الذكرى الأولى لجريمة إحراق الطفل علي الدوابشة

هشام الهبيشان

تزامناً مع الذكرى الأولى لجريمة إحراق الطفل الرضيع علي الدوابشة من قبل عصابات الكيان الصهيوني المسخ، تتسارع الأحداث في عمومِ مناطقِ الضفةِ الغربية وخصوصاً في مدينتي الخليل والقدس المحتلة، هجمات ومشاريع صهيونية متلاحقة تستهدف أهل الخليل وعمومَ سكان الضفةِ والمقدسيين على وجهِ التحديد ببلداتِ المدينةِ المحتلة، ومن الطبيعي أن تولّد هذه الأفعال الإجرامية والمشاريع الاستيطانية الصهيونية ضدّ المدنيين الفلسطينيين بمدينة القدس المحتلة وبعموم مناطق الضفة الغربية، ردود فعل غاضبة من قبل سكان وأهالي الضفة الغربية، خصوصاً بعد حديث نتنياهو عن مشروع تهويد وصهيَّنةِ مدينة القدس بشكل كامل، حالة الغضب الفلسطينية بالمدينة برزت من خلال مجموعة ردود الفعل على التعديات والاستفزازات الصهيونية للمقدسيين، ومن هذه الاستفزازات قيام مجموعاتٍ من قطعانِ المتطرفين الصهاينة بمحاولاتِ اقتحامِ وتدنيسٍ مستمرةٍ للمسجد الأقصى والتعدّي على المقدسيين وفرض مشاريع الاستيطان على بلداتهم وتهجيرهم منها، ومن هنا فمن الطبيعي أن تمثل هذه الاستفزازات والتعديات الصهيونية سابقة خطيرة، وهذا ما دفع مواطنين من عمومِ مناطق الضفةِ الغربية للقيام بعملياتٍ فدائية وبطرقٍ مبتكرة كردّ فعلٍ على الاستفزازات الصهيونية بمدينةِ القدس المحتلة.

فما يقوم به كيانُ الاحتلال الصهيوني من هجومٍ بربري، نازي، فاشي، يستهدف الضفة الغربية بشكلٍ عام ومدينتي الخليل والقدس والمسجد الأقصى بشكلٍ خاص، هذه العوامل بمجموعها تؤكد أنّ هناك مشروعاً صهيونياً دولياً إقليمياً يستهدف تصفيَّة القضية الفلسطينية بشكلٍ كامل، فاليوم يُمارس هذا الكيان الصهيوني دورهُ القديم الجديد بمحاولةِ تصفية القضية الفلسطينية وتهجير باقي سكان فلسطين من وطنهم وإحلال عصاباتٍ وقطعانِ المستوطنيين مكانهم، إذ تقوم اليوم عصاباتُ هذا الكيان بجرائمٍ كبرى، إضافةً إلى حملاتِ تدمير وهدم كثيرٍ من البيوتِ والتجمّعات السكانيةِ بالضفة الغربية وبمدينة القدس تحديداً، لتُقام على أنقاضها مستوطنات توطن فيها مجموعة من صهاينة هذا الكيان.

ولم تكتف عصابات هذا الكيان المسخ بهذه الإجراءات فقط، بل ما زال يحاول الكثير من قادةِ هذا الكيان المسخ تدنيس المسجد الأقصى واستباحة المقدسات الإسلامية والمسيحية الموجودة في مدينة القدس، وخلال الأيام الأخيرة شاهد العالم أجمع مشاهد اقتحام قطعان الصهاينة للمسجد الأقصى من جهةِ باب المغاربة وتحت حماية الشرطة الصهيونية، هذا العمل المستفزّ وما تبعه من أعمال أكثر استفزازاً أفرزت بمجموعها ردّ فعل شعبياً فلسطينياً غاضباً، تمثّل بالقيام ببعض العمليات الفدائية والاستشهادية ضدّ المستوطنين الصهاينة وبطرقٍ مبتكرةٍ وبدائية نتيجة محدودية الموارد الدفاعية التي يملكونها، تمثلت بحوداث الدهس والطعن وغيرها، وما رافق كلّ هذا وذاك من وجودِ مؤشراتٍ كبرى توحي بتصعيد الهبّة الفلسطينية الجديدة.

الدور والموقف العربي مما يجري في مدينتي القدس والخليل وعموم مناطق الضفة، ما زال كما هو، وذلك يبدو واضحاً من خلال ردود الفعل العربية الرسمية الهزيلة على كلّ هذه الأحداث التي تستهدف الفلسطينيين اليوم في القدس بشكلٍ خاص، وفي باقي مناطقِ الضفةِ الغربية، فقد حاولت هنا بعض المحاور «العربية المعتدلة» التي تكوّنت حديثاً في المنطقة العربية «المحاور التي تعرف بتبعيتها إلى المشروع الصهيو أميركي» إضفاء طابع آخر للمعركة في مدينة القدس وعموم الضفة الغربية، إذ حاولت هذه المحاور تصوير ما يجري في مدينة القدس على أنه أمرٌ عرضيٌ وسينتهي بفترةٍ زمنيةٍ محدودة، مع أنَّ جميع هذه الأنظمة تعرف وتدرك أنّ هدف حكومة نتنياهو من استغلال وإشعال فتيل كلّ هذه الأحداث بمدينة القدس، هو الوصول إلى كسبِ موقف دولي يسمح لحكومة نتنياهو بكسبِ قرار دولي يسمح للصهاينة بإقامة دولتهم «اليهودية» على أنقاض الدولة «العربية – الإسلامية – المسيحية الفلسطينية».

ختاماً، لقد اتضحت حقيقة ما يجري من أحداث في مدينة القدس بشكل خاص وعموم مناطق الضفة الغربية بشكل عام، وظهر بشكلٍ واضح أنّ حكومة نتنياهو تسعى إلى استغلال هذه الأحداث لكسب أوراق قوة من خلالها، والسعي إلى كسبِ قرارٍ وإجماعٍ دولي يسمح للصهاينة بتحقيق حلمهم التلمودي بقيام دولتهم اليهودية، فهل سيتحرك العرب لحماية الضفة وأهلها؟ أم سيبقى الموقف العربي كما هو هزيلاً ضعيفاً كما عهدناه في ما يخصّ قضية الشعب الفلسطيني وفلسطين؟ الواضح أنّ موقف بعض العرب سيبقى كما هو، كيف لا والبعض من العرب ينسق اليوم مع الكيان الصهيوني وقادته لتدمير ومحو تاريخ هذه الأمة، وهنا أودّ تذكير بعض العرب أنّ الطريق إلى القدس لا تمرّ في صنعاء، وأودّ أن أذكرهم أنّ جريمة إحراق الطفل علي دوابشة هي وصمة عار على جبين كلّ من تآمر على فلسطين وساهم في تدمير وإضعاف هذه الأمة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى