طارق سكيكر… إبداعٌ على إبداع عندما يفضّل الإنسان الموهبة على الدراسة الأكاديمية

محمد سمير طحّان

كرّس الموسيقيّ السوريّ طارق سكيكر حياته للموسيقى على رغم عدم دراسته لها أكاديمياً، فهو الذي هجر ممارسة الحقوق التي يحمل إجازة جامعية فيها، ليكون مؤلّفاً وموزّعاً موسيقياً، صاحب تجربة خاصة أتاحت له موقعاً مهماً في عالم الموسيقى سورياً وعربياً.

وعن علاقته بلغة العالم يقول الموسيقيّ سكيكر: الموسيقى كلّ حياتي، ولها سخّرت وقتي وضحّيت باختصاصي الأكاديمي في الحقوق من أجلها، في سبيل تحقيق طموحي بأن أكون موسيقياً متميّزاً وأجد لنفسي مكاناً وسط الموسيقيين والمشاريع والأفكار والإبداعات الموسيقية الكثيرة، وتكون لي بصمتي الخاصة التي لا تشبه أحداً.

ويتابع مؤسّس فرقة «تريو أوكسجين»: أعتبر نفسي على الطريق الصحيح نحو تقديم ما أصبو إليه من تميّز موسيقيّ لأترك إرثاً موسيقياً خاصاً بي، سواء في العزف أو التوزيع أو التأليف الموسيقي.

ويقول سكيكر: توقفت عن العمل في بداية الأزمة بسبب تردّي حالتي النفسية وعدم قدرتي على إنجاز أيّ عمل موسيقيّ. ولكن طموحي ظلّ كبيراً ولم يتأثر، فكانت تلك الفترة فرصة للتدريب والاستماع لمختلف الأنواع الموسيقية العالمية لإعادة الحسابات ليكون الإنجاز في ما بعد أفضل، وليشكل دافعاً للعمل والتأليف من جديد.

ويشير سكيكر إلى أنه لا يمكن الحكم على مستوى أيّ فنّ من الفنون في فترة الأزمات، لأنها تؤثر على مختلف نواحي الحياة. معتبراً أنّ الأعمال الغنائية والموسيقية التي قُدّمت خلال الأزمة وتحاكيها لم تكُ في غالبيتها على مستوى الطموح مع وجود أعمال قليلة تحمل المستوى الجيد.

ويتابع سكيكر أنه على رغم ذلك، هو يعتبر المشاريع الموسيقية التي ظهرت في ظلّ الأزمة تستحقّ التقدير والاحترام، لأنّ كلّ عمل فنّي أو مجهود يقدّمه الفنانون وسط الظروف الصعبة التي نعيشها من جرّاء الحرب على سورية، فعل إيجابيّ بغضّ النظر عن مستواه الفنّي.

ويجد سكيكر أن ما ينقص الأغنية السورية الحالية لتصل إلى الجمهور العربي كلّه، القليل من المجهود والخصوصية وعدم تقليد الأشكال الغنائية في المنطقة، إلى جانب عدم حصرها في الأغنية الشعبية ذات النمط الواحد، والاستفادة من التنوّع في التراث الغنائي السوري لتقديم أعمال غنائية جديدة ذات قيمة فنية عالية وبخصوصية مميزة.

ويعمل سكيكر حالياً على إعادة تشكيل فرقة «تريو اوكسجين» التي توقفت منذ عام 2013 بسبب الأزمة وسفر أعضائها، حيث ستسجّل الفرقة أعمالاً موسيقية خاصة بها من تأليفه أعدّها خلال فترة توقّف الفرقة، لتكون هذه العودة انطلاقة جديدة نحو المسار الأصلي للفرقة، مع طرح هذه الأعمال عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتصل إلى الناس جميعاً.

ويلفت سكيكر إلى أنّ أداء المؤسسات الثقافية الموسيقية والغنائية كان جيداً خلال السنوات الأخيرة عبر عدد من الفعاليات والنشاطات والحفلات. مبيّناً أنه من الضروري اليوم استمرار الدعم للعمل الموسيقي بشقّيه المادي والإعلامي، كي يستطيع الموسيقيون الاستمرار في عملهم.

وعن سفر عدد من الموسيقيين إلى خارج البلاد بسبب الحرب على سورية يؤكّد سكيكر أن هذه الهجرة تركت فراغاً في الوسط الفنّي، وهي خسارة كبيرة. لكنّه يرى من جهة أخرى أن لها إيجابيات، إذ سيقدّم هؤلاء في الخارج الصورة الحقيقية للموسيقيّ السوريّ المثقّف والمجتهد والمنفتح على أنواع الموسيقى والثقافة في العالم، وقدرته على التعامل مع كلّ الموسيقيين العالميين.

وردّاً على سؤال حول دور الموزّع الموسيقيّ في العمل الفنّي حالياً، يرى سكيكر أن التوزيع الموسيقيّ يبرهن على الهوية الثقافية للموزّع. مبيّناً أنه يعتمد على مخزونه الثقافيّ الموسيقيّ في وضع التوزيع لأيّ أغنية أو مقطوعة، مستفيداً من إلمامه بالموسيقى الشرقية وخبرته الطويلة في العزف مع أهمّ المطربين العرب والأوركسترات الشرقية، إلى جانب ثقافته الموسيقية الغربية والكلاسيكية كونه عازف بيانو، ما صنع لديه تراكماً ثقافياً موسيقياً منوّعاً.

ويؤكد سكيكر ضرورة التفاؤل على رغم الواقع الصعب، وأن يستمرّ الموسيقيون في العمل والاجتهاد والتطوّر.

ويختم سكيكر حديثه بالقول: أحاول أن أساهم من خلال عملي الموسيقيّ في نشر الثقافة الموسيقية السورية وتقديم صورة مشرّفة عن الموسيقيّ لدينا، الذي لا يتوقف عن العمل مهما كانت الصعوبات. فالوطن يُبنى بشبابه وكوادره الثقافية.

الموسيقيّ طارق سكيكر من مواليد عام 1984، حائز إجازة في الحقوق عام 2009 من جامعة دمشق، ودرس الموسيقى دراسة خاصة. ملمّ بأنماط موسيقية متعدّدة منها الجاز والموسيقى اللاتينية والفلامنغو، وعزف مع عدّة فرق موسيقية شرقية، منها «أوركسترا طرب» و«أوركسترا الموسيقى العربية» و«فرقة سيد درويش». وعزف مع عدد كبير من نجوم الغناء العربي منهم وديع الصافي، لطفي بوشناق، فلّة الجزائرية، إلهام المدفعي، الشاب خالد، وغادة رجب وغيرهم. كما أسّس فرقتَي «تشيلي باند» و«تريو أوكسجين»، ووضع التوزيع الموسيقيّ لعدد من الألبومات الموسيقية والغنائية. وهو قائد الفرقة الموسيقية في برنامج «ذا فويس» منذ عام 2015.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى