احترس في قرطها الفخّ
احترس في قرطها الفخّ
الصمت ضجيج لا يوجد إلّا فى رؤوس النساء وإلّا لما فاض الصمت حروفاً تتغنّى بها العاشقات غناءً بطعم النواح وتغريبات الحزن. ولم نجد فى أدبياتنا الشرقية من تغنّى بالصمت سوى المرأة. فهي تنظر إلى الصمت نظرتها إلى الغياب، وتقيس أناقة الرجل بأذنها أولاً. وهنا وجب على الرجل التروّي قبل أن يمارس أناقته، والتعقّل قبل أن يغازل قرطها، ذلك الذي اخترعته أساساً لتلفت نظر الرجل إلى أهمية الهمس.
إنها العبقرية التي جعلت من قرطها فخّاً، فكلّ حرفِ محسوبٌ على الرجل، ودالّ على أناقته أو هَبله.
وأصعب الرجال وأكثرهم قلقاً لدى المرأة رجل صموت أو رجل صمت فجأة.
والشكوى من صمت الرجل وجبة خفيفة تتناولها النساء بين وجبات الألم العبقري الذي تسعى إليه بدأب.
المرأة يا سادة ارتكبت خطيئتها بدقة حين عوّدت الرجل على صوت آلامها حتى اعتاد أن يستمع إلى أنّاتها وصرخاتها وكأنه يستمع إلى أمّ كلثوم أيام الخميس في ستينات القرن الماضي.
والمرأة إن لم تجد الألم تخترعه. فهي ربما صرخت مرّة على الأقل في عمرها من ألم المخاض ذلك الذي سعت إليه بكلّ الطرق بدءاً من تساهيل ربّنا إلى المشعوذين إلى أطباء النساء والتوليد، فضلاً عن ألف صرخة ـ لا مؤاخذة ـ صرختها قبل أن تصل إلى ألم المخاض.
والشكوى من الصمت نوع من تسويق الألم تمارسه المرأة، بات درباً من التسالي أو المشهّيات إلى أن تنتهي من طهو وجبه للألم، ربما تقلب حياتها وحياة رجلها إلى حجيم.
ومشكلة المرأة ليست في الصمت، إنما السكون والرتابة. ذلك ما يثير جنونها، فتسمّيه أيّ اسم لا يدينها، ربما تسمّيه صمتاً حتى يمكنها ممارسة النواح وهي مرتاحة الضمير.
عادل أمين