فواخرجي لـ«البناء»: كلّ سوريّ من مكانه قادر على الإبداع
دمشق ـ آمنة ملحم
لم يكن افتتاح مهرجان الموسيقى العربية الثالث في دار الأوبرا ـ دمشق، مجرّد حفل غنائيّ عاديّ، بل هو دليل على صمود الفنّ السوري والموسيقيين السوريين في وجه كلّ من يقف ضدّ سورية وضدّ الثقافة السورية.
هذا ما أكّده مدير دار الأسد للثقافة والفنون جوان قره جولي خلال افتتاحه المهرجان، موجّهاً التحية إلى أبطال الجيش العربي السوري الذين يصلون ليلهم بنهارهم حراسة للبلاد، مقدّماً وعد شرف بِاسم الموسيقيين السوريين لكلّ من استشهد وذرف قطرة دم واحدة فداءً للوطن، بالاستمرار رغم الصعاب.
افتتح قره جولي المهرجان مع أيقونة الفنّ السوري العريق الفنانة ميادة بسيليس برفقة الموسيقار سمير كويفاتي والفرقة الوطنية السورية للموسيقى العربية بقيادة عدنان فتح الله، كما رافق الحفل إطلاق الألبوم الجديد لبسيليس، الذي وُزّعت نُسخٌ منه على الحضور جميعاً، والذي تبنّته شركة «سيريتل» كما تبنّت عدداً من حفلات المهرجان الأخرى.
غنّت بسيليس مجموعة من أغاني ألبومها الجديد: «أقل من بكرة، شو تأملت، إنت بقلبي، ويضلّوا يقولوا، وسّختوا الصابون»، كما حمل صوتها حبّاً ووطنية بأغان قدّمتها لحلب والشام، ليكون الشهيد صاحب النصيب الأكبر من صوتها، فغنّت له من كلمات الفنان أيمن زيدان:
بدمك الغالي ضوّيت العتم
وزرعت بسمة
سجّلت عَ نور الدني
اسمك بالوفا واسمي
شِلت أحزان العمر
عا كتف من صوّان!
وأطربت بسيليس الحضور مع «يا طيّوب»، و«كذبك حلو»، مؤكدة أنّ «ما في شي مستاهل»، خاتمة الحفل مع «يا جبل ما يهزّك ريح… لو حرقت قلبك نيران».
وكالعادة، حفلة الفنانة بسيليس بما تلقاه من إقبال شديد على بطاقات البيع، نفدت البطاقات منذ اليوم الأول من عرضها في كوّات البيع، ما أثار احتجاجاً لدى الجمهور. فتداركت «دار الأوبرا» ذلك بحفل ثان عقب الافتتاح، لتكون بسيليس على خشبة دار الأوبرا على مدار يومَي الخميس والجمعة الفائتين.
وفي حديث إلى «البناء»، أعرب فتح الله عن سعادته بافتتاح المهرجان للسنة الثانية على التوالي بالشراكة مع الفنانة ميادة بسيليس.
وأكد فتح الله أن الفنانة بسيليس والموسيقار سمير كويفاتي ثنائيّ سوريّ بامتياز، من خلال مشوارهما الفني الطويل، الذي قدّما من خلاله للمكتبة السورية الغنائية الكثير، وأعطيا الأغنية السورية هوية مهمة.
ولفت فتح الله إلى أن هذا المهرجان دليل على الاستمرار في الحفاظ على الموسيقى لنشر المحبة والسلام وتقديم الصورة الحضارية والصحيحة عن شعبنا وتاريخنا العريق. مشيراً إلى أن أهداف الفرقة الوطنية للموسيقى تتحقّق من خلال الحفلات الدورية على مدار السنة، من خلال تقديم تجارب إبداعية جديدة في التأليف الأوركسترالي وإغناء المكتبة السورية الآلية، وترسيخ هوية موسيقانا لتمكين الأجيال القادمة من الاستمرار في الإضافة إلى هذا الموروث الموسيقي الهام، باستثمار إبداعاتها الخلاقة في جميع المجالات التي تخدم الموسيقى العربية والسورية على وجه الخصوص.
ومن بين الحضور، أثنت الفنانة المتألقة سلاف فواخرجي في تصريح إلى «البناء»، على الحالة الإبداعية التي تجسّد بها الحفل ككل، منوّهة باستمرار الفنّ السوري، وبأن كلّ سوريّ من مكانه قادر على أن يبدع ويقدّم رسالة. والحفل مثال حيّ لسوريين عكسوا حالة جميلة لموسيقى وأغان سورية جميلة بإحساس كبير للفنانة ميادة بسيليس.
وأكدت فواخرجي على الوجود السوري، وبأن هذا الوجود هو استمرار للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لنكون هنا في بلد عظيم نقف فيه وله ومعه.
من ناحيته، قال الفنان مصطفى الخاني لـ«البناء» إنّ مجرد وجود الفنانة ميادة والموسيقار كويفاتي وفتح الله على خشبة المسرح، فهذا يعني أننا أمام مادة فنية عالية السويّة قريبة من القلب وتحمل عمقاً فنياً حقيقياً بحاجة لأن نسمعه ونعيشه.
ولفت الخاني إلى أن هذا المهرجان وهذا المستوى الغني إثبات حقيقي على استمرار الحياة في سورية، والإصرار على الحب والحياة والإبداع وتقديم الفن والجمال، ويبقى البطل الحقيقي هو الجمهور الذي ملأ الصالة وصفّق بصدق لمادة فنية راقية.