ليندا بيطار تزيّن ليل دمشق الياسمين في دار الأوبرا… ومسك الختام مروان محفوظ
لورا محمود ـ آمنة الملحم
غنّت وغنّوا معها، انتظروها بشوق الجمهور المتعطّش للأغنية الصادقة واللحن الجميل، صوتها أعطاهم أملاً فبادلوها العطاء حبّاً وشكراً.
ليندا بيطار، ضيفة مهرجان الموسيقى العربية الثالث الذي استقبلته دار الأوبرا في دمشق، غنّت للروح المتعبة وللفرح الغائب، غنّت للوطن الحاضر بين صوتها وبينها. صوتها الذي صدح عالياً «ليقول للشام ياسمين لا يتعب ولا يموت».
ليندا بيطار، الفنانة المخلصة لموهبتها والملتزمة بفنّها، استطاعت مرّة أخرى أن تقول لمن يحاولون قتل الحياة فينا: هنا أرضنا وعشقنا الشامي، هنا نغنّي وهنا الموسيقى تعلو في مكان حضاريّ يشبه دمشق، لذا نجتمع فيه لنثبت أننا أبناء الحلم القادم.
الفنانة ليندا بيطار أحيت حفلها الموسيقي على مسرح الدراما في الليلة ما قبل الأخيرة من ليالي المهرجان، ترافقها الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله. وتضمّن الحفل عدداً من الأغاني الخاصة، وأغنيات لفنانين مصريين ولبنانيين منها: «وين مسافر»، «غزل الهوى»، «قسيتي يا دنيا»، «بعتلك يا حبيب الروح»، وختمت ليندا الحفلة بأغنيات من التراث السوري.
وعن المهرجان ومشاركتها فيه، قالت الفنانة ليندا بيطار لـ«البناء» إن إقامة المهرجان في هذا الوقت، تعبير عن الصمود والتحدّي في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ فيها سورية. فالمهرجان يحمل رسالةً للعالم أننا موجودون، نغنّي ونعزف الموسيقى، وقادرون على الإبداع رغم كلّ الصعاب. مشيرة إلى أنّ الزحمة على شبّاك التذاكر، خير دليل على تعطّش الناس للغناء والموسيقى.
وأضافت بيطار أن مدير دار الأسد للثقافة والفنون جوان قره جولي، يبذل مجهوداً كبيراً للارتقاء بالموسيقى وتقديم مهرجانات مهمة رغم كلّ المشاكل والصعوبات التي تعترضه.
وذكرت بيطار: لقد حاولنا أن يكون برنامج الأمسية منوّعاً، وأن يضمّ موشّحات ومواويل وأغانٍ سورية، وأيضاً أغان باللهجة المصرية لملحّنين سوريين، إضافة إلى مجموعة من الأغاني الخاصة بي، ولقد اخترت مشاركة المايسترو عدنان فتح الله في هذه الأمسية، حيث سبق أن شاركته مؤخراً بحفلة موسيقية مع الفرقة الوطنية للموسيقى العربية، وأعجبت بطريقة عمله وطريقة تدريبه العازفين، فضلاً عن كونه موسيقياً مهماً، وسيكون هناك عمل موسيقيّ بالتعاون معه قريباً.
وفي حديث أدلى به لـ«البناء»، قال مدير دار الأسد للثقافة والفنون جوان قره جولي: نحن في دار الأسد للثقافة والفنون نعتبر أنفسنا من المدافعين عن الخطّ الثقافي الحضاري في سورية. ورغم كلّ الظروف التي تمنعنا عن أداء مهامنا ابتداءً من مشكلة الكهرباء التي لم تُحلّ إلى الآن رغم توجيهات وزير الكهرباء بعدم قطع التيار الكهربائي عن دار الأوبرا، إلا أنه يوجد من يرفض تنفيذ قرار وزير الكهرباء، إضافة إلى بعض الصعوبات والمشاكل الأخرى التي نعاني منها.
وأضاف قره جولي: رغم ذلك، نحن في دار الأوبرا سنبقى نعمل وستبقى مسارحنا تعمل وتقدّم عروضها، ولو اضطررنا لأن نعمل على ضوء الشموع لا مانع لدينا طالما أنّنا نملك الإرادة. فنحن نؤمن بهذا الوطن الذي يملك حضارة عمرها أكثر من سبعة آلاف سنة.
وشكر قره جولي الفنانين الذين شاركوا بمهرجان الموسيقى الثالث، وتوجّه بالشكر للجمهور الذي حضر، فالصالات كانت ممتلئة كلّ أيام المهرجان.
وقال قره جولي لمن لم يكن راضياً بسبب نفاذ البطاقات: في المرّة المقبلة ستكون البطاقات أكثر عدداً، وستكون قاعات الحضور أكبر، وربما نعمل على أن يكون هناك أكثر من حفلة لكلّ نجم، وسنقدّم ما نستطيع فعله لإرضاء الجميع.
مسك الختام
حظي حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية الثالث في دار الأوبرا في دمشق بمشاركة الفنان اللبناني مروان محفوظ، صاحب المسيرة الطويلة في الغناء الأصيل. فكان الختام مسكاً معه، مرافقاً العنبر بأريج نثرته الشابة كارمن توكمه جي التي رافقت القدير محفوظ في الحفل وكانت البداية معها.
مروان محفوظ الذي لطالما ارتبط بعلاقة حبّ مع سورية، وغنّى لها عدداً من الأغنيات الجميلة، ها هو يجدّد حبّه لها، وها هي دمشق تفتح له قلبها ليطلّ على محبّيه ويطربهم بباقة من أجمل أغانيه التي قدّمها خلال انتمائه إلى مؤسسة الرحابنة التي صقلته وجعلت منه مطرباً متمكّناً.
بدأ محفوظ الغناء سائلاً أهل سورية والشام: «كيف حوالكن»، معرجاً على «خايف كون عشقتك وحبّيتك»، و«أحلى الحلوين»، و«هاتي إيدك»، و«ويللي عيونك»، مخصّصاً جزءاً من الحفل كتحية لذكرى الكبير وديع الصافي، مقدّماً كوكتيلاً من أغانيه: «عاللومة»، «بالساحة التقينا»، «بترحلك مشوار»، «حلوة وكذابة»، وحظيت الوصلة بتفاعل كبير مع الجمهور الذي صفّق لها عالياً.
وتميزت الأمسية بحضور الناي «ماهر عامر»، والعود «كمال سكيكر» كصولو في بداية بعض الأغنيات، فنالا نصيباً من حماسة الجمهور وتصفيقه لبراعة العازفين، وكآلة مرافقة أيضاً للفرقة الموسيقية ككل «أوركسترا ندى» بقيادة حسام بريمو والمؤلّفة من عازفين على مختلف الآلات المحلية والعالمية. وواصل محفوظ سهرته مع حواريات رحبانية ليختم بـ«غالي غالي» التي كان لها الوقع الأكبر لدى الحضور الذي وقف محيياً محفوظ ومردّداً كلمات الأغنية معه.
أما الشابة توكمه جي فحضرت على المسرح بمجموعة من أغاني العظيمة فيروز، فغنّت «أنا خوفي من عتم الليل»، و«يا دارة دوري فينا»، و«فايق يا هوى» حيث برعت في أداء الموال الذي تخلّل الأغنية.
وفي حديث إلى «البناء»، لفتت توكمه جي إلى أنها تغني الأغاني العربية منذ بداياتها مع الغناء، وتحبّ أغاني فيروز، ودخلت المعهد العالي للموسيقى رغم دراستها الصيدلة، لتطوّر صوتها لا سيما في الغناء الأوبرالي الذي تدرسه مع الأستاذة غادة حرب.
وعن مشاركتها في المهرجان تشير الشابة إلى أنها جاءت باقتراح من الفنان حسام بريمو لتكون في حفل الفنان مروان محفوظ الذي رغب بسماع صوتها، وكان من المفترض أن تتضمّن الأمسية أغنية لها مع الفنان محفوظ، لكن ضيق الوقت وقلة البروفات حالا دون ذلك.
وحول غناء شارات الأعمال الدرامية التي تميّزت بها توكمه جي، وكان لها نصيب من شهرتها «ضبّوا الشناتي»، «الندم»، «دامسكو»، والمسلسل الخليجي «صمت البوح»، قالت توكمه جي إنّ لكلّ فنان مشروعه الخاص ومشاريع مشاركة مع أشخاص آخرين. وأغاني الشارات من هذا النمط، فتحوّل لمشروع لديها. ولا تخفي الفنانة الشابة مساهمة الشارات بشهرتها، لا سيما مع لومها الإعلام السوري الذي لا يساهم في شهرة المغنّي، فكانت الدراما لما تحظى من متابعة واهتمام بوابة لشهرتها.
هكذا أسدلت الستارة على مهرجان الموسيقى العربية الثالث الذي بات دورياً وثابتاً في أوبرا دمشق، بتأكيد مدير الدار جوان قره جولي، والذي ضمّ بدوره حفلات مميزة تحمل ثقافة سوريى ورسالتها الحضارية. وإذ كانت البداية عطراً مع الفنانة الحلبية الأصيلة ميادة بسيليس، فإنّ ختامها كان مسكاً من لبنان، مع مروان محفوظ وريحانة سورية الشابة كارمن توكمه جي.