الثالوث الخطر… والموقف «الإسرائيلي»
ترجمة: مرعي حطيني
كتب زلمان شوفال في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية أمس:
قاذفات «توبلوف 22» و«سوخوي 34» الروسية تقلع لتنفيذ مهام قصف في سورية من القاعدة الجوّية الإيرانية همدان. والرئيس التركي أردوغان ونظيره الروسي بوتين يعلنان، بشكل احتفالي، عن المصالحة الكاملة بين دولتيهما. كما أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي يزور أنقرة، يعلن في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده تنوي حلّ كلّ الخلافات بين الدولتين، بما في ذلك موضوع إمدادات الغاز.
كلّ هذا يحدث خلال أقلّ من أسبوعين، ومن غير الممكن ألا نرى من وراء كلّ هذا يداً مدبّرة: فحتى وإن لم يكن الحديث يدور عن حلف رسميّ جدّي، والأمر لا يعدو كونه «فقط» إطاراً لتفاهمات براغماتية وتعبيراً عن شراكة عَرَضِيّة للمصالح، فإن هذا التطوّر جدير بإثارة القلق ليس فقط لدى «إسرائيل» ولدى الدول العربية السنّية وفي مقدّمها السعودية، بل أيضاً لدى الولايات المتحدة الأميركية والغرب بشكل عام. صحيح أن تركيا قد سوّت مؤخراً علاقاتها مع «إسرائيل»، إلا أنّها في الوقت نفسه، على النحو الذي يؤكّده تقرير رسميذ للاستخبارات الألمانية والذي تم تسريبه مؤخراً، تدعم بشكل ناشط وعمليّ حركة حماس وتنظيمات إرهابية إسلاموية أخرى في كلّ أنحاء الشرق الأوسط.
إن حقيقة أنه تتم بينها وبين روسيا، صديقة «إسرائيل»، وبين إيران، الداعمة للإرهاب العالمي وراعية حزب الله، تتم حياكة تفاهمات عملية، هذه الحقيقة يجب أن تثير انتباه خاصاً في «إسرائيل» وأن توضح أنه يجب التعامل بشكل عملي وفكري مع الواقع الجديد الآخذ بالتبلور في محيطها، وليس فقط في مجال واحد.
إن أبرز ملامح هذا التحالف غير المكتوب، إلى درجة كبيرة، أنه مناهض للولايات المتحدة الأميركية ـ ولكل واحدة من الدول المشاركة فيه أسبابها الخاصة ـ إلا أنه من ناحية الغرب يجب أن تُطرح أسئلة هامة جداً منها ما يرتبط باستمرار العضوية الفاعلة لتركيا في حلف شمال الأطلسي الناتو وعلاقاتها مع أوروبا، وقبل كل شيء مع ألمانيا السيدة ميركل التي لم تدّخر جهداً لمدّ الجسور بين برلين وأنقرة.
لقد بدأ اليوم كثيرون من المتخصّصين والمحلّلين السياسيين والاستراتيجيين في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، بدأوا فعلاً بالاعتراف بأن النهج السلبي والإنسحابي لإدارة الرئيس أوباما في الشرق الأوسط، إضافة إلى الأخطاء في سورية، قد فتحت أبواب المنطقة على مصراعيها أمام تعزيز التواجد العسكري والسياسي الروسي فيها، وهي بذلك قد قيّدت حرّية عمل واشنطن ومنحت موسكو نقاط تفوق استراتيجية وسياسية في أماكن أخرى على خارطة المواجهة الجيو ـ سياسية بينها وبين أميركا والغرب. غير أنه، في أعقاب ما يبدو أنه حلف الأمر الواقع بين موسكو وطهران وأنقرة، تظهر أسئلة صعبة ليس فقط لجهة ما يتعلق بالماضي، بل بشكل رئيس حول ما يرتبط بالمستقبل. فمنذ فترة ليست بالطويلة ساد الرأي القائل بأنه على رغم التعاون العملياتي بين روسية وإيران وحلفائهما في سورية، فإن هناك فجوات ملحوظة بين المذكورين أعلاه في كلّ ما يتعلق بمستقبل نظام الأسد والصورة السياسية المستقبلية للدولة ـ إلا أنه ليس من الواضح الآن إذا ما كان هذا التقدير لا يزال صحيحاً، أو أن الحديث يدور بالذات عن تعاون استراتيجي طويل المدى في كلّ شيء.
ومن ناحية «إسرائيل» فإن السؤال الرئيس بالنسبة إليها سيكون حول التداعيات المحتملة عليها من هذا الحلف من الناحية الأمنية، وغير ذلك.