الحسكة: واشنطن وسياسة حافة الهاوية
حميدي العبدالله
تعتمد الولايات المتحدة سياسة قائمة على «مبدأ حافة الهاوية» إزاء المواجهات العسكرية القائمة بين الجيش السوري وبعض المجموعات الكردية. تمثلت هذه السياسة بمسألتين أساسيتين: المسألة الأولى، الإعلان أنّ واشنطن ستردّ إذا تعرّضت قواتها الموجودة على الأرض للخطر من قبل الطيران السوري. وهذا المبدأ يعني أنّ واشنطن تحصر ردّها بتعرّض قواتها للقصف من قبل الطيران السوري، ولكنها لم ترفع هذا الالتزام إلى مستوى الدفاع عن المجموعات الكردية المنخرطة في مواجهة مع الجيش السوري في مدينة الحسكة.
وبكلّ تأكيد لهذا الإعلان دلالاته وأبرز هذه الدلالات أنّ واشنطن لا تريد أن تورّط نفسها بالتزام يتخطى حدود الدفاع عن قواتها الخاصة الموجودة في بعض المواقع إلى جانب الجماعات المسلحة الكردية.
المسألة الثانية، التحذيرات المتكرّرة من أنّ الولايات المتحدة قد تعترض نشاط الطيران السوري، ولكن هذا التحذير ظلّ في الإطار العام، بدليل أنّ الطيران السوري واصل تحليقه في أجواء الحسكة من دون أن يعترضه الطيران الأميركي، الأمر الذي يشير إلى أنّ التحذيرات الأميركية لم تصل بعد إلى مستوى اتخاذ قرار بفرض منطقة حظر جوي يشمل المناطق التي تنتشر فيها قوات «سورية الديمقراطية».
هذه السياسة هي سياسة حافة الهاوية، فلماذا تعتمد الولايات المتحدة هذه السياسة دون غيرها؟
لا شك أنّ بديل سياسة حافة الهاوية هو الانخراط المباشر في الصراع، أو الانكفاء النهائي، ولكن كلا الخيارين لا تفضّلهما الولايات المتحدة، خيار الانخراط المباشر يحمل معه مخاطر كبيرة، ومن ضمنها الصدام مع روسيا وما يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة لا ترغبها جميع الأطراف بما في ذلك الولايات المتحدة، والانسحاب الكامل غير وارد على الإطلاق لأنّ من شأن ذلك أن يترك تداعيات سلبية على نفوذ ومصالح الولايات المتحدة ليس في سورية وحدها، بل على مستوى المنطقة، وقد يؤثر ذلك في هذا التوقيت على حملة الديمقراطيين في الانتخابات الأميركية المقبلة.
تعتقد واشنطن أنّ سياسة حافة الهاوية تحقق حتى الآن مكاسب تساعدها على تعزيز نفوذها الميداني في سورية بكلفة غير موجودة، بينما الخيارات الأخرى ستكون كلفتها أعلى، ونتائجها غير مضمونة.