أديسيات
بالنسبة إلى المشاركة الروسية في حربنا ضدّ الإرهاب.
رأي شخصيّ: لا صحة لنظرية أن الدولة السورية ضعيفة فاستعانت بحليفها الروسي لدعمها ومساعدتها في الحرب المفروضة عليها من قِبل الدول الغربية وعملائها من العرب.
فالروس ما كانوا ليضعوا رهانهم على الحصان الخاسر في السباق، لا مكان للعواطف في سياسات الدول ـ خصوصاً العظمى منها ـ فلولا الصمود السوري دولة ومؤسسات وشعباً ما كنّا حتى لنرى روسيا الاتحادية بهذه القوة والعظمة، وقد قالها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف منذ الأيام الأولى للحرب: «النظام العالمي الجديد سيولد من سورية».
ما سبق قديم ومنشور وليس اجتهاداً من العبد الفقير. إنّما لديّ قناعة راسخة عن السبب الأقوى للمشاركة الروسية في الحرب، وهو الوفاء الروسي.
أرجع بذاكرتي إلى التسعينات عندما كنت جندياً في الجيش العربي السوري، وكانت خدمتي في مقرّ قيادة أحد التشكيلات الكبرى من تشكيلات الجيش، وكان هناك مساحة في هذا التشكيل يشغلها الخبراء الروس، لا أعلم ما مهمّتهم أو آلية تواجدهم في هذا التشكيل، ولكننا كنّا نعلم جميعاً أن التعاون العسكري الروسي ـ السوري السوفياتي ـ السوري سابقاً هو تعاون استراتيجي وتاريخي.
أمّا جواباً على سؤال ما علاقة الوفاء الروسي بموضوعنا؟ والوفاء هو طبعٌ اشتهر به العرب. فأُجيب:
ذات يوم، وبينما كنت عائداً من إجازةٍ إلى دوامي، وأنا في طريقي إلى الموقع الذي يتواجد فيه المكتب الذي كنت أخدم فيه، وأثناء مروري قبالة بوابة القطعة التي يتمركز فيها أصدقاؤنا الروس، أحدهم ـ ربما كان في نوبة حرس على البوابة ـ ناداني من الداخل: «سَديك سَديك… سيجارة؟» وهو يؤشّر إليّ بإصبعيه على شفاهه بحركة التدخين، اقتربت إليه وكنت أحمل علبتَي «وينستون»، إحداهما مفتوحة وتنقصها بضع سجائر والثانية جديدة، مددتُ يدي لأعطيه العلبة الجديدة، فرفض وقال: «فقط سيجارة فقط سيجارة»، ولكنه استسلم أمام إصراري وأخذها وهو يشكرني باللغتين العربية والروسية.
نقول باللهجة العاميّة: «كلّو دين ووفا».. وها نحن اليوم، جاء يوم الحساب، أصيل يا سَديك غينادي أصيل!
أديس ديرمنجيان