ورد وشوك
حبّاً بالتغيير وكسراً للرتابة والروتين، وتمثّلاً بأفلام الزمن الجميل، خطرت في البال فكرة إحياء تقليد قديم. إقامة حفل تنكريّ يتيح للمشاركين الخروج من سجن العادات والتقاليد، فيظهر الكلّ كما يتمنّون أن يكونوا، بعيداً عن الانتقاد وحتى مراقبة الضمير أو المسؤول.
في الموعد المحدّد، بدأ المتنكّرون يتوافدون بأزياء وأشكال غالباً لا تنبئ عن المكنون. منهم من جاء على هيئة فارس مقدام جسور، وهو عن هذه الصفة أبعد ما يكون… وآخر اتخذ شكل طائر أليف وهو في واقعه مجرّد خفاش أسود القلب والضمير… وهذا هو شهبندر التجّار بلباس طبيب يحمل سمّاعته على أمل أن يكشف ألم المريض، متناسياً أنه أحد أسباب هجرة شباب وطن الياسمين… وذاك ظهر برزانة عالم أو رجل دين، وجود أمثاله يعني تشويه رفعة ما نزل من السماء من كتب وتعاليم… و تلك جاءت من وراء حجب تدّعي أنها للموعظة والإرشاد أهل وهي الأَوْلى بالنصيحة لمعرفة تدبير أمور بيتها وأولادها، وما هذا بأمر عسير… هناك في ركن قصيّ جلس شخص بلباس متسوّل حزين، تراه طامعاً في الزيادة أم أنه مرهق من غلاء فظيع! مرّ إلى جانبه من أجزل له العطاء. أهو متنكّر أم حقاً فاعل خير؟!
أضحك المنظر مَن لبس في الحفل لباس المهرّج، ذاك الذي أبكى ظلماً في حياته من الناس كثيرين. ومن بعيد، ظهرت سندريلا بخفة ودلال بأبهى صوَرها تبحث عن الأمير. وعندما بدأت عدسة التصوير تدور رغبة في الحفظ والتأريخ، ثارت ثورة المتنكّرين، وسقطت عن معظم الوجوه أقنعة التنكّر والتمثيل، الجميل منها والقبيح، احتجاجاً على مبدأ التوثيق.
ستبقى الحياة مسرحاً للجميع، إنّما طوبى لمن أفلح بتجسيد دوره الحقيقيّ بأمانة وضمير، فيعمّ الخير الجميع.
رشا مارديني