الولايات المتحدة تكرّر في ليبيا أخطاءها في أفغانستان
تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى صعوبات غير متوقّعة تواجهها الولايات المتحدة الأميركية في ليبيا، مشيرة إلى أن عميل الاستخبارات الأميركية السابق، ينسف جهود البيت الأبيض.
وجاء في التقرير الذي نشرته الصحيفة أمس: اصطدمت الحملة العسكرية الأميركية في ليبيا بصعوبات غير متوقعة. فالجنرال خليفة حفتر، الذي يسيطر عملياً على شرق ليبيا، ينسف جهود الغرب ويسبّب صداعاً للبيت الأبيض. إذ إن حفتر يرفض دعم حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، ما يهدّد بتقويض الاستقرار في البلاد.
وتفيد صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بأن الجنرال برز كشخصية مهمة عام 2014، بعد أن حاولت الحكومات الغربية الوقوف بوجهه بكل ما تملك من قوة وإمكانيات، مراهنة على السلطة في طرابلس.
يذكر أن حفتر، بعد النزاع المسلح بين ليبيا وتشاد 1978 1987 ، أصبح شخصية مهمة لوكالة الاستخبارات المركزية في البلاد، وانضمّ إلى المنشقّين، الذين كانوا يخطّطون لإطاحة القذافي، الذي كانت إدارة رونالد ريغان تسمّيه «كلب الشرق الأوسط المسعور».
وفي عام 2011، عاد حفتر بعد غربة طويلة إلى شمال أفريقيا، ولكنه لم يحظ بدعم الزعماء المحليين لقيادة الكفاح ضدّ القذافي. لذلك اضطر للعودة إلى الولايات المتحدة ثانية. ولكنه ظهر في عام 2014 فجأة ليعلن الحرب على السلطات الليبية. وقد اعتقد البيت الأبيض هذا الأمر مزحة، ولكن الجنرال حفتر تمكّن من تنظيف شرق ليبيا من المسلّحين ونيل الثقة الشعبية بين السكان. بيد أن حكومة الوفاق الوطني، التي تعقد اجتماعاتها برئاسة فايز السراج في طرابلس، تعدُّ الجنرال حفتر أخطر من «داعش». وما زاد الطين بلة دعمه من قبل الإمارات ومصر.
ويقول مسؤول أميركي سابق رفيع المستوى، رفض الكشف عن اسمه، إن إدارة أوباما تواجه صعوبات في تنفيذ استراتيجية موحّدة في مكافحة المتطرّفين في الشرق الأوسط، بسبب العمليات التي يقوم بها حفتر في المنطقة.
أما الموظف السابق في الخارجية الأميركية باراك بارفي، المتخصّص في شؤون شمال أفريقيا، فيقول إنه على رغم أن حفتر لا يملك قوة كبيرة وكافية تسمح له بدحر المتطرّفين في ساحة المعركة، فإنه قادر على التصرّف كرجل يمكنه إفساد كل شيء. وأضاف بارفي أن حفتر لا تهمه الديمقراطية. كما اعترف ممثل الأمم المتحدة في ليبيا بأن دعم حكومة الوفاق الوطني يصطدم بالنزاعات الداخلية، ما يهدّد تطوّر الأوضاع في ليبيا حسب السيناريو الغربي. وحفتر على هذه الخلفية يعزّز مواقعه ويستمر في إظهار نفسه بأنه الرجل الوحيد القادر على إنقاذ ليبيا.
ويجب القول إن الولايات المتحدة الأميركية تكرّر في ليبيا الأخطاء ذاتها التي اقترفتها في أفغانستان. فأسامة بن لادن حينذاك بدعم مباشر من وكالة الاستخبارات المركزية انضمّ إلى المجاهدين، الذين كانوا يقاتلون ضدّ القوات السوفياتية في أفغانستان، ولكنه بعد ذلك أسّس «القاعدة» وأعلن الحرب على الولايات المتحدة الأميركية.
وبغضّ النظر عن الأزمة السياسية في ليبيا، فإن «داعش» يفقد معقله الرئيس في شمال أفريقيا، حيث يمنى بالهزيمة في مدينة سرت مسقط رأس القذافي. فبحسب ما أعلنته قناة «سي إن إن»، منذ الأول من آب الجاري تمكّنت المليشيات المحلية المدعومة بالطيران الأميركي من تحرير مناطق عدّة من المدينة، ولم يبق تحت سيطرة «داعش» سوى منطقتين فقط، وأن العمليات مستمرّة لتحريرهما.
كما أن فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا تساند حكومة السراج، معربة في الوقت نفسه عن ثقتها بعودة المؤسسات المالية إلى عملها. ولكن حفتر يمكنه أن يدفن جهود التحالف الغربي كافة ويتسبّب بانقسام ليبيا.