تركيا… بين الترحيب والتشكيك!
ما أن تقرّر عقد اجتماع بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان يوم 9 آب الماضي، حتّى بدأت التحليلات الصحافية تحتلّ المساحات الواسعة في الصحف الغربية. منها ما كان يرحّب بهذا التقارب، ومنها ما هاجمه وبنى عليه استنتاجات غريبة عجيبة.
واليوم، ومع دنوّ موعد زيارة أردوغان إلى طهران، تعود هذه التحليلات بقوّة.
صحيفة «أرغومينتي أي فاكتي» الروسية تناولت هذه الزيارة، قائلة إنّها تهدف إلى مناقشة إنشاء تحالف ثلاثي بهدف تحقيق استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط. وقالت الصحيفة: سيتوجه الرئيس التركي أردوغان إلى إيران بعد انتهاء زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تركيا، واللذين يصلان إلى أنقرة يوم 21 الشهر الحالي حيث ينوي الوفد الأميركي مناقشة مسألة ترحيل الداعية الإسلامي فتح الله غولن، المتهم بالتخطيط للمحاولة الانقلابية الفاشلة، وتسليمه إلى تركيا. وبحسب رأي الخبراء، فقد يحاول المسؤولون الأميركيون، نظراً إلى تزايد التناقضات في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، إقناع أردوغان بخطأ انتهاج سياسة التقارب مع روسيا وبلدان الشرق الأوسط. ولكن من غير المحتمل أن يتفق معهم أردوغان بعد لقائه الرئيس الروسي بوتين، إضافة إلى إعلانه عن إنشاء تحالف مع إيران وروسيا في شأن سورية.
أما صحيفة «مونيتور» الأميركية، فنشرت تقريراً جاء فيه: تستفيد طهران، على غرار موسكو من المزاج التركي تجاه إيران بسبب الدعم الفوري الذي قدّمته للرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية عند وقوع محاولة الانقلاب في 15 تموز.
وأضافت الصحيفة: كما غذّى نائب وزير الخاريجية الروسي ميخائيل بوغدانوف التكهّنات حول محور جديد عندما قال في بيان بعد محادثات ظريف في أنقرة إن الدول الثلاث يمكن أن تلتقي قريباً في سورية. ومع ذلك لا تزال آفاق تشكيل محور حقيقي بين الدول الثلاث أمراً مشكوكاً فيه في أحسن الأحوال، نظراً إلى الاختلافات القائمة بين أنقرة وطهران وأنقرة وموسكو في شأن سورية.
خلاصة القول إن تركيا وإيران ستعودان على الأرجح إلى موقفهما التقليدي من الاتفاق على عدم الاتفاق حول قضايا معينة، مع الاستمرار في السعي نحو تحقيق مصالحهما الخاصة، على ألا يسمح للخلافات بينهما بتقويض العلاقات عموماً، وفي الوقت نفسه التعاون في شأن القضايا الإقليمية إلى أقصى درجة.
«بيلد»: وزير الداخلية الألماني يدعو إلى تعامل متعقّل مع تركيا
دعا وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير إلى تعامل متعقّل مع الحكومة التركية في أنقرة في ظلّ التوترات الأخيرة بين ألمانيا وتركيا.
وقال دي ميزير في تصريحات إلى صحيفة «بيلد» الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر أمس الأحد، إن تركيا عضو في حلف الناتو وتعدّ بالنسبة إلينا شريكاً مهماً في أزمة اللجوء وفي مكافحة الإرهاب الدولي.
وتابع الوزير الألماني قائلاً: في إطار التعامل مع شركائنا يتعيّن علينا التحليل بشكل متعقّل ويجب ألا نكون سذّجاً.
وفي الوقت ذاته شدّد دي ميزير على ضرورة أن يقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الحكومة الاتحادية تتحمّل مسؤولية جميع الأشخاص في ألمانيا، بمن فيهم المواطنين الأتراك، وأكد أن محاولة التأثير السياسي عليهم مرفوضة، وقال: لا أريد أن تنتقل النزاعات في تركيا إلى شوارع ألمانيا.
وعن التقييم الحسّاس الذي صدر من وزارة الداخلية الألمانية بأن تركيا تعدّ منصّة عمل مركزية لإسلاميين، قال دي ميزير: ما يوجد في وسائل الإعلام عن التقرير، يعدّ جزءاً صغيراً من الوضع الحالي في البلاد. والأمر يعدّ معقّداً.
وأشار وزير الداخلية الاتحادي إلى أن إجراءات كثيرة اتخذتها أنقرة بعد محاولة الانقلاب العسكري كانت غير متناسبة ويجب النظر إلى التعامل على أساس النقد مع حقوق الإنسان.
«أرغومينتي إي فاكتي»: هل ستستطيع روسيا وتركيا تغيير مسار النزاع في سورية؟
أشارت صحيفة «أرغومينتي إي فاكتي» الروسية إلى أن بعض النقاط التي ناقشها الرئيس بوتين ونظيره أردوغان لم يُكشف عن تفاصيلها، ولكن هل ستغيّر مسار النزاع؟
وجاء في المقال: خلافاً للموضوعات الاقتصادية التي بدأ الجانبان باستئنافها، ناقش الرئيسان الروسي والتركي خلال لقائهما يوم 9 آب الجاري خلف الأبواب المغلقة المسألة السورية. ويتفق الخبراء على أن اختراقاً في هذا المجال لن يحدث. ولكن بإمكان تركيا أن تعقِّد بجدّية موقف المتطرّفين في سورية.
يقول مدير معهد الدراسات السياسية والاجتماعية لمنطقة البحرين الأسود وقزوين فيكتور نادينرايفسكي: يستمر أردوغان في رفض بشار الأسد ويصرّ على رحيله. ولكن القيادة التركية حالياً مضطرة إلى المناورة بين دعم «معارضي» الأسد، وتأكيدها محاربتها الإرهاب والمجموعات الارهابية وخصوصاً «داعش». لذلك فإن «داعش» غاضب على تركيا بسبب انخفاض حجم تجارة النفط والصعوبات التي بدأت تواجه المسلحين في تركيا. وعموماً، فإن الدور الرئيس في انخفاض تجارة النفط يعود إلى طائرات القوة الجو ـ فضائية الروسية، التي دمّرت أكثر من ألفَي صهريج لنقل النفط من مجموع حوالى 12 ألفاً تستخدم في تهريب النفط.
وأضاف: أعتقد أن الأتراك لن يتخلّوا عن دعم بعض المجموعات العرقية القريبة منهم مثل التركمان، ولكنهم في المقابل على استعداد لغلق الحدود لتعقيد وضع «داعش».
ولكن هل تتخلّى روسيا عن دعم الأكراد في سورية؟
يجيب مدير معهد الشرق الأوسط يفغيني ساتانوفسكي على هذا السؤال ويقول: لدى روسيا في سورية مقارنة بتركيا أوراق رابحة كثيرة. لذلك لن تتخلى روسيا عن مواقعها، فقد تبيّن أن الهجمات الجوّية الفائقة الدقة أداة فعالة للتأثير في الأوضاع إضافة إلى إعادة الحياة إلى الجيش السوري. فبعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، تم في إطار عمليات التنظيف الجارية، استدعاء ضباط الجيش التركي الذين كانوا يعملون في مقار مختلف «المجموعات المسلحة المعارضة» في سورية، وإلا لكانوا ضمن المحاصرين في حلب، مثل ضباط المملكة السعودية.
الحلول الوسطية ممكنة: أردوغان يتخلّى عن «جبهة النصرة» وعن شركائه التجاريين في «داعش» ويغلق الحدود، مقابل ضمان أمن التركمان «المعارضين» لبشار الأسد ومنحهم مناصب في الحكومة السورية المقبلة والسلطات المحلية.
«شبيغل»: تركيا بعثت للحكومة الألمانية 40 طلب ملاحقة لأشخاص تابعين لغولن
كشفت تقارير صحفية في ألمانيا أن الاستخبارات التركية طلبت من نظيرتها الألمانية دعم حكومة أنقرة في مكافحة حركة الداعية التركي المعارض فتح الله غولن.
جاء ذلك في تقرير لمجلة «شبيغل» الألمانية نشرته أول من أمس السبت، وأفادت بأنها تمكنت من الاطلاع على وثائق سرّية في هذا الشأن.
ووفقاً لهذه الوثائق، فإن الجانب التركي طالب جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني «بي إن دي» بالتأثير على صانعي القرار والمشرّعين في ألمانيا بالتصدي لأنصار غولن وتسليمهم.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحمّل الداعية المعارض الذي يقيم في المنفى في الولايات المتحدة وأنصاره المسؤولية عن محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في منتصف تموز الماضي.
وأوضحت «شبيغل» أن السلطات التركية بعثت منذ الخامس عشر من الشهر الماضي إلى السلطات في ألمانيا 40 طلباً للملاحقة وثلاثة طلبات لتسليم أنصار من حركة غولن.
ولفتت المجلة إلى أن مبعوث السفارة التركية في برلين، أوفوك جيزر، حذر الخارجية الألمانية مراراً من غولن، كما توجه دبلوماسيون إلى 11 ولاية بينها شمال الراين فيستفاليا وهيسن وسكسونيا لمطالبة حكومات هذه الولايات بالتصدّي بصورة مشتركة لحركة غولن، غير أن كل الولايات رفضت المطلب التركي بوضع أنصار الحركة في ألمانيا تحت رقابة هيئة حماية الدستور الاستخبارات الداخلية .
وقالت «شبيغل» إن ميشائيل مولر عمدة برلين وفينفريد كريتشمان رئيس حكومة ولاية بادن فورتمبورج تحدثا صراحة عن المحاولات التركية للتأثير على الولايات، وكشف مولر أن ممثلاً للحكومة التركية تساءل عما إذا كانت حكومة ولاية برلين مستعدة لاتخاذ خطوات ضدّ حركة غولن وتحديداً ضد المؤسسات التعليمية التابعة لها.
من جانبه، قال كريتشمان إن القنصل العام التركي طالب حكومة ولايته بإخضاع الجمعيات والمؤسسات والمدارس التي ترى الحكومة التركية أنها تُدار من قبل حركة غولن للمراجعة، لكن كريتشمان رفض.
«أرغومينتي إي فاكتي»: هل سيتمكن أردوغان من الاتفاق مع إيران؟
تناولت صحيفة «أرغومينتي أي فاكتي» الروسية زيارة أردوغان إلى إيران لمناقشة إنشاء تحالف ثلاثي بهدف تحقيق استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط.
وجاء في المقال الذي نشرته الصحيفة أمس: سيتوجه الرئيس التركي أردوغان إلى إيران بعد انتهاء زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تركيا، واللذين سيصلان إلى أنقرة يوم 21 الشهر الجاري حيث ينوي الوفد الأميركي مناقشة مسألة ترحيل الداعية الإسلامي فتح الله غولن، المتهم بالتخطيط للمحاولة الانقلابية الفاشلة، وتسليمه إلى تركيا.
وبحسب رأي الخبراء، فقد يحاول المسؤولون الأميركيون، نظراً إلى تزايد التناقضات في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، إقناع أردوغان بخطأ انتهاج سياسة التقارب مع روسيا وبلدان الشرق الأوسط. ولكن من غير المحتمل أن يتفق معهم أردوغان بعد لقائه الرئيس الروسي بوتين، إضافة إلى إعلانه عن إنشاء تحالف مع إيران وروسيا في شأن سورية.
ويذكر أن هذا التحول السريع في سياسة تركيا الخارجية بدأ مع بداية صيف السنة الحالية، عندما استأنفت العلاقات مع اسرائيل، ثم قرر أردوغان مصالحة روسيا. وفي حين أن علاقات أنقرة مع موسكو تحسنت بصورة ملحوظة، بعد فشل المحاولة الانقلابية وضلوع الولايات المتحدة فيها. فإن علاقات تركيا توترت مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقد رفضت واشنطن تسليم الداعية غولن إلى تركيا، ورفض الاتحاد الأوروبي إلغاء تأشيرات الدخول لمواطني تركيا، وتعويض تركيا عن نفقات إقامة اللاجئين البالغة 3 مليار يورو. وأكثر من هذا، فقد اتهمت القوى السياسية الألمانية السلطات التركية بدعم ومساندة الإرهابيين، حيث عدَّتها موقعاً أمامياً للإسلامويين. كما أعلن الصحافيون أن بحوزتهم وثائق سرية لوزارة الداخلية الألمانية تؤكد دعم تركيا للإرهابيين. وردّاً على ذلك، هدّدت تركيا بفتح حدودها للمهاجرين إلى أوروبا. كما تسعى تركيا إلى تعزيز علاقاتها مع بلدان المنطقة ـ إيران وأذربيجان، أي أنها عملياً تحوِّل سياستها الخارجية من الغرب إلى الشرق.
وتجدر الاشارة إلى أن أردوغان لا يزال يتفق مع موقف الولايات المتحدة في شأن مسألة سورية. وهذا الموقف يتضمن رحيل بشار الأسد ومشاركة «ممثلي المعارضة» في الحكومة السورية الجديدة. وكان أردوغان يتهم الأسد بدعم الإرهابيين الذين يقاتلون حالياً في سورية.
ولكن لإيران وروسيا وجهة نظر مختلفة، حيث بدأت طائرات القوة الجو ـ فضائية الروسية في أيلول الماضي بشنّ غارات على مواقع الإرهابيين في سورية.
هذا، وستكون المسألة السورية الموضوع الأساس في زيارة أردوغان إلى طهران حيث سيطرح أردوغان أثناءها فكرة إنشاء تحالف خاص يضمّ روسيا وتركيا وإيران، والتي أشار إليها في اتصاله الهاتفي مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في 20 تموز الماضي، قائلاً: نحن اليوم أكثر من أيّ وقت مضى عازمون على التعاون يداً بيد مع إيران وروسيا لتسوية المشكلات الإقليمية وتكثيف الجهود من أجل اعادة الاستقرار والسلام إلى المنطقة.
ويعتقد الخبراء أن موقف أردوغان لم يتغير، لأنه بحاجة في ظروف الخلافات مع الولايات المتحدة إلى حلفاء أقوياء، على رغم أنّ انشاء علاقات معهم لن يكون سهلاً.
وبحسب رئيسة مركز آسيا والشرق الأوسط في معهد الدراسات الاستراتيجية آنا غلازوفا، ستكون تسوية المسألة السورية الموضوع الرئيس في لقاء أردوغان وروحاني. وبصرف النظر عن أن هذا الائتلاف يبدو للوهلة الأولى اختراقاً جدّياً، لا سيما أن البلدان الثلاثة عملت الكثير في هذا الاتجاه، فإننا يجب أن نفهم أن لكل منها مصالحه الخاصة في إعادة إعمار سورية، التي قد لا تتطابق. لذلك إذا تحدثنا عن الآفاق السياسية، فإن الحديث سيدور حول المسألة الكردية، التي سبق وأن طرحت خلال لقاءات الرئيسين التركي والإيراني. وتشير غلازوفا إلى أن الأكراد بالنسبة إلى أنقرة وطهران قوة قد تتسبب بتفكك الدولتين وكذلك سورية.
وتعتقد أنه خلال زيارة أردوغان، ستطرح مسألة التعاون الاقتصادي، حيث بعد رفع العقوبات عن إيران أصبحت الأسواق الإيرانية واعدة لرجال الأعمال الأتراك، مقابل هذا ستكون تركيا سوقاً لتوريد موارد الطاقة من إيران.
وبحسب قولها، فإن استراتيجية أردوغان تتوقف على موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لأنه على خلفية توتر علاقات تركيا مع الغرب، يبحث الرئيس التركي عن حلفاء في المنطقة وأهمهم روسيا وإيران.
أما المحلل السياسي آلِكسي موخين، فيقول إن احتمال اتفاق تركيا مع إيران، هو مثل اتفاقها مع روسيا. أي أنه نظرياً ممكن، ولكنه لن يكون بعيد المدى. لأنه مع تراكم التناقضات ستقل أهميته تدريجياً. كما يجب ألا ننسى أن أردوغان مضطر إلى الصداقة مع إيران، لاستفزاز شركائه الغربيين، الذين يستعرضون حالياً عدم رضاهم عنه.
«مونتيور»: الحديث عن محور تركي ـ إيراني أمر مشكوك فيه
نشرت صحيفة «مونيتور» الأميركية تقريراً جاء فيه: تستفيد طهران، على غرار موسكو من المزاج التركي تجاه إيران بسبب الدعم الفوري الذي قدّمته للرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية عند وقوع محاولة الانقلاب في 15 تموز.
كان الرئيس الإيراني حسن روحاني من أوائل زعماء العالم الذين اتصلوا بأردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة لتقديم الدعم له.
لوحظ المزاج المتفائل في شأن العلاقات التركية الإيرانية خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، لأنقرة والتي لم تكن مدرجة، بينما أثنى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو على نظيره الإيراني خلال المؤتمر الصحافي.
وقال تشاووش أوغلو: خلال ليلة الانقلاب لم أنم حتى الصباح لا أنا ولا صديقي ظريف الذي كان أكثر من تحدثت معه من وزراء الخارجية، حيث اتصل بي خمس مرات خلال الليل. كما استقبل الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم الوزير الإيراني بحرارة.
كان امتنان تركيا لموقف إيران من محاولة الانقلاب في جانب منه لأنه موقف يتناقض بحدة مع تحفظ الغرب. وبالمثل تحركت موسكو مبكراً لدعم أنقرة. وقد غذت تصريحات المسؤولين الروس والإيرانيين التكهنات عن محور جديد بين أنقرة وموسكو وطهران، بحيث تعمل معاً لوضع حد للأزمة السورية.
وقد أشار عبد القادر أوزكان، وهو كاتب العمود في صحيفة «ميلي غازيتيه» الإسلامية، في مقال له نشر أخيراً إلى أن لا علاقت دائمة ولا عداوات دائمة في العلاقات الدولية التركية التي تحدّدها مصالح أخرى.
وقال عبد القادر: يمكن لهذه المصالح أن تتغير بمرور الوقت، وأحياناً يمكن التماس تحالفات جديدة كلون من الحماية من العداوة، وأحياناً ما تعمل التحالفات القائمة ضدّ مصالح الدولة، مضيفاً أن المواقف غير الودّية التي اتخذتها الولايات المتحدة وأوروبا تجاه تركيا أجبرت أنقرة على السعي إلى ترتيبات جديدة مع روسيا وإيران.
وقد شجعت التصريحات الروسية والإيرانية الرسمية وجهة النظر هذه، فقد أعرب ظريف عن ارتياح أنقرة لمدى تحسن العلاقات بين تركيا وروسيا التي توترت في تشرين الثاني الماضي بعد إسقاط تركيا طائرة روسية كانت في مهمة لقصف القوات «المعارضة» للنظام السوري.
وقال ظريف للصحافيين في أعقاب محادثاته مع تشاووش أوغلو: نحن سعداء للغاية للتعاون بين تركيا وروسيا، ونحن على استعداد للمساعدة في ذلك. هذه الدول الثلاثة يجب أن تعمل من أجل السلام في المنطقة.
جاءت زيارة ظريف بعد أيام من قمة 9 آب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في موسكو، وقبل يوم واحد من اجتماع بوتين وروحاني في العاصمة الآذرية باكو.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن نائب وزير الخارجية الإيراني إبراهيم رحيم بور قوله قبل اجتماع باكو: إن بوتين وروحاني سيبحثان أيضاً كيف يمكن مساعدة أردوغان، مشيراً إلى أن الدول العربية والغرب لا يمكن أن يقدّموا هذه المساعدة. وقال رحيم بور: إن منطقتنا تتطلب أن تكون بين روسيا وتركيا علاقات جيدة.
كما غذّى نائب وزير الخاريجية الروسي ميخائيل بوغدانوف التكهّنات حول محور جديد عندما قال في بيان بعد محادثات ظريف في أنقرة إن الدول الثلاث يمكن أن تلتقي قريباً في سورية.
ومع ذلك لا تزال آفاق تشكيل محور حقيقي بين الدول الثلاث أمراً مشكوكاً فيه في أحسن الأحوال، نظراً إلى الاختلافات القائمة بين أنقرة وطهران وأنقرة وموسكو في شأن سورية.
لا تزال أنقرة تعارض بقاء بشار الأسد في السلطة، وحتى وإن كانت هناك مؤشرات على أنها ستقبل بإدارة سورية تضمّ أنصار الأسد. لكن موسكو وطهران أوضحتا أنهما ليستا مستعدّتين للمساومة على مستقبل الأسد. كما أن أنقرة غير راضية عن العمليات العسكرية الروسية ضدّ من تصفهم المقاتلين الشرعيين «المناهضين» للأسد، إلى جانب جهود إيران العلنية والسرّية للحفاظ على بقاء النظام السوري.
روسيا وإيران من جانبهما لا تزالان تزعمان أن ما تسميهما الجماعات السنية المتطرفة في سورية التي تعمل بدعم من أنقرة هي من أطالت الأزمة السورية. ومع ذلك فهناك مناطق تتداخل فيها المصالح التركية الإيرانية. وعلى سبيل المثال أكد البلدان خلال زيارة ظريف على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، كما أن البلدين متحدان في رغبتهما في منع تطلعات الأكراد لتكوين منطقة حكم ذاتي في شمال سورية، على رغم شاوش أوغلو وظريف لم يصرّحا بهذا علناً خلال مؤتمرهما الصحافي في أنقرة.
وقد تطرق شاوش أوغلو إلى هذا الموضوع مكتفياً بالقول بأن أنقرة تعد أمن إيران واستقرارها على قدم المساواة مع الأمن والاستقرار في تركيا، مشيراً إلى أن حزب العمال الكردستاني في تركيا، وحزب الحياة الحرة الكردستاني في إيران، وحزب الاتحاد الديمقراطي في سورية تشكل تهديداً لا للبلدين فحسب بل للمنطقة كلها.
تتفق إيران وتركيا أيضاً على محاربة تنظيم «داعش» والجماعات المماثلة الناشطة في سورية والعراق.
لكن نظراً إلى علاقات أنقرة العسكرية والاستراتيجية مع الغرب والتي يتوقع أن تستمر على رغم التوترات الحالية، ونظراً إلى تطورات علاقتها بالسعودية منافس إيران الإقليمي، فإن على أنقرة أن تخطو بحذر حتى تتجنب إعطاء انطباع بأنها تعيد ترتيب سياستها الخارجية بطريقة تلحق الضرر بدول أخرى.
شهدت تركيا توتر العلاقات بين طهران والرياض خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول في نيسان الماضي عندما ظهرت التوترات بين البلدين علناً تاركين أنقرة عالقة بينهما.
ويشير بوزكورت أران، السفير التركي السابق في أنقرة إلى أنه من غير الراجح أن تقبل إيران بموقف تركيا في سورية. وقال أران لـ«مونيتور»: إن موقف إيران من سورية تاريخي، ولا يتوقع أن يتغير ذلك في وقت يتزايد فيه نفوذها في الشرق الأوسط.
ويشبه أران كلاً من تركيا وإيران بالشيهم، فعندما يكون الطقس بارداً يجمع عيدان الخشب بجوار بعضها ليحافظ على الدفء، ولكنه لا يضعها قريبة جداً من بعضها حتى لا تسقط، مضيفاً أن الجانبين يدركان أن علاقتهما السياسية والعسكرية فقط تعدّ مجازفة.
ومن غير الراجح أيضاً أن تقدم تركيا على التخلّي عن سورية أو أن تقبل بوضع إيران في سورية، حتى وإن أجبرتها الظروف على إعادة حساباتها السياسية وجعلها أكثر واقعية.
وبدلاً من علاقات استراتيجية بين تركيا وإيران، ثمة اتجاه آخر لأن تتجه البلدان إلى استعادة الوضع الذي كان قائماً قبل الأزمة السورية التي وترت العلاقات بينهما. ويبدو أن تحسين تركيا لعلاقتها مع إيران، وتطوير علاقتها مع المملكة العربية السعودية يشير إلى أن أنقرة تسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة في منطقة ما قبل اندلاع «الربيع العربي»، بحيث يمكن أن تعمل وسيطاً في الأزمات الإقليمية.
وهذا يتناسب مع التوجه الجديد للسياسة التركي التي حدّدها يلدريم بعد توليه منصبه في أيار الماضي عندما أعلن أنّ زيادة أصدقاء تركيا وخفض عدد أعدائها يأتي على رأس أولوياته.
خلاصة القول إن تركيا وإيران ستعودان على الأرجح إلى موقفهما التقليدي من الاتفاق على عدم الاتفاق حول قضايا معينة، مع الاستمرار في السعي نحو تحقيق مصالحهما الخاصة، على ألا يسمح للخلافات بينهما بتقويض العلاقات عموماً، وفي الوقت نفسه التعاون في شأن القضايا الإقليمية إلى أقصى درجة.
«أوبزرفر»: أرباح بريطانية هائلة من بيع السلاح للشرق الأوسط
نشرت صحيفة «أوبزرفر» البريطانية مقالاً لجيمي دوارد بعنوان «بريطانيا تربح من سعي الشرق الأوسط وراء السلاح». ويقول دوارد إن استعراض فرانبوراه الدولي الجوي حدث يحظي بإقبال جماهيري كبير، وحضر العرض، الذي تنظمه الهيئة الحكومية المختصة بالترويج لتصدير السلاح، هذه السنة نحو مئة ألف شخص يعملون في قطاع الصناعات الدفاعية، ونحو 80 وفداً عسكرياً دولياً.
ويضيف أنه من بين الجهات الداعمة للعرض كانت شركة المقاولات الدفاعية الأميركية «رايثون» التي تقول إنها المصنّع الأول للصواريخ في العالم.
ويقول إن مصانع «رايثون» في بريطانيا واسكتلندا تنتج قنابل ذكية تقول «رايثون» إنها أثبتت جدارتها في الصراعات الكبرى كلّها.
ويضيف إن من بين المستخدمين المتحمسين لهذه القنابل المملكة العربية السعودية، أكبر مستوردي الأسلحة البريطانية، حيث وافقت على طلبات شراء سلاح تبلغ قيمتها 3.5 مليار جنيه استرليني منذ عام 2015.
ويقول دوارد إن شراء السعودية المكثف للسلاح كان هدفه حملتها ضدّ الحوثيين في اليمن الذين تدعمهم إيران. ويضيف أنه في بداية السنة الحالية فحص محقّقون تابعون لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» موقع تفجيرين كبيرين في اليمن نجما عن غارات للتحالف بقيادة السعودية، وراح ضحيتهما أعداد كبيرة من المدنيين، ووجدوا أدلة تشير على ووجد أسلحة صنعت في بريطانيا.
ويقول دوارد إن دولاً أخرى ذات سجلّ مثير للشكوك في ما يتعلق بحقوق الإنسان من بين المشترين الرئيسيين للسلاح من بريطانيا، حيث باعت بريطانيا أسلحة قيمتها 450 مليون جنيه استرليني لتركيا، كما باعت أسلحة تبلغ قيمتها 116 مليون جنيه استرليني لمصر.