أردوغان يُخيِّر واشنطن بين تركيا وغولن

دعَّا الرئيس التُركي رجب طيب أردوغان، واشنطن إلى الاختيار بين دعم الحكومة التركية الشرعيَّة أو الداعية فتح الله غولن، الذي تُطالب أنقرة الولايات المتحدة بتسليمه.

و أكَّد، في خطابٍ له أمام مواطني بلاده، الذين يواصلون «مظاهرات حماية الديمقراطية»، في حَرم المجمع الرئاسي بالعاصمةِ التركية أنقرة، أنَّ السلطات الأمريكية سوف تضطر عاجلاً أم آجلاً إلى «الاختيار بين تركيا الديمقراطية ومنظمة غولن الإرهابية الانقلابية»، مشيراً أنَّ «الإرهاب الذي اتبعه الخوَّنة تحت غطاء محاولة الانقلاب الفاشلة ليس سوى بروفة لاحتلال تركيا».

كما أفاد الرئيس أردوغان بأنَّ الجانب التركي أرسل إلى واشنطن 85 صندوقاً مليئاً بالملفات التي تدل على تورط فتح الله غولن في محاولةِ الانقلاب الفاشلة التي جرت في منتصف تموز الماضي، معرباً عن اعتقادهِ بأنَّ الولايات المتحدة لن تستمر في إخفاءِ الداعيَّة المعارض لفترةٍ أطول، وستسلمه إلى تركيا.

وأكَّد أنَّ منظمة غولن «خانت البلاد والأمة»، موضحاً: «من يرفع السلاح في وجهِ أمتهِ وشعبه يبيع بلاده للأخرين دون تردد. لا ينبغي لأحد وضع خطط ضد بلادنا، لأنَ من يفعل ذلك سيدفع الثمن باهظاً، وسيكون ردنا قوياً جداً»، معرباً عن بالغِ افتخاره واعتزازه بالشعبِ التركي، الذي أثبت أصالته مجدداً أمام العالم كله، حين تصدى للانقلابيين وحلفائهم.

وأضاف الرئيس التركي أنَّ شعبه وجه، ليلةَ الانقلاب، رسالة إلى كلِ من يشارك أفكار منظمة غولن، وقال «لا يستطيع أحد تقسيم هذا الوطن وشعبه أو هدمهما»، مؤكداً أنَّ الانقلابيين، خططوا جيداً لكل شيء، إلا أنَّ حساباتهم تضمنت خطأ كبيراً، إذ لم يتوقعوا أنَّ الشعب التركي لن يقف إلى جانبهم وستواجههم الدولة بأكملها، برئيسها ورئيس وزرائها وقادةِ أحزابها السياسية وشرطتها وقضائها وبلدياتها، ولم يفكروا بوجودِ ضُباطٍ شرفاء يحبون وطنهم بين عناصر الجيش التركي.

كما شدَّد أردوغان على أنَّ منظمة فتح الله غولن أظهَّرت للعالم كله بأنها «أسوء منظمة إرهابية على وجه المعمورة»، بعد تصويب الانقلابيين أسلحة الدولة إلى مواطنيها، وتلطّخ أيديهم بدماء الأبرياء «الذين جعلوا من أجسادهم سدًّا أمام آلة القتل».

ورداً على تعاظم دعواتِ مناصريه المحتشدين في ساحةِ المجمّع إلى إعادة حكم الإعدام، قال أردوغان: «ينبغي على السياسيين ألاّ يتجاهلوا مطلب الشعب هذا، وفي حال وافق البرلمان على هذا الأمر، فإنني بصفتي رئيساً للدولة سوف أصدق عليه فوراً، فالديمقراطية تعني علّو حكم الشعب فوق كافة السلطات».

وأشار أردوغان إلى أنَّ «مظاهرات حماية الديمقراطية» ليس لها مكان وزمان معين، داعيًا المواطنين الأتراك إلى حمايةِ ديمقراطية بلادهم ومستقبلها في منازلهم ومكان أعمالهم طوال العام.

وأشاد بالمظاهرات التي تجري في البلاد، مذكّراً بمشاركة نحو 5 ملايين شخص في مظاهرة تجمع الديمقراطية والشهداء بميدان يني قابي في اسطنبول الأحد الماضي، وشدد على أنَّ الشعب التركي «سطّر ملحمة مميزة».

و أوضح أنَّ السُلطت التركية كانت تَعتزم الإعلان عن إنهاءِ المظاهرات الأحد الماضي، في ميدان يني قابي، غير أنَّ الشعب طالب باستمرارها. وقال «رأينا مدى تمسكِِ شعبنا ببلدهِ وحريته ومستقبله، ولذلك لم يطاوعنا قلبنا في إنهاء مظاهرات الديمقراطية في ذلك اليوم وأردنا إقامة المظاهرة النهائية في أنقرة»، مضيفاً «أرى اليوم أنَّ شعبي لا يسعى إلى مغادرة الميادين، ولذلك نقول إنَّ مظاهرات حماية الديمقراطية ليس لها مكان وزمان معين».

وقال الرئيس التركي إنَّ «أنقرة ليست عاصمة الدولة فحسب، بل وعاصمة قلوبنا أيضًا، ونحن لن ننحني إلا عند الركوع لله تعالى ولم ننثنِ أمام أي قوة بشرية»، كما توجه إلى سكان العاصمة التركية، قائلاً «في 15 تموز تعرضت أنقرة لمحاولةِ احتلال، ولكنها تصدت للمحتلين بقلبٍ واحد، وأصبحت بذلك إحدى المدن التي شَهِدت على تاريخ استقلال البلاد».

وذكر الرئيس التركي بأنَّ العاصمة التركية قدمت 148 شهيدًا و223 جريحاً ليلة الانقلاب، حيثُ هرع سكانها في كل الأحياء للتظاهر في الميادين والساحات، معبرين عن رفضهم للانقلاب، وتمنى الرحمة لهم والشفاء للمصابين.

جاء ذلك في وقت، أكَّد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، اختفاء ملحقين عسكريين تركيين إثنين في طريق عودتهما من الخارج إلى أنقرة للتحقيق معهما في محاولة الانقلاب الفاشلة.

وعلى هامش تصريحاته لقناة «NTV» حول آخر التطورات السياسية في تركيا، كشَّف جاويش أوغلو عن اختفاء ملحقين عسكريين إثنين وهما الكولونيل هاليس تونش والكولونيل ايهان ياشتل منذ يوم 6 آب وهروبهما إلى إيطاليا، فيما توَّجه الكولونيل هاليس بعد ذلك إلى هولندا.

ومضى قائلاً إنَّ السلطات التركية ستعمل مع السلطات الإيطالية والهولندية لترحيلهما وإعادتهما إلى أنقرة للتحقيق معهما في محاولةِ الانقلاب الفاشلة.

وفي وقتٍ سابق، أعلن مسؤول تركي، عن اختفاء 3 ملحقين عسكريين أتراك في أثناء عودتِهم من اليونان والبوسنة إلى العاصمةِ أنقرة للتحقيقِ معهم في محاولةِ الانقلاب الفاشلة، موضحاً أنَّ ملحقين عسكريين إثنين قد حاولا السفر خارج اليونان، فيما رجَّحَ جهاز الاستخبارات فرضية توجههما إلى إيطاليا، مبيناً أنه في حالِ التأكد من المعلومات سيتم إبلاغ السلطات الإيطالية بالأمر.

وأشار المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه إلى أنَّ 160 عسكرياً من المتورطين في عملية الانقلاب الفاشلة لا يزالوا طلقاء، بينهم 9 جنرالات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى