انتصرت المقاومة وفكت الحصار و«إسرائيل» انهارت لعدم تحمّلها حرب الاستنزاف ونتنياهو هرّب الموافقة على اتفاق وقف النار من دون التصويت في الحكومة وشعبيّته في الحضيض وحزبه ينشقّ
حسن حردان
«إسرائيل» هُزمت، والمقاومة الفلسطينية انتصرت انتصاراً واضحاً ومدوّياً لا لبس فيه على أقوى جيش في المنطقة، وذلك بعد أكثر من خمسين يوماً على العدوان الصهيوني على قطاع غزة، استخدم فيه الجيش «الاسرائيلي» كلّ ما في حوزته من الصواريخ والقنابل المدمّرة لسحق المقاومة وفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني… لكنه فشل، وكانت النتيجة إصابته بالإحباط واليأس وانقلاب المستوطنين الصهاينة ضدّ حكومتهم لعدم تمكنها من تحقيق النصر على المقاومة وسيادة الانقسام والصدمة في حكومة العدو، وانهيار في شعبية رئيسها بنيامين نتنياهو، وانشقاق جديد في حزبه برئاسة كحلون.
هذه النتيجة دفعت أحد الوزراء الصهاينة إلى وصفها بالعار على «إسرائيل»، فـ»إسرائيل» انهارت ولم تستطع الاستمرار في تحمّل حرب استنزاف في مواجهة مقاومة وشعب فلسطيني متماسكين ومستعدين للقتال وتحمّل المجازر والدمار وعدم التراجع عن تحقيق المطالب، فيما الجبهة الداخلية «الاسرائيلية» المتطرفة في مواقفها تصدّعت وتفككت ولم تعد متماسكة خلف نتنياهو، وباتت عامل ضغط عليه للخروج من مستنقع حرب الاستنزاف الذي انزلقت إليه «إسرائيل» ولا يبدو أنّ له نهاية، فسارع نتنياهو إلى تلقف المقترح المصري الذي صيغ على نحو يؤمّن قسماً من المطالب الفلسطينية فور بدء تنفيذ اتفاق وقف النار والقاضية برفع الحصار الكامل عن قطاع غزة وفتح كلّ المعابر ودخول المواد اللازمة لإعادة إعمار غزة بلا شروط وتوسيع مساحة الصيد في بحر غزة بعمق 6 ميل، ويؤجل مواضيع إقامة الميناء وفتح المطار وتبادل الأسرى وفتح طريق بَرّي لتأمين التواصل بين غزة والضفة لمرحلة ثانية من المفاوضات بعد شهر من تثبيت التهدئة، وهو ما كان يريده نتنياهو للسير بالاتفاق لأنه لا يستطيع هضم وابتلاع كلّ هذه التنازلات دفعة واحدة.
وهو بالكاد استطاع تمرير الموافقة على الجزء الأول من المطالب الفلسطينية من خلال التسلّح بإجازة المستشار القضائي له بالإقدام على ذلك من دون طرح الاتفاق على المجلس الوزاري المصغّر، حيث يرفض معظم وزراءه الاتفاق. وهو ما دفع أحد المحللين الصهاينة إلى القول: «صادقت الحكومة الإسرائيلية في آب أغسطس من العام 2014، برئاسة بنيامين نتنياهو، على اتفاق وقف إطلاق النار مع «منظمة إرهابية»، حيث أنه نتنياهو «استغلّ الفرصة وهرب».
المصادقة تمّت من قبل نتنياهو وجرى إبلاغ الوزراء عبر الهاتف.
هذه الهزيمة «الإسرائيلية» الجديدة أمام المقاومة جاءت بعد أن وصل جيش الاحتلال إلى طريق مسدود في سعيه لتحقيق أهداف حربه، فهو عجز عن إسكات صواريخ المقاومة التي لم تتوقف عن التساقط فوق مدن ومستوطنات الاحتلال، وأخفق في النيل من منظومة القيادة والتحكّم لدى المقاومة، ولم يتمكّن من تدمير قدرات المقاومة ولا مصانع سلاحها ولا أنفاقها الهجومية، وأخيرأ لم ينجح في الضغط على الشعب الفلسطيني عبر زيادة منسوب المجازر والتدمير في غزة لدفعه الى الصراخ والضغط على المقاومة للقبول بشرط العدو لوقف النار «هدوء مقابل هدوء»، بل أنّ الصراخ جاء من المستوطنين الصهاينة الذين أجبرتهم صورايخ المقاومة وقذائف الهاون على الهروب بشكل جماعي من المستوطنات في جنوب فلسطين المحتلة وعدم العودة إليها قبل التوصّل إلى اتفاق على وقف النار.
وأظهر ذلك الفارق الكبير، بين قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود والتحمّل والاستعداد للتضحية بدمائه وممتلكاته ورفض النزوح عن أرضه والتمسك بالبقاء فيها ودعم مقاومته ومطالبتها بعدم المساومة والتراجع عن المطالب، وبين المستوطنين الصهاينة الذين أثبتوا عدم قدرتهم على الصمود والاستعداد للتضحية ومسارعتهم للهروب وانتقاد قيادتهم، ما يكشف أنه ليس لديهم قضية ليضحّوا من أجلها فهم جاؤوا من أصقاع الدنيا لاغتصاب واستيطان أرض ليست لهم.
على أنّ الهزيمة «الإسرائيلية» كرّست حقيقة أنّ الجيش «الإسرائيلي»، رغم كلّ ما يملكه من قدرات وتفوّق عسكري وحرية حركة، غير قادر على هزيمة المقاومة في قطاع غزة المحاصر وذات المساحة الصغيرة والمنبسطة، خاصة بعد أن امتلكت المقاومة الجاهزية والاستعداد لمواجهته، ما يؤكد أنّ «إسرائيل» باتت قوة مهزومة غير قادرة على تحقيق النصر في الحرب عندما تواجه مقاومة جدية، تماماً كما حصل في جنوب لبنان عام 2006. إنه الدرس الذي يجب أن تحفظه أمتنا جيداً لتحرير الأرض من الاحتلال، لأنّ طريق الرهان على المفاوضات لاستعادة الحقوق برهن أنه أقصر الطرق لضياعها، فالاحتلال لا يرضخ إلاّ تحت ضغط المقاومة، كما حصل الآن في غزة.
«هآرتس»: الاتفاق لا يحقق أي إنجاز لـ«إسرائيل» وأعادها إلى الوراء ونتنياهو استغلّ الفرصة وهرب
بدون مباحثات منظمة، وبدون تصويت، ومن خلال مكالمة هاتفية مقتضبة لأعضاء المجلس الوزاري «الإسرائيلي» المصغّر، صادقت الحكومة «الإسرائيلية» في آب أغسطس من العام 2014، برئاسة بنيامين نتنياهو، على اتفاق وقف إطلاق النار مع «منظمة إرهابية»، حيث أنه نتنياهو «استغلّ الفرصة وهرب».
بهذه الكلمات وصف المحلل السياسي لصحيفة «هآرتس»، براك رافيد، موافقة «إسرائيل» على وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن «نفس نتنياهو، وقبل 5 سنوات فقط، بعد الحرب في قطاع غزة في حينه، والتي أطلق عليها تسمية «الرصاص المصبوب»، كانت حملته الانتخابية أنّ «المهمة لم تستكمل، وأنه يجب القضاء على سلطة حماس، وأنه هو الوحيد القادر على ذلك».
وتابع المحلل «انّ أداء نتنياهو طوال أيام الحرب الخمسين مع قطاع غزة أظهرت حجم الفجوة بين تلك التصريحات والتعهّدات التي كان ينثرها وبين الواقع. فهو، أيّ رئيس الحكومة الذي تحدّث بأكثر ما يمكن من القوة ضدّ حماس، أنهى المواجهة معها بأضعف ما يكون. فكلّ ما أراده هو التوصّل إلى وقف إطلاق النار بأيّ ثمن، وعندما لاحت له الفرصة استغلها وهرب».
وبحسب رافيد فإنّ «المقترح المصري الذي وافقت عليه إسرائيل، يوم الثلاثاء، لم يمنح إسرائيل أيّ إنجاز، وأنّ الأمر الوحيد الذي تفاخر به المتحدثون باسمه هو منع تحقيق مطلب حماس بالميناء البحري والمطار الجوي أو دفع الرواتب. ومع ذلك فإنّ هذه القضايا ستطرح خلال المفاوضات مع حماس والتي ستتجدّد في القاهرة الأسبوع المقبل».
وأضاف: «إنّ إسرائيل، ومقابل التهدئة لفترة زمنية غير محدّدة، وافقت على فتح المعابر الحدودية بينها وبين قطاع غزة بشكل فوري، وإدخال المساعدات الإنسانية، وتوسيع منطقة الصيد البحري إلى مسافة 6 أميال. كما وافقت على السماح بشكل فوري بإدخال مواد البناء لإعادة إعمار القطاع، وكلّ ذلك بدون أيّ التزام من جانب مصر أو حماس بإيجاد آلية رقابة تضمن أنّ مواد البناء لن تستخدم لإعادة تطوير مشروع الأنفاق».
وقال رافيد: «إنّ المقترح المصري لم يشتمل على أي تصريح، أو تلميح، لمطالب إسرائيل الأمنية، حيث لم يشمل أي إشارة إلى نزع أسلحة قطاع غزة، أو منع إعادة التسلّح أو قضية الأنفاق. ولدى الاطلاع على الوثيقة المصرية، التي وصفها الكاتب بـ»الهزيلة»، والتي وافق عليها نتنياهو، تطلّ فجأة المسودّة التي وضعها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، والتي رفضها المجلس الوزاري المصغّر باحتقار، من خلال توجيه الإهانة إلى وزير الخارجية، رغم أنها تضمّنت ترتيبات أمنية ما خاصة بقطاع غزة».
وأضاف: «إنّ الاتفاق الثالث الذي وقّع عليه نتنياهو مع حماس، منذ احتلّ منصب رئاسة الحكومة في العام 2009، لم يُعِد إسرائيل إلى نقطة البداية مقابل قطاع غزة. فنتنياهو أراد العودة إلى الوضع الراهن الذي تحوّل إلى إيديولوجية بالنسبة له، ولكن الواقع هو أنّ إسرائيل تراجعت إلى الوراء».
وتابع: «إنّ هذا الأمر تجلى في مقتل 69 إسرائيلياً، مقابل نحو 2000 فلسطيني غالبيتهم من المدنيين، وإطلاق آلاف الصواريخ باتجاه المستوطنات في الجنوب، ومئات الصواريخ باتجاه المركز، وتهجير السكان من مستوطنات الجنوب، وفقدان ثقة السكان بالجيش الإسرائيلي والحكومة، وأضرار اقتصادية تقدّر بالمليارات، وأضرار سياسية وأخرى لصورة إسرائيل من الصعب تقدير حجمها».
كما كتب أنه «علاوة على تكرار إخفاقات سابقة في عملية اتخاذ القرارات، والتي حذرت منها لجان تحقيق أقيمت بعد حروب الماضي، فإنّ نتنياهو قام بشكل ثابت ومنهجي بعدم إطلاع عدد من وزراء المجلس الوزاري المصغّر على محادثات وقف إطلاق النار في مصر. وكان على الأقلّ أربعة منهم، بينيت وليبرمان وأهرونوفيتش وأردان، قد أوضحوا لنتنياهو أنهم لن يصوّتوا على مقترح وقف إطلاق النار. وعندها أدرك نتنياهو أنّ عرض المقترح للتصويت عليه سيضعه ضمن أقلية».
وقال الكاتب: «مع ذلك، فإنّ غالبية وزراء المجلس الوزاري المصغّر لا يتذمّرون من عدم التصويت على المقترح، حيث أنّ الوزيرين لبيد وليفني سيضطران إلى الحسم بين تحفظاتهم على مقترح وقف إطلاق النار وبين رغبتهم في السعي إلى وقف إطلاق النار. أما بينيت وليبرمان وباقي المعارضين فسوف يضطرون إلى مواجهة الأبعاد السياسية عبر مواجهة مباشرة مع رئيس الحكومة. ولذلك فإنّ جميعهم راضون عن النتيجة، حيث يواصلون الصراخ من المدرج، وفي الوقت نفسه يبقون في مقاعدهم الفخمة حول طاولة الحكومة».
«يديعوت أحرونوت»: «إسرائيل» غير قادرة على هزيمة المقاومة
بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار، بدأ يكتشف الجمهور «الإسرائيلي» أنّ الجيش بكلّ قوته الجوية والبرية والبحرية غير قادر على هزيمة المقاومة في قطاع غزة، كما تبيّن أنّ الحرب كان لها ثمن كبير سواء من جهة القتلى في وسط الجنود الإسرائيليين أو الأضرار الاقتصادية والمادية، كما تكشف عجز رئيس الحكومة الإسرائيلية عن اتخاذ قرار واحد مهمّ خلال الحرب، وفي الوقت نفسه تكشف أنّ وزير الأمن موشي يعالون لم يكون له حضور خلال الحرب.
وكتب ناحوم برنيع، في صحيفة يديعوت أحرونوت: «إنّ الإخفاق الأخير في سلسلة الإخفاقات خلال الحرب على قطاع غزة كان الفشل في استصدار قرار من مجلس الأمن قبل الموافقة على وقف إطلاق النار».
وأشار إلى أنّ «الصياغة التي وضعت بالتعاون مع الولايات المتحدة تركزت في غزة في اليوم التالي لوقف إطلاق النار، وتضمّنت دعوة لنزع أسلحة قطاع غزة، مما يحسّن وضع إسرائيل السياسي، ويصعّب على تركيا وقطر مواصلة دعم حركة حماس، إلاّ أنّ نتنياهو خشي من الثمن السياسي، ولكنه عندما قرّر قبول ذلك كان الوقت متأخرا».
وكتب برنيع: «إنّ المواجهات في الماضي مع «منظمات الإرهاب» انتهت بدعم دولي علني لإسرائيل، وأنه هكذا كان الوضع بعد الحرب الأخيرة على لبنان في تموز يوليو 2006، وفي قرار مجلس الأمن، وبعد الحرب في القطاع في كانوني 2008 و2009 الرصاص المصبوب ، وفي الزيارات التضامنية التي قام بها وزراء خارجية أوروبيون لإسرائيل». كما لفت الكاتب إلى أنّ «الحربين المشار إليهما كانتا أثناء ولاية إيهود أولمرت في رئاسة الحكومة، ولكن في هذه الحرب فإنّ الحكومة لم تبادر إلى أية عملية، فقد ركز وزير الخارجية على شؤون أخرى، ورئيس الحكومة لم يطرح مبادرة خاصة من قبله».
وأضاف: «بعد الحرب التي استمرّت نحو 50 يوما، اكتشف الإسرائيليون عدة حقائق غير مريحة لهم»:
«الأولى أنه بالرغم من حرية العمل المتوفرة للجيش الإسرائيلي في الجو والبحر، ورغم شدة القصف البري على الأرض، ورغم الحماية شبة التامة من الصواريخ فإنّ إسرائيل غير قادرة على هزيمة «منظمة إرهابية صغيرة نسبياً ومعزولة في العالم العربي».
«أما الحقيقة الثانية فهي أنّ الحروب، والحروب المحدودة أيضاً، تتطلب ثمناً لم يتوقع ولا يريد الجمهور الإسرائيلي أن يدفعه. وفي هذه المرة دفع الثمن بدماء الجنود أولاً، وبدماء مدنيين في الجنوب، ومواطنين تخلت عنهم الحكومة طوال الحرب، وحصل تشويش للحياة في المركز، وخسائر بمليارات الشواقل للاقتصاد، ومصاريف أمنية، وأضرار مادية وتراجع في النشاط الاقتصادي».
«والحقيقة الثالثة هي أن الإسرائيليين اكتشفوا أنه لا يوجد حكومة لديهم». وكتب أنه «عشية الحرب على غزة، أدرك المستوى السياسي أنّ مواصلة خنق غزة تدفع حماس إلى إطلاق النار، وبالتالي فقد كان بالإمكان تجنّب المواجهات العسكرية».
وقال الكاتب: «إنّ الجيش الإسرائيلي أدار الحرب عملياً، في حين توقع الإسرائيليون أن هناك مسؤولاً يعرف ما يريد أن ينجزه، ويتخذ القرارات ويجري حوارات صادقة وحقيقية مع جمهوره». ولفت إلى أن «قيادة الجيش لم ترغب بالقتال، وإنما العكس، فقد دخلت بدون حماس ظاهر إلى الفراغ الذي نشأ فوقها، في المستوى السياسي».
وأوضح: «بالنسبة لنتنياهو فإنّ الحرب كانت المواجهة العسكرية الأهمّ خلال ولايته في رئاسة الحكومة، وإلى حدّ كبير كانت الحرب الاختبار الأكبر له. وبالنتيجة فمن الصعب العثور على قرار مهمّ واحد اتخذه نتنياهو طيلة الحرب، أو عملية يمكن أن تضاف إلى رصيده».
وتابع: «إنّ نتنياهو لم تتوافر لديه الشجاعة الكافية ليقول إنه أخطأ حين دأب على القول لعشرات السنوات إن الطريقة الوحيدة لمكافحة «الإرهاب» هي القضاء عليه، ولا يجب التفاوض معه، أو المساومة معه، ليجد نفسه يجري مفاوضات بينما يتواصل إطلاق النار، ويجري محادثات تقارب مع حماس ويسعى إلى تسوية. ويضاف إلى ذلك عدم شفافيته وصدقه تجاه الإسرائيليين».
وأشار إلى أن «وزير الأمن موشيه يعلون، لم يكون له حضور واضح خلال الحرب»، وإنه بعد سنوات لن يعرف أحد الجواب على السؤال: «من كان وزير الأمن خلال عملية الجرف الصامد؟».
«هآرتس»: نتيجة الحرب إنهيار والهدوء لا يقابل بالهدوء بل بالكذب
وصف المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» أمير أورن، نتيجة الحرب بأنها «انهيار»، وقال إنّ شعار نتنياهو «الهدوء مقابل الهدوء» هو بشكل فعلي «هدوء مقابل الكذب» متوقعا حرباً أخرى، داعياً الجيش الإسرائيلي إلى البدء بالاستعداد لها».
وقال أورن: «في حرب الخمسين يوماً بلع الطرفان الضفادع، لكن الضفدع الإسرائيلية أكبر بكثير وتتقلب في البطن». وأضاف: «سيحاول بنيامين نتنياهو بذل الجهود الهائلة لتسويق نتيجة الحرب كنجاح. وإذا ما كان يصدق نفسه فإنه سيكون فريداً في جيله». وسخر من مقولة نتنياهو «الهدوء مقابل الهدوء»، بالقول: الهدوء لا يقابل بالهدوء بل بالكذب».
وتابع: «ما أوقعه نتنياهو ورفاقه على إسرائيل في المواجهة بين أقوى جيوش المنطقة مع تنظيم يعدّ نحو خمسة عشرة ألف مقاتل وعدد أقلّ من القذائف الصاروخية، ليس مجرّد سقوط بل انهيار».
وأضاف: «يتعيّن على نتنياهو أن يخضع للمحاسبة، وإجراء حساب مع النفس حول جدول الأعمال وسلم الأولويات الذي حاول فرضه في السنوات الأخيرة، حول الجنون المتعلق بإيران الذي بدّد المليارات. لو كان قد خصّص واحد في المائة مما أنفقه لمواجهة المفاعل النووي الإيراني لكان الإسرائيليون أكثر أمانا».
وأردف: «إسرائيل لم تستعدّ بشكل مناسب لمواجهة الأنفاق وقذائف الهاون، ويتعيّن عليها أن تبدأ منذ اليوم الاستعداد للمعركة القادمة لجرف صامد آخر، ولكي لا تجرّ إلى حرب مماثلة، على المستوى السياسي أن يحدّد أهدافاً واضحة».
ولفت إلى أنّ: «50 يوماً من القتال في مواجهة حماس تسبّبت بهزة لعقيدة الحرب الإسرائيلية. لهذا يتطلب إجراء فحص معمّق لتلك العقيدة من أجل إنعاشها وترجمتها إلى خطوات سياسية وأعمال عسكرية».
وقال: «لقد اعتاد الجيش على تحسين أدائه بإجراء تحقيقات ثاقبة لاستخلاص العبر وإصلاح مواطن الخلل. لكن ليس من المؤكد أنّ ذلك صحيح رغم النوايا السليمة، لم يكن الجيش مستعداً لاشتعال حرب تموز آب يوليو أغسطس 2014 . والآن من الضروري تعيين رئيس جديد للأركان بأقرب وقت كي يقود توجيه مسار إصلاح الجيش، لأنّ المواجهة المقبلة لن تتأخر».
«هآرتس»: لا انتصار ولا هزيمة بل تعادل قاتم
وصفت صحيفة هآرتس الحرب على قطاع غزة بأنها انتهت بـ«تعادل قاتم»، وتوقع المعلق العسكري، عاموس هرئيل، أن تصمد التهدئة، وأن يتم التوصل إلى اتفاق طويل الأمد «إذا ما ليّنت حماس» مطالبها في القضايا الخلافية، وأشار إلى أنّ «التنسيق الوثيق مع مصر من شأنه أن يمنع حماس من تجديد ترسانتها العسكرية».
وأشار هرئيل إلى أنّ «هناك خيبة أمل لدى الجمهور الإسرائيلي من نتائج الحرب، وقال: «يوم أول من أمس مع الإعلان عن وقف القتال، سُمعت في إسرائيل أصوات النحيب من اليمين واليسار، ومقابل كل إسرائيلي يسأل نفسه: ألم نغال في التدمير والتسبّب بالمعاناة لقطاع غزة هناك اثنان أو ثلاثة على قناعة بأنه كان يتعيّن على الجيش استخدام مزيد من القوة وأن يلقن حماس درسا لا تنساه».
وأضاف: «الشعور بخيبة الأمل مفهوم بالنظر إلى فارق القدرات العسكرية والاقتصادية بين الطرفين. وحتى الآن يبدو أنّ الحرب لم تنته بانتصار أو هزيمة بل بتعادل قاتم».
وتابع: «كانت إسرائيل تفضل إنهاء الحرب قبل ثلاثة أسابيع، بعد أن استكملت تدمير الأنفاق الهجومية، ومنذ ذلك الوقت تآكل الشعور بالإنجاز العسكري وساد الغضب المبرّر على القيادة السياسية والأمنية، لا سيما لدى سكان محيط غزة «.
وأوضح: «لكن في الأسبوع الأخير تحقق اختراق في الجهود لتنفيذ الاغتيالات ضدّ قيادة الذراع العسكري لحركة حماس. هذه الاغتيالات إلى جانب الكارثة الإنسانية واسعة النطاق في قطاع غزة عجلت كما يبدو من قبول حماس لوقف إطلاق النار. فيما كان الجهاد الإسلامي الذي تعرّض لخسائر أكبر، مستعداً لتسوية مماثلة منذ عدة أسابيع».على حدّ قوله.
وقلل هرئيل من صمود الفصائل الفلسطينية، وقال: «إن حماس تحاول تسويق انتصار لسكان غزة». معتبراً «أن الطرفين أدارا حرب استنزاف وردع لا حرب حسم».
وأكد «أنّ إسرائيل لم تفهم ماذا أرادت حماس أن تحقق، وكم هي مصرّة على تحقيقه ومستعدّة للتضحية لأجله، وهو كسر الحصار». واعتبر «أنّ الهدوء على المدى الطويل متعلق بموقف إسرائيل ومصر إزاء الحصار الخانق لقطاع غزة». مشيراً إلى أنّ «الوضع في قطاع غزة كان لا يحتمل عشية الحرب، وبسببه انهارت التهدئة».
وعن الإنجازات «الإسرائيلية» في الحرب لخصها هرئيل بأنها: القبة الحديدية، تدمير الأنفاق الهجومية». لكنه أضاف: «يمكن الاعتقاد بأنّ حماس من الصعب ان تجدّد ترسانتها الصاروخية بسبب التعاون الوثيق بين إسرائيل ومصر الذي سيجعل من تجديد عمليات التهريب أمراً في غاية الصعوبة».
واعتبر «أنّ التعامل مع سكان الجنوب، هو نقطة الضعف»، وقال: «إنهم مرّوا بتجربة مريعة في الأسابيع الأخيرة، ويتعين على إسرائيل أن تقرّر ماذا تريد. فرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عرض هذا الاسبوع خطة سياسية طموحة». وأضاف: «واضح أن إسرائيل باتت تنظر بشكل مختلف إلى السلطة الفلسطينية، ولم تعد تهاجمها بسبب المصالحة مع حماس. حتى أنّ حكومة نتنياهو تعترف بأهمية الشريك في رام الله، الذي حافظ على الاستقرار في الضفة رغم غضب الناس على القتل في غزة، وهو الآن على استعداد للجم حماس في غزة وإعادة إعمارها وإصلاح الأضرار».
وأشار هرئيل إلى أنّ «كلّ حلّ سياسي مستقبلي ينبغي أن يعتمد على التنسيق الوثيق مع مصر. ويكون مدعوماً من الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية المعتدلة». لكنه لفت إلى أنّ «نتنياهو سينشغل في الفترة القادمة في صراع البقاء في ظلّ خيبة الأمل من أدائه كما يظهر في استطلاعات الرأي، كما أنه يواجه تهديداً سياسيا من اليمين أكثر منه في اليسار وكلّ مرونة سياسية ستكلفه ثمنا سياسياً آخر».
«يديعوت أحرونوت»: باحث «إسرائيلي»: حماس تتحوّل إلى عامل مهم في كلّ تسوية إقليمية
قال الباحث «الإسرائيلي» المختصّ بحركة حماس، البروفيسور شاؤول مشعل، «إنّ حركة حماس تتحوّل خطوة خطوة إلى عامل مهم في أية تسوية إقليمية، وأن إسرائيل ستكون بحاجة للحديث مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس .
وقال أيضا: «إنّ استمرار الحرب، وهم أي حركة حماس يقفون على أقدامهم، فإنّ الأمور تبدو مغايرة بالنسبة لهم، فإطلاق صاروخ باتجاه تل أبيب له فعالية متراكمة تعني أنّ حركة حماس قادرة على «إطلاق صواريخ إلى لبّ الصهيونية، المدينة العبرية الأولى».
جاءت أقوال البروفيسور شاؤول مشعل، الذي يقوم بدراسة حركة حماس منذ 5 سنوات، في مقابلة أجريت في قاعة لصحيفة يديعوت أحرونوت.
وقال أيضا «نستطيع أن ندمّر لهم أي عدد من المباني كيفما نريد، ولكنهم قادرون على إطلاق صواريخ باتجاه هذه القاعة. وكلّ صاروخ يطلقونه يضاف إلى رصيدهم في العالم العربي».
وأضاف: «بالنسبة لهم فإنّ الانتصار ليس انتصار أحد على الآخر، بل مكانتهم في داخل العالم العربي. فهو أوسع من تبادل إطلاق نار، وله تأثير على قطر وعلى السعودية. وفي المقابل فإنّ الطرف الذي تريد إسرائيل التفاوض معه السلطة الفلسطينية تضعف مكانته في كل يوم».
وتابع: «يجب التريث، وأن تنظر إسرائيل بشكل أوسع، فمن الناحية الاستراتيجية إسرائيل ليست مستوطنة تواجه خطراً بحيث يجب الردّ بـ10 صواريخ مقابل كلّ صاروخ. وعلى القيادة أن تقول بماذا تفكر بشأن ما ستفعله، حتى لو كان صباح اليوم لا يبدو جيدا».
وشدد الباحث، الذي وضع عدة كتب عن حماس، على أن حماس هي «من لحم الكيان الفلسطيني، والجمهور الفلسطيني والواقع الإقليمي. وهي تتقدم خطوة خطوة لتصبح عاملاً مهما في كلّ تسوية إقليمية، وقد انطمست الحدود بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية، ومع الوقت أصبحت ناضجة أكثر».
وبحسبه فإنه «لا مندوحة من التفاوض مع «أقسى الخصوم»، فـ»شخص مثل خالد مشعل أو ابن خالد مشعل، هو الشريك. في النهاية لا مفرّ، الخصوم يجب أن يتفاوضوا».
أما عن إمكانية الوصول إلى الحوار مع حماس، قال شاؤول مشعل إنه «على كلّ طرف أن يدرك أنه لا يوجد للطرف الثاني أيديولوجية أخرى معاكسة. ويجب الاعتراف بأنه لكلّ طرف له أيديولوجيته ولن يتنازل عنها، ولكن عندما يصل الطرفان إلى مفترق، فسوف يدركان أنّ الأيديولوجية ليست عملية، ويجب أن يكون هناك اتفاق. في نهاية المطاف ستضطر إسرائيل إلى الانشغال بالأمر الأصعب وهو: من نحن في حدود هذه الدولة؟».
«هآرتس»: حزب كحلون الجديد يسبّب صداعاً لنتنياهو
أكدت تقارير «إسرائيلية» أنّ الحزب الجديد الذي قرّر القيادي السابق في حزب الليكود موشيه كحلون إنشاءه، بدأ يستقطب ناشطين مركزيين وأعضاء كنيست بارزين من الليكود، الأمر الذي من شأنه أن يحدث خللا في موازين القوى وفي الخارطة السياسية «الإسرائيلية».
وقال مسؤول في الليكود لصحيفة هآرتس: «حزب كحلون يزعج نتنياهو ويسبّب له صداعا». مضيفا: «في اليوم الذي يلي الحرب سيكتشف رئيس الحكومة أن عدداً ليس قليلاً من الناشطين الميدانيين وأعضاء لجنة مركزية يعتزمون الالتحاق بحزب كحلون. وفي اليوم الذي يعلن فيه كحلون رسمياً عن إقامة حزبه، سيبدأ الناشطون بترك اليكود، الأمر الذي سيشكل ضربة معنوية قاسية للحزب الحاكم، قبل فترة قصيرة من موعد الانتخابات».
وأوضحت الصحيفة: «أنّ مسؤولين في الليكود بدأوا بالانشغال بتحديد الناشطين الذي يتوقع أن ينضمّوا إلى كحلون»، مشيرة إلى أنّ «الحديث لا يدور عن سيناريو مشابه لخروج أرئيل شارون من الليكود وتشكيل حزب كاديما عام 2005، حيث تبعه حوالي ثلث أعضاء الليكود وعدد كبير من المسؤولين».
وقد قرّر كحلون قبل أسابيع تشكيل حزب جديد، وشكل طواقم عمل للاستعداد لحملة إطلاق الحزب الذي سيعرف بأنه حزب «وسط»، ويركز على القضايا الاجتماعية. ونقلت الصحيفة عن مقرّبين من كحلون قولهم: إنه «يأمل في الحصول على 15 مقعداً في الانتخابات المقبلة، وأن يصبح قوة سياسية هامة في الكنيست».
«يديعوت أحرونوت»: رؤساء بلدات «إسرائيلية» في الجنوب: الاتفاق خضوع للإرهاب
قال مستوطنون من سكان المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، والذين غادروا مستوطناتهم وبيوتهم، بسبب ما أسمته الصحيفة «حرب الاستنزاف» التي تطوّرت في الأيام الأخيرة، «إنهم لا يفكرون بالعودة إلى بيوتهم»، في حين اعتبر عدد من رؤساء سلطات محلية في محيط قطاع غزة «إنّ الاتفاق مع حماس هو خضوع «للإرهاب».
ونقلت صحيفة يديعوت عن رئيس بلدية عسقلان، إيتمار شمعوني، قوله: إنه «لا يثق بحماس، ولا بالاتفاقيات معها»، في حين قال رئيس المجلس الإقليمي «سدوت نيغيف»، تمير عيدان: «إن الحديث هو عن خضوع للإرهاب».
وأضاف شمعوني: «إن أيّ تنازل لحركة حماس هو خضوع للإرهاب». وتابع: «إن الإسرائيليين، وسكان الجنوب كانوا يريدون الحسم في القتال، ولكن ذلك لن يحصل على ما يبدو». وقال: «كنا نريد أن نرى حماس مهزومة، وتتوسل، ولكننا نرى أن إسرائيل تسارع إلى طاولة المفاوضات في كلّفرصة تلوح أمامها».
وأشار إلى أنه «لم يقتل 64 جندياً و 4 مستوطنين من أجل إنجاز كهذا. ولم نجلس شهرين في الملاجئ والغرف الآمنة من أجل إنجاز كهذا. ولم نتلقّ ضربات قاسية للاقتصاد والمصالح من أجل إنجاز كهذا».
ولفت إلى أنّ «حركة حماس طرحت مطالبها بقوة ذراعها، ويبدو أنه من المتوقع أن تحصل على مطالبها». وبحسبه فإنّ «المواجهة القادمة هي مسألة وقت، فاتفاق وقف إطلاق النار يعني البدء في عسقلان بالاستعداد للجولة القتالية المقبلة، وستكون أخطر وأشدّ فتكاً مما عرفناه حتى اليوم».