لا هزيمة بعد الآن!
مصطفى حكمت العراقي
… وها قد انكشف الزيف وبانت الحقائق وتبيّنت القدرات على أحجامها، فمَنْ مارس الغطرسة وملك المال والسلاح ومثّل دور موزع الأدوار وقائد المنطقة ومَن له الحق بإيقاف ما يرفض وتمرير ما يقبل وادّعى الجبروت تبيّن أنه أوهن من بيت العنكبوت، كسيده الصهيوني، وهو لا يسيطر إلا على الأجواء رغم التواطؤ العربي والغربي المجامل والطامع بأموال الرياض مؤسسة التحالف.
أما مَن مارس الصمود وقاوم بكلّ أدواته على ضعفها ولازم خيار الشعب، وآمن بأنّ قرار الشعب أقوى من الطغاة، تبيّن أنه صاحب الخيار. ومن بيده اتخاذ القرار فهو يملك معظم الأرض بضمنها الشمال اليمني والعاصمة صنعاء، حتى وإنْ كان سلاح الغازي لبلده هو الأقوى ومَن يقف مع الظالم هم الأكثر الآن.
إنّ خيار المقاومة، كما أثبت نجاعته مع حزب الله ووقوفه بوجه كيان العنكبوت ومَن معه من الأغلبية الساحقة من دول العالم أثبت هذا الخيار صوابه مع انصار الله الذين صمدوا بوجه العدوان الأشرس من الجار الظالم متمثلاً بآل سعود ومَن معهم من حكام ظلمة يقفون بالضد من محور الحق الصامد في اليمن الجريح، الذي لقن آل سعود دروساً في الذلّ والخضوع وتلقي الضربات الموجعة تباعاً في الميدان والسياسة. فالميدان أرسى مفاهيم لا يمكن للرياض إخفاءها او التمويه عليه مهما أنفقت من أموال البترودولار على إعلامها المزيّف ليغيّر الحقائق التي يمكن تلخيصها بعبارة مجوزة بأنّ الرياض بدأت الحرب بهدف إنهاء أنصار الله وعودة الرئيس الهارب هادي الى الحكم عنوة. والآن وبعد هذه المدة الكبيرة من العدوان نجد بأن انصار الله صامدون وأن هادي وحكومته يحكمون من خارج الحدود ومناصبهم في إعلامهم فقط اما في السياسة فبعد 99 يوماً انتهت المفاوضات التي نظمتها الأمم المتحدة في الكويت بفشل ذريع لتحالف الرياض وثقة في المسير ميداناً وسياسة لتحالف انصار الله ومَن معهم الذين منعوا التحالف السعودي من الحصول على نقطة انتصار واحدة او التلذّذ بتنازل بسيط يقدمه لهم الفريق السياسي القادم من صنعاء والذي منعت الرياض عودته على متن الطائرة العمانية التي كانت تقله ما يفسر حجم الغضب والعهر والرعونة التي حلّت بأصحابه بعدما فشلوا بتحقيق شروطهم سياسياً، كما فشلوا فيها عسكرياً أمام فريق أثبتت الأيام دهاءه وحكمته ومدى نضجه لدرجة الاستمرار محارباً على مختلف الجبهات بدون تنازل، بل العكس تحوّل فريق أنصار الله الى مبدأ الهجوم بعد أن انتهج الدفاع سبيلاً، في ما سبق إذ لم يكتفِ بالتوغل في نجران السعودية وتلقين الدروس لجنود سلمان الذين اتخذوا الفرار قراراً في مواجهتهم مع أنصار الله والجيش اليمني فرافق هذا التقدّم الخاطف في الميدان إجراءات سياسية حكيمة وواثقة أظهرت قدرة أصحابها على الصمود حتى الانتصار فعقد البرلمان اليمني جلساته الرسمية للمرة الأولى منذ ما يقارب 20 شهراً عندما منح حكومة خالد بحاح الثقة حينها ليعطي هذه المرة الثقة للمجلس الرئاسي الذي أقره التحالف الحوثي مع الرئيس السابق صالح ما يؤكد عمق التحالف الذي حاولت العديد من الدول التشكيك فيه أو التقليل منه فإقرار المجلس الرئاسي دستورياً يقطع الطريق على محاولات شق التحالف أو الصراع الوهمي على السلطة في ما بينهم كما يدعون، كما أن هذا الانعقاد يشكل اعترافاً حوثياً بالبرلمان الذي أعلنت الجماعة حلّه في الإعلان الدستوري، في ما سبق إضافة إلى إرساء مفهوم أن البرلمان هو الشرعية الأكثر تمثيلاً لمعظم فعاليات الشعب اليمني وقواه السياسية ما قد يمهّد لقبول استقالة هادي وإسقاط شرعيته وقراراته وحتى حكومته التي يدّعي شرعيتها برئاسة بن دغر. وهنا يمكن الاشارة بأن انصار الله ومن معهم قد قرروا التصعيد السياسي المحسوبة خطواته بعناية ما يشكل إنجازاً سياسياً كبيراً يؤكد صلابتهم وامتلاكهم زمام المبادرة بالتوازي مع التصعيد العسكري في الحدود الجنوبية للرياض، والتي شكلت ولا تزال خاصرة رخوة لمملكة الرمال ومدى قدرتها على إرساء معالم قوتها في هذه المنطقة التي تترنح بين التوسّل بمن باعوا ذممهم بالمال ليجلبوا المرتزقة لحماية الحدود السعودية وبين نداءات الاستغاثة التي يطبقها شيوخ المملكة لشعبهم مطالبين إياهم التبرع بالدم وإرسال المقاتلين لحماية الحدود، ما يؤكد حجم المأزق الذي تعيشه المملكة في هذه الأيام، بعد أن عادت صور الصواريخ البالستية وهي تضرب العمق السعودي للظهور وعودة القوات اليمنية وأنصار الله لحسم المناطق اليمنية واسترجاعها لحضن الدولة بعد أن سرقها هادي ومرتزقته…
في المجمل، فإن في اليمن شعباً يقاتل في الميدان ويحقق الانتصار ليرسم ذلك شروطاً في السياسة، رغم توالي سقوط الأطفال قتلى وهدم الابنية ونقص التغذية، الا ان ذلك يهون امام نظرة استعباد واحدة من جندي محتل بوجه الشعب اليمني إنْ ترك الصمود وسقط وخضع لحكم الجار الطاغي الذي سيتلقى ضربات أشرس مما كانت عليه قبل انهيار المفاوضات. فمعركة كسر العظم في داخل اليمن وخارجه عادت وأيام آل سعود المرة مقبلة، فمن صمد بوجه أحدث الأسلحة السعودية ولم يخضع وأثبت حنكته السياسية في المفاوضات ولم يتنازل ها هو اليوم يسير بخطى ثابتة في السياسة والميدان معاً لتكتمل الانتصارات لمحور بأكمله قال سيده بأن زمن الانتصارات هو الحاضر والمستقبل ولا هزائم بعد اليوم…