افتتاح المؤتمر التأسيسي لجامعة الأمة العربية برعاية لحود: تأكيد محورية قضية فلسطين والتصدّي للمشروع الصهيوني ـ التكفيري
لمى نوّام
برعاية الرئيس العماد إميل لحود وتحت شعار «فلسطين المحور… المقاومة نهج»، افتُتح المؤتمر التأسيسي لجامعة الأمة العربية في فندق «رمادا بلازا» ـ الروشة، بحضور ممثلي الدول العربية والأفريقيّة وأكثر من 20 دولة عربية، بالإضافة إلى ممثلي عدد كبير من الهيئات والأحزاب والمنظمات.
تحدث خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، والتي أدارها الإعلامي المصري عمرو ناصف، كلّ من رئيسة المؤتمر الدكتورة هالة الأسعد التي ألقت كلمة جامعة الأمة العربية، الدكتور رفعت السيّد أحمد الذي ألقى كلمة العرب في أفريقيا، المطران عطالله حنا في كلمة مباشرة من القدس الذي ألقى، بدوره، كلمة العرب في الأراضي المحتلة، الشيخ حسن عز الدين الذي ألقى كلمة المقاومة الإسلامية ـ حزب الله، ووزير الخارجية السابق الدكتور عدنان منصور مُمثّلاً راعي المؤتمر الرئيس إميل لحود.
وفي الجلسة الثانية التي حملت عنوان «مناقشة ميثاق الجامعة وإقراره»، عرض العميد المتقاعد الدكتور أمين حطيط الوضع العربي الذي فرض إنشاء جامعة الأمة العربية. كما جرى عرض ميثاق الجامعة وشروحات حوله، ومناقشة الميثاق وتسجيل الملاحظات وتشكيل لجنة الصياغة النهائية.
وعقدت جلسات بعد الظهر، فتناولت الجلسة الأولى مأسسة المقاومة القانونية من أجل فلسطين وكافة حقوق الأمة.
وألقى كلمة مركز جرائم الحرب الوزير السابق الدكتور عصام نعمان، وتحدث الياس الخوري باسم اتحاد الحقوقيين الدوليين، أما كلمة اتحاد محامي البحر المتوسط فألقاها الدكتور محمد البكار وألقى كلمة قدامى المقاومين وكلمة الفصائل الفلسطينية المقاومة ماهر الطاهر، وكلمة علماء المقاومة ألقاها الشيخ ماهر حمود.
وتناولت الجلسة الثانية موضوع تشكيل لجان العمل واختيار رؤسائها والمقرّرين في الورشات التالية: توثيق جرائم الحرب «الإسرائيلية»، الملاحقة القانونية والجنائية لـ»إسرائيل» والقواعد الناظمة، مواقف القانون الدولي لتجريم الأفعال من قبل المحتل، محكمة الضمير الإنساني الدائم.
وبحث ملحق الجلسة الثانية الحصار والتضييق المعيشي على الفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة، تهويد القدس، وجريمة التطبيع مع العدو.
بعدها انطلقت أعمال الورشات، ثم أُقيم جرى عشاء تكريمي في الفندق بحضور المشاركين والضيوف الرسميين من سفراء عرب وأجانب.
وسيناقش اليوم الثاني للمؤتمر المواضيع وإعداد المقترحات والتوصيات في جلسات عمل الورشات الأربعة، وفي الجلسة الختامية ستجري تلاوة تقارير أعمال الورشات ومناقشتها وإعداد التوصيات، بعدها يُعقد مؤتمر صحافي لتلاوة البيان الختامي لأعمال المؤتمر.
واعتبرت رئيسة المؤتمر الدكتورة هالة الأسعد «أنّ الأمة حالة حضارة ووعي، والانتماء حالة هوية والهوية مهدّدة، كما هو وطني وانتمائي ومعتقدي وروح هويتي، ليصل التهديد إلى لغتي وهي المقدسة فيكون التهديد موصولاً إلى إلغاء حضارتي ونحن خير أمة أخرجت للناس».
ورأت «أنّ الأخطر من كلّ ذلك، أنّ الخطر ليس من عدو، فالعدو هو عدو، لكن أن يصنع لنا تهديداً حقيقياً من مؤسساتنا ومنظماتنا، ومن داخلنا كأمة فهنا يكمن الخطر، فيكون دهاء العدو أن يستثمر أدواته ويموّلها بمالنا وبأشخاص ارتُهنوا له وبمؤسسات تنفذ ما يريد ويجعل منها خطراً لم تعد الخشية منه فقط، فقد أصبح يفتك بهذه الأمة ويهدّد وجودها، ونحن في مرحلة إما أن نكون أو لا نكون، وإما أن نكون أعزاء أو لا نكون. من هنا نشأت فكرة جامعة الأمة العربية لندافع عن الهوية بغياب الهيكلية المؤسساتية التي تجمع وتحشد الطاقات، فأصبح فرض عين لأنّ الواقع المتردّي اقترب من خطر المساس بالهوية».
وأشار الدكتور رفعت السيد أحمد إلى «أنّ مجال دعم المقاومة ضد المشروع الصهيوني والتكفيري في المنطقة، مجال واسع ورحب، وفي ساحته متسع لكلّ مخلص غيور، وليس لكلّ مغرور ضيّق الأفق، محدود الأثر والفعل، كما نشاهد اليوم من البعض ممن ينسبون أنفسهم للأسف، إلى دعم خيارات المقاومة».
وأكّد «أنّ الجامعة، وأي تجمع شعبي حقيقي يريد البقاء والعطاء، لا بد له ألا ينسى سورية، فسورية الدولة والشعب الصامد المقاوم لأكثر من خمس سنوات أمام هجمة ومؤامرة دولية واسعة الأركان، سورية كانت ولا تزال هي الكاشفة، هي يوم الساعة العربي، وهي اليوم الذي يفرز الخبيث من الطيب، والعروبي من الطائفي».
وألقى وزير الخارجية السابق عدنان منصور كلمة راعي المؤتمر الرئيس إميل لحود، لافتاً إلى «أنّ إقامة جامعة الأمة العربية لهو هدف كنا نتطلع إليه ونتمنّاه بعد ترهُّل النظام العربي الرسمي وانهيار الأوضاع في بلداننا العربية، وما أصاب الوطن الكبير من مآسٍ جراء سياسات متخاذلة مستمرة منذ عقود على أيدي ملوك الطوائف والحُكّام الصوريين وزعماء القبائل والعشائر، ابتليت بهم الأمة».
وقال منصور: «هكذا ضاعت فلسطين وسط جامعة الدول العربية، ووسط زحام القمم العقيمة والمؤتمرات الهزيلة والمؤامرات والخطابات والقرارات والمزايدات، فأمعن العدو الصهيوني بممارساته العدوانية المتواصلة ضدّ فلسطين وشعبها، وهيمنت قوى التسلُّط على مقدرات وثروات الأمة ولجمت طموحاتها في التحرُّر والاستقلال الحقيقي، ومزّقت نسيجها الوطني والقومي».
وقال مسؤول العلاقات العربية في حزب الله الشيخ حسن عز الدين: «في الرابع عشر من آب نغادر جميعاً دولاً وحركات وأحزاباً وقوى سياسية وشخصيات ونخباً وجمعيات أهلية وجماهير وشعوباً، زمن الهزيمة واليأس والإحباط والذلّ والهوان، إلى غير رجعة، ونفتح زمن الانتصارات الآتية بإذن الله. نفتح صفحة جديدة من صفحات وجودنا مكتوبة بماء الذهب الصافي».
أضاف: «إنّ معادلة الشعب والجيش والمقاومة لم تعد معادلة الوطن الصغير على مساحة وجغرافية هذا القطر، بل أصبحت معادلة الوطن العربي الكبير ومعادلة الأمة العربية والإسلامية، بل معادلة المواجهة الحتمية ضدّ عدو هذه الأمة الأساس، العدو الصهيوني ووجهه التكفيري وكلّ من يقف ويتحالف مع هذا العدو».
الأسعد: فلسطين هي المحور
وعلى هامش المؤتمر، كان لـ»البناء» لقاءات مع عدد من المشاركين.
وفي السياق، أشارت رئيسة المؤتمر الدكتورة هالة الأسعد إلى أنّ المشاركين «هم مجموعة من منظمات وأحزاب وهيئات، وأسّست لهذه الجامعة مجموعة من المؤسسات والهيئات والأحزاب والاتحادات والشخصيات العربية لإطلاق جامعة الأمة العربية التي هي جامعة جماهيرية شعبية، لكنها مؤسساتية في الوقت نفسه تحت العنوان المقاوم وفلسطين هي المحور».
وأضافت: «في هذا العصر المتردّي للأمة العربية وللحال العربية، يجب أن تكون هناك جامعة شاملة عامة للشعب العربي، لتقول كلمتها فننتقل معها من مرحلة الكلام إلى مرحلة الفعل».
وعن فعاليات المؤتمر، قالت: «اليوم ستبدأ المقاومة القانونية من أجل فلسطين التي ستتمأسس وسينتج عنها مكاسب، وسيكون هذا المؤتمر نقطة البداية، كما سيتم عرض الميثاق ومناقشته للمصادقة عليه، ليكون العمل في المنظمات والمؤسسات، ويكون لنا وجود وتكون للشعب كلمته في هذا العالم».
منصور: الأنظمة العربية فشلت في دعم قضاياها
ولفت ممثل راعي المؤتمر الوزير السابق عدنان منصور إلى أنّ الغاية من هذا المؤتمر «هي توحيد الجهد العربي، على مستوى الشعوب العربية، وهو مؤتمر لا يعبّر عن الأنظمة، على اعتبار أنّ الأنظمة العربية فشلت في متابعة ودعم قضاياها، على مستوى العديد من المسائل كالقضية الفلسطينية، المسائل الإرهابية وما تواجهه المنطقة من تهديد لسيادتها واستقرارها وأمنها».
وقال: «بإمكان هذه الجامعة، من خلال التواصل والتفاعل ومن خلال المجالس التي تُنشئها، كالمجالس القانونية والسياسية، أن تعبّر عن ضمير الأمة وعن قضاياها، وتستطيع مستقبلاً أن تمارس الضغط، من خلال مجموعات الضغط، داخل كلّ دولة عربية لكي تؤثّر على أنظمتها لاتخاذ القرارات السليمة المتعلّقة بقضاياها».
وختم منصور: «هذا الوهم العربي أو تخاذل الأنظمة العربية لا يمكن الاستمرار فيه أو القبول به، لذلك نحن نعلق أهمية كبيرة على هذا المؤتمر ونتائجه مستقبلاً».
أحمد: الخطوة الأولى في مواجهة المشروع التكفيري ـ الصهيوني
وأوضح الدكتور رفعت السيد أحمد أنّ المؤتمر «يختصّ في إعلان تأسيس جامعة للشعوب أو للأمة العربية في مواجهة المشروع الصهيوني، ومواجهة المشروع التكفيري ومواجهة عمليات التآمر على سورية، هذه هي العناوين الرئيسية للمؤتمر».
وقال: «أظنّ أنّ المؤتمر، بما احتواه من قوى وتيارات وأحزاب عربية وهيئات وأكثر من 20 دولة عربية تواجدت في المؤتمر، سوف يوصّل رسالة مفادها أنّ جامعة الدول فشلت والآن يأتي دور جامعة الأمة أو جامعة الشعوب».
وأضاف: «جامعة الأمة في تقديري لكي تنجح لا بد أن تسعى إلى التعاون والتفاعل بشكل حقيقي مع القوى الشعبية، وليس مع هيئات أو منظمات حكومية، وإذا نجحنا في هذا الأمر نكون قد وضعنا الخطوة الأولى في مواجهة هذا المشروع التكفيري والصهيوني في المنطقة».
وختم أحمد: «الجامعة مبنية على جهود سابقة متراكمة وليست وليدة اليوم، والجهود السابقة هي جهود كلّ القوى التي تدفع باتجاه المقاومة. من هنا لا بدّ أن نتواضع جميعاً في خدمة المقاومة التي هي على رأسنا جميعاً، كلّ يؤدي عمله في مجاله، في الإعلام والثقافة والأدب والسياسة، كلنا نخدم المقاومة، ولا بدّ أن يكون العمود الفقري للجامعة هو خدمة مشروع المقاومة، وأظن أنّ المتواجدين في هذا المؤتمر يسعون إلى ذلك».