ وفق الشروط والمطالب الفلسطينية.
وعلى الإثر، خرج آلاف المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بمسيرات ابتهاج عفوية راجلة وسيارة وسط إطلاق نار مكثف بالهواء احتفالا بالانتصار. كما عمّت أجواء الفرح والاحتفالات شوارع القطاع والضفة التي غصت من شمالها إلى جنوبها بالغزاويين الذين رددوا هتافات الدعم للمقاومة والتنديد بجرائم الاحتلال. وتداعى عشرات الفلسطينيين للعودة إلى منازلهم التي تضرر معظمها جراء القصف الصهيوني وبدأت مساجد القطاع بالتكبير والتهليل تبريكاً بانتصار المقاومة والشعب الفلسطينيين.
وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال اجتماعه بقيادة السلطة الفلسطينية عن سريان وقف إطلاق النار عند السابعة من مساء أمس، مشيراً إلى أن الاتفاق يشمل تزويد قطاع غزة بالمواد الطبية والغذائية والخاصة بإعادة الإعمار. ودعا إلى سرعة إدخال المساعدات ومواد البناء إلى القطاع.
وأعلن المتحدث باسم حركة حماس في غزة سامي أبو زهري في مؤتمر صحافي بعد إعلان وقف إطلاق النا: «إننا انتصرنا على العدو بصمود شعبنا وبسالة المقاومة الفلسطينية بفصائلها كافة»، وأضاف: «حققنا معظم مطالبنا الآنية في هذه المعركة وبتنا أكثر يقيناً بأننا أقرب إلى القدس»، وتابع: «نقول لـ «الإسرائيليين» بعد دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ بإمكانكم العودة إلى منازلكم بقرار من حماس وليس بقرار من نتنياهو»، مؤكداً أن «هذا الإنجاز يمهّد الطريق لتحرير القدس وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وكشف المتحدث باسم حركة حماس عن أن المقاومة تمكنت من قتل جنديين للعدو قبيل وقف إطلاق النار، وقال: «انتصرنا حينما دمرنا هيبة الردع «الإسرائيلية» وأنجزنا ما عجزت عنه جيوش العرب مجتمعة».
من جهة أخرى، أكدت مصر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني و»الإسرائيلي» في قطاع غزة، اعتباراً من الساعة السابعة.
ومن القاهرة أكد ممثلون عن الفصائل الفلسطينية إنجاز وقف طويل الأمد لإطلاق النار لمدة شهر في غزة، وأوضح القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش لموقع «العهد» الإخباري أنها تنص على فتح معابر قطاع غزة أمام المسافرين وإدخال مواد البناء لإعادة الإعمار كمرحلة أولى وترحيل القضايا الأخرى على رأسها بناء الميناء والمطار لمفاوضات غير مباشرة بعد شهر.
وأضاف البطش أن الوفد الفلسطيني في القاهرة يجري اتصالات مع المسؤولين المصريين لتحديد ساعة الصفر لإعلان وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن التفاهمات جاءت وفق الشروط والمطالب الفلسطينية.
وقال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق إن «المفاوضات التي تتوج صمود شعبنا ونصر مقاومتنا انتهت بانتظار البيان المحدد لنقطة الصفر ووقف العدوان».
وشدد حسام بدران القيادي في حركة «حماس» على «أننا أقرب ما نكون إلى إعلان إنهاء العدوان على شعبنا وفشل الاحتلال في تحقيق أي من أهدافه السياسية التي وضعها عند بدء الحرب». كما أعلن الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري «إنجاز الاتفاق بين الطرفين وانتظار الإعلان الرسمي من القاهرة».
وأعلن نائب رئيس المكتب سياسي لحركة حماس اسماعيل هنية أيضاً: «أننا على أبواب تفاهمات سياسية تتوج صمود شعبنا الفلسطيني وأداء المقاومة».
وراجت أحاديث عن مراوحة في ما يتعلق بالتوصل إلى تهدئة، حيث كانت مصر تنتظر رد حماس و»إسرائيل» على مقترحها بعدما حصلت على رد الجهاد الإسلامي والسلطة الفلسطينية.
ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» عن مصدر صهيوني قوله إن «الجانب «الإسرائيلي» ينتظر توضيحات خوفاً من أن ينهار وقف إطلاق النار كسابقيه، وأن الهدف هو التوصل إلى وقف للنار طويل الأمد». ونقلت القناة الثانية في التلفزيون «الإسرائيلي» عن مصدر سياسي قوله: «لم نرد بعد على المقترح المصري لوقف إطلاق النار».
صحف «إسرائيلية»: قواعد اللعبة تغيرت
عملية «الجرف الصلب» أنهت يومها الخمسين و«إسرائيل» منقسمة إلى معسكرين. هكذا علقت صحيفة «إسرائيل هيوم»، وأضافت: «ثمة من يعتقد أن العملية مثلت نجاحاً مثيراً وستتضح إنجازاتها عندما ينجلي غبار المعركة، وآخرون واثقون بأنها كانت إضاعة مدوية للفرصة وستكلف «إسرائيل» مزيداً من الأثمان الباهظة». وتابعت: «لا خلاف على أن حماس تلقت ضربة قاسية لكنها نجحت في جر «إسرائيل» إلى معركة طويلة، عالية التكلفة. صحيح أن «إسرائيل» عطلت معظم خطط حماس الهجومية واقتلعت مشروع الأنفاق الهجومية لكنها وجدت معظم أراضيها وسكانها عرضة للصواريخ».
هذه الهجمات تسببت بحسب الصحيفة في الأيام الأخيرة بتآكل قدرة الصمود لدى سكان غلاف غزة وهذا الواقع ينبع من أن حماس تحدد قواعد اللعبة، فبإرادتها يبدأ إطلاق النار ويتوقف. بدا أمس معقولاً الافتراض أن وقف إطلاق النار سينفذ، فإذا استؤنف القتال ستعد عملية الجرف الصلب فاشلة، وإذا ساد الهدوء لفترة طويلة بالتزامن مع مساع جدية لمنع تسليح الفصائل الفلسطينية، فسيكون ممكناً الحديث عنها بمفاهيم النجاح.
وتحت عنوان «وقف إطلاق النار جدي هذه المرة» اعتبرت صحيفة «هآرتس» أن الشعور في تل أبيب بجدية الاتفاق هذه المرة وبأن النهاية قريبة يستند إلى الافتراض بأن التنازلات المتبادلة ترضي «إسرائيل» وحماس أو بصورة أدق، أفضل من استمرار الهجمات والتمسك بأهداف غير قابلة للتحقق حالياً. إذا حصل ذلك، فإن إجراء حساب بارد للأثمان والإنجازات مقارنة بالوضع الذي ساد في السابع من تموز، سيظهر أن «إسرائيل» خسرت أكثر.
فهي حصلت على إعادة الوضع إلى ما كان عليه من دون تحقيق أي مكسب، وتكبدت 68 قتيلاً ومئات الجرحى وآلاف المشردين، فيما نزف الفلسطينيون كثيراًوحماس نجحت في إرباك الحياة في «إسرائيل» في مجالات عدة.