«الضيوف»… مسرحية على خشبة «القبّاني» ـ دمشق

أعادت مسرحية «الضيوف» ذكريات «مسرح العمّال» في سورية من جديد، عبر العرض الذي اقتبسه جوان جان عن نصّ الكاتبين البريطانيين إدوارد بيرسي ورييجنالد دينهام، وأخرجه سهيل عقلة، مقدّماً عبره تجربة عن ثنائية الخير والشر وصراعهما الأبديّ في النفس الإنسانية، من خلال حكاية سرَدَها كل من ديالا العلي وياسر البردان ودلال عمران وسهيل العقلة ومجدولين حبيب وغيداء خالد، مفتتحين عرضهم أمس على خشبة مسرح القبّاني في دمشق.

وحاول عرض «الضيوف» عبر عناصر الديكور التي أخذت طابعاً تقليدياً أن يروي حكاية السيدة العجوز «سعاد» التي فقدت ولدها «خلدون» وزوجها لتعيش وحيدة برفقة خادمها «سمير»، إلى أن تتمكن «سامية» من إقناعها بالعيش معها في منزلها الفخم المنعزل، حيث تقوم هذه الأخيرة بإقناعها أيضاً بجلب ابنتيها «ليلى» و«سلوى» للعيش في منزل السيدة التي تبدو كريمة وطيّبة في تعاملها مع الإنسان، وهي تعيش عذابات فقد الابن والزوج والأهل، مصغية إلى أغنيتها المفضلة لأمّ كلثوم.

تتطوّر الأحداث في المنزل ليصبح الضيف بمثابة مالك البيت، متحوّلاً أمام كرم الضيافة من غريب إلى سيّد يأمر وينهى ويُملي كلّ شاردة وواردة على السيدة «سعاد»، وما هي سوى أيام، حتى تقرّر «سامية» التخلّص من مضيفتها عبر خدعة تودي إلى قتل «سعاد» والسيطرة على بيتها وممتلكاتها. لكن «عماد» ابن زوج «سامية» الذي قدّمت له المغدورة كلّ المال من دون مقابل، مستغلاً عطفها وحرمانها من ولدها الوحيد، سيقوم بابتزاز القاتلة ومحاصصتها على بيت لا يملكانه. مبيّناً مقولة العمل التي جاءت بشكل مباشر أن هذا هو مصير من يأمن للغرباء ويُدخلهم بيتَه.

كما قدّم العرض الذي جاء بالتعاون بين مديرية المسارح والموسيقى واتحاد عمّال دمشق، مقترحاته عبر أسلوب مَشاهِد ولوحات متعاقبة، متّكئاً على اختيارات رامي الضللي ومؤثراته الصوتية جنباً إلى جنب مع إضاءة بسام حميدي، في محاولة لتحقيق كسر إيهام بين الصالة والخشبة، والتأكيد على محاولة تقديم تراجيديا نقلت النصّ من مستواه الأول إلى المكان والزمان الراهنَين، باستخدام اللهجة الشامية البيضاء لشخصياته.

مخرج العرض قال على بروشوره: «الضيوف» شمس تشرق، ظلام يأفل، حقيقة تظهر، وتبقى مهما حاولوا كالموت لا يمكن إخفاؤها، وستعلم الأرض المباركة كم كانت لحظات الطيبة مؤلمة، ولكن الحقيقة ستبقى حقاً، فالحقّ هو عين الحقيقة.

كما قالت وزارة الثقافة في كلمتها على البروشور: المسرح جزيرة للحرّية، فهو يتميز عن باقي الفنون بأنه يخوض تحدّياً مع كل ولادة جديدة. والمسرح رئة الشعوب تتنفّس وتحيا به. فلنؤمن بأن العمل في المسرح ليس أخذاً بل هو عطاء، ولنتذكر أن مستقبل المسرح مرهون بإرادة الشباب، ولنشعل للمسرح أصابعنا شموعاً لدحر قوى الظلام، ولنعش سحر المسرح لأنه سينعش حياتنا ويضيء أرواحنا، ليعمر طويلاً في الذاكرة ويصنع مستقبل الأمة.

ضمّ فريق عمل «الضيوف»: تصوير فوتوغرافي رواد الرفاعي، تنفيذ ديكور هشام المؤذن، مدير منصّة علي النوري، تركيب إضاءة عبد الله حسين وأسعد سنديان، ماكياج إيمان عمر، ومساعد مخرج عمر فياض.

يذكر أن العرض مستمرّ حتى الخامس عشر من آب الجاري، فيما سيقدّم المخرج المسرحي محمد الطيب بعده عرضاً جديداً يعيده إلى فنّ الخشبة ضمن موسم المسرح القومي في دمشق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى