الجاليات الناطقة بالاسبانية في ميزان الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة

توسطت دورة الألعاب الأولمبية اهتمام المشهد السياسي الأميركي مع انشداده لمجريات السباق الانتخابي وما يرافقه من تحوّلات يومية، مع اهتمام النخب السياسية والاعلامية والفكرية بلقاء القمة في موسكو بين الرئيسين التركي ولروسي.

سيستمر قسم التحليل في تسليط الضوء على الخارطة الانتخابية الأميركية لسبر أغوارها، ويستكمل هذا الأسبوع مواكبته لدور الأقليات في تحديد وجهة الانتخابات. وسيستعرض دور الجالية ذات الأصول اللاتينية المكسيك وبلدان أميركا الجنوبية الاخرى ، لا سيما نموّها المضطرد الذي يعتبر الأكبر بين الأقليات الاخرى في المجتمع الأميركي. بيد انّ الوفرة العددية، 55 مليونا، نادراً ما تترجم بإقبال مشهود يوم التصويت، وتعتبر أقلّ من نسبة مشاركة السود وبالطبع البيض الأميركيين. كما انّ تأثير الجالية تقلص تدريجيا نظراً لتواجد الكتل السكانية في بضع ولايات محدودة تصنّف عادة في تأييدها لمرشح الحزب الديموقراطي في كاليفورنيا والجمهوري في تكساس.

حزب الله في عين العاصفة

اعتبر معهد المشروع الأميركي تنامي قدرة ونفوذ حزب الله بأنه عائد «لقصر نظر الجهود السياسية» التي رافقت عدوان «إسرائيل» على لبنان عام 2006، قائلاً إنّ التوصل لوقف إطلاق النار في نص القرار الدولي وقف الأعمال القتالية كان «سابقاً لأوانه»، مما حوّل الحزب الى «قوة هائلة اليوم… نتيجة تقلب وعدم ثبات مناورات الديبلوماسيين قبل عقد مضى». واتهم المعهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن ووزيرة خارجيته كونداليسا رايس بعدم إتقان ترتيب الأولويات «بما تعارض مع توصيات الخبراء من الزملاء وأسفر عن تسليط سيف ديموقليس على رقبة المنطقة». وحذر صناع القرار من تداعيات الرؤية القاصرة آنذاك التي لم تعد المسألة «متى ستنشب مواجهة جديدة بين إسرائيل وحزب الله، بل معدلات حجم الأضرار والدمار القياسية المقبلة».

http://www.aei.org/publication/how-diplomatic-shortsightedness-a-decade-ago-empowers-hezbollah-today/

سورية

أشاد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى بما اسماه «نجاح الإرهابيين الوافدين من إدلب إقامة روابط مع المحاصرين في شرق حلب… والتعويض عن خسارة الإرهابيين لطريق الكاستيلو » مستطرداً بالقول انّ الإخفاقات لا تزال ماثلة أمام المعارضة المسلحة لا سيما «بعد وصول قوة النخبة في حزب الله، قوات الرضوان، مع ألفي مقاتل عراقي الى حلب على مقربة من ممر الراموسة»، مشككاً في قدرة «المجموعات المسلحة المحافظة» على مكاسبهم التي «لا ينبغي تضخيمها». واضاف انّ معارك الراموسة كلفت «المسلحين خسائر كبيرة، ولقي 500 منهم حتفه… رغم حشد جيش الفتح ما بين 5 الى 10 آلاف مقاتل ودعم لوجستي كبير من تركيا وقطر والمملكة السعودية». واعتبر المعهد ان طوق الحصار المفروض على شرقي مدينة حلب «سيكون أطول وأكثر صعوبة بكثير من حصار مركز حمص حيث احتلّ ألف مسلح فقط على نصف ميل مربع… واستمرّ الحصار أكثر من 18 شهراً». في ظلّ توصل الجانبين الأميركي والروسي الى «اتفاق» قد يقود الى ترتيبات وتدابير مشتركة في تلك المنطقة، زعم المعهد انّ «واشنطن تساعد روسيا والجيش السوري على معاودة حصار حلب… وربما يختار الرئيس أوباما نهج الغموض المتعمّد.. وانتظار مصير المعركة في حلب».

http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/is-aleppo-turnaround-sustainable-for-rebels

مصر

ناشد معهد كارنيغي الحكومة المصرية تنويع مصادر مداخيل خزينتها، وتخفيف الاعتماد على عائدات «المواد الهيدروكربونية.. وتخفيف اتكال الاقتصاد المصري بشكل مستتر على النفط والغاز الطبيعي»، كي تتمكن من معالجة عقباتها الاقتصادية والحيلولة دون «تجدّد الاضطرابات السياسية على الرغم من انّ البلاد تشهد استقراراً سياسياً نسبياً مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل بضع سنوات». واوضح انّ الاقتصاد المصري تأثر سلباً كما غيره من الاقتصاديات مع انخفاض أسعار النفط «وتراجع الإنتاج مقابل زيادة الاستهلاك مما حوّل البلاد الى مستوردٍ صافٍ للنفط.. بحلول العام 2012». وحمّل المعهد السياسات الحكومية المتعاقبة مسؤولية «تغذية السخط الشعبي.. وحرمان قطاعات واسعة من التنعّم بعوائد الصادرات الهيدروكربونية وحرمها من تطوير قطاع خاص اوسع واكثر ديناميكية». وفنّد المعهد، ربما بطريقٍ ملتوٍ، زعم السلطات باستقطاب «مكثف لرأس المال والاستثمارات الاجنبية»، التي كانت قدرتها على «توليد أعداد كبيرة من فرص العمل محدودة.. وعززت الشعور بأنّ النظام الاقتصادي في مصر ماضٍ في مفاقمة عدم المساواة والإقصاء الاجتماعي كما كانت عليه الحال قبل انتفاضة عام 2011». وحث المعهد الحكومة المصرية على «بلورة استراتيجية طويلة الأجل لتحديد نوع مصادر الطاقة التي ستعتمد عليها مصر في المستقبل.. وتسهيل الحصول على التمويل وتحسين مهارات الموظفين وإعادة هيكلة نموذج التنمية المصري وإجراء إصلاحات مؤسساتية وسياسية بسرعة كبيرة نسبياً».

http://carnegie-mec.org/2016/08/02/egypt-s-oil-dependency-and-political-discontent-pub-64224

حث معهد المشروع الأميركي السلطات المصرية الالتفات العاجل لتفعيل دور مؤسسة الأزهر وجامعته كوسيلة «لخفض معدلات التطرف في مصر.. لا سيما انه كان في السابق مركز استقطاب الفكر الاسلامي المعتدل». كما ناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي «التوجه الحازم للأزهر لإدخال إصلاحات على مناهج الدراسات الدينية وإغنائها بموضوعات علمانية الطابع»، معتبراً انّ ذلك شرطاً ضرورياً لكبح جهود التجنيد في صفوف تنظيم الإخوان المسلمين. وأشاد المعهد بتجربة المغرب التي «أثمرت جهوده» في خفض حدة التطرف. كما طالب المعهد كلّ من «البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الأمن القومي.. حث دول مثل مصر العودة الى الأساسيات بغية استعادة المعاهد الدينية التقليدية». وشدّد على أهمية تطبيق «الإصلاحات والاستقلالية لدى منافذ دينية تقليدية مثل الأزهر كونها الفيصل لاستعادة دفة قيادة المؤسسة ووضعها بيد علماء الدين التقليديين عوضاً عن بروز الديماغوجيين والشعبويين والمتطرفين».

http://www.aei.org/publication/to-reduce-radicalism-in-egypt-restore-al-azhar/

مخاطر الإرهاب الحديث

زعم معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى انّ تنظيمي القاعدة وداعش في صدّد شنّ هجمات إرهابية تستخدم أسلحة إشعاعية، او جهاز التشتيت الإشعاعي، استناداً الى «تقارير بأنّ أشخاصاً في باريس قاموا بمراقبة عالم يعمل في مركز الأبحاث النووية البلجيكي»، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 موضحاً انّ تلك المواد من شأنها «تلويث الطعام او المياه او الهواء بمواد إشعاعية » فضلاً عن انّ «بعض الجماعات فكرت ايضاً بتخريب محطات الطاقة النووية … مستدركاً ايضاً انّ «الأدلة على ذلك ظرفية الى حدّ كبير». وأضاف انّ «احتمال استخدام جهاز تشتيت إشعاعي.. في مدينة أميركية هو خطر يجب ان يؤخذ على محمل الجدّ.. وليس من الواضح ما اذا كان باستطاعة فرق الإنقاذ واجهزة الطوارئ ان يكونوا على أهبة الاستعداد والجهوزية لمواجهة هجوم إشعاعي.. واحتواء الانتشار وإزالة التلوّث من أعداد كبيرة من الناس والمباني».

http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/the-potential-for-radiological-terrorism-by-al-qaeda-and-the-islamic-state

تركيا

أعرب معهد كارنيغي عن اعتقاده بأنّ فشل الانقلاب العسكري في تركيا أشّر على احد مكاسب «المجتمع التركي.. مقاومة تدخل الجيش في السياسة». اما التداعيات والتدابير والأحكام الأخرى الذي رافقته «فربما تؤشر على احتضار الجيش» كمؤسسة فاعلة في المشهد السياسي التركي «نتيجة عمليات التطهير». واوضح انّ «المحاولة الانقلابية اسهمت في تذكير النظام بأنّ جيشاً مسيّساً يشكل تهديداً يجب ضبطه بحذر». وزعم المعهد انّ محاولات الجيش الانقلابية الاربعة السابقة «لم تكن لديه اي نية بالبقاء في السلطة.. بل إنقاذ الدولة». واضاف انّ صعود «حزب العدالة والتنمية الى دفة قيادة الدولة شكل بداية تراجع نفوذ الجيش وحرصه على استيفاء معايير كوبنهاغن فرض سيطرة مدنية على القوات المسلحة» كأحد شروط انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي. ولفت الانتباه الى عزم الرئيس أردوغان إخضاع الجيش لسيطرة حزبه عشية فشل الانقلاب قائلاً انّ «الجيش التركي سيخضع لإعادة هيكلة»، معتبراً انّ المقصود بلورة «جيش مسيّس يساعد على تحقيق مصالح الحزب الخاصة، ويجب إخضاعه لسيطرة شديدة ومتأنية كي لا يقوم بانقلاب جديد».

http://carnegieendowment.org/sada/?fa=64311 mkt tok=eyJpIjoiTkdJMVptWmxaR1V5WVRWaSIsInQiOiJhRXQycXB4THphdWVFTzRnazhFeGFURFE4TDlXU1lXcmM1MnBBWTdYTXlYTzNEXC9Mc09nR3BLakZhbkVLdThBVGw0eERjQjJUMWZPa0ZheEo1ODNpWUc4Z1BVcW5pd3lpb2tORUZGZXBySkE9In0 3D

حظيت زيارة الرئيس التركي إلى نظيره الروسي باهتمامٍ عالٍ من قبل معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى «بعد إذابة الجليد» بينهما، والتي جاءت في أعقاب «إدراك أنقرة المتزايد بأنّ حلفاءها الغربيين قد تخلوا عنها بعد الانقلاب.. فضلاً عن المحادثات المستمرة بين موسكو وواشنطن الهادفة الى تنسيق الجهود في سورية». وحذر المعهد من انّ لقاء القمة «سيزيد تحسن العلاقات التركية الروسية في هذه المرحلة، إلا اذا تدخلت واشنطن لمنع أردوغان من التودّد الى بوتين». كما أعرب المعهد عن اعتقاده بأنّ الرئيس الروسي «سيعمل خلال الأيام المقبلة على إغراء تركيا بمبادرات مثل رفع العقوبات ومساعدتها في جمهوريات آسيا الوسطى، حيث تتواجد شبكات غولن الأقدم والأقوى خارج تركيا.. فضلاً عن إمكانية فشل واشنطن إقناع أنقرة لطلبها تسليم غولن بأنه يقتضي مراجعة دقيقة، من شأن ذلك كله دفع اردوغان بشكل أكبر نحو روسيا».

http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/turkish-russian-ties-after-the-erdogan-putin-breakthrough

كما تناول الزيارة معهد أبحاث السياسة الخارجية معتبراً أنها تشكل «بداية فصل جديد في العلاقات التركية الروسية… وربما بدء ما هو أبعد من ذلك»، موضحاً انّ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو استغلّ توقيت الزيارة لإعلان انّ بلاده «تعزم تعليق العمل باتفاقية الهجرة المعقودة مع الاتحاد الاوروبي». وحذر من انّ مستقبل تلك الاتفاقية ومجمل العلاقات التركية مع اوروبا «يكتنفها الغموض بيد ان المؤكد راهناً انّ دور تركيا التقليدي كأحد أركان تواجد أسطول الناتو في البحر الاسود قد حان زمن مراجعته»، دون ان يستطيع ايّ طرف تحديد أبعاد ذلك.

http://www.fpri.org/2016/08/turkey-natos-anchor/

تناول معهد المشروع الأميركي أبعاد زيارة اردوغان لموسكو من زاوية تداعياتها على العامل الكردي، اذ انّ أردوغان يدرك «سعيه لهزيمة حزب العمال الكردستاني يستدعي تطبيع العلاقات مع بوتين». اما في الجانب الكردي، أوضح المعهد انّ الكرد يسعون «لتحقيق مساواة سياسية وصون حرية التعبير والحفاظ على الهوية الحضارية للكرد بعد طول انتظار». وحث مكونات الشعب التركي الأخرى الإعلان عن الامتنان لكرد تركيا «لتجديد المراهنة على نيلهم حريتهم مرة أخرى، والاسترشاد بتجربة الكرد من العمل المثابر من داخل المؤسسة السياسية التركية».

http://www.aei.org/publication/will-the-kurds-save-turkey/

توظيف وقت الطلب

تنامى دور ونفوذ الجالية الأميركية من أصول لاتينية في المشهد السياسي الأميركي باضطراد، ورفعت مكانته إعلامياً الى «الكأس المقدسة»، للدلالة على القوة الإعجازية الكامنة والغير مستغلة التي «ستبعث البهجة وفتوة الشباب» لمن يفوز بها، كما تفيد أساطير الزمن الغابر.

استمرّ تودّد مرشحي الحزبين لنيل تأييد القسم الأعظم من أفرادها، وإلقاء الوعود البراقة جزافاً، والتي ما يلبث النكوص عنها والعمل وفق المصالح «العليا» للدولة. القسم الأكبر من أفرادها يؤيد الحزب الديمقراطي، بينما يحتلّ أصحاب المصالح الاقتصادية الكبرى والمرتبطين بأهداف المؤسسة السياسية، بعض أفراد الجالية الكوبية في فلوريدا، موقعاً معتبراً في هيكلية الحزب الجمهوري ورغبته الجامحة في إحداث خروقات انتخابية داخلها لصالحه.

يبلغ تعداد الجالية نحو 55 مليون فرد، وفق أحدث الإحصائيات الصادرة عن معهد بيو، الشهر الماضي. ارتفعت نسبة المؤهلين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية من 25.2 مليون عام 2014 الى 27 مليون ونيّف في الدورة الحالية ايّ ما يعادل نحو 12 من مجمل أصوات الناخبين الأميركيين. ويقدّر خبراء الإحصاء انّ نسبة المشاركين في التصويت سيرتفع لنحو 40 لهذا العام مقارنة مع المشاركة والاستقطاب الحادّ في دورة انتخابات عام 2008.

تجدر الإشارة الى انّ الكثافة البشرية للجالية تقطن مدن وولايات تصنف «محسومة» لصالح احد الحزبين، كاليفورنيا للحزب الديمقراطي، وتكساس في صف الحزب الجمهوري مما يخفف من حدة الاستقطاب والصراع على كسب ودّها. كما انّ نفوذ الجالية اللاتينية في العملية الاقتصادية لا يقارن بما يتمتع به اليهود الأميركيين، الذين يلعبون دوراً محورياً في بعض الولايات التي يجري التنافس عليها بشدة فلوريدا مثالاً والتي كانت لها الكفة الراجحة في تقرير مصير النتائج النهائية للانتخابات.

أسفر فوز الرئيس أوباما في دورتين متتاليتين، 2008 و 2012، عن إجراء الحزب الجمهوري مراجعة قاسية لسياساته الخاصة بكسب الجالية اللاتينية على رأس الأقليات الأخرى. بيد أنّ الخطاب السياسي للحزب، قبل تصريحات ترامب المعادية، لم يترجم دعماً او تأييداً داخل تلك الأوساط. بل انّ المشهد يتسم بانكفاء أعداد أكبر من مؤيدي الحزب الجمهوري عن المشاركة في العملية الانتخابية برمتها.

الميل لترامب ام كلينتون؟

أشار أحدث استطلاع للرأي أجرته شبكة فوكس نيوز، 11 آب، الى تفوق هيلاري كلينتون على منافسها ترامب بنسبة 46 من أصوات الناخبين بزيادة قدرها 4 عن استطلاع أجراه الشهر الماضي معهد بيو. كما أشار استطلاع بيو الى توزع الصوت اللاتيني 66 لكلينتون مقابل 24 لترامب، ولدى دخول مرشح الحزب التحرري ليبراتاريان في الإحصاءات يبدو ثبات تأييد كلينتون بنسبة 58 من تلك الأصوات مقابل 20 لترامب ونحو 13 لمرشح تيار الحزب التحرّري غيري جونسون.

اتساع الهوة بين كلينتون وترامب دفع يومية «نيويورك تايمز»، 11 آب، الى التساؤل حول حاجة الحزب الجمهوري ومرشحه ترامب الى أصوات الجالية اللاتينية التي تعزف عن التصويت له بأعداد متزايدة. وشدّدت الصحيفة على انّ ترامب بحاجة ماسة لكسب ولاية فلوريدا التي يقطنها أعداد كبيرة من تلك الجالية، بيد انّ الأمر صعب المنال.

تدهور شعبية ترامب باضطراد بين صفوف الجالية اللاتينية عبّرت عنه صحيفة «واشنطن بوست»، 12 آب، بالقول انّ عامل ترامب ادّى الى أعلى نسبة تدهور لتأييد الحزب الجمهوري منذ العام 1996، مما يؤيد فرضية «تدهور شعبية الحزب الجمهوري كل 20 سنة» بين صفوف الجالية اللاتينية.

ذهبت الغالبية العظمى من أصوات الجالية المعنية لتأييد الرئيس أوباما في دورة عام 2012، بنسبة 71 ، مقابل 27 لصالح المنافس الجمهوري ميت رومني. كما شكلت تلك النسبة أعلى معدل لتأييد مرشح الحزب الديمقراطي منذ العام 1996 وفق بيانات معهد بيو.

أوضحت بيانات الاستطلاعات انّ الفئة العمرية الناشئة، 18 الى 35 عاماً، تؤيد بقوة مرشح الحزب الديمقراطي اذ حظيت كلينتون بتأييد نسبة 71 من بين تلك الفئة، مقابل 19 لمنافسها ترامب وتضاءلت قليلاً بين صفوف الفئة العمرية ما فوق 36 عاماً، بنسبة 65 لكلينتون مقابل 26 لصالح ترامب.

النسبة العالية المذكورة لصالح كلينتون، 71 ، كانت ايضاً لأصوات المرأة اللاتينية مقابل تأييد 61 من الذكور لها. اما ترامب فقد حصل على نتسبة تأييد تعادل 19 من أصوات المرأة، مقابل 30 من أصوات ذكور الجالية اللاتينية.

النتائج السابقة تؤشر على نموذجية جولة التصويت العام المقبلة بترجيح كفة هيلاري كلينتون خاصة بين صفوف الناشئة وقطاع المرأة، والذي جاء مطابقاً لنتائج توجهات الجالية اللاتينية.

وتشير البيانات الانتخابية المعتمدة الى وجهة تصويت مزدوجي اللغة، الاسبانية والانكليزية، اذ تتمتع كلينتون بنسبة عالية ايضاً، 80 مقابل 11 لصالح منافسها ترامب. حجم تلك الكتلة يشكل نحو 57 من مجموع أصوات الناخبين المؤهلين لدى الجالية المذكورة. أما الجيل المولود في أميركا والذي يتفوّق بإتقان اللغة الانكليزية على لغته الأمّ، فيشكل نحو 43 من الأصوات. تتضاءل نسبة تأييد كلينتون بين تلك الفئة الى نحو 48 مقابل تأييدها لترامب بنسبة 41 .

محصلة البيانات والاستطلاعات المذكورة تشير بوضوح الى ثبات تأييد الجالية اللاتينيو لمرشحي الحزب الديمقراطي، الذي يجدّد مناشدته للناخبين المشاركة بفعالية كبيرة يوم الانتخابات.

قلق وهواجس المهاجرين «الجدد» من الجالية اللاتينية، نحو 30 من مجموعها العام، حول مصيرهم في الإقامة والعمل تبقى حاضرة في الأذهان، ويفسّر تدني نسبة الناخبين المسجلين عندهم، 49 ، مقابل 69 من المسجلين السود وذو أصول أفريقية اما البيض فتبلغ نسبة التسجيل عندهم نحو 80 .

وتيرة اندماج المهاجرين اللاتينيين في المجتمع الأميركي لا تزال متدنية، نظراً لعدم تسوية أوضاع الكثيرين منهم قانونياً ويدلّ ايضاً على خشية جمهور الحزب الجمهوري من إضافة أعداد كبيرة للجسم الانتخابي الذي يعزف عن تأييده بنسبة عالية، فضلاً عن مطالب الجنسين حديثاً بمساواة الفرص مع الكتل الانتخابية الأخرى مثل الإيطاليين والايرلنديين.

مستقبل الناخبين اللاتينيين

تشير البيانات الديموغرافية الى سرعة التكاثر الطبيعي بين أفراد تلك الجالية، بل هي الأعلى مقارنة بالجاليات الاخرى، وهي مقبلة على تشكيل كتلة انتخابية معتبرة خاصة بها. واوضح معهد بيو قراءاته للبيانات الحكومية الديموغرافية بالقول انّ الجيل المؤهل للتصويت الذي يشرف على تجاوز عمر 18 عاماً يعدّ المصدر الرئيس لفئة الناخبين الذين يقدّر عددهم بنحو 803،000 فرد كلّ سنة.

اما الحجم العام للجالية المؤهلة للتصويت فمن المتوقع ارتفاعه الى نحو 27،3 مليون ناخب في الدورة الراهنة لعام 2016. بين الدورتين الانتخابيتين، 2008 و 2016، من المتوقع اضافة ما مجموعه 6 مليون ناخب من أصول لاتينية في المشهد السياسي الأميركي العام، يرجح انضمام غالبيتهم الى تأييد الحزب الديمقراطي.

أفضت البيانات الديموغرافية الرسمية الى نتيجة مقلقة في حجم الكتلة الانتخابية، اذ لوحظ ارتفاع معدل الغائبين عن التصويت بين الفئة اللاتينية: في انتخابات عالم 2008 سجل عزوف نحو 9.8 مليون ناخب عن المشاركة وارتفع المعدل الى 12.1 مليون في دورة عام 2012 على الرغم من معدلات إقبال على التصويت غير مسبوقة لأفراد الجالية.

وعليه تضاءلت معدلات النمو المتوقعة في أصوات الناخبين، من 49.9 عام 2008 الى 48 عام 2012. يرجح البعض انّ عزوف الجيل الناشئ عن الالتزام بالمشاركة في العملية الانتخابية ربما يفسر تراجع النسب المفترضة.

استناداً الى تلك البيانات والتفسيرات المرافقة فإنّ المراهنة على محورية أصوات الجالية اللاتينية قد لا ترتقي لمستوى تخصيص الموارد اللازمة لاستقطاب أصواتها.

تبلور الصوت الانتخابي

في الأحوال الطبيعية، تتأثر الجالية اللاتينية بمغريات وتحوّلات المجتمع الأميركي أسوة بالجاليات والأقليات الأخرى، وترسم مديات اندماجه في النسيج الاجتماعي.

من الميزات التي تنعم بها الجالية اللاتينية تزايد فرص التعليم لا سيما المراحل الجامعية، وستشهد الجولة الانتخابية الراهنة معدلات من الخريجين أعلى من الدورات الانتخالبية السابقة. تشير البيانات الى بلوغ نحو 48 من الفئة العمرية 18 عاماً وما فوق المرحلة الجامعية، ونيل 18 منهم شهادة بكالوريوس وما فوق مقابل 20 لم تتوفر لهم فرص استكمال مرحلة الثانوية العامة.

بالمقارنة مع مستويات التعليم في انتخابات عام 2000، نجد انّ نحو 36 من الناخبين اللاتينيين قد دخل مرحلة التعليم الجامعي، ونال نحو 11 منهم شهادة بكالوريوس، مقابل 32 منهم لم يوفق باجتياز الثانوية العامة.

اما حين تؤخذ نسبة البيض من الأميركيين في المجال التعليمي فيتبيّن حجم الهوة مع الفئات الاجتماعية الأخرى. مع بلوغ انتخابات المرحلة الراهنة مداها سيفوز نحو 63 من البيض بدخول المرحلة الجامعية مقابل 73 من الناخبين الآسيويين ونسبة أدنى لا تتعدّى 53 بين صفوف السود وذوي الأصول الافريقية.

عند السعي لترجمة تلك البيانات والإحصائيات وتأثيرها على مسار جولة الانتخابات المقبلة نجد ضرورة للفت الانتباه لبعض الخصائص: الجالية اللاتينية بتركيبتها الحالية لا تشكل كتلة متراصة، بل تعاني من جملة تباينات، الفروقات العمرية وما تتركه من تداعيات على التوجهات الانتخابية تعدّد المكونات الآتية من مناطق ومجتمعات متشابهة وليست متطابقة: ذوو الاصول الكوبية، الآتين من جزيرة بورتو ريكو، ذوو الاصول المكسيكية، والفئات الأخرى. كما انّ الجالية اللاتينية تعاني من الهوة بين المقيمين منذ زمن والجيل الاول المولود حديثاً الذين تتباين رؤاهم وتوجهاتهم وتصل لمستوى التناقض احياناً.

استناداً لتلك اللوحة من التعددية فمن غير المرجح التعويل على «الصوت اللاتيني» ككتلة واحدة موحدة تعطي أصواتها بأغلبية كبيرة لمرشح بعينه، كما جرى الأمر مع السود وذوي الأصول الأفريقية في انتخاب الرئيس أوباما في الدورتين المتتاليتين.

لا يساور احد الشك فوز المرشحة كلينتون بغالبية أصوات الجالية اللاتينية، بيد انّ العامل الأهمّ هو تحديد النسبة التي ستشارك في الانتخابات والدوائر الانتخابية التي سيشاركون بها.

بوسع المرء التكهن بقدر من اليسر بتحول نسبة محدودة من أصوات الجالية اللاتينية في بعض الولايات «الحاسمة»، اما الشكل النهائي لتلك الخريطة وتوزيع الأصوات فلن يتمّ سبر أغوارها إلا بعد انقضاء الفصل الانتخابي في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى