سقوط مشروع الانفصال الكردي… وتركيا تبارك… وتصعيد مفاجئ في غزة هجوم المشنوق على سرايا المقاومة رفض ضمني لثنائية «عون ـ الحريري»
كتب المحرّر السياسي
يصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى السعودية تحت عنوان البحث عن حلّ سياسي سريع في اليمن، على إيقاع فشل المحاولات العسكرية السعودية في فرض تغيير نوعي من جهة، وتصاعد التهديدات في العمق السعودي من جهة ثانية، في ظلّ قرار يمني بالاستعداد لصمود طويل مع المراوغة السعودية في قبول حلّ منصف، والرهان على الخيار العسكري والتعب اليمني، فكان الاستفتاء المليوني في شوارع صنعاء تحت غارات الطيران السعودي المتواصلة، لتأييد المجلس السياسي الذي باشر مهامه في تنظيم الشؤون العسكرية والأمنية والمالية والحياتية، على قاعدة أنّ الحرب طويلة والحلّ بعيد، مقابل الانفتاح على أيّ مسعى تفاوضي كأنّ الحرب ستتوقف غداً والحلّ آت.
مع الانصراف السعودي والاستنزاف المفتوح عسكرياً وسياسياً، بدا الموقف الأميركي من العناد السعودي شبيهاً بما وصفته الخارجية الأميركية بالتهويل الأوكراني بخطر اجتياح روسي لا أساس له، وبدا أنّ المسعى الأميركي هذه المرة محكوم بمعادلات مختلفة وحاجات وأهداف أبعد من مجرد تسجيل المواقف، بينما في سورية غياب للسعودية وتسليم بالضياع في ظلّ التموضع التركي الممسك بزمام المبادرة بين حلفائه، الذي يشكل المنفذ التركي طريقهم الوحيد للتحرك في سورية وتوفير الإمداد لجماعاتهم.
تركيا التي بدأت تتدرّج في مواقفها نحو التموضع على ضفة سورية جديدة، منذ تسليمها بالاعتذار لروسيا، انتقلت من الحديث عن رحيل الرئيس السوري كشرط لأيّ حلّ سياسي نحو الحديث عن شراكته في الحلّ السياسي، ليتوّج ذلك بمباركة تحرك الدولة السورية لمنع الإجراءات الانفصالية في الحسكة شرق سورية، بينما كانت الاشتباكات قد حملت للقيادة التركية إشارات الحزم من جانب الدولة السورية ومفاجأة التخلي الأميركي الذي تلاعب بالدور الكردي. فبعدما حلقت الطائرات الأميركية وقالت إنها توجه رسالة لسورية بالتوقف عن تحليق طيرانها فوق الحسكة واصل الطيران السوري مهامه، فانكفأ الأميركيون وقالوا إنّ ما يهمّهم ألا يُستهدف عناصرهم، وبعد حين قاموا بنقل عناصرهم إلى الحدود التركية، بينما وصل مبعوثون روس وإيرانيون إلى القامشلي، ليجدوا تجاوباً كردياً مع مسعى الوساطة التي أسفرت عملياً عن التسليم بإنهاء إجراءات الانفصال عبر تسليم المواقع العائدة للجيش السوري بالعودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل الاشتباكات، وإعلان وقف لإطلاق النار بدأت مفاعيله بصورة مقبولة منذ مساء أمس.
في موازاة هذه التطورات التي ترسم المشهد الإقليمي، ظهر تصعيد جيش بيت العنكبوت الإسرائيلي المفاجئ في غزة، بما يتخطّى حدود تبادل النار عبر خطوط التماس والردّ على ردّ المقاومة بعد قصف شمال غزة أول أمس باستهداف وحدات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مواقع الاحتلال في مستعمرة سديروت، فصعّد الطيران من غاراته وتساقطت القذائف في أكثر من منطقة من قطاع غزة، في تطوّر ربطه المتابعون من المقاومة في غزة بمحاولة الحفاظ على مناخ من التوتر العسكري، بانتظار متابعة تطورات المنطقة. وهو ما تشهده أيضاً الحدود مع لبنان في منطقة مزارع شبعا منذ أيام.
في لبنان لا زالت تداعيات الردود المستقبلية على مبادرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالانفتاح الإيجابي على ثنائية رئاستي الجمهورية والحكومة لكلّ من العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، تلقي الأضواء على تداعي وضع الحريري داخل تياره، حيث ظهر كلام نواب الشمال السابقين من المستقبل التشكيكي بمبادرة السيد نصرالله اعتراضاً ضمنياً عليها، كما ظهر الموقف المفتعل لوزير الداخلية بالتصعيد ضدّ حزب الله من بوابة التهجّم على سرايا المقاومة سلوكاً مشابهاً للتوتير، بهدف قطع الطريق على المبادرة، وخلق مناخ اشتباك يقطع الطريق على مناخ حوار يخشى كثير من مسترئسي المستقبل أن ينتج عن المبادرة.
الاتصالات السياسية تفرملت
لا تكاد الاتصالات السياسية بين المكونات السياسية تقطع شوطاً كبيراً في البحث بخيارات الحلول، حتى تتفرمل بسرعة لافتة من دون أن تتوقف نهائياً بانتظار ما سيعود به رئيس تيار المستقبل سعد الحريري من عطلته الصيفية. وشدّدت مصادر عليمة لـ «البناء» أن الاتصالات بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل التي انقطعت اعلامياً لا تزال مستمرة، لكن وتيرتها خفّت بسبب سفر الرئيس الحريري، معتبرة أن «إعادة الزخم الى هذا التواصل ينتظر ما سيحمله الحريري من الخارج بشأن الرئاسة».
بري يُطلّ في 31 آب
وفيما تؤكد مصادر الحريري لـ «البناء» أنه سيعود قبل جلسة الحوار الوطني في الخامس من ايلول»، ستبقى الأمور تراوح مكانها، ولعل الخرق الوحيد سيتمثل بكلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي سترتدي أهمية بالغة نظراً للمواضيع التي سيتطرّق إليها، يوم الاربعاء في 31 آب الحالي، من مدينة صور في الذكرى الثامنة والثلاثين لتغييب الإمام موسى الصدر والشيخ حسن يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.
الحريري يتوسّط عند الفرنسيين
في غضون ذلك، بقي وصف وزير الداخلية نهاد المشنوق لسرايا المقاومة بسرايا الاحتلال محل متابعة، لا سيما أنه صدر عن وزير في تيار المستقبل رفض في المحافل الدولية تصنيف حزب الله بالإرهابي، ويعتبر من أكثر المتمسكين بالحوار الثنائي. ورغم ذلك تعاطى حزب الله مع هذا الكلام كأنه لم يسمعه ولم يقرأه، من منطلق رسائل التهدئة التي يبعث بها بعد المبادرة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والتي قد تكون مدخلاً لتسويات. فهو يؤكد أنه لن يكون سبباً في إجهاض التهدئة والمبادرات، وسيستمر في إيجابياته ضمن الحدود المعقولة.
وتؤكد مصادر مطلعة لـ «البناء» «أن الرئيس الحريري توسط لدى الفرنسيين لإقناع الرياض المضي بانتخاب العماد عون وإنهاء الأزمة في لبنان، لكون هذه الفرصة هي الوحيدة لعودته الى السلطة». ولفتت المصادر إلى «أن الأجواء الفرنسية لم تكن ايجابية اذ إن السعودية لا تزال على موقفها من منطلق أنها لن تسمح بأي حل في لبنان لا يعيده إلى قرارها الأحادي»، ما يؤكد بحسب المصادر أن لا حلول في لبنان طالما أن المكابرة السعودية قائمة، فعلى غرار مكابرتها في اليمن والبحرين تتعاطى مع الأزمة اللبنانية».
المشنوق غير مقتنع بما قاله
وشددت أوساط سياسية لـ «البناء» على «أن كلام المشنوق عن سرايا المقاومة يحمل أكثر من وجه، فهو لم يتحدث بالمباشر عن حزب الله». ورأت أن المشنوق الذي كلّف فتح جبهة مع حزب الله من الباب الأمني بصفته وزيراً للداخلية، لم يكن مقتنعاً بتوقيت هذا الكلام».
واعتبرت المصادر «أن مبادرة الأمين العام لحزب الله أحرجت تيار المستقبل الذي هرب منها بأوامر سعودية، وفتح معركة جديدة خارج السياق». ورأت المصادر نفسها أن «كلام المشنوق هو ردّ من قبل تياره برفضها من باب الهجوم على مسألة غير مطروحة بشكل افترائي واستفزازي، وإقفال لفرصة فتح السيد نصر الله بابها للمصالحة الوطنية».
حزب الله: لا أحد يستطيع أن يفرض علينا رئيساً
وبرزت مواقف لافتة لمسؤولي حزب الله أمس، فأعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن حل مشكلة الرئاسة لا يكون بالضغط، مشدداً على ان حزب الله لا يفرض على أحد رئيساً ولا أحد يستطيع أن يفرض عليه رئيساً. قال قاسم في كلمة بالاحتفال التأبيني للشهيد عباس صادر في بلدة مشغرة: «من الطبيعي أن يأتي الرئيس بالتوافق وأن تأتي كل المواقع الأساسية في البلد بالتوافق. وهذا يعني أن علينا أن نتحاور حتى نصل إلى النتيجة والمعقولة والممكنة، لم نقل يوماً أننا سنفرض شيئاً». وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أننا نريد رئيس جمهورية يملك القرار الوطني الذي يعبر عن إرادة شعبنا المقاوم والصامد. وفي هذا الملف لن نزيد حرفاً واحداً على ما تفضل به الامين العام السيد حسن نصرالله، في ما مضى منذ أيام ونثبت على أن هذا الاستحقاق يجب أن يستكمل وأمامنا فرصة أشهر قليلة لنستكمل هذا الاستحقاق ليتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وليكتشف اللبنانيون من الذي كان يعطل الاستحقاق الرئاسي ومن الذي كان يكبح جماح الفئات اللبنانية التي كان يمكن لها أن تتخذ قراراً لبنانياً متعاوناً مع الفرقاء الآخرين ومتناغماً معهم لملء الفراغ الرئاسي، ومن كان الطرف الإقليمي الذي لا يريد رئيس جمهورية للبنان بمعزل عن التزامات بسياسات هذا القطر الإقليمي».
المستقبل: التواصل مع الوطني الحر بناء على اقتراح القوات
في المقابل، أكدت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ «البناء» «أننا تواصلنا مع التيار الوطني الحر بناء على اقتراح حزب القوات اللبنانية من منطلق حشر حزب الله في الزاوية، لا سيما انه غير جدي بترشيح الجنرال، فكانت ردة فعل الكتلة والقواعد الحزبية أنه لا يمكن القبول بالجنرال عون رئيساً بأي شكل من الأشكال. عندها توقف الحوار في الشأن الرئاسي من دون ان ينقطع التواصل بين التيارين، فعملياً لدينا قنوات تواصل مع حزب الله والتيار الوطني بغض النظر عن موقف كل فريق من الانتخابات الرئاسية». وقالت المصادر «اذا كان السيد نصر الله جدياً في موقفه من دعم عون، فليقنع أقرب المقربين له الرئيس نبيه بري بالتصويت له، لكن يبدو أن حزب الله لا يريد رئيساً لحين تتبلور صورة المنطقة».
واعتبرت المصادر «أن مهادنة المشنوق لحزب الله في فترة من الفترات مردها تخفيف الاحتقان واستمرار عمل الحكومة، لكن في النهاية وصلنا الى حائط مسدود، طفح الكيل بالنسبة الى الوزير المشنوق». معتبرة في الوقت نفسه ان «الحوار سيبقى مستمراً رغم كل العقبات، فالحوار يكون بين أطراف مختلفة وليس بين حلفاء».
التعامل بحزم حيال الخروق
وشدّد عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان على ضرورة التعامل بحزم حيال الخروق والاعتداءات التي ينفذها العدو «الإسرائيلي» في مزارع شبعا، وأن تترجم الحكومة اللبنانية هذا الحزم، بالإصرار على قرار من الأمم المتحدة يدين بشدة الخروق «الإسرائيلية» ويُحمِّل العدو كامل المسؤولية عن التداعيات كلّها، إن لم ينهِ هذا العدو احتلاله الأجزاء التي يحتلها، ويتوقف عن ممارساته العدوانية وانتهاكاته المستمرة للسيادة اللبنانية.
وقال حردان أمام وفد من منفذية البقاع الغربي زاره أمس، في دارته بضهور الشوير أنّ أبناء المناطق التي تتعرض للاعتداءات «الإسرائيلية»، ليسوا وحدهم في هذه المواجهة المباشرة مع العدو، بل هناك معادلة ثابتة راسخة، هي معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وهي في جوهرها معادلة ردع وقوة قادرة على أن تحمي لبنان واللبنانيين من الخطر الصهيوني.
ولفت حردان إلى أنّ مشكلة تلوّث مياه نهر الليطاني تتطلب معالجة سريعة وطارئة من قبل مؤسسات الدولة، لأنها تشكل مصدر خطر يهدّد آلاف المواطنين، محذراً من أي استهتار أو مماطلة أو تباطؤ في معالجة مشكلات خطيرة لها تأثير مباشر على حياة الناس. وتابع مخاطباً الوفد: ندعم موقفكم الذي يطالب بحلّ مشكلة تلوث مياه الليطاني، وندعوكم إلى تصعيد هذا الموقف من خلال التواصل مع الهيئات والمؤسسات الحزبية والأهلية والاجتماعية والثقافية، خصوصاً البلديات، من أجل إسماع صوتكم وتشكيل قوة ضاغطة تدفع باتجاه حلّ هذه المشكلة.
وعن الأوضاع السياسية في لبنان والكلام عن انسداد الأفق أمام الحلول، أشار حردان إلى «أن العوامل الطائفية والمذهبية تُعمِّق الأزمة وطريق الخروج منها بقيام دولة مدنية عادلة وقادرة يؤسَّس لها بانتخاب رئيس للجمهورية وقانون انتخابات نيابية على أساس الدائرة الواحدة والنسبية». وشدّد حردان على ان طاولة الحوار الجامعة تستطيع أن تجترح الحلول التي تصبّ في مصلحة لبنان واللبنانيين شرط أن تتوافر لدى كلّ الأفرقاء الإرادة والنيات الصادقة لإخراج البلد من أزماته ومشكلاته».
تقرير دراسة التلوث الليطاني على طاولة مجلس الوزراء الخميس
يجتمع مجلس الوزراء الخميس المقبل في السراي الحكومية للبحث في جدول أعمال من 127 بنداً. وعلمت «البناء» أن البحث سيتناول نقل اعتمادات من احتياطي الموازنة للوزارات والإدارات، وعرض وزارة التربية الترشيحات لمنصب رئيس الجامعة اللبنانية. وستشهد الجلسة عرض اللجنة الوزارية المكلفة دراسة التلوث على مجرى الليطاني ما خلصت اليه في تقريرها لإيجاد حلول للكارثة، إذ ان كلفة معالجة التلوّث في حوض نهر الليطاني بـ750 مليون دولار في حين أن المبلغ المتوفر هو 200 مليون دولار.
وأكدت مصادر وزارية لـ «البناء» ان ملف الاتصالات الذي غاب عن جلستي مجلس الوزراء الأخريين لغياب الوزير المعني بطرس حرب سيطرح من جديد الخميس، مشيرة إلى «أن الجلسة ستكون حاسمة ولن تكون هادئة لا سيما بعد قرار وزير الدفاع سمير مقبل تأجيل تسريح الأمين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير لمدة سنة».
وأشارت المصادر إلى «أن المعارضة العونية للتمديد لن تصل الى حدود الاستقالة أو الاعتكاف، فالاستقالة لن تمنع التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، ولن تغير في واقع الأمور». وشددت على أننا سنعارض التعيينات الامنية طالما ان الفراغ الرئاسي مستمر».
ولفت وزير الاعلام رمزي جريج لـ «البناء» إلى «أنه سيعرض خلال الجلسة تجديد التراخيص لعدد من المحطات التلفزيونية والإذاعية.
اللامركزية الإدارية في ساحة النجمة الثلاثاء
وفيما تلتئم لجنتا الإدارة والعدل والداخلية والبلديات غداً الثلاثاء بدعوة من الرئيس نبيه بري لدراسة اقتراحي قانون التنظيم الإداري واللامركزية الإدارية المقدّمين من النائب روبير غانم، والنائب سامي الجميل. تجتمع لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان غداً أيضاً لمتابعة أزمة النفايات خصوصاً لناحية التلزيمات مع وزارة المالية، وزارة الداخلية والبلديات، وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار.
التسويات الأمنية
إلى ذلك، يتجه الوضع الأمني الى مزيد من الاستقرار بعد فشل محاولات توتير الوضع. وعنوان المرحلة المقبلة هو التسويات الأمنية. وفي هذا الاطار يتواصل مسلسل تسليم الإرهابيين أنفسهم إلى المعنيين. وسلم اللبناني أمس أبو طلحة بركات وهو من جماعة الإرهابي الموقوف أحمد الأسير نفسه الى استخبارات الجيش في الجنوب لإنهاء ملفه الأمني. وفككت شرطة بلدية عرسال قرب منزل رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري على عبوة ناسفة عبارة عن 200 غرام من مادة C4 و2 كلغ من نيترات الأمونيوم، مضاف اليها قطع معدنية، موصولة بصاعق عادي وفتيل صاعق ومعدة للتفجير عن بعد. وقد حضر الخبير العسكري إلى المكان وعمل على تفكيكها، وبوشر التحقيق في الموضوع».