معارك عنيفة على جبهات حلب وموسكو تعلن هدنة 3 ساعات يومياً وواشنطن تؤيّد

كتب المحرّر السياسي

دخلت حلب ومحيطها بعد يومين من المناوشات والمراوحة العسكرية، المواجهات المتصاعدة منذ بعد ظهر أمس، حيث سجل اندلاع اشتباكات عنيفة على جميع محاور القتال، وبدأت هجمات متبادلة بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، وجبهة النصرة ومَن معها من جهة أخرى، وبالتوازي اختتمت القمة الروسية التركية بالإعلان عن العزم على التعاون لبلوغ حلّ سياسي في سورية يضمن وحدتها ومحاربة الإرهاب، فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن هدنة إنسانية لثلاث ساعات يومياً، يتوقف خلالها الطيران الروسي عن العمل في نطاق حلب وجوارها وهو ما لم تتأخر واشنطن عن إعلان تأييده، مع تأكيد موسكو على مواصلة العمل ضدّ الإرهابيين الذين حشدوا، وفقاً لوزارة الدفاع الروسية، سبعة آلاف مسلّح لشنّ المزيد من الهجمات، بينما انتقل الجيش السوري من الدفاع إلى الهجوم وفقاً لبيانات وزارة الدفاع الروسية أيضاً، بعدما أوقع في الأيام القليلة الماضية ألف قتيل في صفوف الإرهابيين.

مصادر عسكرية في حلب أكدت لـ «البناء» أنّ خارطة المواقع العسكرية لم تتغيّر ليلاً باستثناء تقدم تدريجي للجيش السوري والحلفاء في منطقة الـ1070، بينما فشل هجوم جبهة النصرة على محاور معمل الإسمنت بتحقيق أيّ تقدّم، وهما المحوران الأشدّ اشتعالاً، بالإضافة لعمليات القصف التي استهدفت غرب حلب من مواقع جبهة النصرة، وأصابت باص ركاب مدنيين في حي الحمدانية ومباني سكنية سقط بحصيلتها أكثر من عشرة شهداء وعشرات الجرحى.

على المستوى السياسي، تبدو القمة الروسية التركية من وحي ما تضمّنته بيانات وزارة الدفاع الروسية تأكيداً على ثبات روسيا عند خيار مواصلة الحرب بأعلى مفاعيلها إلى جانب الجيش السوري والحلفاء، بينما تبدو تركيا متمسكة بالتوافق على قاعدة معادلتي، من المبكر إعلان القبول بدور الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، والأساس حفظ وحدة سورية، وهي المفردة التي تعني في تركيا منع نشوء كيان كردي على الحدود.

قرار موسكو وأنقرة تشكيل غرفة عمليات ستبدأ اجتماعاتها اليوم في موسكو من ممثلين دائمين لوزارتي الخارجية والدفاع ولأجهزة الاستخبارات في البلدين، تكون على اتصال مستمرّ ومنتظم، لتنسيق المواقف والخطوات، وصفته مصادر روسية إعلامية بالبديل والرديف للصيغة التي نصّ عليها تفاهم موسكو بين الأميركيين والروس، وتلكّأت واشنطن عن وضعها موضع التنفيذ.

لبنانياً، كان تحذير رئيس مجلس النواب نبيه بري من خطورة التهاون في لعبة الفراغ، والتمادي في صناعة أسبابه، واستسهال تداعياته، من أنهم أرادوا أم لم يريدوا يضعون البلد أمام خطر الحرب الأهلية، أو المؤتمر التأسيسي. وكان الرئيس بري قد تحدّث إلى النواب في لقاء الأربعاء عن المشهد السياسي الكئيب الذي تعيشه البلاد في ظلّ عدم ملاقاة مساعيه لصناعة تفاهم الممكن، داعياً كلً طرف إلى تحمّل مسؤوليته.

لبنان يمدّد إجازة الفراغ

رسمت نتائج جلسات الحوار وما قبلها أن الملف الرئاسي سيبقى معلقاً إلى أجل بعيد، الى حين أن تنضج التسويات وترسم معالم جديدة في المنطقة. ومع استمرار لبنان في إجازة الفراغ، مع تمديد عدد من السفراء إجازاتهم الصيفية، قرر الرئيس سعد الحريري الذي غادر بيروت من نحو أسبوع أن يأخذ إجازة طويلة سوف تمتد الى ما بعد جلسة انتخاب الرئيس في 7 أيلول.

وينقل قطب «ماروني» بارز عن مسؤولين بارزين في الفاتيكان «استياءهم من استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية»، ويشير الى ان «ما يهم الفاتيكان انتخاب رئيس في أسرع وقت يحظى بتوافق المكونات السياسية المسيحية والإسلامية، بغض النظر عن الاسم». ويشير القطب الماروني نفسه إلى «أن الفاتيكان يرى في إبقاء الفراغ في الرئاسة الاولى إضعافاً للمسيحيين خاصة في ظل ما يجري في المنطقة وما يتعرض له المسيحيون».

بري: مَن يدفع الأمور إلى الفراغ إما يريد مؤتمراً تأسيسياً أو حرباً أهلية

أما عين التينة، فاستعادت أمس، تقييم جلسات الحوار الثلاثية بالتفصيل، حيث جدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري التأكيد بحسب ما نقل عنه زواره امس لـ»البناء» أنه لم يقدم على أي شيء نتفق عليه من الناحية العملية قبل انتخاب رئيس، مستغرباً مواقف البعض لا سيما رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الرافض للبحث في مجلس الشيوخ بغياب رئيس الجمهورية، علماً أنه كان تقدّم باقتراح قبل جلسات عدة لهيئة الحوار تشكيل مجلس شيوخ على أن تكون الدائرة الفردية للمجلس النيابي. وإذ أبدى مخاوفه من الفراغ، قال إن من يدفع الامور الى الفراغ كأنه يريد ان يدفع الامور إما اتجاه مؤتمر تأسيسي أو حرب أهلية.

وشدّد بري على ضرورة تحمل الجميع مسؤولياتهم للخروج من الأزمة. وقال: «إن اتفاقنا على الحل بدءاً من رئاسة الجمهورية يسهّل مهمة رئيس الجمهورية»، واعتبر أن انتخاب الرئيس وحده لا يحل المشاكل والأزمات السياسية القائمة».

بري الذي سجل ارتياحه للقاء الوزير جبران باسيل أول امس، لجهة الملف النفطيّ وقانون الانتخاب، التقى وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب الذي قال: «توافقنا على ضرورة تقوية مجلس الجامعة وتأكيد انتخاب رئيس لها في أقرب فرصة، وتعيينه في مجلس الوزراء، وأن يأخذ مجلس الجامعة دوره حرصاً على الجامعة اللبنانية والطلاب وتقويتها. كذلك بحثنا في موضوع التربية بشكل عام وقضية الأساتذة الذين تقدّموا للمباراة في مجلس الخدمة المدنية، لا سيما الأساتذة الثانويين. وكان هناك توافق تام مع دولة الرئيس على كل هذه المواضيع».

الحراك المطلبي إلى الشارع

إلى ذلك، يبدو أن الحراك المطلبي سيعود إلى الشارع مجدداً، فبعد إقفال المياومين الطريق أمام مؤسسة كهرباء لبنان على اوتوستراد مار مخايل – النهر أمس للمطالبة بتثبيتهم، تتجه حركة المتعاقدين الثانويين إلى الشارع مجدداً بعد التلاعب بمطالبهم وآخرها خطوة وزير العمل سجعان قزي عدم دعوتها للمشاركة في اجتماع لجنة المؤشر.

اجتماع لجنة المؤشر صوري وهيئة التنسيق في خبر كان

واستغرب رئيس اللجنة المركزية للمتعاقدين الثانويين حمزة منصور لـ «البناء» «عدم دعوة وزير العمل نقابات معنية بحقوق العمال والأساتذة كحركة المتعاقدين الثانويين وهيئة التنسيق النقابية الى الاجتماع»، مشيراً الى «أن ما حصل مؤامرة كبيرة وعدم اعتبار مطالب الشعب، ويبدو ان بعض الوزراء يفصل الأمور كما يريدها بمنأى عن النقابات». واعتبر منصور أن اجتماعاً لا تدعى اليه النقابات هو اجتماع صوري وشكلي، مشيراً إلى ان «ما يحصل اليوم تتحمّل مسؤوليته هيئة التنسيق التي فرغت من مضمونها وباتت في خبر كان، فهناك قيادات لم تكن على قدر المسؤولية، ربما هذا ما شجّع المسؤولين على عدم رؤية هذه الحركات المطلبية». وأشار الى أن «حراك المتعاقدين الثانويين أسس لتحالف ميداني على الأرض مع حركة بدنا نحاسب والحركة العلمانية، ودعونا إلى تحرك واعتصام امام السراي الحكومية في 18 آب الجاري للمطالبة بحقوق المواطن وليس فقط حقوق المتعاقد».

وتطرّق منصور إلى معلومات نسبت الى وزير المال علي حسن خليل عن الوضع المالي وعدم إمكانية بالاستعانة باحتياطي الموازنة من اجل بعض التوظيفات الجديدة، مشيراً إلى أن «من شأن ذلك ان يوقف كل اشكال التوظيف لعدم توفر التغطية المالية في البلد»، وهو «كلام خطير يقطع الطريق على السلسلة، ومحاولة قوطبة على إدخال من نجح في هيئة التعليم الثانوي في ملاك التعليم، لا سيما أن هذا البند هو على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم، وهذا ما استدعى زيارة من وزير التربية الياس بوصعب الى عين التينة للقاء الرئيس نبيه بري، بعيدا عن الطابع السياسي الذي خرج عن اللقاء»، مشدداً في الوقت نفسه على «رفضنا بازار ضرب المتعاقدين ودعوتنا وزير التربية التصدّي لتدخلات النواب والوزراء في تمرير المحسوبين عليهم في الملاك».

ودعت هيئة التنسيق النقابية بدورها أعضاءها الى «الاستعداد لكل الخطوات التصعيدية القليلة المقبلة واعتبرت أن عدم توجيه الدعوة لمشاركة هيئة التنسيق في اجتماع لجنة المؤشر يؤكد أن الهدف من الاجتماع ليس أكثر من ذر للرماد في العيون». وقالت: «إن تذرع وزير العمل بعدم قانونية توجيه الدعوة لهيئة التنسيق في غير محله، لأنه سبق أن شاركت الهيئة في اجتماعات اللجنة أيام وزراء العمل السابقين.

بيان توضيحي من قزي اليوم

في المقابل، اكتفى وزير العمل سجعان القزي بالقول لـ «البناء» إن «هيئة التنسيق النقابية وحركة المتعاقدين الثانويين ليستا عضوين في لجنة المؤشر، فهذه اللجنة شكلها مجلس الوزراء منذ 20 عاماً»، وأشار قزي في الوقت نفسه الى انه لم يمانع أن يحضروا، وأنه سيصدر اليوم بياناً يوضح فيه حقيقة ما حصل.

..وجلسة حكومية اليوم بغياب حرب ومقبل ونظريان

حكومياً، تعقد عند العاشرة من صباح اليوم جلسة عادية لمجلس الوزراء، بغياب وزراء الاتصالات بطرس حرب، الدفاع الوطني سمير مقبل، الطاقة والمياه ارتور نظريان. وأشارت مصادر وزارية إلى «أن ملف الاتصالات سيغيب عن نقاشات الجلسة مع سفر الوزير حرب، وكذلك الحال مع ملف التعيينات الأمنية الذي لن يحضر بداعي سفر الوزير مقبل.

الى ذلك، يتحضّر رئيس الحكومة تمام سلام للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة في دورتها الـ71 او الاجتماعات التي تعقد على هامشها في ايلول المقبل، تحت عنوان «التعامل مع التحركات والتدفقات الكبيرة للاجئين والمهاجرين». وعلمت «المركزية» أن «الدوائر المختصة في السراي تنسق الملفات مع وزارة الخارجية والوزارات المعنية لعرض الواقع المرير الذي يعيشه لبنان جراء انعدام فرص العمل في ضوء نزوح حوالي مليوني سوري يعيشون في لبنان، كما يجري التنسيق مع قيادة الجيش لعرض الحاجات لدرء مخاطر الإرهاب وتنظيم «داعش» الذي يتصدّى له الجيش في الخطوط الامامية».

وأكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن منطقة بعلبك الهرمل هي سياج الوطن، مضيفاً «لبنان هو البلد الوحيد في هذا الشرق الأوسط الذي لا زال صامداً بأعجوبة وبإرادة اهله الذين يريدون الحفاظ على وجودهم رغم كل شيء». وأشار خلال زيارته مطرانية بعلبك للروم الكاثوليك، يرافقه راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر المارونية المطران حنا رحمة والمطران سمير مظلوم والأب بول كيروز الى ان الثقافة التي بناها المسيحيون والمسلمون معاً في سوريا والعراق وفلسطين والأردن والمشرق، نتمنى أن تستمر، ولا نستطيع أن نتركها لتصبح أرض داعش والقاعدة والمنظمات الغرهابية، ولا أرض المرتزقة الذين تأتوننا من كل أنحاء العالم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى