هدفان للمؤتمر الصحافي للوزير المعلم
حميدي العبدالله
المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية السوري وليد المعلم تمحور حول مسألتين أساسيتين، الأولى قبول سورية قرار مجلس الأمن 2170، والمسألة الثانية استعداد سورية للتعاون والتنسيق مع ائتلاف إقليمي ودولي لمكافحة الإرهاب.
هذا كان واضحاً في المؤتمر الصحافي، ولكن ما لم يكن واضحاً هو الأهداف التي تكمن وراء عقد مثل هذا المؤتمر الصحافي، وفي هذا التوقيت بالذات، فلو أنّ الأمر محصور بالإعلان عن موافقة سورية على قرار مجلس الأمن لكان بيان صادر عن الخارجية يكفي، ولكن هناك أهدافاً أخرى وراء عقد المؤتمر الصحافي، ويمكن الإشارة هنا إلى هدفين أساسيين:
– الهدف الأول، ما أعلن عنه الوزير المعلم، وتحديداً لجهة استعداد سورية للدخول في ائتلاف إقليمي ودولي لمكافحة الإرهاب، ويمكن القول إنّ هذا الإعلان ليس مقصوداً بذاته فقط، بل إن هذا الإعلان رسالة لقطع الطريق على أي محاولة من قبل الحكومات الغربية لاستغلال مكافحة الإرهاب وقرار مجلس الأمن للقيام بأعمال تخرج عن نطاق محاربة الإرهاب وتسعى إلى تحقيق أجندة أخرى، وليس صدفةً أن يسبق المؤتمر الصحافي اتصال هاتفي بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فالهدف هو تنسيق الموقف بين دمشق وموسكو، وسدّ كلّ الثغرات التي يمكن أن تستغلها الحكومات الغربية.
بمعنى آخر لدى موسكو ودمشق تقدير يفيد باحتمال توظيف القرار لخرق السيادة السورية، وشنّ هجمات على مواقع متداخلة، بذريعة محاربة داعش، تؤثر سلباً على قدرات الجيش العربي السوري، وحتى لو كان هذا الاحتمال ضئيلاً للغاية، فلا بدّ من أخذه بعين الاعتبار، لهذا أصرّت موسكو على تضمين القرار 2170 نصاً يدعو إلى احترام سيادة سورية والعراق، ولا يجيز آلياً العمل العسكري، بل إلزام كلّ الدول الموافقة على القرار بالعودة إلى مجلس الأمن من جديد للحصول على موافقته للقيام بأي عمل عسكري مقترح.
هذه الفقرات في قرار مجلس الأمن والتي تنبّه كلّ من سورية وروسيا إلى احتمالات سلوك الحكومات الغربية، تشكل المبرّر والهدف الأساسي للمؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير المعلم، إضافةً إلى قطع الطريق على أي حجة للقيام بعمل منفرد داخل سورية بذريعة عدم استعداد الدولة السورية للتعاون.
– الهدف الثاني، بعث رسالة واضحة إلى الحكومات الغربية، وتحديداً إلى الإدارة الأميركية، تؤكد أنّ أيّ عمل عسكري لا يتمّ بالتنسيق والتعاون مع الدولة السورية، يشكل عدواناً على سورية وخرقاً لسيادتها وتجاوزاً لقرار مجلس الأمن 2170، وستتعامل معه على هذا الأساس، قانونياً وميدانياً، وهذا التحذير مسألة أساسية في المؤتمر الصحافي للوزير وليد المعلم، لا سيما أنّ الإعلام الأميركي تداول معلومات عن احتمال قيام طائرات أميركية بتوسيع ضرباتها الجوية ضدّ «داعش» إلى الأراضي السورية، علماً أنّ الإدارة الأميركية لم تقم حتى الآن بتوسيع ضرباتها ضدّ «داعش» في الأراضي العراقية خارج المنطقة الواقعة على حدود إقليم كردستان على الرغم من طلب الحكومة العراقية رسمياً من الإدارة الأميركية قصف مواقع «داعش» في الأنبار ومناطق عراقية أخرى، وعلى الرغم من اتفاق الإطار الاستراتيجي والأمني الموقع بين العراق والولايات المتحدة.