أدون… الغائب الحاضر

كثراً ما تجوّلت السبت بين أجنحة العارضين وعلى طول شارع الاستشهادية سناء محيدلي. ومَن يراني في ذلك السير العشوائي، يدرك سريعاً أنني لا أتبضّع ولا أنوي شراء شيء ما. كنت أبحث بين الوجوه، بين الجالسين إلى طاولات المقاهي يرتشفون القهوة، أو على الرصيف طلباً للراحة بعد تعب… لكنني لم أجدك.

لم أجدك يا رفيقي وصديقي وأخي وتَرَبي أدونيس نصر، لم أجدك جسداً، لم أجد تلك البسمة المولودة من رحم التعب، ولم أجد تلك النظرة الثاقبة.

لم أجدك تهرع لتلاعب شبلاً أو زهرة، أو تضمّ طفلاً وتقبله. لم أجدك بين هذا الكمّ المهول من الناس تطمئنّ إلى أحوالي وعملي وكتاباتي. لم أجدك لتسألني عن إصداراتي الأخيرة للأطفال، ولا عن حكاياتي الأخيرة.

غبت يا أدون جسداً عن هذا المهرجان، لكنني وجدتُ روحك في كلّ مكان. في كلّ بسمة اقترفها ثغر طفل، في كلّ حرفٍ قرأه يافع في كتاب. وجدتك في فوضوية حبيبك جمال عدس الذي يفتقدك كثيراً، ووجدتك في نشاط سناء البونجي التي لم تهدأ.

وجدتك في عدسة كلّ كاميرا تلتقط مشهداً استثنائياً، وفي كلّ ناظرٍ إلى اللامكان، إذ إنّه حتماً كان يبحث عنك مثلي.

وجدتك في همّة أبي صنّين الصنديد الذي أتى مع شقيقاتك اللواتي أضفن إلى المهرجان فرحاً عظيماً، ووجدتكَ في تلك المحبّة التي تجمع الناس والشباب والأطفال.

أدون، أيها الغائب الحاضر، لا يسعني في حضرتك سوى أن أكرّر ما دوّنته يوماً: «شهيد زفير… شهيد زفير والوطن عم يتنفّس». وإذا كنّا نتألّم لغيابك، فإننا في أعماقنا نفرح لأننا نتلمّس روحك الطاهرة تطمئنّ إلينا كلّ حين.

أ. ط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى