«النصرة» تفقد 1000 مقاتل خلال أسبوع حلب… ومعارك الاستنزاف معكوسة
كتب المحرر السياسي
تستعيد تركيا المنشغلة بهمومها واهتماماتها الداخلية بعد الانقلاب العسكري الفاشل وحملة التطهير والتصفية التي يشنّها الرئيس التركي رجب أردوغان ومساعديه بوجه معارضيه في كلّ مستويات الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية والتربوية والإعلامية، مكانة هامة في تقييم التطورات في المنطقة وخصوصاً في الحرب على سورية، مع تطوّرين يظهر أحدهما مع ظهور الحرب التي تخوضها جبهة «النصرة» مع اسمها الجديد كعنوان لخيار إقليمي دولي، يبحث عن تعاون أميركي تركي لا يبدو متاحاً في ظلّ التأزّم الناتج عن تداعيات الانقلاب والمواقف الأميركية والتركية المتباينة منها، والثاني مع زيارة الرئيس التركي خلال أيام إلى موسكو يتصدّر الملف السوري خلالها المحادثات، بينما تتوافق روسيا وإيران على خطاب موحد نحو تركيا قوامه أنّ الموقف من الحرب في سورية هو الذي يحدّد مستقبل العلاقات من جهة، وأنّ الموقف الداعم للشرعية والرئاسة الدستورية في تركيا بوجه الانقلاب نابع من التزام مبدئي روسي إيراني يجسّده الموقف الداعم للشرعية والرئاسة الدستورية في سورية، والمنتظر من تركيا الحريصة على حيازة تأييد دولي لشرعيتها ورئاستها الدستورية أن تنظر بهذه العين إلى الوضع في سورية، خصوصاً في ظلّ تنامي خطر الإرهاب الذي عانت منه تركيا ونزفت كما سواها، رغم كلّ ما قدّمته للجماعات المسلحة رهاناً على تغيير جلدها وتسويقها كمعارضة مسلحة خرج من رحمها تنظيما «داعش» و«النصرة» وإخوانهما.
فيما سيتابع الجميع مجريات زيارة رجب طيب أردوغان لموسكو خلال الأيام المقبلة، تبدو التفاهمات الروسية الأميركية تترنّح، مع كلام الرئيس الأميركي ليل أمس عن أشياء مطلوب من روسيا أن تحسمها حتى يستقيم التعاون في الحرب على الإرهاب، مكتفياً بالتحدّث عن عزم أميركي على مواصلة ضرباتها لمواقع «داعش»، ومن دون أن يسمّي «النصرة»، قال إنه لن يسمح بتغيير التسميات أن يشوّش على مفهوم الحرب على الإرهاب، بينما بدا بوضوح من وقائع جلسة مجلس الأمن الخاصة باليمن، انّ الموقف الروسي الذي كان قد منح الأميركيين فرصة الفوز بقرارات تلبّي التطلعات السعودية، قد عاد إلى حسابات تنطلق من الترابط بين الملفات والمعايير المزدوجة التي يطبّقها مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بدعم أميركي لمنح السعودية فرصة التحكم بفرض شروط الحلّ السياسي والمبادرات التفاوضية في كلّ من سورية واليمن، فيطلب من مجلس الأمن إدانة معارضة مسلحة لنظام الحكم في اليمن، لأنها ترفض حلاً يقوم على مطالبتها بتسليم السلاح دون أن يقدم لها أيّ عرض للشراكة، بينما يطلب من مجلس الأمن تسليم الحكم لجماعات معارضة مسلحة في سورية بوجه نظام الحكم والتحرك لإطاحة الرئيس الشرعي المنتخب والدستوري، فيما تقف موسكو في الملفين تحت سقف واحد يقوم على حلّ سياسي تشاركي في الحكم وفي الحرب على الإرهاب يضمّ فريقي الحكم والمعارضة تمهيداً لانتخابات جامعة وحرة ونزيهة يحدّد عبرها الشعب مصير السلطات، فجاء الرفض الروسي لإدانة القوى الوطنية اليمنية، ومنع صدور قرار أو بيان رئاسي عن مجلس الأمن صفعة للازدواجية الأميركية السعودية.
على خلفية هذا التقدير لضعف إدارة الرئيس الأميركي في التقيّد بالتفاهمات التي تجريها، وتحوّلها مبكراً إلى بطة عرجاء ينخرط الروس بقوة في الحرب إلى جانب حلفائهم السوريين، في حرب شمال سورية حيث يبدو الميدان وحده من يملك قول الكلمة الفصل، بعدما خسرت جبهة «النصرة» أكثر من ألف مقاتل في هذه الحرب، من دون أن تتمكّن من تحقيق أيّ إنجاز ميداني، وفشلت كلّ محاولات التقدّم نحو المواقع الحساسة في الريف الجنوبي لحلب، وفي الممرات التي يمكن أن تؤثر على الترابط الجغرافي لمناطق سيطرة الجيش السوري، أو في التأثير على نتائج الحصار الذي فرضه الجيش على مناطق سيطرة المسلحين، لتصير حرب الاستنزاف حرباً يستدرج إليها جسد «النصرة» الفاعل والنخبوي ليسحق عكس ما أرادته «النصرة» ومن ورائها السعودية و«إسرائيل»، وبعض الأميركيين، وخصوصاً ثلاثي المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون المهتمة بإطالة أمد الحرب واستنزاف روسيا، ومعها وزير الدفاع الحالي أشتون كارتر، صاحب نظرية الحرب في جنوب سورية بذريعة الحرب على «داعش»، حيث لا «داعش»، وحيث «النصرة» رهان أمني «إسرائيلي»، فيما المعلومات المسرّبة في وسائل إعلام أميركية وازنة كـ»نيويورك تايمز» ترسم علامات استفهام كبرى حول دوره في وصول الصاروخ الذي أسقط الطوافة الروسية إلى أيدي مسلحي «النصرة» ومن معهم، وحيث يقف عراب «النصرة» ومسوّق دورها رئيس المخابرات الأميركية السابق ديفيد بتريوس في قلب الحلف الذي يلتقي وراء كلينتون، وتنكفئ أمامه إدارة أوباما.
في شمال سورية يقاتل الجيش السوري ومعه الحلفاء وروسيا في قلب الحرب التي تراها وحدها الطريق لإلزام واشنطن مرة أخرى في سلوك طريق التفاهمات.
لبنانياً، وفي قلب الحرب على الإرهاب وقيام مشروع الدولة الضائعة بلا مشروع وبلا رأس ولا رئيس، ختم الحوار الوطني جلسته الثالثة على وعد المواصلة وفسحة أمل بتقدّم محفوف بالمخاوف حول السير بخيار مجلسي النواب والشيوخ، بينما تولّت مجموعة من المشاركين المشاغبة على تقدّم الحوار تقدّمها النائب بطرس حرب الذي تفرّغ للمشاغبة بعد الظهر في جلسة الحكومة دفاعاً عن بقاء مدير عام أوجيرو عبد المنعم يوسف ممسكاً بمقاليد الوزارة ومؤسساتها، بينما سجل الجيش اللبناني إنجازاً في عكس اتجاه عبث السياسة بإمساكه بصيد ثمين من قادة «داعش» يؤمل أن يحسّن من وضع الدولة التفاوضي في قضية العسكريين المخطوفين.
انتهاء «الخلوة»: ورشة عمل للمادة 22
أنهت الخلوة الحوارية عملها أمس، بتشكيل ورش عمل تمهيداً لاقتراح قانون بخصوص المادة 22 من الدستور المتعلقة بانتخاب مجلس نيابي وطني خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس شيوخ على أن يزود أعضاء هيئة الحوار الوطني رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأسماء مندوبيهم وممثليهم لورشة العمل قبل 5 أيلول موعد الجلسة المقبلة. كما وتم الاتفاق على إحالة اقتراح قانون اللامركزية الادارية الى اللجان المشتركة في المجلس النيابي.
إجهاض الفكرة الإصلاحية
وقال مصدر مطلع في 8 آذار لـ «البناء» «إن جلسة الأربعاء من الحوار الوطني كانت أفضل من جلسة الخميس، فقد توفر في جلسة الأربعاء إجماع لدى المتحاورين على السير بمجلس الشيوخ ومجلس نيابي من خارج القيد الطائفي تنفيذاً لما ورد في اتفاق الطائف. وكان واضحاً هذا الأمر من خلال مداخلات كل أطراف الحوار، أما في جلسة الخميس فقد حاول البعض إجهاض الفكرة الإصلاحية من هذا الطرح». وأضاف المصدر «هذا البعض يقسم الى قسمين: الأول اكتفى بمناقشة مجلس الشيوخ ولم يتطرق الى المجلس النيابي اللاطائفي، أما الفريق الثاني فحاول وضع فخاخ كأن لا يجوز نقاش موضوع مجلس الشيوخ ومجلس نيابي لاطائفي في ظل الشغور الرئاسي. وذهب أبعد من ذلك الى حد الاستغراب من أن مناقشة هذين البندين قد يكون على حساب انتخاب رئيس للجمهورية. وعبر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بوضوح عن هذا الاتجاه وأيده الوزير بطرس حرب، لكن الغالبية على طاولة الحوار أصرّت على ضرورة السير بمناقشة صلاحيات مجلس الشيوخ وطريقة انتخابه وقانون الانتخاب الذي سيأتي بمجلس نيابي لاطائفي».
التلازم بين مجلس الشيوخ وقانون الانتخاب
وتابع المصدر: «لذلك قرّر الرئيس بري جلسة 5 أيلول، لكي يتسنى لأقطاب الطاولة تزويده بممثل عنهم لتشكيل لجنة تقنية لبحث صلاحيات مجلس الشيوخ وطريقة انتخابه ولبحث قانون الانتخاب أيضاً، لأن الرئيس بري والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الله والحزب التقدمي الإشتراكي والنائب طلال أرسلان والتيار الوطني الحر وحزب الطاشناق أكدوا موافقتهم على هذا الطرح. وأن يكون هناك تلازم بين الأمرين لأن لا جدوى من إنشاء مجلس شيوخ من دون إقرار قانون الانتخاب، وخصوصاً أن الطائف نص على تلازمهما وبالتالي أي فصل بين الأمرين ينسف الفكرتين معاً».
وتساءل المصدر: «كيف لدولة تحترم نفسها لا تنفذ بنود دستورها؟ ونفذت ما هو طائفي في اتفاق الطائف وأهملت البنود الإصلاحية فيه، واتهم المصدر بعض الأطراف على الطاولة بتفخيخ الإصلاحات وتعطيل تنفيذها وتعطيل البنود الإصلاحية وبالتالي يساهمون في إطالة أمد الأزمة السياسية والوطنية في البلد».
تفاصيل ص 3
جلسة ساخنة للحكومة
وغداة انتهاء جلسة الحوار في عين التينة، توجّهت الأنظار إلى السراي الحكومي التي شهدت جلسة ساخنة لمجلس الوزراء كان محورها ملف الاتصالات، وقرر المجلس استكمال البحث في أوضاع قطاع الاتصالات في ضوء نتائج التحقيقات القضائية المرتبطة بهذا القطاع والاقتراحات التي سيقدمها وزير الاتصالات بهذا الخصوص.
وعلمت «البناء» أن «موضوع إقالة مدير عام هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف استحوذ على معظم مدة الجلسة ومداولات الوزراء، ودارت سجالات ساخنة بين وزير الاتصالات بطرس حرب من جهة ووزيري الخارجية والتربية جبران باسيل والياس بو صعب من جهة أخرى، وقدم كل طرف أدلته في الملف».
وطالب باسيل وبو صعب حرب باتخاذ قرار في مجلس الوزراء حيال قضية الاتصالات وإقالة عبد المنعم يوسف، فردّ حرب: «أنا الوزير المختص ولن اتخذ أي قرار قبل انتهاء التحقيق»، فأجاب بو صعب: «منذ ستة شهور تقول الكلام نفسه، فالشعب اللبناني يعرف وجود هدر في قطاع الاتصالات غير الشرعي وفي الإنترنت غير الشرعي وينتظر من مجلس الوزراء اتخاذ قرار بهذا الشأن، وعلينا أن لا نظهر وكأننا عاجزون عن اتخاذ القرار». ففتح حرب موضوع التوظيف في شركتي «ألفا» و«أم تي سي» فرد بو صعب على ذلك بالأرقام والوقائع، وأضاف: «هناك وزراء يدافعون عن المجرمين». وقصد شركة «ستديو فيجين» فقال بوصعب: «الشركة لديها أخطاء وحجم الهدر من الإيوان لا يتجاوز المليون دولار، فهل الهدر في قطاع الاتصالات محصور بمليون دولار في السنة؟ الهدر ناهز 150 مليون دولار في السنة من التخابر غير الشرعي فقط والمشكلة الأكبر أنك لا تعرف حجم الهدر في وزارتك». وطلب بو صعب وباسيل من حرب تقديم اقتراح إصلاحي بهذا الشأن، فقال حرب: «هناك أخطاء تحصل في الكثير من القطاعات». فأجاب بو صعب: «فلنبدأ بالإصلاح في مكان ما من قطاع الاتصالات».
وقدم وزير الصحة وائل أبو فاعور طرحاً لإقالة يوسف، وردّ عليه بعض الوزراء بأن أي قرار بهذا الشأن من صلاحيات الوزير المعني، وحينها كلف رئيس الحكومة تمام سلام الوزير حرب تأسيس شركة «تلكوم» لتكليفها القيام بمهام هيئة أوجيرو، وقال: «بذلك نكون قد عالجنا مشكلة عبد المنعم يوسف»، فرد حرب قائلاً: «إذا تبين في القرار الظني تورط يوسف سأتقدّم باقتراح لتعليق عمله في منصبه».
بو صعب لـ «البناء»: يوسف أقوى من الدولة
واستغرب الوزير بو صعب استشراس حرب في الدفاع عن يوسف، رغم أن جميع الوزراء أقروا بأن يوسف يخالف القانون بالحد الأدنى من خلال ممارسته وظيفتين، فهو يوقع العقود ويصرف الأموال ولا يجيب على أسئلة الوزراء، وكأنه في إمبراطورية، وبالتالي أقوى من الدولة وتبين في مجلس الوزراء اليوم أن المجلس عاجز عن اتخاذ قرار»، وأشار بو صعب لـ «البناء» أن «حرب يتحدث في كل شيء إلا في ما نطلبه منه بموضوع الاتصالات».
قزي لـ «البناء»: الجلسة «طبخة بحص»
وقالت وزير العمل سجعان قزي لـ «البناء» إن «جلسة أمس طبخة بحص ولم تصل إلى أي نتيجة»، متحدثاً عن هدر هائل في قطاع الاتصالات منذ وقت طويل و«لا أرقام دقيقة وكل الأرقام التي طرحت في الجلسة تخمينية وسياسية»، مشيراً إلى أن «كل الطروحات لإقالة عبد المنعم يوسف لم تؤد الى نتيجة ولم يتخذ قرار بهذا الشأن».
درباس لـ «البناء»: الحكومة المقبرة العامة للدولة
وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «البناء» إن «جلسة الاتصالات كانت جلسة حسابات خاصة وشخصية عنوانها إصلاح وجوهرها مصالح». وعبر درباس عن استيائه الشديد من مداولات الجلسة قائلاً: «شيء مقرف، لم أفهم ولا كلمة». واعتبر أن «ملف الاتصالات كسائر الملفات التي تفتح بشكل مفاجئ ثم تنام في الأدراج بسحر ساحر ولا تعرف أسباب فتحها ولا أسباب إقفالها، وبالتالي تحول مجلس الوزراء الى المقبرة العامة للدولة اللبنانية».
وشدد درباس على أن «الرئيس سلام لا يستطيع الاستمرار على هذا المنوال من الجلسات الى ما لا نهاية ولا أعرف ما هي الخيارات التي سيلجأ اليها». ولفت الى أن «هناك العديد من الرؤوس في البلد أكثر فساداً من عبد المنعم يوسف بعشرات آلاف المرات»، مبدياً أسفه أن يتحول موضوع الاتصالات الى سبب لاستعراض العضلات بين الوزراء، فالهدر موجود في هذا القطاع منذ وضع أول خط خلوي في التداول، نافياً اتجاه المجلس إلى إقالة يوسف».
.. وجلسة رئاسية الإثنين
رئاسياً، وبعد أن تبدّدت الرهانات على إحداث خرق ما على طاولة الحوار الوطني، بات مصير جلسة الثامن من الشهر الحالي التي دعا اليها الرئيس بري كمصير سابقاتها.
عملية أمنية للجيش في وادي عطا
على الصعيد الأمني، سجل الجيش اللبناني أمس، إنجازاً نوعياً جديداً في إطار مواجهة الإرهاب، فقد تمكن من خلال عملية نوعية في وادي عطا – عرسال من توقيف 4 إرهابيين بينهم المطلوبان الخطيران طارق فليطي وسامح البريدي واثنان من التابعية السورية، وقد توفي الموقوف البريدي متأثراً بجروحه.