الفاتيكان: اهتمام بأزمة الرئاسة وتلويح بأسماء مفاجئة
روزانا رمَّال
لا يبدو انّ البحث عن اسماء مرشحة لرئاسة الجمهورية اللبنانية توقف عند حدّ الترشيحين للعماد ميشال عون «قائد» التيار الوطني الحر ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، فمزيد من الأسماء قد تكون مطروحة في حال تعثر الاتفاق على واحد منهما، وكلّ هذا يندرج ضمن إطار الانفتاح على كلّ الاحتمالات في بلد كلبنان يقع عند نقطة اتصال وانحسار لقوى إقليمية بارزة تجعل ايّ إشارة فيه منطلقاً لاحتساب نقطة ربح وخسارة. وبالتالي فانّ حصر المرشحين للرئاسة باسمين أمر غير وارد، الا اذا كانت اللعبة الإقليمية شديدة القدرة على جعل لبنان حالة استثنائية تؤدّي الى التوصل لما من شأنه ان يضعه على مفترق الانضمام لمحور واضح الاتجاه، فتكون هوية الرئاسة معروفة الانتماء والتوجّه مسبقاً.
لا يمكن تجاهل أهمية ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، والجهتين المسيحيتين اللتين تبنتا هذا الترشيح ما جعله يتفوّق مسيحياً بدون أيّ منازع، وهو الذي بدأت الأجواء الداخلية تشير الى حلحلة تجاهه إذا تمّ التسليم جدلاً باقتراب تيار المستقبل إلى منطق التوافق على ما يطرحه حزب الله من سلة متكاملة للملف تتضمّن الاتفاق على قانون جديد للانتخاب وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وعودة الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة، فيحصل توازن أساسي قادر على كسر فكرة الغالب والمغلوب وأجواء التشنج في البلاد، فيصبح توازناً مقبولاً الى حدّ ما مع رمزية ما يمثله نجاح وصول عون للرئاسة من نجاح لحزب الله ومحوره إقليمياً.
تنقل مصادر سياسية مطلعة لـ «البناء» ما يدور من مباحثات دولية لحلّ الأزمة الرئاسية، فتؤكد انّ الفاتيكان مهتمّ جداً بوضع حدّ لهذه الأزمة التي طالت، والتي لها تأثيرات جمة على الوضع المسيحي في المنطقة ويقول «هناك أسماء جديدة قد يطرحها الفاتيكان كمرشحين تكون حلاً للأزمة من خارج الأسماء المطروحة او المعروفة ويأتي هذا بعد فشل المساعي السياسية، خصوصاً الفرنسية منها في إحداث ايّ خرق في لبنان على هذا الصعيد، وعلى هذا الأساس ربما يكون اسم الرئيس هذه المرة اسماً غير متوقع».
وإذا كان الفاتيكان مستعداً لتحمّل وزر هذه المسؤولية وبغضّ النظر عن شرح نفوذه القادر على التأثير بالحسابات اللبنانية من عدمها، فإنّ العين تتوجّه اليوم نحو قائد الجيش العماد جان قهوجي ومسألة تمديد ولايته التي تأخذ حيّزاً من الأخذ والردّ، بالأوساط من دون أن تسجل اعتراضاً كفيلاً بتعطيل الخطوة في مجلس الوزراء، خصوصاً أنّ الوضع الأمني في لبنان والمعارك في عرسال تطلب وجود قائد للجيش قادر على ضبط الأمور لحين تبلور صيغة أمنية مناسبة لبدء معركة الجيش على الإرهاب منفرداً او بالتنسيق مع قوى إقليمية ودولية.
ولو صحّ ما يُشاع عن اقتراب حلّ أزمة الرئاسة اللبنانية فإنّ هذا يؤسّس لأسئلة عديدة تتعلّق بوضع قائد الجيش فهي تعني أنّ «عدم التمديد» لقهوجي أصبح أقلّ ضرراً على البلاد التي ستلملم أمورها قريباً، فيكون هناك رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء يعيّن على أساسه كلّ الشغور وترتب الاستحقاقات وتنظم التعيينات الأمنية والعسكرية وغيرها، ويدخل مع هذا لبنان فجراً جديداً، الا انّ هذا ما يبدو انه حاصل والتوجه نحو التمديد لقهوجي بات جدياً، فوزير الدفاع سمير مقبل يؤكد انّ «كلّ ما سيتمّ هو بحسب الدستور والقانون، فلماذا سيعرّض الحكومة للخطر؟ لدي مسؤوليات دستورية سأسير بها «هذا من شأنه ان يدلّ على إصرار للإقدام على الخطوة لتبدأ معها إعادة إحياء آمال اعتبار قهوجي أحد المخارج الممكنة بحال تعثر الترشيحين «عون فرنجية». وهنا تتكشف نيات الإصرار على هذا الطرح وأبعاد ما يحمل لجهة الإبقاء على اسم قهوجي مطروحاً، لأنه بحال عدم التمديد له فإن لا معنى للاسم بعد التقاعد. وهنا فإنّ قوة اسم قهوجي كمرشح تبقى حاضرة في لحظة التمديد بزخم أكبر وأقوى لدى محاولة الإقناع بوجوده حاملاً ما يكفي للبنانيين مما تشكله المؤسسة العسكرية من ضمانة اعتادوا عليها.
العين على حزب الله وحليفه الرئيس نبيه بري الذي لا يبدو جاهزاً اليوم للذهاب بعيداً كحزب الله بطرح عون مرشحاً اولاً واخيراً. ولا يبدو بهذا الإطار متحمساً للفكرة التي تجزم مصادر في 8 آذار انّ الرئيس بري لن يكون معرقلاً لها إذا ما اتفق الكلّ على تمريرها، فليس وارداً ان يلعب بري دوراً تعطيلياً اذا توافق الكلً على التصويت لعون، وبالتالي فانّ ما يسند لبري عن دور إقصائي لعون ليس وارداً بحال الإجماع الوطني. وهنا يستحضر ايضاً التفاؤل الذي طرح بالساعات الماضية عن قبول الحريري بالتصويت لعون شرط أن يأتي رئيساً للحكومة لاستذكار المحاولة الأولى منذ سنتين من الحريري للتقرّب من عون ورفع السعودية الفيتو على الأخير، ففشلت المهمة، بالتالي فإنّ أيّ تأكيد لا يعدو الا واحداً من أصل عناصر السلة الإقليمية المطروحة على الطاولة، حيث يمكن للبنان أخذ حصته منها بشكلها النهائي ليبقى كلّ شيء وارداً حتى ربع الساعة الأخير.