قبل أسابيع مِن…؟ العاصفة التي تسبق الهدوء
بلال شرارة
حتى قُبيل شهرٍ أو ربما ستة أسابيعٍ من إجراءِ الانتخابات الأميركية سيبقى غضّ النظر الأميركي عن التدخلات الخارجية لحلفائها هنا وهناك، ولكن بعد هذا الموعد سيُقفل الباب أمام مختلف أنواع التدخلات، حتى الأميركية حتى تسلم الجرة فلا يقع حادث أو حدث ما ينعكس على الانتخابات، ويؤثر على الناخب الأميركي الديمقراطي على سبيل المثال: أن يصيب قصف جوي لإحدى طائرات التحالف تجمّعاً مدنياً، أو أن تصيب نيران الطائرات الصديقة معسكراً حليفاً، أن تؤدّي العمليات وخطوط الحرب الجويّة إلى وضع الولايات المتحدة على حافةِ حربٍ عالمية، أو لنقل أقلّ من ذلك أن تؤدّي إلى إدخال رأس لاعب السيرك الأميركي في فم الأسد وهذا الأمر يسحب نفسه على عمليات التحالف الجويّ السعودي في اليمن، وإبقاء التوترات اليمنية، وعلى الاعتراضات العربية بوسائط أميركية ومشاركة الحشد الشعبي في عملية تحرير الموصل، إلى تجميد استمرار الزحف الاستيطاني «الإسرائيلي» في الأراضي الفلسطينية.
الرئيس أوباما الناخب الأميركي الأكبر في حملة السيدة هيلاري كلينتون الرئاسية فهو لا يريد وقف كلّ شيء قبل انتخابات الرئاسة الأميركية بشهر أو بشهرٍ ونصف، بل ويريد إنجازات تخدم المصالح الانتخابية، منها مثلاً: تحقيق المفاوضات السورية في جنيف والمفاوضات اليمنية في الكويت، وربما غداً في عاصمة أخرى مسقط مثلاً، لنتائج متسارعة تبني تسوياتٍ سياسية، والأمر يسحب نفسه للعودة للمفاوضات الفلسطينية «الإسرائيلية» وربما إخراج أزمة الرئاسة اللبنانية من النفق المظلم ليبصر الرئيس القادم النور.
والإنجاز الأميركي الممكن ربما يكون في إلقاء القبض على داعش وهزيمتها في عقر دار الدولة الإسلامية في سورية والعراق .
و… قالت العجائز كلّ شيء جائز بالنسبة للأميركيين. ولكن ماذا بالنسبة لبقية الأطراف الدوليين والإقليميين والمحليين؟
بالنسبة للروس طبعاً هم دفعوا ثمن قراراتهم السياسية المتصلة بأمنهم ومصالحهم، وأكدوا حضورهم القوي عسكرياً على شاطئ المتوسط، وضمنوا حضورهم في نظام الشرق الأوسط الجديد، وبالنسبة للإيرانيين فقد صمدوا دون أن يقعوا في الفتنة في كلّ المواقع المحسوبة عليهم في جوارهم العربي، وستتراخى يوماً بعد يوم القبضة والفيتو الخليجي على الاتفاق النووي الإيراني ودول 5 + 1 ومندرجاته.
بالنسبة للأتراك، فقد ضمن أردوغان نظاماً رئاسياً رغم سقوط مشروع سلطنتهِ بواسطةِ الإسلام الإخواني على مساحةِ المنطقة، وعاد ليطبّق سياسة صفر مشاكل مع جواره العربي والإسلامي والروسي، ويقيم علاقات اقتصادية مفتوحة على مختلف جهات جواره، بالإضافة إلى جعل تركيا نقطة الارتكاز في نقل الغاز «الإسرائيلي» نحو أوروبا، وبالنسبة إلى «إسرائيل» فهي ستحافظ على ميزان تفوّقها العسكري، بالإشارة إلى اقتراب موعد التوقيع على صفقة الأسلحة المتضمّنة رزمة من المساعدات الأميركية العسكرية تصل إلى 4 بلايين دولار خلال السنوات العشر المقبلة، وهي المساعدات الأكبر التي تتلقاها «إسرائيل» من أميركا، وصفقة الأسلحة والتي جاءت في أعقاب مصالحة أوباما – نتنياهو قبل شهور وتنفيذ مشروع يهودية الدولة وتهويد القدس وتمرير مشاريعها الاستيطانية.
وبالنسبة إلى مصر فسوف لا يمضي وقت طويل قبل تأكيد إنهاء قاعدة الارتكاز التي أقامها أنصار بيت المقدس وكلّ عصابات الجريمة المنظمة في سيناء المهرّبون وتجار الأسلحة والرقيق والسلع والتي كانت تُهدّد أمن مصر وستمضي مصر قُدماً في تثبيت أمنها المائي، وإنهاء التهديدات الأمنية العابرة للحدود المصرية اللبيبة.
يبقى أنّ هناك خاسرين الأول أوروبا الاتحاد الأوروبي الذي غادرته بريطانيا وعادت فيه سويسرا إلى نظامها الإداري والمالي الخاص ، وقبلت معظم العواصم الأوروبية بدور وظيفي في إطار الناتو والسياسات الأميركية باستثناء فرنسا وألمانيا أحياناً التي تبذل المستحيل بحثاً عن موقع متميّز، والخاسر الثاني دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تتهاوى أهدافها من إسقاط النظام السوري إلى تفكيك العراق واليمن وتحييد مصر.
تُرى هل نبالغ ؟ حتى قبل شهر أو أكثر بقليل من الانتخابات الأميركية ستبقى النار مشتعلة في أوطاننا ونحن سنحاول تحسين مواقعنا على محاور حروبنا الصغيرة، بالتأكيد ستهزم «داعش» وستذهب من حيث أتت، ستتبخر، ستتهاوى مواقعها وستخسر آخر شبرٍ في جغرافية انتشارها، وستتحرّر عاصمة دولة الخلافة الموصل العراقية وستخسر «داعش» منبج السورية ثم الرقة وكلّ مواقعها، ولن تبقى على تماس مع الجوار التركي عبر أرياف حلب وستفشل هجماتها المضادّة، سيكون لبقية الجيوش المعارضة الحشد الشعبي في العراق أدوار في الحياة السياسية لبلاده وستتمكن من الاندماج في حياة الدولة والمجتمع . وفي سورية ستقتنع جيوش المعارضات تماماً، بأنه لا يمكن لها اقتلاع النظام القائم بالقوة، ولا يمكن للنظام في المقابل إلغاء الآخرين، ولكن لا بدّ من إلغاء دور السلاح في إعادة تصميم سورية وبنائها.
ما تقدّم تهيّؤات وتصوّرات لمشاهد ممكنة ! اذ كيف لمجتمعاتنا أن تتعايش مع هؤلاء المسلحين كلّهم؟ ومَن سيتولى سحب السلاح من التداول؟ وكيف سيتمّ التراجع عن السياسات التي أنتجت عبور كلّ هذا السلاح، والمسلحين لحدود القارات والأوطان، وبالنتيجة موّلت انتحار أنظمتها، والتعبير عن ذلك يتجلى في عدم توفير الإرهاب جرائمه في أكثر من دولة خليجية، وصولاً إلى مسجد الرسول الأكرم في المدينة المنورة.
نحن أمام عشرة أسابيع هي فرصة الجميع للسير خطوتان إلى الخلف وخطوة إلى الأمام !
هل تُرانا ندرك قيمة الوقت!