آخر تلامذة العقّاد يعثر على شعره المنسيّ والمجهول
اعتبر حمدان العَقَّاد مثله الأعلى، فكان طبيعيًّا أن يكون راهبًا في محرابه، عاكفًا على مؤلفات أستاذه، دراسةً ومذاكرةً وفهمًا بلا كلل أو ملل.
«المجهول والمنسي من شعر العَقَّاد» كتاب جديد أصدرته «الدار المصرية ـ اللبنانيـة» في إطار سعيها إلى كشف المجهول في حياة الكُتَّاب والشعراء والمفكرين والفلاسفة مصريًّا وعربيًّا وعالميًّا. جمعه وحقَّقه الكاتب الأديب الراحل محمد محمود حمدان، الأخ الأكبر للعلامة والمفكر الراحل د. جمال حمدان، منجز موسوعة «شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان»، وهو شقيق الدكتور عبد الحميد حمدان، أستاذ الأدب في جامعة السوربون في باريس، وله جهود مهمة في الأدب والتصوف.
سبق لـ»الدار المصرية ـ اللبنانيـة» أن أصدرت لحمدان كتابه المهم «من رسائل العقَّاد» الذي يعد كشفًا مهمًّا عن حياة العقاد وأدبه، كما أصدر محمد محمود حمدان «تاريخ الإسلام الذهبي» تحقيق و»أوجز السير لخير البشر» تحقيق ، وكتب وحقق الكثير من الأعمال في مختلف المعارف الإنسانية، وله العديد من المقالات في مجلة «الرسالة» أو سواها من المجلات والجرائد المصرية والعربيـة.
الكتاب في 118 صفحة قطعاً وسطاً، وصمَّم غلافه الفَنَّان وائل حمدان.
يعتبر إصدار هذا الكتاب حدثًا أدبيًّا مهمًّا لأنه غير مسبوق، إذ يجمع أوراقًا مجهولةً كادت الأيام تطويها لولا جهد حمدان الذي بذل الوقت الكثير في جمع شعر العقاد من الدوريات القديمة، وفي كتبٍ نثرية لم تضمها دوواين العقاد العشرة التي يعرفها المهتمون بشعر العقاد والتي وصلت إلى القُرَّاء وسبق أن طُبعت أكثر من مرة مفردة أو مُجَمَّعة بتحقيق وتقديم أكثر من شاعرٍ أو من تلامذة العَقَّاد.
يقول الناشر محمد رشـاد: «إن مهمة البحث قام بها حمدان، آخر تلامذة العقاد، أحد الأدباء المقربين من العَقَّاد، وكان حمدان تلميذًا نجيبًا للعقاد، وتحولت علاقة التلمذة هذه إلى صداقة حميمة، فكان حمدان يرسل إلى العقاد كثيرًا من الرسائل، والأخير يرد عليه ويبادله هذه الرسائل بأخرى مماثلة». ويشير رشـاد إلى أن حمدان اعتبر العَقَّاد مثله الأعلى، فكان طبيعيًّا أن يكون راهبًا في محرابه عاكفًا على مؤلفات أستاذه، دراسةً ومذاكرةً وفهمًا بلا كلل أو ملل. وكان يُعَدُّ في أيامه الأخيرة المصدر الأساسي، بل الوحيد، الموثوق فيه للرجوع إلى كُلِّ ما خطَّ العقَّاد أو ذكر من قولٍ.
قدَّم للكتاب الدكتور عبد اللطيف عبد الحليم، الأستاذ في كلية دار العلوم في جامعة القاهرة وأحد أصدقاء حمدان والعقَّاد معًا قائلاً: «للأستاذ حمدان قدرة فذة على التخيل والتحقيق والتدقيق، وهو ذو قلم وفكر يميز الجيد من الكلام، والرديء منه، وقد احتفى حفاوةً فذةً أيضًا بكل ما كتب أستاذه وأستاذنا العقاد، ربما لا يشاركه غيره فيها، بل كان له دائماً قصب السبق، حتى في ما يتصل بحياة العقَّاد الشخصية، وتشهد على ذلك حفاوته برسائل العقاد منه وإليه، والتي خرجت في طبعةٍ رائعةٍ عن الدار المصرية اللبنانيـة من قبل».
استغرق جهد حمدان سنوات عديدةً عكف فيها على التنقيح والغربلة، إذ «يضيف إلى الباحثين مددًا عظيمًا في تاريخ الأدب والشعر الحديث، وربما يغير كثيرًا من المفاهيم النقدية الشائعة.
محمد محمود حمدان، بحسب ما دونت ابنته إيمان في بدء الكتاب، ولد في الخامس من آذار عام 1924 في القليوبيـة، والده الأستاذ والمعلم محمود صالح حمدان، كان مدرسًا للغة العربيـة، وتعلم منه الابن أصول اللُّغة وحب القراءة، توفى في الرابع من شباط 2012 عن عمر يناهز الثامنة والثمانين.
الكتاب يتضمَّن الزيادات التي أخلَّت بها أجزاء ديوان العقاد «عشرة كتب شعرية» إذْ لم يشتمل هذا الديوان على كل ما نظمه العقاد من الشعر على مدار حياته. ويهدي حمدان كتابه: «إلى الذين يعرفون شعر العقَّاد حق معرفته ويفهمونه حق فهمه». ومن قصائد العقَّاد المجهولة والمنسية: «مجنون ليلى» 1913 ، «سطوة الجمال»، «طرفة بن العبد»، «في عيد الجهاد الوطني» 1937 ، «في ذكرى الزعيم محمد محمود» 1945 ، «نشيد وداع على لسان أبي العلاء المعري».