هل تطول معركة حلب؟
حميدي العبدالله
لا شك أنّ معركة حلب هي أعنف وأشدّ المعارك في الحرب السورية منذ اندلاعها في ربيع عام 2011 وحتى الآن. لأنّ هذه المعركة هي التي ستقرّر وجهة الحرب السورية اللاحقة، لهذا السبب فإنّ جميع الأطراف ترمي بثقلها لحسم المعركة لصالحها.
وإذا كان المشهد واضح لجهة أهمية معركة حلب، لكنه غير واضح لجهة المدى الزمني الذي سوف تستغرقه هذه المعركة، هل تطول أشهر وربما سنوات، أم أنّ هذه المعركة سوف تحسم سريعاً لصالح أحد طرفي الصراع؟ واضح أولاً، أنّ معركة حلب قد تطول أشهر، وربما سنوات إذا ما عادت الأوضاع الميدانية إلى ما كانت عليه قبل المعركة التي بدأت في خريف وشتاء عام 2015، حيث شنّ الجيش السوري وحلفاؤه هجوماً انتهى بتحرير أجزاء واسعة من أرياف حلب الجنوبي والشرقي والشمالي والغربي.
لكن من الواضح أنّ تشابك المواقع الآن على الجبهات، والحشد الكبير للأطراف المتصارعة، تجعل إمكانية العودة إلى الوضع الذي كان قائماً بين 2012 وخريف 2015 أمر صعب وهو أقرب إلى أن يكون مستحيلاً.
هذه الحقيقة تؤكد أنّ معركة حلب مرشحة لسلوك مسار من اثنين:
ـ المسار الأول، عملية حسم لصالح أحد الطرفين، في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، والحسم هنا لا يعني على الإطلاق تحرير كامل المدينة وأريافها، بل يعني إحكام الطوق حولها وتوسيع السيطرة على أريافها. واضح أنّ توضّع القوات المسلحة في جبهة حلب يرجح احتمال فوز الجيش السوري وحلفائه في هذه المعركة في غضون الوقت المحدّد والذي سوف تستغرقه. المعركة الدائرة الآن.
ـ المسار الثاني، أن يرافق المعارك بين الطرفين إطلاق مسار المفاوضات لحلّ الأزمة السورية، ليكون ذلك المخرج لوقف عملية الحسم، ولكن شرط أن يكون مسار المفاوضات جدياَ ومرتكز إلى أسس سياسية توضح طبيعة حلّ الأزمة انطلاقاً من تفاهمات فيينا، وليس ما جاء في تفاهمات حزيران عام 2012 التي تتحدث بلغة عامة عن مرحلة انتقالية، لم تعد تلائم المعطيات الميدانية القائمة الآن.
في مطلق الأحوال سواء كان الحسم سياسياً أو ميدانياً، فإنّ معركة حلب لن تتجاوز الأشهر وليس السنوات.