المعلّم ومؤتمر كيري حول الكيميائي منذ عام
عامر نعيم الياس
أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلّم خلال مؤتمر صحافي في العاصمة دمشق أنّ «سورية في قلب ائتلاف دولي وإقليمي لمكافحة داعش» معتبراً أنّ تدخل الولايات المتحدة في سورية من دون «التنسيق» مع الحكومة السورية هو «عدوان سنتصدّى له بما لدينا من إمكانات». وحول القرار 2170 أكّد المعلّم أنّ «الأردن وتركيا ملزمان بموجب هذا القرار بالتعاون وضبط الحدود والتنسيق مع سورية والمجموعة الدولية».
بعد ذلك بساعات أعلن المتحدث باسم البيت البيض أنّ الرئيس باراك أوباما يبحث شنّ غارات داخل سورية «لكنه لم يتوصّل إلى قرار بعد»، ويعتقد بضرورة بلورة نجاحات داخل سورية للتأثير على «داعش» داخل العراق.
المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية السوري جاء في توقيته ملتقطاً للحظة دولية وإقليمية تشهد حراكاً للخروج باستراتيجية واضحة لمكافحة تنظيم ما يُسمّى الدولة الإسلامية، معلناً استراتيجية الدولة في سورية لمقاربة هذا الملف الدولي الضاغط، والتفسير السوري للقرار 2170 في ما يخصّ جزئية «مكافحة الإرهاب» وإلزامية القرار لدول الجوار بمكافحة «التمويل وتمرير الإرهابيّين إلى سورية»، مفسحاً المجال في الوقت نفسه أمام تعاون سوري أميركي على قاعدة مكافحة الإرهاب في مواجهة «العدو المشترك»، فالتحالف الدولي والإقليمي لا يكتب له النجاح من دون وجود سورية في قلبه ومركزه، هنا يذكرنا وزير الخارجية السوري بمؤتمره الصحافي بالمؤتمر الذي عقده وزير الخارجية الأميركي جون كيري العام الماضي قبيل أسبوع من صدور قرار مجلس الأمن الدولي حول الكيميائي السوري، حيث طرح عندها كيري، وفي خضمّ الحديث عن الهجوم الأميركي الحتمي على سورية لتجاوزها الخطوط الحمر لأوباما، طرح فكرة «تسليم الدولة السورية لترسانتها الكيميائية خلال أسبوع لكي تتلافى الضربة الأميركية»، مخرج آمن للجميع تبعته زيارة لوزير الخارجية السوري إلى موسكو، وإعلان موازٍ عن قبول التعاون مع المجتمع الدولي، صدر على أثره قرار مجلس الأمن 2118 والذي سلّمت بموجبه سورية ترسانتها الكيميائية والتي تمّ تدميرها قبل أيام وتولّى الرئيس الأميركي الإعلان عن ذلك شخصياً.
لقد كان مؤتمر كيري نقطة تحوّل في ملف الكيميائي السوري وأمّن مخارج آمنة لكافة الأطراف المنخرطة في لعبة الخطوط الحمر والكيميائي السوري، فهل حصل تبادل أدوار، وهل يحاول المعلّم عبر مدّ اليد للإدارة الأميركية وبريطانيا، رسم معالم طريق مكافحة الدولة الإسلامية في العراق والشام؟
الموقف الأميركي من سورية لا يزال على تردّده المعهود منذ بداية الأزمة، البعض فسّره حينها على أنه تردّد ناتج عن صراع داخل الإدارة حول السياسات الواجب اتّباعها في سورية، والبعض الآخر فسّره على أنه يشكّل بحدّ ذاته استراتيجية لإدارة حرب استنزاف في سورية على المدى المنظور، لكن اليوم اختلفت المعطيات فالدولة الأميركية دخلت في حرب دفاعية ضدّ «داعش» في العراق وسلّمت بحتمية الانخراط في مواجهة هذا التنظيم في العراق وسورية للخطر الذي يشكله على المصالح الأميركية ولارتباط الحالتين السورية والعراقية ببعضهما، هنا تبرز معادلة جديدة على المشهدين السوري والعراقي، الأميركيون يخرجون من الازدواجية، أيّ محاربة «داعش» في العراق ودعمها في سورية، إلى محاربتها في العراق وسورية، تطورٌ مهمّ يبدو أنه كان السبب الرئيسي في مبادرة الدولة السورية بعقد المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية وليد المعلّم. لكن حتى اللحظة لم تقرّر الإدارة الأميركية ماهية التدخل في سورية والذي ينحصر بأحد السيناريوين التاليين:
الأول: ضربات جوّية أميركية داخل سورية من دون التشاور مع الحكومة السورية، موقف تدفع باتجاهه نخب أميركية حاكمة في كافة مفاصل الإدارة الأميركية، فالتعاون مع الأسد خط أحمر لا يجب تجاوزه. لكن المحاذير التي عدّدها وزير الخارجية السوري، فضلاً عن الموقفين الروسي والصيني الرافضين لهذا السيناريو، يبقيان ماثلين في ذهن العسكرية الأميركية. وعلى فرض تمّ تجاوز ما سبق، وهو ضرب من ضروب المستحيل، فإنه يمكن القول إنّ ضرب «داعش» و»النصرة» في سورية يصبّ في مصلحة حرب الدولة السورية ضدّ التنظيمين الكبيرين في صفوف الميليشيات الإرهابية المسلحة.
الثاني: التعاون مع الدولة السورية ومدّ اليد للأسد في مكافحة «العدو المشترك» مصطلحٌ بدأ يجد مكانه في الصحافتين الأميركية والبريطانية عند الحديث عن «داعش» في سورية، وفي هذا السياق دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عقب مؤتمر نظيره السوري، إلى إنشاء جبهة مشتركة لمكافحة الإرهاب الدولي.
كاتب سوري