الأسد يوفد الفريج إلى حلب… والحرب تتوسّع نحو خان طومان وجسر الشغور هل يرث أردوغان بضمانة بوتين دور واشنطن في عزل النصرة عن المعارضة؟

كتب المحرّر السياسي

بين الميدان العسكري المليء بالتطورات ولقاءات الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان، جاءت زيارة وزير الدفاع السوري جاسم الفريج موفداً من الرئيس بشار الأسد إلى حلب، لتقول أشياء كثيرة، أبرزها تزامنها مع إحكام السيطرة على طريق الراموسة بما يعزز الإنجاز الذي تحقق بسيطرة الجيش السوري وحلفائه على معبر الكاستيلو، واتساع نطاق المواجهات، خصوصاً القصف الجوي المركّز الذي ظهرت فيه طائرات بدون طيار لحزب الله وهي تقصف أهدافاً في خلصة للجيش التركستاني، ومثلها غارات واستهدافات مكثفة لتجمعات جبهة النصرة في خان طومان، بينما أحكم الجيش السوري سيطرته على جبل القلعة الذي يشكل آخر نقاط الإمساك بالحدود التركية السورية، بعد الإنجاز الكبير باستعادة مدينة كنسبّا، وما تطرحه من فرضيات عسكرية نحو جسر الشغور، وسراقب التي كانت مواقع ومستودعات جبهة النصرة فيها هدفاً خلال اليومين الماضيين، بما يفتح فرص حرب شاملة وفقاً لتقديرات مصادر عسكرية لا تتقيّد بجغرافيا جنوب حلب، إلا بالقدر اللازم عسكرياً لضرورات المعركة الشاملة.

بالتزامن كان لقاء القمة بين الرئيسين بوتين وأردوغان، والبحث الرئيسي يدور حول فرص التفاهم حول سورية، بعد المتغيّرات التي لحقت بالحرب وجعلت لها سقوفاً يصعب تخطيها فرضت على تركيا تلبية طلب الاعتذار من روسيا كشرط لتطبيع العلاقات بعد قطيعة وعداء لشهور، ليتلقف الرئيس الروسي الرسالة التركية كإعلان استعداد لشراكة في التعامل مع الحرب في سورية، خارج السياق التقليدي لتموضع موسكو وأنقرة على خندقين متقابلين، ففتح أبواب الإنعاش للاقتصاد التركي الذي تركه الغرب يترنّح بعد القطيعة مع روسيا، بينما كان التعامل الغربي طيلة فترة الحرب يلقي على تركيا أعباء الحرب، دون أن يلبّي أيّاً من طلباتها ومقترحاتها، ليضع أمام الرئيس التركي في هذه اللحظة الحاسمة من الحرب، ومن الخيبة التركية تجاه التعامل الأميركي أثناء الانقلاب وبعده، من دون أن يخفي خيبة روسيا من التعاون مع واشنطن في ملفات الحرب في سورية، وأمام أردوغان فرصة وراثة دور واشنطن خلال الفترة الرئاسية التي تغطّ فيها الإدارة الأميركية حتى نهاية العام في نوم عميق، وقد تهرّبت من المهمة، وعنوانها، الفصل بين المعارضة وجبهة النصرة، واجتذاب فصائل مسلحة خارج الحرب مع النصرة، التي لن تتنازل عنها موسكو كهدف راهن، وتوظيف الضغط العسكري لسورية وحلفائها وفي طليعتهم روسيا لتحقيق عملية فرز تراكمية للفصائل المنسحبة من تحت لواء القتال مع جبهة النصرة، وأولى المهام التي تنتظر أردوغان وفقاً لهذه الفرصة هي إتمام إقفال الحدود، والحؤول دون تدفق السلاح والمسلحين إلى داخل سورية.

الموقف التركي من العرض الروسي، وفقاً لمصادر إعلامية روسية مقرّبة من الكرملين، إيجابي ويدخل بالتفاصيل، ولهذا عقد اجتماع مسائي مطوّل كان الكلام خلاله لقادة الاستخبارات وتبادل المعلومات حول الخطوات الإجرائية للبدء بالتعاون عبر تشكيل غرفة عمليات مشتركة روسية تركية تتولى متابعة الوضع في سورية، وتبادل المعلومات خصوصاً، بصدد نقل السلاح والمسلحين عبر الحدود، وحول الجماعات المسلحة المرشحة للتحييد من حرب النصرة، والضمانات التي ستوفرها لها غرفة العمليات وفقاً لأحكام الهدنة.

بين مساري الميدان والسياسة تتسارع التطورات السورية، وتبدو الإنجازات التي حققتها جبهة النصرة ومن معها قد جرى امتصاصه، واحتواء تأثيراته، والحؤول دون أن يشكل أرضية لتغيير في التوازنات العسكرية والسياسية المحيطة بالحرب والمفاوضات.

لبنانياً، تتقدّم قضية التمديد لسنة إضافية للعماد جان قهوجي كقائد للجيش الاستحقاقات الداخلية، ويتصاعد التوتر والسجال السياسي حولها، بينما يبدو استحضار الملفات الكبرى كملف الاتصالات وملف النفط بالتناوب، لملء الوقت الضائع، ومجرد مناورات أو محاولات غير مكتملة لا تصل إلى نهايات.

النفط يتحرّك من جديد

جمدت الملفات السياسية لا سيما المتعلقة باستحقاقي الرئاسة الأولى وقانون الانتخاب مجدداً إلى ما بعد الجلسة الحوارية في الخامس من أيلول ليُبنى على الشيء مقتضاه، رغم أن كل الأجواء السائدة لا تبشر بحل قريب للملفين مع استمرار العقدة المستقبلية من ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة أولاً، ومن القانون النسبي ثانياً. ومع غياب أية تطورات لفتح كوة في جدار الأزمات العالقة، عاد الملف النفطي ليتحرك من جديد على خط عين التينة الرابية، مع الزيارة التي قام بها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في زيارة هي الثانية في أقل من شهرين.

لا رئاسة في لقاء بري – باسيل

وأكدت مصادر المجتمعين لـ»البناء» أن لقاء الرئيس بري والوزير باسيل كان إيجابياً بحث في تسريع ملف النفط في الحكومة، لا سيما أن الكرة اليوم لم تعُد في ملعب الرابية عين التينة، فالتفاهم الذي كان مطلوبا ًبناءً على طلب الرئيس تمام سلام حصل»، مشيرة إلى «أن العرقلة تكمن في عدم وضعه المرسومين على جدول أعمال مجلس الوزراء، وعدم دعوة اللجنة الوزارية النفطية إلى الاجتماع». وفي ملف قانون الانتخاب، أشارت المصادر الى أن «وجهات النظر كانت متقاربة لجهة ضرورة الإسراع في إقرار قانون انتخابي جديد يحقق صحة التمثيل وعدالته»، مشدّدة على «أن رئيس المجلس على قناعة بأن الحل يبدأ بقانون الانتخاب وانتخاب رئيس». ولفتت المصادر إلى «أن اللقاء لم يتطرق الى الملف الرئاسي، فلا معطيات جديدة في هذا الشأن يمكن أن يعوّل عليها».

ومن عين التينة انتقل باسيل إلى الرابية، حيث شارك في اجتماع تكتل التغيير والإصلاح برئاسة العماد ميشال عون. واطلع المجتمعين على مجريات اللقاء مع الرئيس بري. وأكد باسيل في تصريح بعد الاجتماع تمسك التكتل بمطلب تعيين قائد جديد للجيش، مشيراً الى انه «سيكون لنا موقف في حال حصل عكس ذلك».

ولفت باسيل الى أن هناك من يمنع التوافق ويقود البلد الى الخراب ونسأل الى متى الهروب من إقرار قانون انتخاب ميثاقي؟ معتبراً أن سلخ الرئيس عن واقعه الشعبي والميثاقي نرد عليه بعدم التخلي عن حقنا ولن نقبل الا برئيس ميثاقي. وقال: «لسنا متمسكين بالعماد عون كشخص ونحن مستعدون للتخلي عنه عندما يختار الشعب اللبناني مرشحاً آخر».

التغيير والإصلاح يقيّم سياسة المستقبل

وعلمت «البناء» أن «الانقسام الحاصل داخل تيار المستقبل أخذ حيزاً من الاجتماع، لا سيما بعد المعلومات التي تحدثت عن تعنت الرئيس فؤاد السنيورة في رفض ترشيح العماد عون». وتساءل المجتمعون: مَن الأقوى داخل هذا التيار؟ ومَن يسيطر على القرار؟ وأجمع المجتمعون أن «الامور ضايعة»، ولا يمكن الرهان على موقف أحد منهم، فالرئيس السنيورة عينه على رئاسة الحكومة، والوزير نهاد المشنوق أيضاً وبالتالي الوضع في المستقبل غير واضح المعالم».

الرئيس قبل نهاية السنة

وأكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق «أنه ما زال مقتنعاً بأن انتخاب رئيس للجمهورية سيتمّ قبل نهاية هذه السنة». ولفت إلى «أنه لم يحصل تصويت داخل تيار «المستقبل» حول ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، إنما ما حصل كان تشاوراً حول الخيارات السياسية الواجب اتباعها»، مضيفاً «نحن لسنا تيار انتظار سياسي بل تيار قرار وواجبنا مناقشة أي خيار في المرحلة المقبلة ونتصرف على أساسه».

وحول تحذير الرئيس نبيه بري من ان عدم التوصل الى تسوية سيؤدي الى مؤتمر تأسيسي او حرب أهلية، قال الوزير المشنوق: «الرئيس بري صمام أمان سياسي ووطني دائم مهما قال».

سلامة الغذاء على طاولة مجلس الوزراء

وفيما بحث تكتل التغيير والاصلاح مطولاً في ملف الاتصالات على ضوء تمني الوزير بطرس حرب من رئيس الحكومة الطلب الى باسيل بصفته وزيراً سابقاً للاتصالات تسليمه الدعاوى التي رفعها ضد رئيس هيئة اوجيرو عبد المنعم يوسف أثناء وجوده في الوزارة عبر الأمانة العامة للمجلس، يبدو أن جلسة يوم غدٍ الخميس ستكون هادئة، فالجلسة ستبحث في جدول اعمال من 57 بنداً عادياً ولن تتطرق الى ملف الاتصالات، لكون الوزير حرب في إجازة خاصة. وعلمت «البناء» أن الجلسة ستبحث في تشكيل الهيئة الوطنية لسلامة الغداء، التي يعير رئيس الحكومة موضوع تأليفها أهمية، وأوعز إلى وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دوفريج التحضير في وزارته لاستقبال طلبات للمرشحين.

مرسوما النفط غير كافيين

وأكد دوفريج لـ «البناء» أن لا اجتماع للجنة الوزارية النفطية قريب، لافتاً إلى «أن لا مشكلة في مرسومي النفط المتعلقين بالبلوكات ودفتر الشروط لإجراء المناقصات»، معتبراً «أن الخلاف سياسي لا تقني». وإذ أشار إلى «أننا نأمل حصول تفاهم بين الرابية وعين التينة، لفت إلى أن الرئيس بري والوزير باسيل لا يختزلان القوى السياسية الأخرى كتيار المستقبل وحزب الله، وحزب القوات وحزب الكتائب». وأضاف: «المفروض أن يوضع رئيس الحكومة في أجواء الاجتماعات بصفته رئيساً للحكومة ورئيساً للجنة الوزارية».

واعتبر دوفريج «أن المرسومين غير كافيين، فالقانون الضريبي المتعلق بالشركات النفطية التي تنوي التنقيب عن النفط في لبنان لم يصدر بعد»، معتبراً أن العملية تستوجب أن يحيل وزير المال علي حسن خليل المشروع الذي أعدّته الوزارة إلى الحكومة لدرسه تمهيداً لإحالته إلى مجلس النواب ليدرس في لجنة المال والموازنة وبعدها في لجنة الإدارة والعدل، ثم يُحال إلى الهيئة العامّة لإقراره. وسأل: هل التيار الوطني الحر على استعداد للمشاركة في جلسة عامة لإقرار القانون الضريبي قبل إقرار قانون انتخاب؟

عين الحلوة تحت السيطرة

أمنياً، لا شك في أن مخيم عين الحلوة ملاذ آمن لإرهابيين، لكن في الوقت عينه، هو مخيم فلسطيني محكوم بتوازن بين قوتين أساسيتين: الأولى تتمثل بالسلطة التي ضعفت عسكرياً ومنقسمة بين حركة فتح من جهة ومحمود عيسى «اللينو» من جهة أخرى، وتملك ورقة المال والمعاشات والتحكم بإدارة المخيم، والثانية تتمثل بعصبة الانصار التي اختصرت في لحظة معينة الثقل الإسلامي وأحدثت توازناً في المخيم حولها إلى الرقم الصعب. وعلى هامش «العصبة»، هناك قوى تكفيرية لها مرتع داخل المخيم وتملك هوامش التحرك، وكانت تستفيد من غطاء حماية أمنته لها عصبة الأنصار وأطراف أخرى داخل المخيم حتى داخل حركة فتح، لكن أن تتحول هذه القوى الى حالة، هذا مشكوك فيه، إذ لا يمكن، بحسب ما تقول مصادر مطلعة على الملف لـ «البناء»، أن تحصل عملية حسم عسكري لصالح التكفيريين، فهؤلاء لا يملكون القدرة على استخدام المخيم كمنصة تحرك وتحكم للخروج من داخل المخيم الى خارجه خاصة أن الدولة اللبنانية عبر الجيش والمخابرات، تقيم شبكة علاقات متنوعة باتجاه المخيم وداخله تسمح لها ان تكون طرفاً أساسياً، فضلاً عن أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم معني بهذا الملف وحامل اساسي له.

وأكد اللواء ابراهيم «أن الوضع الفلسطيني بشكل عام ومخيم عين الحلوة بشكل خاص تحت السيطرة ولا يدعو الى الهلع».

اعتبر ابراهيم في حديث تلفزيوني «أن الامور يجب أن تعالج بعيداً عن الإعلام وهذا ما يحصل»، مشيراً إلى «أن القوى الفلسطينية إيجابية بموضوع إزالة بؤر التوتر وتسليم المطلوبين»، لافتا إلى «أن الجيش ليس بوارد دخول مخيم عين الحلوة، لان العناصر التي يمكن أن تفجر المخيم يتم سحبها مع القوى الفلسطينية والأمور تسير نحو التهدئة».

وشدد ابراهيم على «أن الامن في لبنان بشكلٍ عام تحت السيطرة، ومقارنة مع الدول المحيطة لبنان أفضل من بعض الدول الأوروبية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى