تل أبيب تكشف عن مأزقها وارتباكها
معن بشّور
أن يكون الردّ الإسرائيلي على إعلان كتائب عز الدين القسام حركة حماس عن حال الأسرى الصهاينة لديها، ومعاملتهم بالطريقة ذاتها التي يعامل الصهاينة فيها أسرانا الفلسطينيين البواسل، وبهذا الكمّ من القصف الجوي والمدفعي، إنما يكشف كم هي حساسة قضية الأسرى من الجنود الصهاينة لديها، وكم تريد التعتيم عليها بهدف منع أيّ تفاعلات وتداعيات داخلية.
تل أبيب في مأزق في التعامل مع هذه المسألة، فهي لا تستطيع استرجاع أسراها بالقوة، كما تتجنّب عقد صفقة تبادل جديدة تطلق أعداداً جديدة من الأسرى الفلسطينيين وتقدّم نصراً جديداً للمقاومة الفلسطينية. لكن تل أبيب ما زالت أسيرة حال الإنكار منذ فشل جيشها في تحقيق أهدافه في حروب أربعة، أحدها في لبنان، وثلاثة في غزة، ناهيك عن ارتباكه في مواجهة الانتفاضة الثالثة.
ولكن المؤلم في هذا المشهد أن يبقى خطاب الانقسام الفلسطيني عالياً، وأن يبقى معبر رفح مغلقاً، وأن يبقى الاحتراب الدموي مسيطراً في أقطار عربية عدة، وأن تبقى الكيدية المغلّفة بالأحقاد والضغائن هي الموجّه الرئيسي لسياسات البعض، وأن تمرّ انتهاكات المقدسات في القدس، وأنين الأسرى المضربين عن الطعام، وتوسع المستعمرات المخالف حتى لوعود حلفاء الصهاينة من دون أيّ تحرك عربي أو إسلامي، بل أن تكون السياسة المعتمدة لدى هؤلاء هي شيطنة مَن يقاوم العدو، والدعوة إلى تجريده من السلاح فلسطينياً كان أم لبنانياً، والعمل على تدمير أقطار الأمّة التي شكلت تاريخياً مرتكزات لمقاومة العدوان والاحتلال.