منصور: اتفقنا في الطائف على إعطاء مجلس الشيوخ صلاحيات حفظ الكيان والاستقلال وعدم الذوبان الخطيب: ندعو إلى النزول إلى الشارع وفرض «النسبية» حمية: «إسرائيل» ستسعى إلى تقويض أي محاولة لبنانية وحتى لو كانت ذاتية لإلغاء الطائفية شمس الدين: مجلس نواب وطني ومجلس طائفي يزيدان الهاجس المسيحي ولا يرضيانه
وقدم رئيس تحرير صحيفة «البناء» ناصر قنديل الحلقة «لم نأت الى هنا لنشتغل سياسة في المعنى اللبناني بل سنحاول تأصيل مفاهيم وأفكار تحتوي قيمة مضافة للنقاش ومادة معرفية يتاح فيها لكل مشارك أن يقدم وجهة نظره وأن توضع في التداول والمناقشة».
أضاف: « في الحلقة السابقة كان معنا دولة النائب السابق لرئيس مجلس النواب الرئيس إيلي الفرزلي و رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصوه والوزير السابق زياد بارود والدكتور وسيم منصوري وتداولنا فيها الإطار السياسي لطرح فكرة المجلسين بمعنى كيف أن الفراغ الرئاسي أوصلنا إلى البحث في قانون الانتخاب وتداول المشاريع المقترحة سواء صيغة النظام الأكثري في قانون الستين أو وسواه ثم بالمختلط ووصلنا إلى استحالة القبول أو التوافق على بدء النقاش في النسبية على أساس لاطائفي بالمطلق من دون المرور بالمعبر الذي ورد في المادة 22 من الدستور الذي يربط ولادة المجلس النيابي اللاطائفي مع مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف ومن ثم مناقشة الصلاحيات. هل يمكن أن يتم ذلك وهل هذا مجرد ملء للوقت الضائع؟ وهل هو مجرد إلهاء للناس بما يشتغلون به الآن وفي استعصاء واستحالة الوصول إلى هذا الأمر؟.
الخلاصة التي وصلنا اليها في الحلقة الماضية كانت الهام فيها نتيجة بعيدة عن هذه العناوين: تقول ما يلي: ما لم يتم الوصول خلال الثلاث أشهر المتبقية حتى تشرين الثاني المقبل، إلى قانون جديد للإنتخابابت بمعزل عن الفراغ الرئاسي عن عدمه، فإما نحن ذاهبون الى انتخابات نيابية وفق قانون الستين في حزيران المقبل لأن هناك مسألة المهل والعطل. وإما إلى تمديد. ووفقاً لما تقوله القوى السياسية المعنية بالانتخابات وبالتمديد فإن قوى أساسية تقول إنها لن تشارك في انتخابات إذا تمت على أساس الستين وقوى اساسية هي ذاتها أو غيرها تقول إنها لن تقبل بالتمديد وإذا فرض ستستقيل وبالتالي ستخرج من الندوة النيابية وهذا يعني الوصول إلى الفراغ النيابي إذا صدَقت الأقوال، مع الفراغ الرئاسي يعني البلد ذاهب إلى الإنهيار.
هذه هي خلاصة الحلقة الماضية. في هذه الحلقة سنناقش مع ضيوف أعزاء وأساتذة كبار هم: الوزيران السابقان الدكتور البير منصور والأستاذ زاهر الخطيب علمان في اتفاق الطائف في المناقشات التي عبرت عن آراء القوى الوطنية والتطلع الإصلاحي والتوجه العلماني لذلك وجودكما معنا ليس في استرجاع الذاكرة لمناقشة الأفكار والخلفيات والتي من خلالها متابعة آليات التطبيق والنتائج التي ترتبت عليها والتوازنات السياسية التي تحكم اليوم معادلة الواقع السياسي. معنا أيضاً، الأستاذ محمد شمس الدين وهو باحث في الدولية للمعلومات ومن الذين يواكبون العمليات الانتخابية بانتظام واستمرار ومتابعة الارقام ومعاني توازناتها وانعكاساتها، وعميد الإذاعة والإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي الاستاذ معن حمية والمنتخب اليوم مبروك عميد، من المجلس الأعلى في الحزب ويعبر أيضاً عن رؤية واحدة من القوى العلمانية الأساسية على الساحة اللبنانية التي تتوجه نحو المطالبة بقانون انتخابات يعتمد النسبية خارج القيد الطائفي.
كيف نقارب في هذه الحلقة الإطار الميثاقي كيف ولد في اتفاق الطائف والحديث عن صيغة المجلسين هل كانت محاولة لملاقاة تطلّع موجود في الشارع؟ الذين عاشوا مرحلة ما قبل الطائف يعرفون أموراً يمكن ألا تكون الناس في أجوائها، مثل الضغط لإلغاء الطائفية السياسية والمطالبة آنذاك بموعد محدد لإلغاء الطائفية السياسية والقول للنواب الذاهبين إلى مدينة الطائف:»لا تعودوا إلاّ وأنتم متفقون على إلغاء الطائفية». فهل كان الذهاب إلى صيغة المجلسين ومعها الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، هو تهرّب من كأس مُرّة جديدة، المادة 95 التي كانت في الدستور بشكلها السابق أن الطائفية موقتة وسحبت معنا خمسين سنة كي لا يُتهم «نواب الطائف» بأنهم يعيدون الكرة، فذهبوا إلى صيغة أكثر دسترة وقوننة لكنها ليست واقعية.
سيطر في النقاش بين المشاركين حينها شعور جدي بالذهاب إلى صيغة إصلاحية وقناعة بأننا لا بد أن نقدِّم صيغة إصلاحية متقدمة وعلى هذا الأساس كانت هي معبر إنتقالي من الصيغة الطائفية التي تم ترميمها أو إدخال كمية من التوازن إليها سواء بنقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء أو اعتماد المناصفة داخل المجلس النيابي ومجلس الوزراء ووظائف الفئة الأولى على اعتبار هذا مرحلة وأذكر أنا من الذين عايشوا تلك المرحلة أن المناخ الذي كان سائداً بعد الطائف أنه من 3 إلى 5 إلى عشر سنوات يعني دورتين نيابيتين ونذهب إلى مجلس نيابي لاطائفي ومجلس الشيوخ، هل هذا المولود الذي بين أيدينا كنص صيغة مجلسين واحد خارج القيد الطائفي وواحد على أساس تتمثّل فيه الطوائف ينظر في القضايا المصيرية هو تهريبة أم هو رؤية حقيقية نحو الإصلاح، هذا محور أول، والمحور الثاني الذي سنناقش فيه هو هل أن النتائج التي ترتبت على تطبيق اتفاق الطائف بالشكل الذي طُبق فيه بالتوازنات التي حكمته بما فيها التوازن الطائفي الذي أقره وعمل به بشكل أعرج أو بشكل مستقيم لكن أدى إلى نتائج في المقاربة الجديدة للقوى التي كانت موجودة عشية الطائف والآن موجودة بصيغة أخرى الطوائف التي كانت، المسلمون مجمعون على أنهم لا يريدون طائفية. اليوم بعد أن ذاقوا طعم التوازن الطائفي ما يزالون كطوائف وليس كقوى سياسية علمانية عابرة في قلب المسلمين وفي قلب المسيحيين نتحدث عن العنوان العام الطائفي في الطوائف الإسلامية، هل ما يزال له مصلحة في أن يتحدث بإلغاء الطائفية كما كان يتحدث عشية الطائف؟ والطوائف المسيحية التي قيل إنها خائفة من الغاء الطائفية كي لا تقع في الطغيان والغلبة لحساب المسلمين أليست مسكونة بالخوف ذاته؟ إذن، من هي القوة الدافعة الآن التي ستأخذ البلد نحو الخروج من الطائفية من هذا المعبر.
المحور الثالث الذي ينطلق من هذين المحورين. حتى ولو كان صحيحاً أن الطائف تهريبة لنفترض ولو كان صحيحاً أنه لا يملك الآن قوة دافعة هل يمكن للإنسداد الذي نعيشه على المستوى الداخلي حتى لو حصلت التسويات الإقليمية وتوصلت إلى تفاهم على انتخاب رئيس، أليست لدينا مشكلة حقيقية أسمها الآن إعادة تكوين مؤسسات السلطة وأولها مجلس النواب؟
وهل يمكن لإنسداد الأفق أمام البدائل الأخرى، لأن طرف معها والطرف الآخر سيقاتلها حتى الموت، سيؤدي إلى تسوية الضرورة يكون هذا عنوانها ويكون هذا خير للبلد بأنه مدخل لعنوان إصلاحي؟، سنحاول مناقشة الثلاثة محاور هذه لنخرج بمقترحات وتوصيات.
الحلقة الأخيرة ستكون الأسبوع المقبل تحت عنوان الإطار الدستوري والقانوني يشارك فيها أساتذة في القنون الدستوري لنتناول هذا الجانب ببعده الخاص وما هو توزع الصلاحيات بين المجلسين وكيف يمكن أن تدار العلاقة بينهما ومدى واقعية النظام البرلماني في تجانسه مع هذه الصيغة وغيرها من الأسئلة.
منصور: أجواء الطائف وعناوين مجلس الشيوخ
وتابع قنديل: سأبدأ مع الوزير البير منصور، هل كان اتفاق الطائف نتيجة هروب القوى السياسية آنذاك من ضغط الشارع بالمطالبة بوعد لإلغاء الطائفية، فوجد هذا المخرج أم أن المجتمعين في الطائف رغم مواقعهم المتباينة والمختلفة استطاعوا أن يتوصلوا إلى الإيمان واليقين بسقوط فكرة التوزيع الطائفي للنظام والتطلع إلى صيغة تخرج منه وكان هذا هو المدخل؟.
منصور: أولاً يهمني أن أذكِّر بتلك المرحلة. الصراع الذي وصلنا إليه حتى ذهبنا إلى الطائف وصل إلى طريق مسدود بنسبة تشبه كثيراً الظرف الذي نحن فيه في انتخاب رئيس الجمهورية.
كنا وصلنا إلى مرحلة كلّف رئيس الجمهورية آنذاك أمين الجميل بعد انتهاء ولايته قائد الجيش رئاسة الحكومة وإجراء انتخابات رئاسة جمهورية وتطورت الأمور إلى خلاف سياسي كبير وانشقاق في الحكم وصراع سياسي رافقتها حرب مسلحة، وبدل أن نذهب إلى انتخابات رئاسة جمهورية ذهبنا إلى حل مجلس النواب، وبالتالي ذهبنا إلى الطائف لإعادة النظرة بشكل شامل في كل الوضع القائم حينها وكيف نغيِّر من هيمنة المارونية السياسية إلى نظام حكم وطني، بمفاهيمه البسيطة العادية.
قنديل: تتحدث عن خلفيتك أنت؟ منصور: خلفيتي أنا وبنتيجة الصراع الذي حدث. قنديل: إلى أي مدى كان جو المشاركين في الطائف وما هي المشتركات؟ منصور: كان هناك جو وصل الى مرحلة مع من كانوا يتمسكون بالمارونية السياسية هو أن غالبية النواب المسيحيين متمسكون بإلغاء الطائفية، وكان خوف من أنه مع إلغاء الطائفية أن يصبح الترصّف الطائفي أكثر وبروز هيمنة طائفية معكوسة. غالبية من كانوا موجودين في تلك المرحلة كانوا صادقين بأنه يجب أن ننتقل إلى نظام وطني وإلغاء الطائفية ولكنهم خائفون من أن تحصل تحت ستار إلغاء الطائفية، غلبة طائفية أخرى، فذهب التفكير إلى نحو آلية فعلية لأنه سادت مقولة حينها تقول بإلغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص، وبالتالي أن هناك شيئاً يجب أن يتحضّر كي تلغى الطائفية. في جو النقاش هذا برز رأي بأنه يمكن إنشاء هيئة لاتخاذ التدابير لإلغاء الطائفية السياسية إن كان على صعيد الفرد وبرامج التعليم والإعلام والمؤسسات والتعليم الديني والوطني وحكي حينها عن إلغاء المذهبية في مرحلة أولى وشطب القيد الطائفي في مرحلة نهائية إنما الذي كان متوقعاً بفترة زمنية معقولة أن ثلاثة مجالس طائفية والمجلس الرابع على أساس لاطائفي أي 12 سنة للوصول إلى مرحلة إلغاء الطائفية بصورة كاملة وبالتالي حصر الهواجس التي كانت موجودة وخصوصاً عند الموارنة من ذوبان كيان لبنان بالمحيط العربي.
قنديل: لنفسّر هذه النقطة للمشاهد والقارئ والمتابع، ربط بين صيغة لبنان التي فيها توازن بين المسيحيين والمسلمين والتي كان سابقاً بغلبة مسيحية؟، منصور: كانت بغلبة عددية وتكرّست بصلاحيات رئيس الجمهورية وبعدد في مجلس النواب الذي كان اقتراحاً من المفوض السامي الفرنسي سبيرز حينها الذي اقترح 5 نواب مسلمين مقابل ستة مسيحيين وحينها طغت أكثرية مسيحية عددية.
قنديل: بالنقاش وبخلفية وروحية الطائف هل كان هناك خوف من أنه إذا أصبح في لبنان أكثرية عددية يذوب في محيطه العربي؟ بمعنى أن الطائفية تقدم نفسها حارساً للكيان؟، منصور: نعم، تقدم نفسها حارساً للكيان عدا عن موضوع هيمنة المارونية السياسية الخوف من أن يذوب الكيان اللبناني في المحيط العربي. صيغة الطائف التي ركبت كان القصد النهائي منها إلغاء الطائفية ومحاولة حصر الهواجس التي كان يُتذرع بها لإبقاء الطائفية، الوحدة وذوبان الكيان والهمينة المعكوسة كلها نحصره بمكان ما يؤمن الهواجس في مجلس الشيوخ ويعطي صلاحيات حفظ الكيان والاستقلال وعدم الذوبان. قنديل: هل دخلتم في نقاش في القضايا التي هي من صلاحيات مجلس الشيوخ؟
منصور: نعم هذه هي العناوين، ومن هنا أتت فكرة المجلسين وقيل إن هذا المجلس الذي يبنى على أساس المناصفة وتدريجاً تلغى الطائفية منه وتحصر بمجلس الشيوخ وحصل نقاش في هذا الموضوع وعندما طرح مجلس الشيوخ هناك من طرح الاستمرار بمجلس نيابي طائفي وأتى الجواب ما الحاجة لمجلسين طائفيين اذا كنّا سنحصر الطائفية بمجلس شيوخ؟ المجلس النيابي يجب أن يكون وطنياً خارج القيد الطائفي بصورة نهائية، وهكذا تم الاتفاق في النهاية.
قنديل: بصورة نهائية أو المناصفة بمرحلة أولى؟
منصور: لا المناصفة مرحلة مرتبطة بال 5 -6 وليس بالتنظيم، المناصفة من الـ5-6 إلى المناصفة، ولم ننتقل من مجلس وطني إلى مجلس طائفي.
قنديل: يعني لدينا مرحلتان الأولى فوراً بعد الطائف نطبِّق فيها المناصفة ثم نذهب إلى مجلس وطني خارج القيد الطائفي ومعه مجلس للشيوخ تتمثّل فيه الطوائف؟.
منصور: نعم مجلس للشيوخ تتمثل فيه الطوائف بصلاحيات معينة. قنديل: هذا يعني أن المجلس النيابي الوطني لا يوجود مبرر لطرح حتى المناصفة فيه لأنه يسقط مبرر إيجاد مجلس شيوخ؟. منصور: صحيح، يسقط كل النظرية والحل كان أن نتجه نحو حل وطني أي مجلس نيابي خارج القيد الوطني بصورة مطلقة.
قنديل: بالمعنى الميثاقي دكتور البير إذا أردت أن تلِّخص وجهة نظرك في مقاربة مفهوم المجلسين في قلب الطائف، ما هي المعادلة التي تقدمها لنا؟
منصور: خرجنا من الاتفاق، البعض منّا على الأقل بأمل بمرحلة لا تتجاوز ثلاثة مجالس نيابية لإلغاء الطائفية بصورة كاملة من المجلس النيابي ونحصر الشأن الطائفي بمجلس الشيوخ ونخرج بمجلس وطني شبه كامل ومن الطبيعي معها ولم يطرح حينها قانون الانتخاب انما عندما تلغى الطائفية من المجلس النيابي لا يعود هناك مبرر لأي مركز طائفي في الدولة وهذا أمر طبيعي وبديهي و مسلّم به، ولا مشكلة أن يكون رئيس المجلس من طائفة أو نائبه من طائفة أخرى أو رئيس الجمهورية، وإلا مثلي أنا من طائفة حيالها نوع من التمييز العنصري لا استطيع أن أصل الى رئيس حكومة أو رئيس جمهورية ولا حتى وزير سيادي.
قنديل: قبل الطائف هل كنت على تواصل قريب من العماد ميشال عون؟
منصور: عندما كنت رئيس لجنة الدفاع في المجلس النيابي وعون قائد جيش كانت هناك علاقة، وفي مرحلة من المراحل عندما حصل صراع بين الجيش اللبناني وميلشيات «القوات» حينها شعرنا بالخوف من هيمنة الأخيرة على المنطقة الشرقية وانحزنا للجيش حينها وحاولنا دعمه في وجه الميلشيات.
قنديل: لكن لم تكن في الطائف تمثل الأحزاب الوطنية التي كنت عضواً في مجلسها السياسي في العام 1975 -1976؟
منصور: كنت أمثل وجهة نظرهم، وحينها كان النائب وليد جنبلاط خارج هذا الجو وبقي الحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الشيوعي.
هيمنة معكوسة
قنديل: أستاذ زاهر الخطيب أنت ذهبت إلى الطائف، أنا على الأقل أستطيع أن أقول ما أعرفه وهو أنك كنت على صلة مباشرة بالوزيرين آنذاك نبيه بري ووليد جنبلاط وعلى صلة يومية مع الرئيس بري بمتابعة مناقشات الطائف وزملاء آخرين، اليوم بقراءتك للنقاشات التي جرت هل تريد توضيح شيء وما هي الخلفية التي ولدت فيه صيغة المجلسين؟ لكن سؤالنا التالي وأنت واكبت مرحلة ما بعد الطائف، هل ترى أن موازين القوى التي نتجت مع تطبيق الطائف قد ولّدت كابحاً يحول دون مواصلة تطبيقه؟ صيغة المجلسين التي تبين أن قوة الدفع لها هي القوى الإسلامية التي تعتبر أن النظام الطائفي المسمى المارونية السياسية لا بد من أن ينتهي بإلغاء الطائفية ووصلت القيادات المسيحية إلى حد المشاركة بمعادلة تعالوا نذهب الى الغاء الطائفية السياسية لكن طمنونا بأن الأمور لن تذهب إلى طائفية أخرى، لكن الآن من يريد إلغاء الطائفية إذ المسلمون شاركوا بنِعَم الطائف بالطريقة التي طبق فيها بدليل الصرخة المسيحية في استيلاد مقاعدنا النيابية؟
منصور: ركّبوا هيمنة معكوسة على الحكم دفعتنا في مرحلة من المراحل إلى الترحم على المارونية السياسية. قنديل: والمسيحيون زادوا على ما كانت خشيتهم منه كغبن غبناً، ولأول مرة في لبنان تخرج معادلة أن القانون الأرثوذوكسي مضمونه أن تنتخب الطوائف ممثليها طائفياً وحتى بذروة تطبيق النظام الطائفي لم يطرح هذا المشروع في التداول.
منصور: هذا طرح عندما تأسست إسرائيل بعد الاحتلال اليهودي لفلسطين في العام 1948 وخرج كلام من هذا النوع ولم يعش.
قنديل: الآن مطروح وبقوة وتبنته أطراف أساسية على الساحة المسيحة، هل نحن أمام أن هذا الطرح الذي انتجتموه في الطائف صيغة المجلسين والذهاب للخروج من الطائفية بات يتيماً بلا أب وبالتالي يطرح اليوم من قبيل أخذ العلم أم ثمة فرصة حقيقية لهذا المخرج وهذه النافذة الإصلاحية؟
الخطيب: لا حل إلا بصيغة المجلسين
الخطيب: سأعود منهجياً للآلية التي تقول أن الحلقة الثانية الإطار الميثاقي خلفية طرح صيغة المجلسين، في إطار ميثاقي وهناك خلفية بمعنى الأسباب الموجبة، التي كانت وراء طرح المجلسين، طرح المجلسين لم يكن جديداً، طرح العام 1927 وأعيد طرحه في العام 1947 ومن طرحه ليسوا مسلمين بل الفريد نقاش أهم ناشط لطرح فكرة المجلسين وغيره من المسيحيين.
قنديل: إنما ليس على صيغة مجلس طائفي ومجلس غير طائفي؟ إنما على الصيغة الفرنسية – الأمركية، اليوم لسنا أمام صيغة مجلسين يتوزعان الصلاحيات على أساس دستوري بل أمام صيغة مجلسين واحد لاطائفي وآخر تتمثل فيه الطوائف للمرة الأولى في تاريخ لبنان يطرح بهذا الشكل، سابقاً طرح كترف دستوري كما هو موجود في فرنسا وأميركا توزع صلاحيات التشريع بين المجلسين.
الخطيب: بالمعنى العلمي ثنائية المجلس ممكن أن تكون طائفية أو أن تكون طبقية كما في بريطانيا، بعد أن أصبح عدد البلدان التي تعتمد ثنائية المجلس 80 دولة من أصل 193 دولة حالياً يعني أننا لا نبتدع شيئاً جديداً، نحن أمام صيغة يمكن الواقع على الأرض يفرض ان نتبناها لنحل مشكلتنا في لبنان واقعياً، إذن عندما نبحث عن مشروعية طرح المجلسين أهم شيء نجد صيغة لننتهي من أزمة متفاقمة من سنوات على الساحة اللبنانية، في لبنان نشكو من الطائفية كيف يمكن ان نحل المشكلة في لبنان، هناك تباينات كبيرة بين النواب وحتى في ما بين الجبهة التي كنا نمثلها حينها، نعم كنت مع الرئيس بري في ما يختص بالطائفية التي كانت هوسه وكان في كل اتصال يقول لي «يا زاهر إياكم أن تعودوا بلا إلغاء الطائفي». بدأنا نضغط باتجاه إلغاء الطائفية السياسية لكن مع الأسف لم يتجاوب أحد الا البعض وصرنا نلجأ لصيغ نقدمها للرئيس حسين الحسيني،في بالنهاية حصل اعتماد للمجلسين كنص يحل مشكلة تمثيل الطوائف والمذاهب وليس فقط المادة 95 والى جانبها هناك مع انتخاب أول مجلس وطني غير طائفي يستحدث مجلساً للشيوخ تتمثل فيه الطوائف،
منصور: مهمته كانت أن تناط به بعض الأمور التي تشكل هواجس عند بعض الطوائف وخصوصاً المسيحية.
الخطيب: في الجلسة الأولى كل نائب أدلى بدلوه وعندما تحدثنا لم نتناول في المجلسين لا من قريب ولا من بعيد حيثياته وخلفياته الميثاقية كي نؤكد أن الفريد نقاش وانطوان عازار كانا من أكثر الناشطين في الكتابات حول المجلسين وحيثياتهما لاعتمادهما ومرت القضية، في سياق الكلمة التي تحدث بها حينها قلت أنه لا يوجد مارونية سياسية فصفق لي جورج سعادة تأييداً، وإذا تحدثنا في هذا المنطق نواجه سنية سياسية وبعدها شيعية سياسية وغيرها والمسألة لا نضعها عند الموارنة انهم متسلطون وفي هذا المعنى ينبغي تغيير المنطق إذا كنا نريد محاربة الطائفية.
قنديل: هل يمكن أن يكون لدينا تصور حول السؤال التالي: ما بعد الطائف أنت عشت وخضت مع الزملاء الآخرين مرحلة أن هناك ظرفاً ناضجاً لها ونجحتم، والتي قالت إن مآل هذه العملية الإصلاحية الغاء الطائفية وآليتها إنشاء الهيئة العليا لإلغاء الطائفية والخطوة العملية الدستورية فيها هي أنه مع انتخاب اول مجلس نيابي وطني لاطائفي يجري استحداث مجلس للشيوخ تتمثل فيه الطوائف وتناط به القضايا المصيرية هذا يعني ان هناك زمناً سياسياً دولياً إقليمياً محلياً كان مؤاتياً لهذا الاختراق؟
الخطيب: كان من المفترض مع عودتنا من الطائف انتخاب مجلس نواب وطني فوراً.
قنديل: تأخرنا، والإرادة السياسية كانت وراء التأخير وليس صدفة، الآن في لحظة سياسية مختلفة هل تجعلنا هذه اللحظة أقرب لتلك التي كانت في الطائف أم أبعد؟ بمعنى استعادة اليوم فكرة المجلسين لها قوة تحميها كما كانت موازين القوى التي عايشتموها في الطائف عندما تقولون إلغاء الطائفية ترون الكتلة المسيحية من النواب التقليديين مثلاً الوزير منصور هو نائب مسيحي لكن في صف العلمانيين أنا اقصد المدافعين عن الصيغة الطائفية في الطائف، كنت تراهم خجولين من الطائفية، يقولون معكم حقاً بالغاء الطائفية، أنها لعنة وآفة لكن اعطونا ضمانات، هل الآن نحن في وضع مشابه، أم هناك اعتزاز بالطائفية وتباه وتنظير مما يجعل هذا الطرح أمام تعقيدات أخرى؟
الخطيب: حالة الإستعصاء على كل المستويات تجعل من الحال أقرب من أي حالة أخرى وبالتالي بعد حالة الاستعصاء فغير صيغة المجلسين لا تحل المشكلة.
قنديل: أنت تقول أنه رغم كل التعقيدات التي نعيشها اليوم ورغم كل التطييف الذي بلغ مراتب لم يبلغها من قبل والمذهبية والتباهي بالطرح الطائفي، انت متفائل بأنه لا فرصة للخروج من الأزمة إلاّ بصيغة مجلس وطني غير طائفي ومجلس شيوخ يطمئن الطوائف وأن موازين القوى مؤاتية لذلك؟
الخطيب: صحيح.
قنديل: والوزير منصور ماذا تقول؟
منصور: هذا رأيي منذ البداية.
قنديل: أنت برأيك أن موازين القوى النفسية والسياسية والاجتماعية الحاكمة للنظرة الى هذه المسالة التمثيلية الدستورية مؤاتية لصيغة المجلسين وهي واقعية الآن أم نظرية حالمة؟
منصور: في اللحظة التي نحن فيها والقوى السياسية الطائفية لن تسمح بمجلس وطني خارج القيد الطائفي مهما صار، ويطرحون بدع مجلسين طائفيين ويوافقون عليها، وبذلك نكون قدر رجعنا الى الخلف وليس إلى الامام والغاء المذهبية تدخلما في حرب اهلية، موضوع المجلسين ليس دستوري بل حل مشكل طائفي وكيفية الخروج من النظام الطائفي.
شمس الدين: عدد المسيحيين يتراجع
قنديل: السؤال إلى الاستاذ محمد شمس الدين وأنت ناشط سياسي واجتماعي ووطني ولك رأي بما يدور في الحلقة من نقاش لكن الرأي العام معني بحرَفيتك وخبرتك تفرض عليك ان تحصر إجابتك بما يخدم ما تنتظره الناس من أجوبة، الرقم بمفهوم التوازنات ساهم بانتاج الطائف، القلق المسيحي من الأقلوية المتزايدة بسبب الضغط الديمغرافي والشعور عند المسلمين بأنهم أصبحوا أكثرية عددية وليس لديهم الحقوق والصلاحيات التي يعتبرون انها الحد الأدنى المقبول أنتج تسوية اليوم نحن أمام رقم من نوع آخر، وصلاحيات من نوع آخر وصيغة نظام من نوع آخر، قد يكون الذي نحن أمامه اليوم بأرقامه وعلاقته بالصلاحيات متناسباً. المسلمون لديهم نصف مجلس الوزراء ونصف مجلس النواب وصلاحيات ليست بسيطة في رئاسة الحكومة وما طبق في الطائف ليس بالضرورة ما أراده المشترع لكن واقعياً نصف الصلاحيات التي نقلت الى مجلس الوزراء صارت عند مجلس الوزراء، فهل ان الرقم الذي كان لصالح فرصة ذهبية للخروج من الطائفية أصبح مسانداً لتأبيدها وتثبيتها؟
شمس الدين: إذا عدنا إلى الوراء الإحصاء السكاني الأخير الذي أجري في لبنان الرسمي هو عام 1932 وحينها أشارت النسب إلى أن 60 في المئة من الشعب اللبناني مسيحيون و40 في المئة مسلمون واليوم لا توجد إحصاءات رسمية لكن شبه رسمي 65 في المئة مسلمون و35 في المئة مسيحيون واستناداً إلى خبراء في علم الحياة إن المسيحيين سنة 2080 سيصبحون 12 في المئة من السكان وهذه النسب تجعلهم لا يقبلون بمجلس الشيوخ إطلاقاً، إذا أنشأت مجلس نواب لاطائفياً وحصرت التمثيل الطائفي في مجلس الشيوخ عملياً لا يشكل ضمانة للمسيحيين في هذه النسب القليلة وبالتالي هم متمسكون أكثر فاكثر بطائفية مجلس النواب كضمانة وإذا حكي بمجلس الشيوخ أيضا يجب أن يكون طائفياً وليس الغاء الطائفية في مجلس النواب لنأتي بمجلس شيوخ طائفي، الطائف قال بالغاء طائفية الوظيفة في الفئة الأولى ومازال هناك وظائف أساسية للمسيحيين: قائد الجيش، حاكم مصرف لبنان، مدير عام المالية ومدير عام الجمارك وغيرهم لكن اليوم في باقي الوظائف لا توازن إطلاقاً وبالتالي المسيحي الذي قبل في الطائف بإلغاء طائفية الوظيفة باستثناء الفئة الأولى لم يعد يقبل بذلك وسيعيد النظر بطائفية الوظيفة بكل الفئات، ومجلس نواب وطني ومجلس شيوخ طائفي يزيد الهاجس المسيحي ولا يشكل إرضاءً لهم.
قنديل: باقي الطوائف؟ إذا اعتبرنا أن الطوائف كينونات قائمة بذاتها لا تنوع سياسياً داخل الطوائف، الطائفيات بدأت بواحدة منها وباقي الطوائف كيف ترى نفسها؟
شمس الدين: عندما تنشىء مجلس شيوخ تنتزع صلاحيات من المجلس النيابي الذي يعتبرونه الشيعة لهم وبالتالي لن يتنازل الشيعة عنه بهذه السهولة.
قنديل: لكن الرئيس بري هو من يطرح هذا الطرح؟
شمس الدين: لكن ما يهمنا ما بعد الطرح، واليوم هل نستطيع نزع صلاحيات رئيس الحكومة؟ لا وكل طائفة متمسكة بما لديها ولا تتنازل عنها اطلاقاً.
قنديل: نحن لا نناقش الآن كيف طُبق الطائف، ولا نستطيع أن نبني على آلية التطبيق نقاشاً للنص، نناقش ما يلي هل أن موازين القوى الحاكمة الآن ونظرة الطوائف لذاتها الآن وحجم القوى الطائفية في قلب طوائفها تسمح أم تحول دون تطبيق النص؟ قلت على المستوى المسيحي أن مستوى الغبن زاد بعد الطائف وبناء عليه ردة الفعل على الغاء الطائفية باتت أكثر وإذا وجدتم في الطائف قبولاً مسيحياً في المبدأ يطلب ضمانات فلن تجدوا اليوم قبولاً بالمطلق، عند المسلمين هل هناك قوة تريد إلغاء الطائفية؟
شمس الدين: لا، اليوم الوضع الشيعي متمسك بمؤسسات الدولة ولا مصلحة له بإشراك الآخرين وأيضاً الطائفية السنية لا مصلحة لها بذلك.
قنديل: والطائفية الدرزية ألن تقاتل لمجلس الشيوخ التي وعدت برئاسته؟
شمس الدين: يعني اننا بذلك نكرس الطائفية من جديد.
قنديل: أنت تعتبر أن الموازين التي كانت سائدة عشية الطائف كانت تسمح بولادة هذا النص المتفق على الخروج من الطائفية بينما الموازين التي انتجها تطبيق الطائف على الأقل تزيده تعقيداً؟
منصور: الموازين التي أنتجها عدم تطبيق الطائف لأنه حصل في العام 1992 انقلاب حقيقي على الطائف والهيئة العليا لإلغاء الطائفية موضوع أساسي من أهم التدابير التي يتخذها قانون الاحزاب، الآن تمثيل نسبي اليوم لبنان دائرة واحدة ووضع قانون الأحزاب الحالي يكرس الطائفية وانقساماً طائفياً عامودياً في البلد.
حمية: لبناء حكم وطني على قواعد إصلاحية
قنديل: أستاذ معن حمية انتم في الحزب السوري القومي الاجتماعي ومثلكم علمانيون كثر، حجمكم لا يستهان به من الشعب اللبناني من أين يأتيكم الأمل والتفاؤل بأن هناك فرصة بقانون يعتمد النسبية لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي كأننا عشية الطائف وليكن مجلس الشيوخ على أساس طائفي يطمئن هواجس الطوائف هل لديكم ثقة وتفاؤل بأن هذا متاح الآن؟ وانطلاقاً من أي اعتبارات؟
معن حمية: أريد أن أرد على قضية الطائف أنه تهريبة، يجب أن نعود إلى الظروف التي واكبت اتفاق الطائف، الفكرة الأساسية كانت بناء حكم وطني على قواعد اصلاحية وكل الأفكار الإصلاحية من ضمنها مجلس الشيوخ الذي أتى باتجاه طمأنة الطوائف أتى بهذا السياق لأنه خلال المرحلة من العام 1982 الى 89 كان هناك حراك وطني حقيقي على الساحة اللبنانية متمثل بالمقاومة التي نشأت سواء الحزب القومي وكل الأحزاب الوطنية وكانت مرحلة الصعود ومحاولة حقيقية لبناء حكم وطني حقيقي في لبنان من أجل الخلاص من النظام الطائفي الذي كانت سمته الأساسية سابقاً وحاضراً ومستقبلاً حاجة دولية.
قنديل: هل تريد أن تقول إن نسبة القوى بين العلمانيين والطائفيين التي ولد الطائف في قلبها هي أفضل بكثير من نسبة القوى بين العلمانيين والطائفيين اليوم؟
حمية: يمكن في حينها كانت بهذا الإتجاه.
منصور: كانت أفضل بكثير، حركة أمل في وقتها واكبتها حركة أخرى إسمها حركة المحرومين، الإمام المغيب السيد موسى الصدر دخل إلى الموضوع من قاسم مشترك موحد سماها المحرومين إلى جانبها أمل، وكان فيها مجموعة مهمة متنوعة من الاشخاص.
قنديل: هناك مصطلح يستعمله الرئيس بري وقال في أحد لقاءاته مع الراحل جورج حاوي: «استقوينا فيكم كي نستمد الوطنية على الطوائف فذهبت الطائفية إلى الاحزاب الوطنية»، بمعنى أن الطائف طيّف الذين كانوا وطنيين وعلمانيين بدلاً من أن يعلمنوا الطائف؟ دائماً موازين القوى تحكم آلية التطبيق، وسنأتي في القسم الثاني من الحلقة لنقاش ما الذي كان ممكن أن يحصل للحؤول لما وصلنا إليه.
حمية: أريد أن اجيب على سؤال هل أن البيئة الوطنية مختلفة عن اليوم، أقول إنها زائدة وطنياً، الرئيس بري بما يمثل من حركة هو في الإطار المدني العلماني الديمقراطي حتى لو كان بالاسم طائفة شيعية وحتى حزب الله المقاومة الإسلامية الذي يحمل إسم إسلامي طروحاته وطنية ويسير بالقانون الانتخابي الذي نطالب به لكن السؤال هل انتفى التأثير الخارجي؟ اليوم المنطقة تشهد كلها كوارث أمنية والإرهاب منتشر في كل العالم هل نتوقع أن يكون هناك قانون انتخابي على أساس وطني ومجلس نيابي على أساس وطني في ظل هذا الحريق الذي يجتاح المنطقة؟ أعتقد أن ما لم تنجح به إسرائيل من خلال اجتياحها للبنان وتنصيبها رئيساً للجمهورية اليوم تعمل عليه واليوم ستقوض أي محاولة لبنانية وحتى لو كانت ذاتية لإلغاء الطائفية لأن هناك أطرافاً عربية صارت في الضفة «الإسرائيلية» ونحن أمام امتحان خطير وأقول باسم الحزب «القومي» إذا لم نصل إلى مجلس نيابي على أساس قانون انتخابي يحقق صحة التمثيل لن يبقى لبنان هذا اللبنان المقاومة الوطني المنتمي إلى بيئته القومية والى سورية تحديداً.
فلسفة الطائف
قنديل: هل تقوم فلسفة الطائف على إعتماد المناصفة ونقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء، أم تقوم فلسفته على أنّ المناصفة هي مرحلة انتقالية لا بد منها وشر مكروه لا بد منه، لكن الاساس هو الغاء الطائفية؟
منصور: موضوع المناصفة اليوم أخذ هذا البعد وهو ردّ على معادلة الـ 5-6 مسيحيين ومسلمين، حينها والوضع الديمغرافي الذي كان قائماً، في مرحلة كانت هناك غالبية مسيحية فرضت معادلة 6-5 ولا يمكن الذهاب الى الغاء إلطائفية بلا تدابير إحترازية.
قنديل: الفلسفة هي إلغاء الطائفية وفي سياقها نذهب إلى مرحلة اولى مناصفة ثم مجلس نيابي وطني ثم مجلس شيوخ؟ يعني برأيك فلسفة الطائف هي الخروج من النظام الطائفي؟
منصور: التوجه العام كان كذلك.
قنديل: وليس إعادة انتاج النظام الطائفي على قواعد اكثر انصافاً؟
منصور: لا لا، لإنه كان هناك شعور لدى المسيحيين وقوى المارونية السياسية في هذه المرحلة، أن الهيمنة الطائفية لم تعد تستطيع أن تستمر، وكانوا يخشون من الهيمنة المعكوسة ويريدون الخروج الى وضع لا توجد فيه هيمنة معكوسة على الحكم، وهذا ما وقعنا به من خلال الانقلاب على الطائف عام 1992.
قنديل: عملياً يا معالي الوزير، من خارج السياق السياسي، سؤال لك وللاستاذ زاهر: عندما نقول أن المناصفة هي محطًة، هل نملك نحن التحكم بالنتائج المترتبة على المناصفة؟ وهل نملك نحن التحكم بالنتائج المترتبة على نقل صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء والتوازنات الحاكمة لمجلس الوزراء؟ وكيف تنتعش لعبة الطوائف في قلب المعادلات الجديدة فيصبح النصّ الذي اردتموه أساسياً في الطائف، تجميلياً وتكميلياً، وما أردتموه مرحلياً وانتقالياً يصبح هو الدائم؟
منصور: نعم، عادة يصاغ الإتفاق بناء على موازين القوى الموجودة، وكيف تتغير لاحقاً شيء آخر، بالتأكيد تغيرت لاحقاً وتمكنوا من إجراء انقلاب.
قنديل: لا أتحدث عن موازين القوى العسكرية أو المالية بل الاجتماعية.
منصور: الاجتماعية والدولية وغيرها.
طوائف جائعة
قنديل: أنا أتحدث عن الشقّ الداخلي الصرف، أنتم أطعمتم الطوائف الجائعة فذاقت حجم المصلحة المترتبة على الشراكة بالسلطة ولا تريد الغاء الطائفية، وزدتم على خوف الخائف، والطوائف الاسلامية، قبل الطائف، كانت متمسكة ومتحمسة ودافعة لإلغاء الطائفية اكثر مما هي الآن، لانها الآن في جنّة السلطة وتقاسم المغانم وهذا الطائف خلقه. الطائف تحدّث عن المناصفة وهناك أطرافاً كانوا خارج السلطة بمعادلة 6 ب5 والصلاحية عند رئيس الجمهورية، أتوا وأصبحوا شركاء في الصلاحية في مجلس الوزراء، وطائفة منهم التي لديها رئيس الحكومة تصرفت، ولو من دون حق، على قاعدة أن جزءاً كبيراً من سلطة مجلس الوزراء في جيبها ولا أحد يقول لها أين انت.
منصور: بسبب التوازنات الاقليمية التي حكمت حينها بدعم سوري- سعودي.
قنديل: وعندما خرج السوري من لبنان ماذا تغير؟ لماذا لم تتعدل الموازين؟
منصور: بقي السعودي في لبنان.
قنديل: بقي السعودي لكنه لا يملك قوة ميدانية في لبنان، بل عاد الخارجون من المسيحيين، عون وجعجع، الى الحياة السياسية، ولم يتغير شيء في العلاقة بين مجلس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء.
منصور: كيف ستتغير وهي تكرست؟
قنديل: عندما كان النصّ لصالح رئيس الجمهورية، لم يستطع أحد ان يتنزع من يده صلاحيات ما قبل الطائف، لان النصّ اعطاه الصلاحيات. قراءتك لنصّ الطائف انه مورس مشوهاً وإمكانية تصويبه كانت متاحة لو أن موازين القوى تغيرت في الميدان!
منصور: لم تتغير موازين القوى، بل حصل توازن في القوى، ولم يستطع أحد اتخاذ القرار، اليوم لكي تغير أي شيئ جوهري في البلد، لا يوجد مجال، في حينها كان القرار ليس داخلياً، كان يأتي القرار من الخارج وينفذ فوراً.
قنديل: هذا يعني أن القرار الخارجي غير موجود في الميدان اليوم، لكنه موجود في الانتماءات الخارجية والولاءلات.
منصور: صحيح.
قنديل: إلى أي مدى يعني ما قاله الخطيب بأن الفرصة قد تكون أكثر للمجلسين ،لأن الإنسداد الذي حكمكم في الطائف أخذكم إلى الغاء الطائفية، ويحكمنا جميعاً الان وقد يأخذنا الى قانون المجلسين؟
منصور: شرط أن يكون مجلس وطني وآخر طائفي وليس مجلسين طائفيين.
حفرة طائفية لا قعر لها
قنديل: صحيح، هل أن عجز الطائفيات الياقظة والصاحية وتنبهها لبعضها البعض، وغياب قوة خارجية قادرة على أن تنحاز الى إحداها، أو تفرض تسوية عليها جميعاً في ظل هذا الوضع حيث البلد مغلق وواصل الى مستوى الافلاس في كل شيئ، هذا قد يعطي الفرصة بتوازن هذه الصحوات الطائفية المتقابلة، وتوازن قواها وتوازن وعي المجتمع، هل يعطي الفرصة لأن يكون المخرج من هذا مجلس نيابي وطني لاطائفي، ومجلس للشيوخ يطمئن الطوائف؟
منصور: الواقع السياسي الذي نحن فيه في حفرة طائفية لا قعر لها، وتحفر أكثر وطائفية مخيفة، نصّ الطائف واضح حول هذا الموضوع، دخلوا في بدعة والنص موجود، وطرحو موضوع المجلسين الطائفيين.
قنديل: في كثير من الاحيان تسود مخارج لا تعبر عن مصلحة إيجابية لكل الاطراف، لكن انسداد الطرق أمام البدائل يجعلها ممراً الزامياً وحيداً، هل يشبه طرح المجلسين هذا الوضع؟ يعني الشيء الذي يريده «تيار المستقبل» سيقف عون و«حزب الله» بقوة لرفضه، والشيء الذي يريده عون سيقف بوجهه «المستقبل»، الإلغاء المتبادل للمشاريع التي تمثّل كل من الاطراف، هل يمكن أن يفتح النافذة لمشروع لا يعبر عن المصلحة الفعلية لأي طرف كالرئيس التوافقي مثلا، كل طرف لا يستطيع إيصال مرشحه فيتعب الجميع من المكاسرة فيأتون الى حل وسط، واليوم قانون الستين لن يسير لأن الجميع يقول أنه لن يسير به، وبالتالي دونه الفراغ، وقانون النسبية على دائرة واحدة لن يسير والـ 13 دائرة والمركّب، هل يشكل هذا فرصة اللارابح بدل ان يكون اللاخاسر، يعني نتوازن في الخسائر لان احداً منّا يريد أن يربح على الاخر، والاخر سيمنعه من الربح؟
الخطيب: البديل عن عدم قدرتنا على إلغاء الطائفية السياسية، هو مجلس نواب منتخب على أساس وطني لاطائفي دائرة واحدة والنسبية، ومجلس شيوخ منتخب على أساس مذهبي طائفي على قاعدة دائرة صغرى وقاعدة التمثيل الاكثري.
شمس الدين: الطائف لم يقل لبنان دائرة انتخابية واحدة، بل محافظات.
قنديل: لكن في النظام المجلسي الوطني اللاطائفي لم يقل على الدائرة الانتخابية، لا قال نسبية ولا أكثري.
شمس الدين: أسأل النائبين الكريمين منصور والخطيب هل هناك محضر للطائف ام لا؟
منصور والخطيب: نعم هناك محاضر جلسات.
شمس الدين: لكن هذه المحاضر لم تفسّر هذا الخلاف؟
منصور: هناك إنشاء هيئة وطنية أولاً.
قنديل: المادة 95 من الدستور «تنشأ هيئة وطنية» وهي مستحقة فوراً، لكن التأخير عن إنشائها أخر الموجبات المرتبطة بولادتها.
شمس الدين: وضعنا النص وكنّا نعلم اننا لن يطبق.
قنديل: بالعكس، قد تقول الوقائع التي نعيشها أننا ندفع الآن فواتير عدم التطبيق. إن النصّ لو طبق فور وضع الطائف كتعديلات دستورية، وشكّلت الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية، لواصلت موازين القوى ألتي انتجت الطائف قوة دفعها، وكانت تدفع لالغاء الطائفية.
شمس الدين: لكن قوانين الإنتخاب التي إعتمدت من العام 1992 حتى اليوم، ليس كما قال الطائف ومخالفة للطائف.
النزول إلى الشارع
قنديل: لنتفق على التالي: إن النظام الاكثري بالصيغة التي طبق فيها لم يدع مخارج لقوانين الانتخاب، هناك إجماع في لبنان اليوم بأن النظام الاكثري الطائفي على اساس الطائفية إستنفذ، آخر المخارج العودة لقانون الستين الذي أقرّ في الدوحة وأجريت إنتخابات على أساسه عام 2009 . والآن السؤال، هناك فراغ رئاسي، لماذا هناك فراغ نيابي؟ المجلس الدستوري يقول إن إجراء الانتخابات البلدية يسقط ذريعة عدم إجراء النيابية. من يقول أننا لا نريد إنتاج قانون انتخاب لان هناك فراغاً رئاسياً، أسألهم ووجهت لهم دعوة للمشاركة في الحلقة الاخيرة، مجلس النواب إنتهت ولايته عام 2013 قبل أن تنتهي ولاية رئيس الجمهورية، وعطلت الانتخابات النيابية ودخلنا في الفراغ الرئاسي ولا مجلس جديد، ويمدد له. والمجلس الدستوري اليوم يقول أنه تمديد باطل، إذن إستحقاق الانتخابات النيابية لا يحتاج إلى قانون انتخاب؟ إذاً الجميع يقول أننا ضد «الستين» ولا يوجد له أب يدافع عنه؟
منصور: ستتم الانتخابات على قانون الستين.
الخطيب: لن تحصل وستخرج الناس إلى الشارع.
منصور: لن يخرج أحد الى الشارع، الوضع الطائفي والمذهبي يمنع ذلك، في حال التوصل إلى قانون إنتخاب ولبنان دائرة انتخابية واحدة مع قانون نسبي في لبنان، ستكون النتائج تكريسا للمذهبية والطائفية الى أبد الآبدين، إذا لم تتغير قوانين الاحزاب التي تقدم لوائح طائفية، باستثناء الحزبين القومي والشيوعي.
معن حمية: صيغة المجلسين هي الفرصة الاخيرة قبل أن نصل الى أزمة كبيرة.
قنديل: أنت تقول أن الظروف اليوم أسوأ، لكن المخرج أشد إلحاحاً.
حمية: صحيح.
الخطيب: وأكثر قابلية.
قنديل: أكثر قابلية أم الامر أصعب؟
الخطيب: أكثر قابلية.
قنديل: أحد العوامل التي تدفع بهذا الاتجاه هو الإنسداد، ولا حلول أخرى. وكل طرف يحاول إلغاء الطرف الاخر. وهذا التوازن يدخلنا من فراغ الى آخر. في المقابل، لدينا القوة الثانية للدفع وهي طرح فكرة الشارع، هل الشارع ممكن أن يكون قوة دفع للخروج من الازمة، أم أن الشارع يمكن أن يكون قوة لزيادة الشرخ الطائفي والانقسام؟ في الحلقة الماضية ناقشناها وكان هناك شيئ من الانطباع العام للمشاركين قد يكون الشارع مفيداً إعلامياً وتذكيرياً، لكن الشارع بمفهوم الشارع، سيؤدي إلى شارع مقابل، شارع قد يضعنا في واقع لا تحمد عقباه. لا تدعو الشارع ليكون حاضراً بهذه القوة لان مفاعيله غير محمودة، هل انت يا معالي الوزير من هذا الرأي؟
منصور: أنا مع هذا الرأي، في الوقت الحاضر هناك تمحور طائفي مذهبي مخيف، وكل دعوة للشارع بهذا الجو لن تنجح إلا إذا كانت دعوة طائفية، وهذا سيؤدي إلى دعوات طائفية.
قنديل: إذا حدثت الانتخابات على اساس قانون الستين، يعني قطعنا عن شهر تشرين ولا قانون جديداً، ووصلنا إلى دعوة الهيئات الناخبة في شباط أو آذار، وموعد الانتخابات في حزيران. سؤال للاستاذ زاهر: هل تدعو القوى السياسية في 8 آذار والعماد عون إلى ترجمة أقولها أفعالاً وإعلان مقاطعة أي انتخابات على أساس «الستين»؟
الخطيب: ليس مقاطعة الانتخابات، بل بلورة جبهة عريضة لمواجهة ذلك وفرض «النسبية».
قنديل: وصلنا إلى تشرين والجبهة العريضة تشكلت ولم تستطع فرض النسبية وإنتاج قانون جديد وتأمين أغلبية له بمجلس النواب، وبقينا أمام حائط مسدود إما إنتخابات على «قانون الستين» وإما تمديد أو مقاطعة، هل هناك أمر رابع؟
الخطيب: رابعاً، هناك فراغ سيكون حافزاً للحراك في الشارع.
قنديل: إذا وجهت الحكومة دعوة للانتخابات، السؤال: السلطة التي تخرج من إنتخابات بتراء، تقدر أن تقول أنها غير شرعية وتدعو إلى مؤتمر تأسيسي، لك السؤال، هل تذهبون يا قوى 8 آذار إلى إنتخابات على أساس «الستين» إذا فرضت عليكم؟
الخطيب: ما ندعو إليه هو النزول الى الشارع وفرض «النسبية».
قنديل: إذا لم ينتج هذا الفرض مجلس نيابي يقرّ النسبية وانتهت مدة الترشيح، هل تدعو «التيار الوطني الحر» وحركة «امل» و«حزب الله» إلى أن يقدموا مرشحين أم لا؟
منصور: هناك قواعد لعبة لا نستطيع تغييرها الآن، علينا أن تعمل على اساسها.
قنديل: يعني لا تدعوا للمقاطعة لانتخابات على أساس «الستين»؟
منصور: نتيجة المقاطعة هي الفراغ ولا أدعو للفراغ في المجلس النيابي.
الخطيب: أنا أدعو للنزول إلى ألشارع لفرض .النسبية».
قنديل: وإذا أتى موعد الانتخابات؟
الخطيب: لا نريد أن نتشاءم.
قنديل: لا أتشاءم، لكن مررنا بذلك وقيل أننا لن نقبل التمديد وحصل على قاعدة لا نريد أن نترك الفراغ يقع. هل يمكن القول أن الانتخابات على قانون الستين هي سلاح إحتياطي يخبئه الذين لا يريدون قانون المجلسين، ليضعوا القوى التي تطالب بالتغيير بين خيار الفراغ أو «الستين»، لذلك لنفكر معاً بأن «الستين» سيكون هو المتاح؟
منصور: «الستين» سيكون أمراً واقعاً بانتظار التحولات في المنطقة، وقبل أن تظهر التحولات بالمنطقة لا تغييرات جوهرية في الداخل اللبناني. التغيير سيكون على ضوء المتغير الخارجي.
قنديل: كما أن توازنات دولية وإقليمية أنتجت «الطائف» أو منحت له فرصة الحياة، وموازين أخرى فرضت نفسها على تطبيقه، ننتظر موازين قوى واضحة ومستقرة حتى يظهر شيء ما.
الخطيب: هل تتبلور حالياً قوى تغييرية على الارض أم لا؟ فرضاً أنه من هنا حتى الانتخابات حصل حراك، السؤال هل سينمو هذا الحراك إلى قوة تغييرية؟
قنديل سؤال إلى معن حمية: ما هو موقفكم كقوميين؟
حمية: القوى السياسية التغييرية تعتبر أن العودة إلى قانون الستين جريمة بحق لبنان واللبنانيين، لكن لا يمكن القبول بثقافة الفراغ.
الخطيب: كيف قبلت الفراغ في رئاسة الجمهورية؟
حمية: بالتاكيد أرفضها، لكن المعادلات السياسية القائمة والطائفية فرضت ذلك.
قنديل: لكن إذا فرضت علينا بسبب تغير الظروف والمعطيات إنتخابات على «الستين» إما التمديد؟ سؤال الى شمس الدين: هل من المفيد الآن النقاش حول التوازنات التي من الممكن أن تنتج باعتماد صيغة المجلسين وإحداث قراءة لهذه التوازنات؟ نتمنى عليك قراءة سريعة لموازين القوى التي إنتخب على أساسها المجلس الحالي، ماذا لو كانت على أساس مجلس نيابي لاطائفي ومجلس للشيوخ؟
شمس الدين: سيكون هناك هيمنة طائفية أكثر، لكن الهيئات الناخبة تدعى للانتخابات بمرسوم، والتركيبة الحكومية الحالية إذا لم توافق على الانتخابات، ليست هناك دعوة اصلاً.
قنديل: يعني فراغ؟
شمس الدين: نعم فراغ، عشية التمديد للمجلس النيابي الحالي أجرينا استطلاعاً كانت نتيجته 70 في المئة ضد التمديد. وعندما عقدت جلسة التمديد لم نجد اربعين شخصاً في الشارع. لو نزل 70 في المئة إلى الشارع لمنعوا التمديد، لكن الشارع يتحرك طائفياً ويتحرك شارع اخرمقابله.
قنديل: دعوة الهيئات الناخبة تحتاج إلى مرسوم يجب أن يوقّع عليها جميع الوزراء، يعني إما نحن ذاهبون إلى قانون جديد، وأما الفراغ؟
منصور: توقيع جميع الوزراء بدعة واختراع لا مثيل له.
قنديل: في ختام الحلقة الشكر للدكتور ألبير منصور والأستاذ زاهر الخطيب والاستاذ محمد شمس الدين والاستاذ معن حمية والزملاء في «البناء»، لكن ما نصل اليه خلاصة أن المسألة الميثاقية التي حكمت صيغة ولادة المجلسين في الطائف، هي نفسها قد توصلنا الى قانون الستين والى قبول بمعادلة انتخابية غير مناسبة لنص المجلسين، لكن هذه الصيغة المجلسية الآن تعيش حالة من التوازن السلبي يعجز كل طرف طائفي عن فرض مشروعه لقانون الانتخاب فيها، وقد تكون فرصة لجعل هذا المشروع، الذي ليس هو مشروع طائفية من الطائفيات، لكنه يملك الفرصة الوحيدة للعبور لأن مشاريع الطائفيات تعطلها طائفيات اخرى.
الحضور: خلاصة مقبولة.
قنديل: أوجه الشكر الى «ان. بي. ان.» وجمهورها، والحلقة المقبلة سيكون موضوعها «الاطار القانوني والدستوري لصيغة المجلسين من الطائف الى الفراغ الرئاسي» وشكراً للجميع.
الطائفية والطائفية السياسية وإشكالات النصوص والتطبيق
تخلل الندوة حوار بين المنتدين والزملاء في جريدة «البناء» كالآتي:
رمزي عبد الخالق سأل منصور: المادة 95 من الدستور طرحت تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، هناك شيء إسمه إلغاء الطائفية وشيء آخر إسمه الغاء الطائفية السياسية ما الرابط بين الإثنين؟
منصور: المقصود بإلغاء الطائفية مرتبط بحرية المعتقد وإلغاء الطائفية لا يعني إلغاء الطوائف، والمشكو منها هي الطائفية السياسية بكل تفرعاتها النيابية والإدارية وفي العمل السياسي العام، وهو المطلب الأساسي إلغاء الطائفية السياسية والهيئة ستأخذ التدابير التي لها علاقة بكل أمر للخروج من هذا التمحور والانقسام الطائفي.
هتاف دهام سألت منصور: تحدثت عن إنشاء مجلس نيابي غير طائفي انتخابه يعني رئاسة المجلس لن تصبح محصورة بالطائفة الشيعية و رئاسةالجمهورية بالموارنة والحكومة بالطائفة السنية والطائف يقول إن رئاسة مجلس الشيوخ للدروز، المشاركون مقاطعون: كلا لم يرد في الطائف أن رئاسة مجلس الشيوخ ستكون للطائفة الدرزية بل متعارف عليها كذلك.
منصور: غير متعارف عليه إطلاقاً، ولا حكي بذلك.
الخطيب: هناك تجمعات وكولسات تحدثت عن هذا الموضوع في الطائف.
قنديل: هل «وصلك» أستاذ زاهر وأنت في الطائف مناخ أن رئاسة مجلس الشيوخ للدروز من قبيل الإشاعة أو الجو او التداول أم سمعته عندما رجعت من الطائف؟
الخطيب: القناعات التي كنت أدفع باتجاهها كنت أبلورها دائما في بيانات.
روزانا رمّال سألت منصور: إلى أي مدى يحمل الطائف مطاطية لخلق مخارج للحلول للأزمات وإلى أي مدى اكتشفنا في أزمة لبنان خطورة كالفشل في انتخاب رئيس للجمهورية والبلد يسير في هذا النظام، وكيف نناقش صيغة المجلسين في ظل هذا الوضع الذي ظهر اليوم؟
منصور: الطائف لا علاقة له بانتخاب رئيس للجمهورية وموضوع عدم انتخاب رئيس هو سابق للطائف ويمكن أن يحصل الفراغ مع كل دستور عند وجود قوة قادرة على تعطيل الانتخاب ولا دستور في العالم يقول إحبسوا النواب بالقوة في المجلس، هذه بدعة خلقت عندما حصل الاتفاق الشهير على انتخاب النائب السابق مخايل الضاهر رئيساً للجمهورية في العام 1982 ومنعت «القوات» حينها النواب من النزول الى المجلس بالقوة لتعطيل الانتخاب وبقينا بعد الطائف عملياً سنتين من دون رئيس للجمهورية وكانت أزمة سياسية فعلية، هناك خلل معين في تفسير الدستور، النص يقول انتخاب رئيس بالثلثين عدد الأصوات بالجولة الأولى والجولة الثانية بالنصف زائداً واحداً ، عملياً هناك نصابان، نصاب الإنعقاد ونصاب الإنتخاب وفي حينها دمج الرئيس كامل الاسعد النصابين وهذه سرت كبدعة ومازالت حتى اليوم، نصاب الإنعقاد في مجلس النواب النصف زائداً واحداً بمختلف الظروف ونصاب الانتخاب الجولة الأولى هو الثلثان والثانية النصف زائداً واحداً.
قنديل: هذا النص صيغة المجلسين إذا توافرت له الأغلبية اللازمة للأخذ به في مجلس النواب وليس له نصاب سياسي أي لا توجد قوى حاضنة لتطبيقه يفرط البلد، الرئيس بري أخذ للهيئة العليا لإلغاء الطائفية موافقات ثم بدا أن المناخ العام معارض كلياً فوضعها في الدرج، الأهم هو النصاب السياسي وما نحن بصدده من مأزق هو سياسي وليس بالنصوص.
منصور: المشكلة ليست في النص.
الخطيب: بالآلية التي تبلغناها للحلقة تقول خلفية طرح صيغة المجلسين وعلاقتها ببعدي صحة التمثيل والاطار الاصلاحي، يعني لا رئاسة جمهورية ولا أي شيء يحصل إلا في إطار إصلاحي وأول خطوة على طريق الإطار الاصلاحي انتخابات على قاعدة لبنان دائرة واحدة وعلى أساس النسبية.
محمد حمية: هل وُضع الطائف لكي لا يطبق وما هي الأسباب التي حالت دون تطبيبقه وهل ما يزال يصلح اليوم في ظل موازين القوى الحالية الناتجة عن الصعود المسيحي وتحالف التيار الوطني الحر والقوات والتيار مع شريحة من الطائفة الشيعية حزب الله رغم أن الطائف جاء بموازين قوى لمصلحة المسلمين والآن هناك صعود مسيحي؟
الخطيب: لا شيء يوضع لكي لا يطبق، هناك شيء يوضع لا يمكن أن يمر غيره في ظل موازين قوى كانت موجودة تقول أن لبنان عربي الهوية والانتماء وهو نهائي لكل أبنائه، هكذا كانت تصير الأمور وتوضع الصيغ.