«المنار»

سبعةٌ وأربعونَ عاماً والمسجدُ الأقصى يحترقُ بلهيبِ الإجرامِ الصهيوني ونارِ الخيانةِ والتنازلات.

الحريقُ الذي أضرمتهُ المجموعاتُ الصهيونيّةُ الحاقدة قبلَ نصفِ قرنٍ لا يزالُ مستعراً بيدِ المدّعينَ حمايةَ للقضيّة، وكذا البائعينَ للتاريخِ والآلامِ والتضحياتِ بأثمانٍ بَخسةٍ في أروقةِ هرتسيليا، ودكاكينِ التآمرِ على وجعِ فلسطينَ ومستقبلها.

اليوم الآن ، الذاكرةُ تشتعلُ بالأسفِ جرّاءَ تسابقِ بعضِ العربِ مع «تل أبيب» لإرضاءِ كهنةِ الهياكلِ المزعومة، ويتلذّذونَ بسفكِ الدمِ العربيِ والمسلمِ بأداةِ الإرهابِ المنتشرِ بين ضلوعِ دولٍ حضنت فلسطينَ وأكثرت من الدفاعِ عنها، ودعمت مقاومتَها.

أمّا مقاومةُ فلسطينَ فلا يُعيقها حِصارٌ ودمارٌ عن ابتكارِ كلِّ جديدٍ لنسجِ معادلاتِ الرّدعِ وتطويرِ الإمكانات، ولن تُفرمِلَ زياراتُ مبعوثي الممالكِ اندفاعَها.

ونفّاثةٌ تبقى اندفاعةَ الجمهوريةِ الإسلاميةِ في إيرانَ نحو تحقيقِ مزيدٍ من القوةِ والاقتدار .. مُحرّكٌ نفاثٌ لم تَدخُل يدٌ أجنبيّةٌ في صناعتهِ كُشِفَ الغطاءُ عنهُ اليوم أمس ، لتصبحَ معهُ المقاتلاتُ الإيرانيّةُ أكثرَ مناورةً وفعاليّةً وقابلةً لخوضِ غُمارِ الأسواقِ العالميّةِ في المراحلِ المقبلة.

«أن بي أن»

لا يترك الإرهابيّون فرصة ولا وسيلة إلّا وسعوا من خلالها لاستهداف أصوات الاعتدال، هذا حال عرسال اليوم أمس ، التي تعرّض رئيس بلديّتها لمحاولة اغتيال بوضع عبوّة قرب منزله هي أبعد من رسالة بعدما تلقّى الرئيس باسل الحجيري رسائل إرهابيّة بالجملة، لكنّه لم يحدْ عن خطّه الاعتدالي ولا عن نهج العراسلة الوطني، فأصبح في دائرة استهداف الإرهابيّين.

ذنب باسل الحجيري أنّه يعبّر عن وطنيّته وعن خيار شعب اختاره لرئاسة البلديّة.

ذنبه أنّه يطالب الدولة اللبنانيّة والأجهزة الأمنيّة بأخذ دورها في عرسال.

ذنبه أنّه ينحاز لجيش بلده ضدّ الإرهاب والإرهابيّين، هذا هو واقع عرسال الحقيقي. في جرودها مجموعات مسلّحة استهدفتها المقاومة في كسارة مرتفع قمّة القنزح، وأصابتها بشكل مباشر .

إلى الشمال السوري تزدحم الرسائل.. الاشتباكات بين الجيش السوريّ والكرد توقّفت وفق إعادة الوضع إلى ما كان عليه، وإطلاق المفاوضات بحضور روسي إيراني.

موسكو نجحت بوساطتها لوقف النار في الحسكة، لكن ما هي أسباب اندلاعها أساساً؟ وهل كما تقول العشائر العربيّة التي اصطفّت خلف الجيش السوري بأنّ الكرد يحاولون تهجير العرب؟

كسبت الدولة السورية بإعادة لمّ شمل العشائر في صفوفها، وبالوقت ذاته منعت الكرد من تقدّم الأسايش، فيما كانت تركيا تدخل عمليّاً الحرب شمال سورية بالإشراف على مجموعات تتحضّر للدخول إلى مدينة جرابلس وطرد «داعش».

لن يستطيع بعدها الكرد من مدّ مساحة نفوذهم لوصل مناطقهم بعفرين ولا سلخ مقاطعة جغرافيّة واحدة عن الدولة السوريّة، ما يعني أنّ التطوّرات هناك مفتوحة على كل الاتجاهات، خصوصاً بعد تفرّج واشنطن فعلاً على العمليّات السوريّة والحفاظ على عسكريّيها الأميركيّين في الحسكة بضمانة روسيّة.

«او تي في»

انتقل الأكراد من المبادرة إلى المهادنة، من الإقدام إلى الإحجام ومن الهجوم إلى الدفاع. أميركا التي رعتهم دائماً، وروسيا التي استخدمتهم أحياناً، و«إسرائيل» التي ربطتها بهم مصالح أقلّويّة بوجه الكثرة العربية تتفرّج عليهم، والغرب بالأصل لا يبالي وهو الذي أقام سايكس – بيكو على أنقاض أعدائهم العثمانيّين، لكنّه تخلّى عن الأكراد مثلما تخلّى عن الأرمن والآشوريّين والكلدان في العراق وسورية وتركيا، قبل وبعد سطوع نجم أتاتورك الذي قطع رأس زعيمهم سعيد آغا الكردي وعلّق قادتهم على أعواد المشانق منذ 90 عاماً. الأكراد الذين يحلمون دائماً بكيان وبنيان، يستفيقون دوماً على صفقة لبيع رأسهم أو تسوية تُطيح بمكتسبات آنيّة. في كوباني، كان العالم يتطلّع إليهم كمنقذين من «داعش» واليوم أمس يقصفهم الروس والسوريّون في القامشلي والحسكة للمرة الأولى منذ بدء الحرب في 2011. الأكراد ضحيّة دائمة على مذبح المصالح ولعبة الأمم. اليوم الآن ، يدفعون ثمن الاتفاق الثلاثي التركي – الإيراني – السوري لمحاصرة المشروع الكردي في سورية ومنع قيام كيان مستقل بين سورية وتركيا، أمّا الثمن فكبير وغير متوقَّع الأتراك ينخرطون في الحرب ضدّ «داعش»، ويكفّون عن إثارة مسألة بقاء الأسد في الحكم، وأردوغان السلطان الذي التقى القيصر في سان بطرسبورغ سيلتقي، ربما، المرشد في طهران، وستكون فرصة إضافيّة لأردوغان لتصفية الحساب مع الأكراد الذين يصفهم بحلفاء فتح الله غولن الطبيعيّين. وفي لبنان حساب جاري ومفتوح على كل أنواع المفاجآت والتبدّلات والانعطافات. لم يملّ المستقبل ولفيفه من اتّهام حزب الله بعرقلة انتخاب العماد عون لغاية في نفس إيران، وعندما فتح السيد نصرالله مخرجاً للطوارئ للأزمة الرئاسيّة العالقة ورمى الكرة في ملعب المستقبل الخالي من الجمهور، فتح عليه وابل الاتّهامات وسهام الانتقادات وبازار المزايدات، وكأنّ المطلوب إبقاء الوضع على ما هو عليه وتحميل الحزب والتيار والحلفاء، كما جاء في بيان المستقبل، مسؤولية تعطيل انتخاب الرئيس. وبعد أشرف ريفي وفؤاد السنيورة، جاء دور نهاد المشنوق في شنّ أعنف هجوم على سرايا الاحتلال كما أسماها، هذه السرايا التي يجلس المشنوق مع رموزها يتحاور ويتناقش في حمى عين التينة في اعتراف صريح وأكثر من صريح بها وبما تمثّل، لكن المستقبل يفضّل، على ما يبدو، الاشتباك مع سرايا المقاومة بدلاً من الإرباك الذي سبّبته مبادرة العودة إلى السرايا الحكوميّة.

«ال بي سي»

من صيدا إلى لاسا مروراً بالدبية، لماذا محاولات تغيير المعالم وإلغاء العادات والتقاليد والثقافات؟

في صيدا، هل يجوز أن يكون الرقص الشعبي محطّ نقاش؟ أليس هو من البديهيّات في العادات والتقاليد اللبنانيّة؟ وفي الدبية لماذا الإصرار على تعديل عامل الاستثمار؟ هل الغاية هي ربحيّة فقط، أم أنّ هناك أسباباً أخرى؟

إلى لاسا، لماذا الإصرار على التمادي في الاعتداء على أملاك الكنيسة، وهل في كل مرة يرفع الصوت لوقف اعتداء على أمتار معدودة تحتاج المعالجة إلى مجلس الأمن الدولي؟ هل من رابط، ولو غير مباشر، بين هذه الملفات الثلاثة النافرة؟ وهل تتجرّأ الحكومة ولو لمرة واحدة على وضع الأمور في نصابها الصحيح؟ وإذا لم تفعل، فإلى أيّ هويّة ستتدحرج المسارات؟

هذا في الملفات الطارئة، أمّا في الملفات التقليديّة، إذا صحَّ التعبير، فإنّها تتدحرج ككرة الثلج بدءاً من مكبّ برج حمود، والذي تسبّب في أن يُعاد فتح ملف النفايات في مجلس النوّاب بعد غد الثلاثاء غداً ، ولو لم تكن هناك ريبة في هذا الملف لما أُعيد فتحه، أمّا جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل فيرجّح أن لا تكون هادئة بعد قرار وزير الدفاع تأجيل تسريح الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع.

«الجديد»

قرّرت تُركيا الانضمامَ إلى الحِلفِ السياسي، قَبِلتْ بالأسد رئيساً انتقاليّاً فجاءَها الأشبالُ الانتحاريّون وحوّلوا عُرسَها إلى مراسمِ عَزاء ضربَها الإرهابُ منَ المَنشأ، ومن عاصمةِ الإرهابيّين غازي عنتاب، المدينةِ التي لطالما كانت مَعقِلاً وممرّاً ومقرّاً لقادةِ المسلحين الذين تَعرِفُهم الفنادقُ والشوارعُ والحانات، أكثرُ من خمسينَ قتيلاً احتَفلوا بزِفافِ العُمر الذي سَرقَ الإرهابيّونَ أبيضَهُ وبدّلوه بلون الدم، وذلكَ في مَسقِطِ رأسِهم التُركي، وتَدفعُ المناطقُ التُركية أثمانَ حُكمٍ قرّرَ أن يفتحَ ذراعيه للإرهابيّين ويُدرّبَهم قبل إرسالِهم إلى سورية، واستضافةِ قادتِهم ومُنظّريهم في الفنادق التركيّة، لكنْ بعدَ خمسِ سنواتٍ على هذه الرعايةِ المكثّفة وَجدت أنقرة أنّها مُهدّدةٌ بكِيانٍ كُرديٍ مستقل، وبتفجيراتٍ لا تَبرَحُ مُدنَها السياحيّةَ منها تحديداً. قياساً على تُركيا صانعةِ الإرهاب، فإنّ لبنان بخير، وهذا ما طَمأنَ إليه المديرُ العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في حديثٍ إلى الجديد، إذ رأى أنّنا في أفضلِ حالٍ عن كثيرٍ من دولٍ حولَنا، وبعيدةٍ عنّا أيضاً. وعنِ المفاوضات معَ «داعش» في شأنِ العسكريّينَ المخطوفين، قال إبراهيم: «إنّ المِلفَ هو قَيدُ البحث، لكنْ لغايةِ الآن لا مُفاوضٌ جادّ للتعاونِ معه». لواء الوساطات على خطوط الرهائن والمخطوفين لم يشأ التعليق على وساطة لإنقاذ البلد من خاطفية، لأنّ المهمّة للرئيس نبيه برّي على أنّ كل المهام السياسيّة حالياً في إجازة مفتوحة، حيث سقطت كل الطروحات لأنّ أيّاً منها لم يكن إلّا للمناورة وشراء الوقت. وفي الانتظار، فإنّ حزب الله لم يقطع رسائل الودّ اتجاه المستقبل، وقد اعتبر النائب حسن فضل الله أنّ الاستمرار بالمكابرة والعناد لا يقدّم ولا يؤخّر، معلناً أنّ الحزب لا يزال في الدائرة الإيجابيّة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى